أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - آيات تحدي القرآن بالإتيان بمثله















المزيد.....

آيات تحدي القرآن بالإتيان بمثله


تنزيه العقيلي

الحوار المتمدن-العدد: 2861 - 2009 / 12 / 17 - 21:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من المصطلحات الدينية المعجز أو المعجزة، تذكيرا أو تأنيثا، وجمعها معاجز أو معجزات. والكلمة كما هو واضح هي اسم فاعل للفعل (أعجَزَ، يُعجِزُ، إعجازاً)، ومعنى ذلك أن الصادر منه الإعجاز، أي (الفاعل) يجعل الموجه إليه الإعجاز، أي (المفعول به) عاجزا فهو يعجزه، أي يجعله عاجزا، أي يسلب منه القدرة، وهذا غير المراد من المعنى الديني للإعجاز، بل هو المعنى الثاني، أي يتحداه بالإتيان بما يعجز عنه، ليثبت له أي للمُعجَز عجزه عما هو أي المعجِز آت به. والمعجزات حسب لاهوت الأديان هي من خصائص الرسل والأنبياء، ولعلها تشمل غيرهم من الذين خصهم الله بتلك المعجزات حسب عقيدتهم. وسُمِّيت المعجزة أيضا في قرآن المسلمين بالآية، وجمعها آيات، مع إن لمفردة الآية مجموعة معان، منها الدليل، أو العلامة، أو الغضب الإلهي النازل على قوم ما. والغرض من ظهور المعجزة النبوية أو الآية هو إثبات صدق دعوى النبوة، وإقامة الحجة على المُعجَزين، أي أولئك الذين ظهرت لهم المعجزة النبوية. والمعجزة النبوية غالبا ما تكون إما خرقا لنواميس الطبيعة، وإما أي عمل خارق للعادة، على أقل تقدير في زمن ظهور المعجزة. وفسر قسم من اللاهوتيين الدينيين ظهور الخارق لنواميس الطبيعة، بأنه تعطيل من الله لقانون من قوانين الطبيعة، وقسم آخر يقولون إنه لا يمثل تعطيلا لقانون طبيعي، بقدر ما يمثل توظيفا من الله لقانون طبيعي آخر، لم يكتشفه الإنسان، على أقل تقدير إنسان عصر ظهور تلك المعجزة النبوية. أما الخوارق التي تُدَّعى لغير الرسل والأنبياء، فلا تسمى بالمعجزات، لأن المعجزات - لا أقل عند المسلمين - من خصائص النبوة، ولذا سميت الخوارق الظاهرة لغير الرسل والأنبياء، كالقديسين وأئمة أهل البيت وأئمة الطرق الصوفية، أو لعله أيضا أئمة المذاهب، ولمن سواهم، سميت هذه الخوارق بالكرامات، ومفردها (الكرامة).

نسبت الكثير من المعجزات للأنبياء، خاصة لإبراهيم، وموسى، ويونس، وعيسى. والمسلمون نسبوا أيضا المعجزات لنبيهم، ونسب الشيعة الكرامات لأئمتهم، لاسيما لعلي. ولكن المسلمين يركزون على ما يسمونه بالمعجزة الخالدة، ألا هي معجزة القرآن. وأكثر ما طرح الإعداز البلاغي، بدعوى أن بلاغة القرآن كانت في وقت ما يسمى بالنزول، وإلى يومنا هذا، وإلى يوم القيامة، مما يعجز الناس عن الإتيان بمثلها. ولكن في العقود الأخيرة ظهرت مجموعة صرعات للإعجاز القرآني في العديد من المجالات، ومنها ما سمي بالإعجاز، وما ادُّعِي من الإعجاز العلمي، ناهيك عن إعجاز الإنباء بأحداث لاحقة زمنيا للنص القرآني المنبئ عن ذلك الحدث.

أريد هنا تناول الإعجاز القرآني بمعناه الكلاسيكي، لا بالمعاني المستحدثة منذ القرن العشرين. سأتناول الموضوع باختصار، لعدم توفر الوقت لدي الآن لإجراء دراسة تفصيلية شاملة. وسأورد بعض نصوص التحدي أو (الإعجاز) من قرآن محمد:

البقرة 23 – 24
«وَإِن كُنتُم في رَيبٍ مِّمّا نَزَّلنا عَلَى عَبدِنا فَأتوا بِسورَةٍ مِّن مِّثلِه وَادعوا شُهَداءَكُم مِّن دونِ اللهِ إِن كُنتُم صادِقينَ. فَإِن لَّم تَفعَلوا، وَلَن تَفعَلوا، فَاتَّقُوا النّارَ الَّتي وَقودُها النّاسُ والحِجارَةُ أُعِدَّت لِلكافِرينَ.»
هود 11 – 12
«أَم يَقولونَ افتَراهُ قُل فَأتوا بِعَشرِ سورٍ مِّثلِهِ مُفتَرَياتٍ وادعوا مَنِ استَطَعتُم مِّن دونِ اللهِ إِن كُنتُم صادِقينَ، فَإِن لَّم يَستَجيبوا لَكُم فاعلَموا أَنَّما أُنزِلِ بِعِلمِ اللهِ وَأَن لاَّ إِلهَ إِلاَّ هو فَهَل أَنتُم مُّسلِمونَ»

