|
من أجل حماية الكنيسة والوجود الوطني في الارض المقدسة
خليل اندراوس
الحوار المتمدن-العدد: 2848 - 2009 / 12 / 4 - 00:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
غبطة البطريرك كيريوس كيريوس الثالث ثيوفيلوس الكلي الوقار، المطارنة الأجلاء، الكهنة المحترمون، الحضور الكريم مع حفظ الألقاب.
يسرني ان أكون بين حضوركم الكريم، في هذا اليوم البهيج ، بمرور 4 سنوات على رسامتك بطريركا لأم الكنائس، الرسالة كبيرة والحِمل كبير خاصةً في هذا الوقت الذي نحتاج فيه الى تقوية سبل التواصل فيما بيننا ، كرعية وكهنة، خدمةً للكنيسة، والرعية، والمجتمع والوطن والإنسانية جمعاء.
لنجعل حبنا ونصرتنا للحق نبراسا لحياتنا، ولنمارس نشاطنا الإجتماعي والثقافي والسياسي من أجل نصرة الحق، والمساواة والعدالة الإجتماعية والإنسانية بين الأفراد والشعوب. فقط بهذا التوجه الانساني نستطيع أن ندفع بمجتمعنا نحو التقدم والرقي ونحو الأفضل.
وهنا أتذكر قول السيد المسيح : "إن روح الله هو الذي يتكلم فيكم"، ويسأل السؤال، ماذا كان يريد بهذه التوجهات؟ أراد أن يوقظ "الكائن الإلهي" الذي هو كائن في كل حي يمشي على الأرض ، ليسمو بأصحابه إلى حيث لا يلحقهم ظلم ظالم ولا غرور مغرور.
"إن الناس لم يُخلقوا ليخلدوا إلى أرض الهوان... بل ليكونوا ربانيين يقولون للشيء كُن فيكون"، لذلك علينا أن نرفض الهوان والتمييز والإستبداد والغرور والعنصرية والاضطهاد والاحتلال، وهنا أريد أن أتوجه إلى مغروري غطرسة القوة في عصرنا، أمريكا وإسرائيل، لا تقولوا انكم أبناء إبراهيم، فمن يقتل الطفل ، ويقتلع شجرة الزيتون ، ويبني الجدار العازل، ويفرض الحصار ، لا يمكن أن يكون إبنا لإبراهيم، بل الطفل الجائع ، والمرأة التي تحتضن شجرة الزيتون، والرجل الذي يضع يده على المحراث ، اولئك هم ابناء إبراهيم الحقيقيون.
ألرسالة كبيرة والحمل كبير خاصةً في هذا الوقت الذي نحتاج فيه الى تقوية التواصل فيما بيننا، لقد قال غبطة البطريرك ثيوفيلوس بأن هذه الكنيسة، ترتبط ارتباطا وثيقا بهذه الأرض، تُعلمنا محبة الوطن والوقوف إلى جانب المستضعفين والمضطهدين.
ألمسيحية الحقيقية، مشرقية المولد وستبقى كذلك، وهي رسالة سلام، واحترام إنسانية الإنسان، ولم تأت من الأفنغاليين أو من الخمسينيين، أو غيرهم من الصهيونيين المسيحيين، أبناء ميكيافيلي. هذا الغرب وخاصة أمريكا الذي يحتفل بهدم جدار برلين، يصمت صمت أهل الكهف عن بناء الجدار العازل في الأراضي المقدسة.
في هذه الأوقات العصيبة والصعبة للإنسانية ومظاهر الخلط الروحي والتعصب الديني، والعنف وسفك الدماء، وقتل الأطفال والحصار، وانتشار المفاهيم والأيديولوجييات العنصريه مثل "صراع الحضارات" "ونهاية التاريخ"، نحن بحاجة إلى مؤسسات مدنية قوية تحمي هويتنا الوطنية والوجود، وقناعتي انه يوجد رجال دين يحملون الرسالة الروحية والوطنية مثل غبطتك ، ورعية متعاضدة ومستقيمة تستطيع أن تحمي كنيستنا ووجودنا الوطني في فلسطين في الأرض المقدسه. وسنصل إلى شاطيء الأمان مهما تقذفنا الأمواج، وبرأيي من هذا المنطلق ، ان تُعمق غبطتك سبل التواصل والتعاضد والتعاون مع رعيتك، ويكفي أن أذكر، مشاريع إقامة المدارس في مادبا والناصرة والفحيص، وترميم الكنيسة في معلول المهجرة، واستعادتها لممارسة الطقوس الدينية ، وقيامك بزيارات عديدة ، ودعمك لرعيتك في العديد من المدن والقرى، وهناك قرى قمت بزيارتها لم يزرها بطريرك منذ مئات السنين كالمكر والبعنة، فقمت غبطتك بذلك مقدما الدعم المعنوي والمادي، ومعمقا التواصل بين أبناء الشعب الواحد والوطن الواحد، من خلال النشاطات واللقاءات والاحتفالات.
وآخر مثال على ذلك مشاركة وفد المؤتمر الوطني الأرثوذكسي في الأرض المقدسة في الاحتفال الكبير الذي عقد في مدينة الفحيص الأردنية، بمناسبة مرور مائة عام على بناء الكنيسة والمدرسة بمشاركة الأمير غازي ممثلاً عن الملك عبدالله الثاني ملك الأردن، وهذا الأحتفال جعلني متفائلاً بأنّه لا توجد قوة مهما كانت متغطرسة قادرة أن تزعزع رسالة أم الكنائس الروحية والوطنية ولا أن تزعزع الوجود المسيحي في الشرق، كما يراهن على ذلك قوى الطغيان والاحتلال، ومتآمرو ومنظرو سياسات التفكيك والتمزيق لمجتمعاتنا، فسنبقى جزءا ومركبا هاما من فسيفساء شعوب الشرق. وهنا أتوجه لغبطته بالتحية لصموده ووقفته الصلبة والتي لم تنكسر ولن تنكسر بالرغم من كل المؤامرات، في الدفاع عن أوقاف باب الخليل، هذه المؤامره لو نجح مخططوها في تنفيذها، لتم تغيير الوضع الديموغرافي في القدس الشرقية ولتم القضاء على كل إمكانيات السلام في المنطقة. ولذلك أقول لغبطتك طوبى لك لأنك من صانعي السلام.
قال السيد المسيح: "ما جئتُ لأُخدَم، بل لأخدِم" وأنفق حياته الأرضية بين المتألمين والمضهدين، لذلك علينا أن نكون إلى جانب هؤلاء من أجل أن نبني مملكة الخير والصدق والعداله الاجتماعية، مملكة الكمال، مملكة الحرية على الأرض، هذه هي المسيحية الحقيقية، وبوجود رجال دين كغبطتك نستطيع ان نحدث الجديد الإيجابي في مجتمعنا، لكي نرتقي نحو الأعلى والأفضل ، ونبني مجتمع التفاؤل والبناء والإحترام وتقبل الآخر.
"بالأعمال يتبرر الإنسان لا بالإيمان وحده"، فلنعمل مع غبطتك من أجل ان نكون ملح الأرض، ولنثبت وجودنا بصمودنا وفضيلتنا، بعطائنا المتفاني لبلدنا ومجتمعنا وشعبنا والإنسانية جمعاء، ولنقف إلى جانب شعبنا المُتعب وكل الشعوب المُتعبة لأن النفس المتعبة هي قرب الله وقرب الحقيقة، لنحمل معا ياغبطة البطريرك سلام الله ، ومحبة الناس للناس. طوبى لك ياغبطة البطريرك ثيوفيلوس لأنك من صانعي السلام. (الكلمة التي ألقاها د. خليل اندراوس في احتفالية مرور أربعة أعوام على تنصيب البطريرك ثيوفيلوس الثالث)
#خليل_اندراوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غرب الظلمات – إبن ميكيافيلي
-
ألأهمية العالمية لثورة أكتوبر
-
رسالة بروليتارية
-
السلفية واستغلال التقنيات الحديثة
-
ألشعب الإسرائيلي والتنكّر لمعاناة الآخر
-
خواطر
-
حول الأزمة العامة للاقتصاد الرأسمالي
-
وصمة عار على جبين حكومة إسرائيل
-
إبن رشد المشروع الذي أحرقه السلفيون وأنظمة الإستبداد
-
شركاء في الجريمة ضد الانسانية
-
كارل ماركس
-
مقولات الديالكتيك الماركسي: المحتوى والشكل
-
مقولات الديالكتيك الماركسي: الضرورة والحرية
-
مقولات الديالكتيك الماركسي: السبب والنتيجة- العلة والمعلول
-
مقولات الديالكتيك الماركسي: الضرورة والصدفة
-
الاقتصاد السياسي الرأسمالي من آدم سميث الى تأليه السوق الحرة
-
الروابط الإسرائيلية مع المحافظين الجدد، والحرب على العراق
-
النظرية الماركسية والثورة الاجتماعية
-
المادية الديالكتيكية: ما هي المادة؟ المادة وأشكال حركاتها
-
خواطر
المزيد.....
-
“ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على القمر الصنا
...
-
الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان يعلن تنفيذ 25 عمل
...
-
“طلع البدر علينا” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20
...
-
إعلام: المرشد الأعلى الإيراني يصدر التعليمات بالاستعداد لمها
...
-
غارة إسرائيلية على مقر جمعية كشافة الرسالة الإسلامية في خربة
...
-
مصر.. رد رسمي على التهديد بإخلاء دير سانت كاترين التاريخي في
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لقوات الاحتلال الاس
...
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي: الكيان
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان: مجاهدونا استهدفوا تجمعا لقوات ا
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي مخاطبا الصهاينة: أنتم
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|