أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الدين محسن - قصور الجنة















المزيد.....

قصور الجنة


صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي

(Salah El Din Mohssein‏)


الحوار المتمدن-العدد: 2835 - 2009 / 11 / 20 - 18:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- ماذا يا سيدي عن قصورك المنيفة ، وحدائقها الغناء ..؟ قالوا لنا انك أعددتها في النزل الكريم الذي أقمته للأتقياء والأصفياء والأنقياء والأطهار والأبرار. نزلا مريحا ينعمون فيه بالراحة وبالدعة ، وبكل ما يطلبون من ألوان النعيم ..، هلا أطلعتني يا سيدي . علي شيء من هذا ؟

- صحيح يا ولدي ما قالوه لك .. هذا صحيح .. ولكن .. ولكن القصور .. – لحظة صمت مع ابتسامة خفيفة – الغيناها ..

- ( يبدو وكأن صاعقة قد أصابته . من المفاجأة ) ألغيتموها ؟! الغيتم القصور يا سيدي ؟! .. كيف ؟!

( بهدؤ وثقة ) نعم يا ولدي . ألغيناها ..

- كيف يا سيدي ..؟! ان هنك اناس يسرقون وينصبون ويظلمون . لكي يدبروا المال اللازم لبناء صرح يضمن لهم قصرا من تلك القصور . عندك يا سيدي ..، هناك اناس يتاجرون في المخدرات . وفعلوا الافاعيل . ثم قالوا انهم قد تابوا . وعملوا أعمالا من تلك التي قيل لهم ان فاعلها يستحق قصرا من قصورك الرائعة . وحتي من لم يفعلوا شيئا من تلك التي يجازي عليها بقصر عندك يا سيدي . يطمعون فيها ويأملون . من باب كرمك .. وهؤلا جميعا ينامون بكل ثقة . علي هذا الأمل .... فماذا لو جاءوا اليك ، وعرفوا ان تلك القصور قد ألغيت ؟! ألغيت كيف يا سيدي ؟! ولماذا ألغيت ؟! ..

- ( بابتسام وصبر جميل ) مهلا يا ولدي مهلا .. سوف احكي لك الحكاية .. الحكاية هي : اننا لم نتراجع عن وعدنا .. وانما وفينا بالوعد ، وبنينا القصور بالفعل . وسلمنا منها للكثيرين ..ولكن لم نلغ منها قصرا واحدا الا بطلب منهم . هم الذين طلبوا ذلك ..

- ( باندهاش ) ماذا ؟! ، ماذا يا سيدي ؟! أحقا هم الذين طلبوا الغاء القصور ؟!
- نعم يا ولدي ، نعم .

- كيف ؟!

- اقول لك .. في البداية قالوا لنا : لماذا بنيتم لنا حمامات بالقصور ؟! ، وقالوا انهم لا يجدون أهمية لها . فهم لا يحتاجون هنا للاستحمام . مثلما في حياتهم الدنيا السابقة .. حيث لا يوجد هنا ما يتسبب في اتساخ اجسادهم وبالتالي لا يوجد ما يستدعي الاستحمام ، وقالوا ان وجود أشياء لا لزوم لها . مثل الحمامات . هو أمر يبعث علي ضجرهم .. وكنا قد بنيناها لهم يا ولدي . من المرمر والذهب والمرجان ..

وماذا فعلتم يا سيدي ؟!

- وجدنا أن رأيهم صحيح.. فتم الغاء الحمامات من القصور .

حسنا .. وماذا بعد يا سيدي ؟!

- بعد ذلك قالوا لنا . ان دورات المياة التي بالقصور . لا يعرفون لها ثمة أهمية، ولا لماذا بنيت بالقصور ؟! علي اساس انهم ليست لهم فضلات يحتاجون الي التخلص منها . مثلما كانوا بالحياة الدنيا الفائتة . وهنا حياة أرقي ، ومختلفة عن ذي قبل ، وأن وجود شيء لا لزوم له مثل دورات المياه بالذات . لا يبعث علي سرورهم .. وكنا قد شيدناها لهم . من العقيق والزبرجد والماس والمرجان ..

- طبعا ألغيتموها يا سيدي ..

- طبعا يا ولدي .. وهل نبتغي سوي راحتهم ؟

- ثم ماذا بعد يا سيدي ؟

- وبعد لك قالوا لنا . لماذا صنعتم أسقفا للقصور . ان هذه الأسقف تضايقنا . وانهم لا يجدون فائدة من وجود أسقف للقصور هنا ، فأسقف القصور . في حياتهم السابقة كانت لزوم حجب اشعة الشمس ولحمايتهم من المطر . وهنا لا يوجد شمس ولا حر ولا مطر ولا زمهريرا . وانما نور من نوع اجمل ، وأهدأ . لذا فوجود اسقف للقصور هنا . هو من قبيل الكبت لهم ...