يونس 38 – 39
«أَم يَقولونَ افتَراهُ، قُل فَأتوا بِسورَةٍ مِّثلِهِ، وادعوا مَنِ استَطَعتُم مِّن دونِ اللهِ إِن كُنتُم صادِقينَ، بَل كَذَّبوا بِما لَم يُحيطوا بِعِلمِهِ وَلَمّا يَأتِهِم تَأويلُهُ، كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم، فانظُر كَيفَ كانَ عاقِبَةُ الظّالِمينَ.»
هود 13 - 14
«أَم يَقولونَ افتَراهُ، قُل فَأتوا بِعَشرِ سورٍ مِّثلِهِ مُفتَرَياتٍ، وادعوا مَنِ استَطَعتُم مِّن دونِ اللهِ إِن كُنتُم صادِقينَ، فَإِن لَّم يَستَجيبوا لَكُم، فاعلَموا أَنَّما أُنزِلِ بِعِلمِ اللهِ، وَأَن لاّ إِلهَ إِلاَّ هو، فَهَل أَنتُم مُّسلِمونَ.»
هناك تكرار للطلب التعجيزي، أو هكذا يظن المؤمنون بإلهية القرآن، أو هو الإتيان بمثل القرآن، ولو بمثل جزء منه. فنحن نقرأ «فَأتوا بِسورَةٍ مِّن مِّثلِهِ»، و«فَأتوا بِعَشرِ سورٍ مِّثلِهِ مُفتَرَياتٍ»، و«فَأتوا بِسورَةٍ مِّثلِهِ»، و«فَأتوا بِعَشرِ سورٍ مِّثلِهِ مُفتَرَياتٍ». ثم يتوعد القرآن المخاطبين المتوجه إليهم الإعجاز (التحدي) في حال عجزهم بالقول: «فَإِن لَّم تَفعَلوا، وَلَن تَفعَلوا، فَاتَّقُوا النّارَ الَّتي وَقودُهَا النّاسُ والحِجارَةُ أُعِدَّت لِلكافِرينَ»، أو يعد عدم استجابة المخاطبين بالإتيان بمثله دليلا على صدق دعوى إلهية القرآن، بقوله مخاطبا المسلمين: «فَإِن لَّم يَستَجيبوا لَكُم، فاعلَموا أَنَّما أُنزِلِ بِعِلمِ اللهِ وَأَن لاّ إِلهَ إِلاَّ هو فَهَل أَنتُم مُّسلِمونَ». أقول إن المطالبة بالإتيان بمثل القرآن مطالبة لا معنى لها، ولا تعبر البتة عن إعجاز، ولا تمثل دليلا على أن مؤلف هذا الكتاب الموسوم بالقرآن هو الله، تعالى عن ذلك حقَّ التعالي، وتنزّه تمام التنزُّه. فلكل أديب، ولكل شاعر، ولكل كاتب، ولكل مفكر، طريقته الخاصة في التعبير، ولاسيما الاستثنائيون والمبدعون والمجددون، فهم يتميزون عن غيرهم بأسلوب خاص بهم، وبثمة جمالية بلاغية، أو دقة في التعبير، أو تألق في الحكمة، أو بأفكار لم يسبقهم إليها أحد. ولو كان عجز الآخرين عن الإتيان بمثل ما كتب وما ألف مثل هؤلاء دليلا على كونهم أنبياء، أو ملائكة، أو كائنات خارقة، أو ربما آلهة، لاكتض التاريخ الإنساني بالآلهة والأنبياء والكائنات الخارقة.
عندما يوجه إلي مثل هذا التحدي، سأقول إن هذا لا يعنيني، فإني إن أتيت بمثله، ولو بمضامين أخرى، فسيكون تقليدا، ولا إبداع ولا تميز في التقليد، وإن أتيت بشيء مغاير، فمسألة أي من القرآنين أفضل، قرآن محمد القرشي، أم قرآن تنزيه العقيلي، ستبقى قضية نسبية ومختلفا فيها. لكن دليلي على عدم أفضلية القرآن نسبة إلى كل ما كتبه الناس قديما وحديثا، هو إن القرآن مفتقر إلى الكثير من التنقيح والتصحيح وسد الثغرات وإزالة حالات سوء الفهم، ورفع اللبس عما يسميه القرآن بالمتشابهات، والاقتصار على المحكمات، وحذف كل مبررات الكراهة والعداوة والاحتراب بين أفراد المجتمع الإنساني بسبب التغاير والتباين في العقائد والأديان والإيمان والكفر، ومعاقبة الإنسان لا لشيء إلا بسبب قناعاته، مما يعدّ تعارضا واضحا وصارخا للعدل الإلهي، وذلك بجعل الإيمان معيارا، بينما معيار الجزاء الموافق للعدل الإلهي، يجب أن يكون وفق الرؤية الفلسفية المنزهة لله من النقص، هو العمل المقترن بالنية، على ضوء تحديد العناصر الاختيارية من غير