الهوية / شعوب تبحث عن هويتها ! .

صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein‏)

الحوار المتمدن-العدد: 2830 - 2009 / 11 / 15 - 19:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مرة ثالثة نتكلم عن مشكلة الهوية .. بعد أن اختلط الامر علي الكثيرين منا . بشأن الهوية المختلف حولها ، عند كل شعب من شعوب المنطقة . . بعدما تم مسخها ، منذ 14 قرن مضي . فصارت هوية كل شعب . وكانها عملة معدنية مطموسة النقوش والكتابة ، كل منا يحاول معرفة عصرها أو حقيقة انتمائها ..!
أو كأن الهوية ، هي زي من الازياء ، يحمل رسوما ونقوشا عدة متباينة ، فبات صعبا تحديد . عن اي شعب وأية أمة يعبر هذا الزي ..! أو كانه وجه يحمل اكثر من وشم لعدة قبائل ! فمضينا نجتهد ونختلف ، ويصل الامر في أحيان ليست بالقليلة الي حد العراك حول : الهوية !

لكل هوية وطنية أو قومية عناصرها . كما عناصر جسم الانسان .

وعناصر جسم الانسان، قد يدخلها عنصر غريب شاذ . لظروف العمل ، أو البيئة .

وكذلك عناصر الهوية القومية ، قد يدخل عليها عنصر غريب ، شاذ . نتيجة استعمار خارجي . أو امتزاج طوعي أو اضطراري مع عنصر أو عناصر أخري بسبب ظروف بيئية أو عوامل طبيعية ..

أي عنصر غريب يدخل علي عناصر كيان ما ، قد تكون له ايجابيات وقد تكون له سلبيات ..

وهوية الوطن قد يفد عليها عنصر دخيل ، استعماري – سلبي او ايجابي - ..
الايجابي يمكن اضافته كعنصر اضافي للهوية ..
أما السلبي فليس من الحكمة اعتباره عنصرا من عناصر الهوية .. بل نعده جسما غريبا ، طرده واجب . نظرا لخطورته .. ومهما طال زمن اقحامه أو تسلله وسط عناصر الهوية .. ومهما أضفي ذاك العنصر الدخيل علي نفسه من قداسة مزعومة ..

مثال افتراضي :
لو كان احتلال فرنسا لمصر بالبنادق في عهد نابليون بونابرت قد مكن من فرنسة اللغة عند المصريين – فرضا .. - ..
فاللغة الفرنسية من اللغات الحية الرئيسية لحضارة عصرنا . لغة علوم وفنون وآداب ..
فهل فرنسة اللغة في مصر . - في هذه الحالة - . يمكن اعتبارها عنصر سلب ؟ أم عنصر ايجاب ؟
علما بان نابليون الذي اقتحم مصر بالبنادق . جاء ومعه لأول مرة بعلوم لم يعرفها المصريون من قبل : الكهرباء ، والطباعة
وحمل معه قيم : تنظيف ورش الشوارع وانارتها ليلا . . ،
وأعد علماء الحملة الفرنسية - الغزاة - كتابا . هو مرجع شامل عام ، مصور . عن مصر " كتاب وصف مصر " .

ومن ناحية أخري :
عمرو بن العاص احتل مصر بالسيوف ، وبالتدريج تم - بالفعل لا بالافتراض - عوربة اللغة في مصر . وأسلمة الديانة عند الغالبية العظمي للمصريين . فدخلت العربية وديانتها المحمدية . عنصرا دخيلا علي عناصر الهوية المصرية .

والعلم الذي جاء به الغازي عمرو بن العاص الي مصر . عبارة عن كتاب يقول :
ان الارض ثابتة لا تدور . بعكس حقائق العلم الحديث ..! - الكتاب اسمه القرآن – ، ويقوا أشياء أخري كثيرة من نفس العينة ..!
وجاء ذاك الغازي البدوي . أيضا . بطب : التداوي بالبول البعيري ، والحجامة وحبة البركة . ! – طب بدائي -
وحمل المحتل البدوي معه قيم : ارضاع الكبير . واسر النساء واغتصابهن وبيعهن بأسواق الرقيق . وغيرها الكثير من نفس المستوي ..! .
واللغة العربية – لغة الغازي عمرو بن العاص - هي لغة : شعر تفاخر وهجاء ، وجزالة ألفاظ . وسيف وصحراء بيداء .
وحضارة العروبة والاسلام ، تمثلهما الآن في أيامنا هذه ، خير و أصدق تمثيل . كل من :

