أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - تدريس الدين















المزيد.....

تدريس الدين


تنزيه العقيلي

الحوار المتمدن-العدد: 2843 - 2009 / 11 / 29 - 11:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تدريس الدين للكاتب منذر عبد الكريم

ابتداءً ومراعاة لأمانة النقل أقول إن مقالتي هذه جاءت نتيجة قراءتي لمقالة للكاتب منذر عبد الكريم تحت نفس العنوان «تدريس الدين»، وحيث أني ممن يرفضون درس الدين ودرس التاريخ الإسلامي بصيغته المعروضة في كتب التدريس في البلدان العربية والإسلامية، استفزتني مقالة الكاتب منذر عبد الكريم، لأدلو بدولي، مستفيدا من المعلومات المذكورة في المقالة المذكورة، جاعلا النصوص المقتبسة من مقالته بالخط المائل.

يشير الكاتب إلى تقرير دولي يشير إلى المناهج الدراسية في العراق، ويسجل إشكاله إلى التحيّز الطائفي، مما فيه استفزاز لمشاعر السُنّة، حيث يعالج الشيعة بحسب ظنهم مشكلة التحيز الطائفي لصالح القراءة السنية للدين والتاريخ، التي سادت في المناهج الدراسية السابقة، فاستبدلوا التحيز الطائفي السني بتحيز طائفي شيعي. وهذا بكل تأكيد كما يقرر الكاتب يؤسس لنزاعات مستقبلية أسوأ مما مضت. والتقرير يتناول بالتفصيل الكثير من الاتهامات للحكومة العراقية كنتيجة لتركيزها على الإسلام الشيعي، أي الإسلام من وجهة نظر شيعية، والذي يبرره مؤيدو المناهج الحالية من الشيعة، بدعوى أنها تعكس بدقة هوية العراق، مما يعني أنهم يريدون للعراق أن يكون ذا هوية شيعية، باعتبار أن الشيعة يمثلون الأكثرية التي تتفاوت ما بين 55% و75%، غير مكترثين بمشاعر ومقدسات الـ 25% أو لعله الـ 45% من مسلمي العراق، ويدعون إن شيعنة مناهج التدريس هذه تمثل تصحيحا لتحيّز سُنّي في التعليم الديني سابقاً، وكأن الطائفية لا تعالج إلا بطائفية مضادة. وبقطع النظر عن الرؤية السنية أو الشيعية، فإن تدريس الدين، وتدريس التاريخ الإسلامي له من دون أدنى شك انعكاساته السلبية والخطيرة، لأنه يثير الحساسيات الطائفية بين السنة والشيعة من جهة، ومن جهة أخرى يؤسس لثقافة كراهة الآخر غير المسلم، والذي يكيل المسلمون له شتيمة (الكافر)، لأن (الكافر) وفق الفهم الإسلامي، هو كل من يعتنق الإسلام، وهذا ما يتجسد من خلال المثل الذي ينقله الكاتب عن مراسلة معهد الحرب والسلام (IWPR) في واشنطن، حيث تقول: إن زهير جرجيس، وأحمد محمد (كلاهما يبلغ العاشرة من عمره)، وهما غالباً ما يلتقيان بعد المدرسة ليستمتعا بألعاب الڤيديو. وعلى الرغم من أنهما يتمتعان بصداقة كل منهما، إلا أن أحمد يتساءل ما إذا كان عليه ذات يوم أن يقتل صديقا له. الولدان يذهبان الى مدرسة واحدة، ويشتركان في جولة الذهاب والإياب من البيت الى المدرسة أو بالعكس في حدود منطقتهما ببغداد، لكن ذويهما لا يشتركون بدين واحد، فعائلة زهير مسيحية، بينما عائلة محمد مسلمة. لكن المشكلة هي أن الدروس الدينية في الفترة الأخيرة، تركت عليهما آثارها، فأحمد يتساءل: ما الذي ينتظر صداقته مع زهير؟ والسؤال في إطار افتراضات بعض الآباء يبدو صعباً ووجيهاً في الوقت نفسه، لا باعتبار الحقيقة، لكن باعتبار المستجدات التي طرأت على المجتمع العراقي في مرحلة ما بعد الاحتلال. يقول أحمد بصراحة: «عندما أدرس أننا يجب أن نقاتل الكفار باسم الجهاد، أفكر مع نفسي: هل سأقتل زهير ذات يوم؟ معلمنا يخبرنا أن الإسلام يحرّم علينا إقامة صداقات مع الكافرين». ولكون زهير مسيحيا، فإنه لا يحضر دروس الدين، التي تركز حصريا على الإسلام. وبأي شكل من الأشكال فإنه يشعر أن دروس الدين قد آذت موقفه أو هيئة شخصيته في المدرسة. إنه يشعر بذلك فعلا، وربما بمثل ما يشعر به البالغون، إن لم يكن يتلقى كل شيء بحساسية طفلية شديدة، يمكن أن يكون تأثيرها في نفسه كبيراً جدا. وبعد انتهاء حصة الدين - يقول زهير - إنه يشعر، كما لو أنه مرفوض من قبل زملائه. أما خلال وجوده في الصف، فيشعر أنه وحيد. ويضيف: «عندما يكون جميع أصدقائي في الصف، علي أن أكون خارجه». وهذا نموذج لما يمكن لدرس الدين أن يلعبه من دور تخريبي مرعب في زرع - لا أقل - بذور العداوة المستقبلية بين أبناء الوطن الواحد، وبين أبناء الوطن الكبير (الكوكب الأرضي). فالمناهج الدراسية الجديدة في العراق، وكما يبدو، تؤسس للكراهية الدينية بين المسلمين وغير المسلمين، والطائفية بين الشيعة والسنة. وهذا ليس مقتصرا على العراق، بل هو شأن مناهج تدريس الدين، التي تدرس أطفال المدارس الجهاد وفتوحات المسلمين في صدر الإسلام وفي عهود الخلافة الراشدة والأموية والعباسية والعثمانية لبلاد (الكفار)، وإلى غير ذلك مما يؤسس لثقافة كراهة الآخر، ولثقافة التكفير والعنف والجهاد والإرهاب.