الاختيارية في شخصية العامل إيجابا أو سلبا، أي إتيانا أو تركا. وكذلك دعوى أن الله لم يخلق الجن والإنس إلا ليعبدوه، أو أنه كان كنزا مخفيا، فأحب أن يُعرَف فخلق الخلق كما جاء في نص محمدي تحت عنوان الحديث القدسي، وكذلك تنقيحه بحذف كل ما يمكن أن يكون خرافة، أو لا أقل ما يمكن تأويله إلى فهم خرافي، وسأعرض إلى كثير مما أشرت إليه في مقالات وبحوث لاحقة. التنقيح إذن، أو إمكان – إلم نقل – وجوب التنقيح للقرآن، بما يجعله أكمل مما هو عليه، وأكثر عقلانية ومعقولية وإنسانية، لهو الدليل على نقصه، وعلى لاإلهيته، بضرورة أن الكامل، لاسيما كمالا مطلقا سبحانه، لا يأتي منه إلا الكامل، ويستحيل استحالة قطعية أن يصدر عنه ناقص، أو كامل كمالا نسبيا، وبالتالي مفتقر إلى الإكمال، أو التكميل. إذن قدرتي على الإتيان بأفضل منه، عبر تنقيحه وتصحيح أخطائه الفلسفية والعقلانية واللغوية، دليل على عدم كماله، وبالتالي عدم صدوره عن الله. فالارتباك مثلا في ترتيب الآيات، والتنقل غير الحكيم والمربك، بل التداخل أحيانا بين المواضيع، دليل آخر على نقصه. فإذا كان هذا الارتباك في الترتيب آت من الذين جمعوا القرآن من الصحابة من بعد نبي المسلمين، وليس من مؤلفه المدعى أنه الله سبحانه، فأين ضمانة الحفظ المدعاة إذن؟ أين هذا الضمان الإلهي: «إِنّا نَحنُ نَزَّلنا الذِّكرَ، وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ».
وجاء في سورة النساء: «أَفَلاَ يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ، وَلَو كانَ مِن عِندِ غَيرِ الهِق لَوَجَدوا فيهِ اختِلاَفاً كَثيراً»، وهذه إدانة ذاتية، فقد جعل عدم الاختلاف والتناقض دليلا لصدق دعوى إليهة القرآن، وسنجد في بحوث لاحقة مدى التناقض وحالات الازدواجية في القرآن، وهذا ما يدل بحسب تقرير القرآن نفسه، أنه «من عند غير الله».
وفي حلقات لاحقة سأشير – بتسديد الله - إلى الأخطاء اللغوية في القرآن، النحوية منها والصرفية والإملائية والبلاغية، وما أجده من الثغرات وحالات الارتباك والتناقض، وكل ما يتعارض مع مبادئ الإنسانية، وقواعد العقلانية، وأسس العقل الفلسفي، وكل ما ينقض مبدأ تنزيه الله عن النقص، والذي يمثل القاعدة الأساسية للإيمان بالله، ولعلها تتقدم على مبدأ التوحيد، لأن التوحيد ما هو إلا نتيجة للتنزيه.
17/12/2009



#تنزيه_العقيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحكمات والمتشابهات في القرآن
- صلاة المذهب الظني وصلاة عقيد التنزيه
- صلاة المذهب الظني 4
- صلاة المذهب الظني 3
- صلاة المذهب الظني 2
- صلاة المذهب الظني 1
- المذهب الظني 3/3
- المذهب الظني 2/3
- المذهب الظني 1/3
- تدريس الدين
- تأويل ممكن لقصة آدم وحواء القرآنية
- قراءة أخرى لنصوص القرآن
- مطابقة دائرة الوجود والعدم ودائرة أحكام العقل الثلاثة 2/2
- مطابقة دائرة الوجود والعدم ودائرة أحكام العقل الثلاثة 1/2
- الصراع بين الأنا الحقيقية والأنا المتوهمة
- مناقشة لرسالة في إخوان الصفا
- مقدمة الطبعة الكاملة طبعة بلا تقية
- موضوعات قصيرة في ضرر الدين على الإنسان
- طريقتان في محاولة فهم الخالقية وعلاقتها بالحكمة والعدل
- العقل والدين والإيمان


المزيد.....




- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - آيات تحدي القرآن بالإتيان بمثله