- ( يبتسم باستغراب ، واقتناع ) وماذا فعلتم يا سيدي ؟

- وجدنا ما يقولونه . معقول جدا ..فأمرنا برفع الأسقف كلها ، لتبقي القصور بدون أسقف .

- ( يضحك ) عفوا سيدي . . عفوا .. هكذا تكون القصور قد صارت بلا حمامات ولا دورات مياه وبلا أسقف ..

- وبلا مطابخ ايضا .. فقد سالوا عن أهمية وجود مطابخ بالقصور ؟.. وعما ان كان لدينا نية لاعادتهم مرة أخري ، وبعد ان ارتقينا بهم ، وعرفوا السمو والرفعة العظيمة هنا .. للعودة الي الطبيخ ! . كما في حياتهم السابقة : محمر ومشمر ومسلوق ومقلي وتقلية .. وما الي تلك الرمرمة الدنية الدنيوية ؟! .. فقلنا لهم : بالطبع لا .. نريد لكم العودة ، ولا يوجد هنا رمرمة ولا تدني ، ليس عندنا الا كل ما هو راق ورفيع ... فقالوا : حسنا .. حسنا . اذا لماذا تجعلوا لنا مطابخ بالقصور . تذكرنا بحياة ماضية سفلي . لا يسرنا ان نتذكرها ؟! .. .. فراينا انهم علي صواب ، وبالفعل ألغينا لهم المطابخ من القصور ..

- حسنا يا سيدي .. نعم ما فعلت .. وماذا بعد ؟

- بعد ذلك يا ولدي . ابدوا ضجرا من الحوائط .. الجدران .

- ( يشهق شهفة بين الدهشة والفزع ولا يلبث ان يضحك ) والحوائط
؟! حتي الجدران ؟!!

- نعم يا ولدي . ابدوا ضجرهم من وجودها .

- غريبة ..؟! وهل بقي من القصور سوي الحائط والجدران ؟!

- هذا ما حدث يا ولدي .. وكانت وجهة نظرهم صائبة كل الصواب ..

- ( وهو يضحك ..) ماذا قالوا عن الحوائط والجدران التي تضجروا منها وطالبوا بحذفها ؟!

- قالوا ان حوائط وجدران القصور واسوارها . في حياتهم الفائتة . كان الغرض منها هو حجب العواصف والرياح عندما تهب ن ولمنع الاتربة التي تحملها معها .. أما هنا فلا عواصف ولا رياح ، ولا أتربة ، كما قالوا ان من مهام الحوائط والجدران في قصور الحياة الدنيا البائدة . هي الحماية من اقتحام اللصوص أو الدواب ، او الحيوانات الهائمة أو الضواري .. بينما هنا لا يوجد سوي الامان والامن التام ن والسلام والسكينة والطمانينة .. فما هي اهمية وجود حوائط وجدران واسوار للقصور هنا ؟ لا اهمية لها .. واكدوا : انها تشعرنا كما لو كنا نعيش بداخل سجن بينما نحن هنا في نزل السعادة و والراحة انعيم ..

- ( يضحك بسرور بالغ ) فاستجبتم لطلبهم يا سيدي ...

- نعم يا ولدي . استجبنا . وبذلك لم يعد ثمة شيء من القصور موجودا ..اصبح أهل القصور . يعيشون في حدائق غناء مفتوحة ، رحبة ، شاسعة ، لا تحدها أسوار او جدران ، ولا تكبتها سقوف . وقد لاحظنا انهم أحسوا بسعادة أكبر وغمرهم احساس بالبهجة . تماما : مثل سعادة وسرور باقي الناس الذين لم تكن لهم قصور ..
.... ... الخ .
----
- ما سبق . منقول من من صفحة 76 : 80 . رواية " الصعود للسماء " المطبوعة بالقاهرة عام 1999 . لصلاح محسن – .
*****





#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناس والحرية /الحلقة 42
- الهوية / شعوب تبحث عن هويتها ! .
- الناس والحرية /41
- مصر تفقد 3 مفكرين في أسبوع واحد / الحلقة الثانية والاخيرة
- مصر تفقد 3 مفكرين في أسبوع واحد – 1
- صحفيون خانوا الشعوب والأوطان . خدمة للحكام الطغاة
- الخيانة العظمي في : مهنة الصحافة والكتابة...
- الملاك الثائر - جبران خليل جبران -
- الحجاب ليس حرية شخصية 2 /الحلقة الثانية والأخيرة .
- تخليد الكاتب والمناضل - ناجي عقراوي-
- الناس والحرية 40
- الحجاب ليس حرية شخصية -1
- زكريا بطرس . الأديان تحارب بعضها حبا في الله ...
- الناس والحرية / الحلقة 39
- كتابات لم تعجبنا -1
- الناس والحرية - 38
- علماء ومتعالمون – الحلقة الثانية والأخيرة -
- علماء ومتعالمون . والتدليس في التاريخ – 1
- دموع مواطن
- الناس والحرية 37


المزيد.....




- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الدين محسن - قصور الجنة