يقول التقرير إن الأغلبية الواسعة من العراقيين مسلمون، ولهذا فالمدارس تعلم قضايا الدين الإسلامي من عمر 6 الى 18 سنة. أما أطفال الأقليات الدينية - مثل المسيحية - فلهم الحريّة بترك دروس الدين، لكنهم لا يحق لهم دراسة دينهم في مدارس تموّلها الحكومة. وهذا انتهاك دستوري واضح، حيث إنه يناقض مبدأ المساواة في حقوق المواطنة، ويناقض مبدأ تمتع أبناء جميع الأديان بكامل حرياتهم وحقوقهم، بما في ذلك حق تعلم الدين. ولو إن تدريس الدين للأطفال عموما يعتبر انتهاكا هو الآخر للطفولة، واعتداءً استباقيا لحق اختيار عقيدتهم بفرض عقيدة الأبوين أو عقيدة المجتمع. ثم يواصل التقرير بالقول: وحتى سنة 2003، كانت المناهج الدراسية تعكس معتقدات الطائفة السُنّية التي ينتمي إليها الرئيس السابق صدام حسين. ويشير التقرير الدولي إلى أن العرب السُنّة هم أقلية في العراق وعدد نفوسهم يتراوح بين ربع إلى خمس العدد العام للسكان. وحتى لو كانوا 10%، فإن استفزاز أي مكون في مقدساته أمر مرفوض، أقول هذا رغم إيماني باللادينية وأتطلع إلى خلاص الإنسانية من خرافات وعصبيات وتطرفات الأديان كافة بلا استثناء، هذا لكوني لادينيا راسخ القناعة في اللادينية، وفي نفس الوقت في الإيمان العقلي الفلسفي، ولكني في نفس الوقت وكعلماني أؤمن بحرية الإنسان في العقيدة والرأي، شرط عدم تبني عقيدة أو إيديولوجية تأمره أو - لا أقل - تبيح له بالاعتداء على حريات الآخرين، بما في ذلك حرية الاعتقاد المغاير لعقيدته، وحرية تحول أبناء دينه إلى دين آخر، أو إلى الإيمان اللاديني، أو حتى الإلحاد.

فمن حق السنة أن تتركز اتهاماتهم ضد المناهج الدراسية على أنها تركز بشدة على الإسلام الشيعي، طائفة أغلبية السكان العرب، وتُفرض من قبل معظم سياسييها الأقوياء، بضمنهم رئيس الوزراء نوري المالكي. ووزير التربية خضير الخزاعي معروف بتطرفه وتخلفه الديني والطائفي، فتطرفه مركب ثلاثي، كشيعي طائفي، وكمتدين متزمت، وكإسلامي متطرف، وبالتالي عندما يكون على رأس هكذا وزارة حساسة وخطيرة مثل هذه العقلية، لا تكون النتائج إلا بما يحصل، ولو أتيحت له الفرص، بما هو أسوأ بكثير مما يحصل وحصل حتى الآن.

