أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - خليل اندراوس - ألعلاقة الجدلية بين البيئة الجغرافية وتطور المجتمع الانساني















المزيد.....

ألعلاقة الجدلية بين البيئة الجغرافية وتطور المجتمع الانساني


خليل اندراوس

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 19 - 16:37
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


ألموضوع الاساسي في المادية التاريخية هو ايضاح وشرح الطبيعة الجدلية الديالكتيكية في التشكيلة الاجتماعية- الاقتصادية، والتي تستند الى اسلوب محدد تاريخيا لانتاج الخيرات المادية. وهذا الموضوع الذي اكتشفه ماركس ساعد على صياغة الفهم المادي للتاريخ كنظرية شاملة علمية متكاملة. وكل التطور التاريخي للمجتمع الانساني اللاحق اكد ويؤكد مصداقيتها. فالنظرية الماركسية تؤكد بان عملية الانتاج وعلاقات الانتاج لا تتم الا مع توفر شروط طبيعية محددة، مثل البيئة الجغرافية والسكان، فالمجتمع الانساني جزء منفرد ولكنه متفاعل بشكل جدلي مع الطبيعة.
ومنذ ان تم التوصل الى هذا الاكتشاف العلمي العظيم، من قبل المعلمين العظيمين كارل ماركس وفريدريك انجلز، ألا وهو نظرية المادية التاريخية: الفهم المادي للتاريخ، مرت فترة زمنية طولها اكثر من قرن ونصف القرن، وهذه الفترة الزمنية كانت طافحة بالاحداث والتطورات التاريخية والاحداث الجسيمة والتي أثرت على مصائر جميع الشعوب وكل الانسانية، وكل التطور التاريخي للمجتمع الانساني هو تأكيد على صحة النظرية الماركسية. فالنظرية الماركسية، لم يفت أوانها، كما يدعي منظرو ومفكرو وفلاسفة رأس المال بل على العكس من خلال التجربة الانسانية والاحداث والتطورات في وقتنا الحاضر تكسبها المزيد من الحيوية والمصداقية وهي الخط الاحمر لا بل الضوء والنور امام الجماهير الكادحة، لا بل كل الانسانية التقدمية، في طريقها من اجل التقدم والمساواة والسلام وسعادة الانسان والانسانية.
والفهم المادي للتاريخ كما طرحه ماركس وانجلز يعني بشكل موجز وتلخيصي يقول اولا: بان سير التاريخ هو عملية طبيعية موضوعية تجري بدون تدخل من قبل اية قوى غيبية خارقة للطبيعة، بل يقوم بها الناس انفسهم.
ثانيا: الناس يصنعون التاريخ ليس على هواهم وبالانطلاق من رغباتهم فقط، بل على اساس تلك الظروف المادية التي تنشأ في المجتمع في كل مرحلة معينة من تطوره.
ثالثا: هذه الظروف المادية بالذات- الانتاج المادي- هي القاعدة لمجمل بنية المجتمع وتحدد حياته الروحية وسياسته وثقافته واخلاقه ومفاهيمه الدينية ومجمل البناء الروحي الفوقي للمجتمع.
وقد عبر ماركس عن ذلك بكل دقة ووضوح في صيغته الشهيرة: " ليس وعي الناس هو الذي يعين وجودهم، بل على العكس من ذلك، وجودهم الاجتماعي هو الذي يعين وعيهم".
والمقصود بالوجود الاجتماعي والوعي الاجتماعي ليس ظروف الحياة والوعي الفردي لشخص ما، بل المقصود المجتمع ككل، والجماعات الكبيرة من الناس والتي تُكون الطبقات وشتى الفئات الاجتماعية.
ولكن لا بد ان نؤكد بان المجتمع الانساني، مع كونه جزءا منفردا من الطبيعة، لا يمكن فصله عن باقي الطبيعة، وهو دائما في تفاعل جدلي معها.
والجزء من الطبيعة الذي يتفاعل مع المجتمع باكبر قدر من الثقة، والذي يؤثر على المجتمع، ويتأثر به، يسمى بالبيئة الجغرافية.
وتشمل البيئة الجغرافية المناخ والتربة والارض والانهار والبحار والنبات وسهولة المواصلات والحيوانات والتضاريس والمعادن الخ... . وهي شرط ضروري لنشاط الانسان الانتاجي، كما انها شرط ضروري لحياة المجتمع المادي، وهنا يجب ان نؤكد بان البيئة الجغرافية تُؤثر تأثيرا مزدوجا على نمو المجتمع وتطوره.
فالظروف الطبيعية المؤاتية مثلا ، وجود معادن، نفط، غابات، أنهار، مناخ صحي الخ، تسهل وتساعد على عملية تطور المجتمع. مثال على ذلك سهولة استخراج الفحم الحجري في انجلترا ساعد على نمو الصناعة في بداية النهضة الصناعية، ووجود النفط في بعض الدول العربية ساعد على نمو اقتصادها.
اما الظروف الطبيعية البيئية الجغرافية غير المؤاتية او غير المناسبة، مثل وجود الصحراء، او المناخ الجاف الذي يعيق تطور الزراعة، او افتقار المعادن الذي يعيق الصناعة، كل هذه الظروف تعيق وتعرقل نمو منطقة من المناطق او دول وبلاد معينة.
ولكن من وجهة نظر ماركسية، تأثير البيئة لا يعتبر نهائيا او مبرما او محددا مطلقا لنمو المجتمع، وذلك لان التغييرات والتطور في المجتمع يتم بصورة اسرع وبشكل حاسم واوضح بالمقارنة مع التغييرات في البيئة الجغرافية.
فالبيئة الجغرافية مثلا في العديد من المناطق لم تتغير بشكل جذري وخاصة في اوروبا، بينما عرفت اوروبا خلال ثلاثة آلاف سنة اربعة انظمة اجتماعية او تشكيلات اجتماعية اقتصادية مختلفة وهي نظام المشاعية البدائي، نظام الرق او العبودية، النظام الاقطاعي والنظام الرأسمالي.
فالمجتمع الذي يتعرض لتأثير الطبيعة، يمارس بدوره تأثيرا فعالا عليها والمجتمع بتحويله بعض نواحي الطبيعة، واخضاعها لاحتياجاته، انما يعجّل في تطور بعض العمليات الطبيعية ويغيرها احيانا سلبا واحيانا ايجابا.
فمثلا الرأسمالية القائمة على التبادل الحر حولت حقول القمح الانجليزية الى مراع للقطعان وكذلك قضت الرأسمالية على الغابات في بعض النواحي في اوروبا وهذا ما يحصل في غابات الامازون في البرازيل الآن، والتطور التكنولوجي الرأسمالي والذي يسعى فقط الى الربح، بدون الاخذ بعين الاعتبار التأثيرات السلبية على المناخ والبيئة ادى الى عملية "الاحتباس الحراري" الذي تعاني منه كل الانسانية والكرة الارضية.
ففي النهاية، درجة تأثير المجتمع الانساني في البيئة الجغرافية رهن في آخر المطاف بطابع النظام الاجتماعي- الاقتصادي وبمستوى تطور عملية الانتاج والتكنيك والعلم.
ولذلك "الاحتباس الحراري" يحدث الآن نتيجة التطور التكنيكي والصناعي ولم يحدث مثلا خلال فترة النظام، ومثال آخر حيث قضت الصين ليس بالكامل على مصائب الفيضانات باقامة عشرات السدود ومشاريع الري وتحويل مجاري الانهار.
كل هذه الامثلة تنفي رأي ممثلي الاتجاه الجغرافي لعلم الاجتماع الرأسمالي من حيث المبالغة في دور البيئة معتقدين ان التطور الاجتماعي رهن اما بالبيئة الجغرافية واما ببعض عناصرها مثل المناخ، وجود الانهار او غيرها من العوامل.
فممثلو الطبقة الرجعية واصحاب رأس المال المالي والعسكري الصناعي يرون بالبيئة الجغرافية كعامل حاسم في تطور المجتمع الانساني، من اجل التخلص من مسؤولياتها عن المصائب العامة التي تواجه الانسانية من فقر وجوع ومرض ونقص مياه الشرب والاحتباس الحراري وغيرها من المشاكل والقضايا والمآسي الانسانية في عصرنا الحاضر.
فاصحاب الاتجاه الجغرافي في الفكر الاجتماعي الرأسمالي لا يدركون لا بل يرفضون الاعتراف بان المجتمع الانساني الذي يتعرض لتأثير البيئة الجغرافية، يمارس بدوره تأثيرا فعالا عليها، وان المجتمع بتحويله بعض النواحي الطبيعية- البيئية الجغرافية ويخضعها لاحتياجاته، انما يعجّل في تطور بعض العمليات الطبيعية البيئية ويغيرها.
ولكن يجب ان نؤكد بان تأثير المجتمع في البيئة الجغرافية رهن في آخر المطاف بطابع النظام الاجتماعي وبمستوى تطور الانتاج والتكنيك والعلم ورهن بعلاقات الانتاج ورهن بشكل ملكية وسائل الانتاج.
فالملكية الخاصة لوسائل الانتاج والتي تسعى بالاساس الى الربح وزيادة الاستهلاك، تؤثر سلبا على العديد من النواحي في الطبيعة والبيئة الجغرافية، ومثال على ذلك إبادة غابات الامازون في البرازيل، والتصحر والاحتباس الحراري وغيرها .
وفقط الملكية العامة لوسائل الانتاج تخلق الظروف المؤاتية للتأثير الايجابي وفقط الايجابي على الطبيعة والبيئة الجغرافية ولانها تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الشعوب والانسانية جمعاء.
وكل من يسعى الى اخفاء العامل الحقيقي في التطور الاجتماعي ويفسر التاريخ بواسطة "البيئة الجغرافية" او "الطبيعة" هدفه الاساسي تبرير همجية عولمة السوق الحرة، العولمة المتوحشة ضد الانسان والانسانية وضد الطبيعة والبيئة الجغرافية، وتجميل عولمة الفقر، وأزلية "الحضارة" أو ".المدنية الغربية" الرأسمالية وشكلها الاستعماري غير المباشر الجديد، مقابل او المتعارضة مع الشرق وتبرير استراتيجية الحرب الشاملة على الارهاب.
" فالبيئة الجغرافية" أو "الطبيعة" ليست العامل الحاسم في تطور المجتمع الانساني، رغم انها شرط ضروري للحياة الاجتماعية ورغم انها قادرة على حفز أو تأخير التطور الاجتماعي، وتبقى الحياة المادية للمجتمع من وسائل الانتاج وعلاقات الانتاج والطبيعة الجدلية بين قوى ووسائل الانتاج وعلاقات الانتاج، داخل التشكيلة الاجتماعية – الاقتصادية للمجتمع، والصراع الطبقي داخل هذه التشكيلة هي العامل الحاسم في تطور المجتمع الانساني.



/// مراجع:
1- أصول الفلسفة الماركسية: جورج بوليتزر، جي ميس، موريس نافين- تعريب شعبان بركات
2- أسس الفلسفة الماركسية- أفانا سيف
3- مبادئ الاقتصاد السياسي- ايلين وموتيليف- دار التقدم موسكو 1987
4- ملامح المستقبل- بغاثوريا




#خليل_اندراوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة 90 عاما على تأسيس الحزب الشيوعي الإسرائيلي
- من أجل حماية الكنيسة والوجود الوطني في الارض المقدسة
- غرب الظلمات – إبن ميكيافيلي
- ألأهمية العالمية لثورة أكتوبر
- رسالة بروليتارية
- السلفية واستغلال التقنيات الحديثة
- ألشعب الإسرائيلي والتنكّر لمعاناة الآخر
- خواطر
- حول الأزمة العامة للاقتصاد الرأسمالي
- وصمة عار على جبين حكومة إسرائيل
- إبن رشد المشروع الذي أحرقه السلفيون وأنظمة الإستبداد
- شركاء في الجريمة ضد الانسانية
- كارل ماركس
- مقولات الديالكتيك الماركسي: المحتوى والشكل
- مقولات الديالكتيك الماركسي: الضرورة والحرية
- مقولات الديالكتيك الماركسي: السبب والنتيجة- العلة والمعلول
- مقولات الديالكتيك الماركسي: الضرورة والصدفة
- الاقتصاد السياسي الرأسمالي من آدم سميث الى تأليه السوق الحرة
- الروابط الإسرائيلية مع المحافظين الجدد، والحرب على العراق
- النظرية الماركسية والثورة الاجتماعية


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - خليل اندراوس - ألعلاقة الجدلية بين البيئة الجغرافية وتطور المجتمع الانساني