1 - جماعة الأمر بالمعروف بالسعودية
2 - وحجاب ونقاب جماعة الاخوان المسلمين في مصر ... !
3 - وأسامة بن لادن والظواهري ، والملا عمر . والنهضة
العظيمة التي اقاموها في افغانستان ... !
4 - والزرقاوي وآثاره المجيدة بالعراق .. !
5 - وحسن نصرالله في لبنان ، وسادته ملالي ايران ..
6 - والبشير في السودان ..! ، وامثاله في الصومال .. ، وآخرون ..
!!
فهل العروبة والاسلام كعنصرين دخيلين علي الهوية المصرية . جديران بادخالهما ضمن عناصر الهوية لمصر أو لأي من دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا ؟!

لو افترضنا أن اليابان كانت قد احتلت مصر منذ 200 مائتي عام . وفرضت اللغة اليابانية والديانة البوذية علي شعب مصر . فرضا .. فما القول ؟
صحيح أن اللغة والديانة بهذا قد صارا – افتراضا - عنصرين دخيلين علي الهوية المصرية .. ولكن :
هل هما عنصران سلبيان ، يجب لفظهما لخارج جسد الهوية ، بغض النظر عن مدة بقائهما بين عناصرها ؟ أم هما عنصران ايجابيان ، جديران بالحفاظ عليهما ضمن عناصر الهوية ؟
لنبحث الأمر معا :
النظام القائم باليابان منذأكثر من 60 سنة نظام ديموقراطي علماني .. وليس نظام كهنوتي يقوده رجال دين بالعصا والسيف ..
وعلمانية وديموقراطية المحتل - و العكس - تنعكس علي البلد الذي يحتله .
واللغة اليابانية . صارت لغة صناعة تغزو العالم بجودتها وحسن سمعتها ، ( ولا تغزوه بتفجير الطائرات والمباني والحافلات . ولا بجز رقاب الأبرياء .. ، ولا بمشاغبات بسبب الحجاب ، ولا بمناكفات لأجل النقاب .. ) .
والديانة البوذية . هي ديانة مسالمة ليس فيها نصوص تقول عن الآخرين : قاتلوهم واقتلوهم ..! ، وقاتلوا ، وما لكم لا تقاتلوا ..(!)
ولا في الديانة البوذية كتاب مقدس يقول : يا ايها النبي حرض المؤمنين علي القتال .. .. (!) .
وهكذا تكون اللغة والديانة والنظام السياسي للمستعمر الياباني – الافتراضي . كما قلنا – :
هي لغة ايجابية ونظام سياسي وديانة ايجابية ، لا سلبية ..
وبالتالي فلا باس ولا حرج من اضافتها والحفاظ عليها ضمن عناصر الهوية المصرية – علي أساس الافتراض الذي افترضناه -..
ولا مانع في تلك الحالة – الافتراضية - من أن نقول ان عناصر الهوية المصرية تتكون من الفرعونية والقبطية واليابانية ، والبوذية هي ديانة غالبية الشعب في ظل نظام علماني .الدين فيه مفصول عن السياسة ..

ان كان ممكنا خلط هوية أمة بعناصر أخري غريبة ، دخيلة عليها .. فهنا يجب أن نميز بين التبر وبين التبن ..
فشتان بين الذهب والقش ..

فهل هناك حكماء . يقبلون اضافة القش والتبن . الي عناصر هويتهم الوطنية او القومية ؟!

ان العناصر الايجابية في هوية مصر ، التي يمكن اعتزاز بها ، والحفاظ عليها هي : عناصر مصر المصرية . مصر النهر الكبير والزراعة ، لا الصحراء والجدب ، مصر المجتمع المدني لا الرعوي .. ، مصر الحضارة القديمة العريقة التي قامت علي علم . لا علي جهل وسيف .

عناصر هوية مصر المصرية . هي عناصر حضارة فرعونية قديمة وعريقة ، تربطها اوردة وشرايين وأواصر قربي وثيقة .
بعناصر حضارة العصر الحديث .

وما عدا ذلك من عناصر دست في الهوية المصرية . ما هي سوي شوائب وخبائث . يجب استبعادها . كرهن للنهوض والتقدم و اللحاق بدول العالم المتمدين .
-- --
مقالان لهما صلة – من مقالاتنا السابقة – يمكن الرجوع اليهما . بموقع الحوار المتمدن :

1 - الوقوع في الواقع - 2009 / 2 / 26
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=164014

2- ثقافة الكشري ..! 2009 / 5 / 3
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=170752
******

#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل