تأملات في جبال كردستان

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 19 - 15:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

كنت اعتقد بان الجبال - و لا اقصد هنا التلال - اجمل ما خلق الله بمناظرها الخلابة و علوها و ثلجها تدخل النفس الراحة و تريح العيون المرة ولم اكن اتصور العيش بدونها. الاراضي المسطحة والسهول و الصحراء كنت اعتبرها مملة غير مفيدة للعين و لكني و كلما تعمقت في التأمل في الجبال اكثر زاد شكوكي و عدم ارتياحي الى ان تقلبت نظرتي كليا و وصلت الى القناعة بان الجبال هي في الحقيقة لعينة و هي نقمة اكثر من نعمة. لقد تغيرت نظرتي خاصة بعد تحولي من جبال كردستان الى الاراضي المسطحة شيئا فشيئا بعيدا عن الجبال و اصبحت اكره كل ارض غير مسطحة خاصة اذ اكانت شوراع مركز المدن ملتوية و فيها صعود و نزول. و اخيرا قررت تدوين ما اكتشفت:

اولا الجبال تؤدي الى قصر النظر من كل ناحية لانك لا تستطيع رؤية الافق المبين . افاق التفكير بحاجة الى بعد النظر بعيدا عن الجبال. يتطور الفكر والخيال في صحراء اوسهل اكثر من المناطق العالية خاصة اذا كانت تنقصها بحر.

ثانيا بما ان الجبال تحجب نظرك فانك لا تستطيع ان ترى ما وراءها فتبقى ساذجا لا تتعلم الخدعة و المناورة و السياسية و تصدق كل ما يقال. الجبال تحميك من هجمة الاقوام المجاورة و عليه لا تتعلم فنون الحرب و تبقى متكلا عليها و يبقى تفكيرك ضيقا ساذجا لا يتعدى حدود الجبال. لا تساعد الجبال على بناء حضارة لانها تحاصرك و تضيق نفسك.

ثالثا و من الناحية النفسية و لان هناك دائما حاجب امام عيونك فانك مؤهل للاصابة بالامراض النفسية اكثر من غيرك. النتيجة هي اصابتك بالامراض العصبية.
رابعا الجبال تمنعك من ان تتعلم حرفة او مهنة ما عدا راعي الغنم و المعز (شوان بالكردية) وتبقى تعزف على الناي و لانك تعيش مع الوحوش تصبح وحشيا بمرور الوقت. قبل فترة ليست بالبعيدة لم تكن الناس في المانيا تعرف ماذا كردستان و اين هي اذا لم تذكرهم برواية الكاتب الالماني كارل ماي - الى كردستان الوحشية - . كلمة الوحشية لهاهنا معنى ايجابي اي كردستان ذات الطبيعة البدائية الصعبة والخارقة.

و لكني رغم ذلك اشتاق كثيرا الى جبال هندرين وكوره ك و وديان و تلال راوندوز و بيخال و اريد الرجوع الى السذاجة و البساطة واكون راعي غنم اعيش في بيت من الطين و ابتعد عن الحضارة و الاسمنت. احيانا تصبح الحضارة مرادفة للفساد و الكذب و النفاق.
www.jamshid-ibrahim.net

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل