أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - أذواق سيئة وأذواق جيدة














المزيد.....

أذواق سيئة وأذواق جيدة


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 2860 - 2009 / 12 / 16 - 09:08
المحور: الادب والفن
    



كان ممدوح صديقاً وفياً لفارس، ولولا لسانه الذي لا يستريح، لكان من أفضل خلق الله، وأطيبهم سيرة واستقامة، على الأقل حسب تقييم زوجة صديقه فارس.
حقاً، لا يوجد في تصرفاته وسيرة حياته، ما يدل على ضلال أو غدر او جحد او بخل، بل صديق صدوق، ومعدنه الأصيل يبرز دائماً وقت الضيق، حيث تجده جاهزاً لتقديم كل مساعدة ممكنة، خاصة لصديق العمر فارس...
بين ممدوح وفارس علاقات صداقة لا يشوبها شائب منذ أيام الدراسة الابتدائية، تواصلت في الثانوية، ولكن تقاطعت طرقهما بعد الثانوية، ولم تنقطع صلاتهما... وتطورت مع الأيام الى علاقات عائلية أشبه بالعلاقات بين الأخوة. والحق يقال ان ممدوح لا يتردد في دعم صديقه فارس، تماماً كما ان فارس لا يتردد في مد يد العون... بل وفرض المساعدة أحياناً.
ولكن زوجة فارس تشعر أحياناً بالضيق من لسان ممدوح الطويل.. اذ لا يتردد في نقد "ذوقها السيِّء" حسب قوله.. ويمدح زوجها فارس بأنه صاحب "ذوق رفيع وراق".. اما ما يقصده تحديداً بهذا الكلام، فبقي دفيناً في صدره يرفض الإفصاح عنه. وعبثاً رجته زوجة فارس ان يشرح أين بالضبط قلة ذوقها، وما الخطأ الذي ارتكبته لتصحح نفسها؟ وهل قصرت مع أعز الأصحاب وأقربهم لها ولزوجها؟!
حتى زوجة ممدوح، التي تنبهت لطول لسان زوجها، كانت تحثه دائماً ان يكف عن مزاحه الثقيل.. وتقول له: "ان زوجة صديقك فارس أكثر النساء ذوقاً، وانت أبشع الرجال ذوقاً. زوجي وأعرفك.. قليل الذوق". فيضحك وكأن أحدا ما يدغدغه، ويقول: "أعترف ان ذوقي فظيع في سوئه". ولكنك يا زوجة صديقي فارس، انظري لزوجك ما أرقى ذوقه؟.
لا احد يعرف ما هو الشيء الذي يجعله يكرر ثرثرته عن الأذواق.. مثيراً الحنق، وبعض المرارة، خاصة لدى زوجة فارس، ولكنها تعرف انه مجرد ثرثار لا يعني ما يقول، ولا يعرف أحد سبباً لاستمراره بهذا اللغو... ودائماً يتبع فذلكاته بمديح زوجة صاحبه، التي يرى ان صاحبه أبدع في خيارها.. جمالاً وأخلاقاً وكرماً وتحملاً حتى لصديقة فارس المضروب في مخه!!
- يا صديق زوجي، لا تفتأ كلما التقينا تنتقد ذوقي..
أجابها:
- وأمدح ذوق زوجك.
- صحيح، كيف يكون ذوقي سيئاً وذوقه جيداً وانت تمدح أخلاقنا وكرمنا وتقول اننا نموذج للبيت الجيد، والعلاقات الزوجية الصحيحة؟ اين سقط ذوقي في هذه المعادلات التي أوجعت رأسي بها؟...
- خذيني على قد عقلي... أقسم بالله العظيم ان ما أقوله هو لصالحك وليس لصالح زوجك؟
- ما هذا لغز؟ الا تتهمني بقلة الذوق..؟
- لا تفسري كلامي بحرفيته.. قليل من التفكير ستكتشفين ما وراء كلامي؟ انظري للمعادلة الثانية، انا وزوجتي، انا قليل ذوق، وهي صاحبة ذوق ممتاز.
- ما زلت لا أفهمك..
- انا وانت نلتقي في قلة الذوق. وزوجك وزوجتي يلتقيان في الذوق الجيد.
- فهمك يستعصي على عقلي..
- وعلى عقل زوجتي أيضا.
هذا الثرثار صديق ممتاز.. وكما يقول المثل "حك المعدن تعرف أصالته" لا يمكن نسيان وقفته معها ومع زوجها في أيام الشدة والضيق، خاصة بعد شرائهما بيتهما الجيد، فانبرى ليدعمهما بالمال ويمنعهما من التورط بديون البنوك وفوائدها وإجبارهما على قبول قرضٍ منه بدون فوائد، بإصراره انه لا خطة لديه لاستعمال هذا المال في الوقت الحاضر، وسيشعر بالعار إن هو لم يقف بجانب صديق عمره في محنته ويمنعه من التورط بديون، وهو يملك "الأموال النائمة في البنك" على حد قوله.
في أمسية ربيعية اجتمع شمل العائلتين، على عشاء أعدته زوجة ممدوح.
- زوجتي ذوقها جيد في كل شيء حتى في الطبيخ.
- بدأنا مرة أخرى؟
- هل من الخطأ أن أعترف بذوق زوجتي؟.. وأيضا بذوق زوجك الممتاز؟
ضحكت زوجة فارس وهي تطبخ برأسها خطة لجعل ممدوح يفصح عن قصة الأذواق التي أوجع رأسها بها. قالت:
- لن يدخل طعامكم فمي هذه الليلة، قبل ان تفصح عن قصة الأذواق...
- أعتذر وأسحب كلامي
- غير مقبول.. سبق السيف العذل.
- اسمعي يا زوجة صديقي، ويا صاحبي فارس وانت الأخرى يا زوجتي صاحبة الذوق الجيد، هذه القصة.
كان أحد زعماء الخوارج شاعراً معروفاً، اسمه عمران بن قحطان. دخل على امرأته وقد تزينت، وكانت امرأة جميلة، وكان عمران هذا قصيراً قبيحاً، فقال لها: "الله ما أجملك، شكراً لك يا الله على هذا الجمال" ردت عليه: "أبشر فاني وإياك في الجنة". سألها: "وأين علمت هذا؟". قالت: "ربنا منحك زوجة مثلي رائعة الجمال فشكرت الله لما منحك، وأعطاني الله زوجا مثلك قبيح المنظر، فصبرت على ما أعطاني، ألا تعلم يا عمران ان الشاكر والصابر لهما الجنة؟".
ويبدو ان الصورة بدأت تتضح.. ولكن يجب ان تجبره على الإفصاح.
- وما علاقة ذلك بذوقي وذوق زوجي؟
- علاقة هامة جداً.. الحياة أذواق.. هناك أذواق جيدة وهناك أذواق سيئة..
- أفصح او لا يدخل طعامكم الى فمي.
وقال فارس ضاحكاً:
- زوجتي معها حق، أفصح عن قصدك.. وخلِّصنا!
- أمري لله يا زوجة صاحبي.. ذوق زوجتي جيد فاختارتني لاني جميل الرجولة ومتحدث لبق طويل اللسان.. وذوقي سيء فاخترتها رغم بشاعتها..
وقاطعه صوت زوجته:
- مهري يهريك.. ما أوقحك..
- وانت يا زوجة صديقي ذوقك سيء مثل ذوقي، فاخترت صاحبي رغم بشاعته، بربك ألا يشبه عمران؟ اما هو فذوقه رائع، اختارك أنت يا أجمل النساء شكلاً وعقلاً!!.



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتورة وفاء سلطان تحاور الكاتب نبيل عودة
- سهرة من العمر مع فن محمد عبد الوهاب الخالد
- الجسر
- المعارضة من الداخل ...لعبة سياسية قديمة لحكومات اسرائيل !
- امسية نوسطالجيا (حنين) مع موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب في ...
- العودة الى عالم العقل !
- قصة : خطايا البلدية
- رؤية واقعية...؟
- حسام يبحث عن الحب
- المقامرة الباسكالية
- السيدة المحترمة نجوى
- فرقة الموسيقى العربية لا تتنازل عن طابعها الطربي ، والموسيقى ...
- حتى يهديهما الله ...
- انجاح الإضراب هام ، وفشله سينعكس سلبا على مستقبل نضالنا
- باقون في الفلسفة...!! ( قصة )
- رجل الأعمال الصالحة ..؟!(قصة)
- قصة : الحكمة ...
- الخبر السيء ( قصة )
- أمباتيا
- الزوجة الصماء


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - أذواق سيئة وأذواق جيدة