ويقول التقرير إن الكثيرين من المعلمين يمارسون تعديلاتهم في الصفوف الدراسية، مشيرين إلى القليل من أجزاء المنهج الدراسي، والذي يمكن أن يتعارض مع آرائهم أو آراء الكثير من التلاميذ. وثمة من يقول إن الصفوف الدراسية قد تشهد مناقشات عنيفة، تشير بشكل مباشر أو غير مباشر إلى مناهج التدريس، كمعالجة قضايا غير المسلمين، أو الالتزام بفريضة الجهاد، المفهوم الذي يحمل الكثير من المخاوف بسبب النزاعات الأخيرة في العراق. وينقل التقرير عن معلمة إسلامية قولها: «كل مسلم عليه الالتزام بفريضة الجهاد، ويعني ذلك قتال الكفار». وتصف الكفار بأنهم أولئك الذين لا يؤمنون بالله أو بالنبي محمد. وعن معلم دراسة ابتدائية في بغداد ينقل التقرير عنه أن تلاميذه غالباً يسألون: هل قتل الأميركان أو اليهود يمكن أن يكون حقيقة إثماً؟ ويتساءلون أيضاً: لماذا تُطلق على المقاتلين الدينيين تسمية إرهابيين؟ ويؤكد تلميذ ابتدائية على أن المجاهدين لهم جنّات النعيم، ويتساءل دائماً ما إذا كان الكثيرون من إرهابيي اليوم المدفوعين بالمفاهيم السيئة المتشدّدة لمعاني المبادئ الإسلامية «يُعدّون مجرمين إذا ما كانوا يعلمون حقاً بما يفعلون». ويفكر تلميذ بعمر السبع سنوات، بأنه سيكون في المستقبل مقاتلاً دينياً. وقال ببساطته: «سوف أقاتل الأميركان لأنهم يهود وكفار». وأضاف: «سوف أنتصر أو أموت شهيداً». وتقول تلميذة بعمر التسع سنوات، والتي ترتدي حجاباً وردياً ضمن زيّها المدرسي، إنها ستنفذ جهادها الخاص بدعوة صديقاتها الى وضع الحجاب على رؤوسهن». ويذهب نائب سني إلى القول: «إن الجهاد يجب أن يُعلـَّم للتلاميذ، طالما أنه مفهوم مركزي في الإسلام. ويرى المنتقدون أن الوزارة قد أكملت هدفها، بتقديم المفهوم الشيعي في التعليم الديني. وتبرر نائبة إسلامية عن المجلس الأعلى الإسلامي بنصوص دستور سنة 2003 في محاولة لدعم مضامين المناهج الدينية، فتقول بهذا الصدد: «إن هناك مادة في الدستور تقول لا يجب أن تكون هناك قوانين تتعارض مع المفاهيم الإسلامية». وتقصد النص للمادة الدستورية الإسلامية الأصولية الذي يقول: «لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام»، ومع تحفظنا الشديد على هذه المادة المتعارضة مع مبادئ الديمقراطية، نقول إن تطبيق هذه النائبة الإسلامية الجاهلة لهذه المادة ينم عن جهل بفهم نصوص الدستور، ولكن جهل المتدينين مبرر ومبارك ومقدس، فجاهل متدين عندهم خير من عالم متحلل من الدين.

أخيرا أقول إن مجتمعاتنا في العالم المسمى بالإسلامي لا يمكن أن تواكب روح العصر وتتحول تحولا ديمقراطيا ما لم تحرر عقولها من سجون النصوص الدينية. ورحمة بعقول أطفالنا وبمستقبلهم وبمجتمعات الغد لا بد من إلغاء درسي الدين والتاريخ الإسلامي، أو إعادة كتابتهما بلغة علمانية تنزع القداسة عن المقدسات الموهومة، وتنتزع كل معاني التطرف والتعصب وإيحاءات احتكار الحق وثقافة كراهة الآخر والنفس الطائفي من قراءات سنية أو قراءات شيعية للدين وللتاريخ.

28/11/2009






#تنزيه_العقيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأويل ممكن لقصة آدم وحواء القرآنية
- قراءة أخرى لنصوص القرآن
- مطابقة دائرة الوجود والعدم ودائرة أحكام العقل الثلاثة 2/2
- مطابقة دائرة الوجود والعدم ودائرة أحكام العقل الثلاثة 1/2
- الصراع بين الأنا الحقيقية والأنا المتوهمة
- مناقشة لرسالة في إخوان الصفا
- مقدمة الطبعة الكاملة طبعة بلا تقية
- موضوعات قصيرة في ضرر الدين على الإنسان
- طريقتان في محاولة فهم الخالقية وعلاقتها بالحكمة والعدل
- العقل والدين والإيمان
- كتاب عقائد محايد دينيا
- تأسيس قاعدة البحث في العقائد
- فكرة مقدمة لكتاب عقائد
- مقدمة الكتاب
- الحريات الشخصية في الشرائع الدينية
- ما هي ثمرة التمسك بالإمامة؟
- الإمامة والنبوة والعصمة
- الإمامة والخلافة في عقائد السنة والشيعة
- رؤى في النبوة والإمامة
- مقترح بعث نبية رسولة


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - تدريس الدين