عبدالوهاب خضر
الحوار المتمدن-العدد: 2828 - 2009 / 11 / 13 - 23:42
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
تقام فى السابعة والنصف من مساء اليوم بتوقيت العاصمة المصرية القاهرة مبارة غير عادية بين الفريق الوطنى المصرى والفريق الجزائرى على أرض إستاد القاهرة ، وذلك ضمن الجولة السادسة الأخيرة من منافسات المجموعة الثالثة في الدور الثالث الحاسم للتصفيات المشتركة المؤهلة إلى نهائيات كأس أمم أفريقيا وكأس العالم اللتين تقامان في أنغولا وجنوب أفريقيا على التوالي عام 2010. ويحتاج منتخب الفراعنة للفوز بفارق ثلاثة أهداف للصعود مباشرة الى نهائيات كاس العالم في جنوب أفريقيا العام القادم أو التقدم بفارق هدفين والاحتكام لمباراة فاصلة في السودان في 18 من الشهر الجارى "نوفمبر 2009" ، ويتوقع أن يحتشد نحو 70 ألف متفرج على مدرجات إستاد القاهرة لمتابعة المباراة ، وتم حجز ألفي تذكرة للجماهير الجزائرية. وبعيدا عن حالة التوتر والقلق التى أصابت الجميع من البلديين خاصة المتعصبيين منهم ، فإن الأمر يحتاج إلى وقفة عاجلة نطرح خلالها اهم سؤال فى هذا اللقاء الحاسم والذى تتابع الملايين وهو : من الرابح الحقيقى فى هذه المبارة التى تجرى اليوم بين أشقاء عرب ؟
أحمد أبوالغيط وزير الخارجية علق على هذا اللقاء وقال : أن العلاقات المصرية الجزائرية أكبر وأعمق بكثير من أن تهزها أو تنال منها منافسة رياضية من أى نوع. صرح بذلك المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية ، وقال أن أبو الغيط أكد لنظيره الجزائري مراد مدلسى -خلال لقائهما يوم الخميس الماضى على هامش اجتماعات لجنة متابعة المبادرة العربية- ترحيب مصر بضيوفها من الأشقاء الجزائريين وأن الجانب المصري سيسهر على رعايتهم خلال تواجدهم فى مصر. وأشار المتحدث إلى أن أبوالغيط ومدلسى أكدا خلال اللقاء على مشاعر الاحترام والمودة التى تسود فى العلاقات المصرية الجزائرية ، مؤكدين فى هذا السياق على أن المنافسات الرياضية وخاصة فى مجالات مثل كرة القدم يجب أن تكون مناسبات للتقارب والتعارف وليس التنافر أو السلوك السلبي. كما أكد الوزيران مجددا على ثقتهما فى أن كافة المسئولين فى مجالات الرياضة والإعلام والأمن سيبذلون جهدهم من أجل إبقاء المنافسة الكروية بين منتخبي البلدين يوم السبت 14 من نوفمبر فى إطارها السليم ولكي تخرج بالشكل الذي يليق بسمعة البلدين ويعكس حضارتهما خاصة وأن فوز أحدهما يعنى تمثيلا عربيا فى المسابقة العالمية.
من جانبه أشاد وزير الاتصال الجزائري عز الدين ميهوبى بمستوى العلاقات المصرية الجزائرية فى كافة المجالات فى عهد الرئيسين حسنى مبارك وعبد العزيز بوتفليقه .وقال ميهوبى إن العلاقات بين البلدين تعود منذ القدم وتعززت منذ الثورة الجزائرية وثورة يوليو وكان هذا التعاون أحد أسباب وقوع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 حيث ساعدت مصر الثوار الجزائريين ضد الاحتلال الفرنسي وكذلك حارب الجيش الجزائري بجانب الجيش المصرى عام 1973 .وأضاف ميهوبى ان هناك مدلولا كبيرا بشأن قيام الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقه مؤخرا بالتصديق على القانون الأساسي النموذجي للمراكز الثقافية الجزائرية بالخارج والتى توجد فى مصر وفرنسا فقط على مستوى دول العالم .وأشار إلى أن المركز الثقافي الجزائري بالقاهرة - الذى أنشئ فى ستينات القرن الماضي - سيشهد تفعيلا كبيرا خلال الفترة القادمة نظرا لدور القاهرة المحوري على المستوى العربي والأفريقي والعالمي حيث سيكون المركز نافذة للتجربة الثقافية الجزائرية كما يتطلع المهتمون فى مصر بما ينتج فى الجزائر فى مجال الأدب والفنون .وأوضح أن مصر تعد شريكا اقتصاديا مهما للجزائر وخاصة فى مجال المنشآت العمرانية والاتصالات حيث بلغت الاستثمارات المصرية فى الجزائر 2ر6 مليار دولار عام 2008، مشيرا إلى أن الاستثمار الجزائري فى مصر خطى خطوات مهمة نحو التعرف على احتياجات السوق المصري كما أن الوزارات المعنية فى الجزائر بدأت تشجع المستثمرين على التوجه إلى الأسواق المصرية
وتشير معلومات ارشيفية صادرة عن الهيئة العامة للإستعلامات أن جمهورية مصر العربية تقيم علاقات دبلوماسية متميزة مع الجمهورية الجزائرية منذ خمسينات القرن العشرين، حين وضعت مصر كل إمكانياتها المادية والمعنوية لمناصرة ثورة الجزائر عام 1954 إلى أن حصلت على استقلالها، كما كانت أولى الدول التي شاركت بأبنائها في تحقيق عملية التعريب لمناهج التعليم بالجزائر واستعادة هويتها العربية. وبالنسبة للجزائر، فقد شاركت مصر بكل قوة في حربها مع إسرائيل عامي 1967 و1973 وسال الدم الجزائري مع الدماء المصرية على أرض سيناء.. وخلال العقد الأخير من القرن العشرين شهدت العلاقات بين البلدين آفاق جديدة من التعاون واتفاق الرؤى بشأن مختلف القضايا الدولية والإقليمية ويأتي على رأسها الصراع العربي الإسرائيلي.
على الصعيد السياسي: في إطار التشاور المستمر يحرص رئيسا البلدين على دفع مسار العلاقات الثنائية بين بلديهما ومتابعة كافة قضايا الأمة العربية والتطورات الجارية على الساحتين العربية والأفريقية، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع في العراق وأزمة دارفور وسوريا ولبنان، والعمل على تحقيق الاستقرار السياسي في الدائرة العربية والإسلامية والأفريقية. بالإضافة إلى اتفاق الدولتان تجاه القضايا الحاسمة خاصة في قضية إصلاح الأمم المتحدة وتوسيع عضوية مجلس الأمن، كما تتفق الدولتان على القرار الصادر عن قمة هراري عام 1997 والخاص بتمثيل القارة الأفريقية بعضوية مجلس الأمن مع ضمان مشاركة كافة الثقافات والحضارات.. على المستوى الدولي.
ـ الزيارات المتبادلة : في 30 مارس 2008 قام الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بزيارة لمصر بحث فيها مع الرئيس مبارك نتائج قمة دمشق، وسُبل تعزيز التضامن العربي، بالإضافة إلي قضايا السلام، ولبنان، ودارفور، وسُبل تنشيط التعاون المشترك بين مصر والجزائر في جميع المجالات التجارية والاقتصادية. وتناولت المباحثات بين الزعيمين أزمة انتخاب رئيس للبنان، وسُبل تفعيل المبادرة العربية، التي ترعاها جامعة الدول العربية، كما بحثا الوضع في إقليم دارفور السوداني، والتنسيق المستمر بين القيادتين المصرية والجزائرية بهذا الشأن. وعلي المستوي الثنائي، بحث الرئيسان سُبل تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات التجارية والاقتصادية، والعمل علي زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري، وتشجيع القطاع الخاص في البلدين، وإقامة المزيد من المشروعات الثنائية المشتركة، وتفعيل اتفاقيات وبرامج التعاون المبرمة من قبل، بالإضافة إلي اتفاقيات رفع الحواجز الجمركية بين الدولتين. و في ابريل 2006 قام الرئيس مبارك بزيارة إلي الجزائر في إطار التشاور المستمر بين قائدي البلدين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، علاوة على التباحث بشان أزمة دارفور والأزمة السورية اللبنانية.. كما تطرقت المباحثات إلى التعاون الاقتصادي الثنائي الذي يعكس اهتمام الرئيسين على الارتقاء بمستوى التبادل التجاري بين البلدين، حيث أبدى الطرف الجزائري اهتماماً بتنشيط لجنة التشاور السياسي، التي تم تأسيسها في فبراير 2001.
وعلى الصعيد الاقتصادي: تُعد الجزائر مجالاً خصباً للاستثمار، حيث تنوعت الاستثمارات المصرية في مجالات شتى ـ ما بين شبكة المحمول وصناعة الأسمنت وإنشاء محطة تليفزيون جديدةـ خاصة خلال الأعوام (2002 ــ 2004) ووصلت إلى ملياري دولار، وقد احتلت مقدمة هذه المجالات مشروع شركة مصرية ناجحة في مجال الهاتف النقال "المحمول"، والتي ارتفع عدد مشتركيها إلى 2.2 مليون مشترك في زمن قياسي.
وفي بداية عام 2005 صدقت الدولتان على قرار رفع مستوى اللجنة المشتركة بين البلدين إلى المستوى الرئاسي، وبمقتضى هذا القرار، أصبحت اللجنة المشتركة ــ لجنة عليا برئاسة رئيسي البلدين على أن تساعدها آلية تنفيذ على مستوى وزيري الخارجية لتأمين الأعمال اليومية والسنوية لهذه اللجنة ، كما شاركت كبريات الشركات المصرية في الدورة الثامنة والثلاثين لمعرض الجزائر الدولي، والذي أُقيم خلال الفترة من الأول وحتى التاسع من يونيو 2005.
وعلى الصعيد الثقـافي والفني: تُعد الثقافة والفن إحدى الجسور التي تربط بين الشعبين الجزائري والمصري، وقد نظمت مؤسسة الأهرام الصحفية بالجزائر مهرجانًا ثقافيًا وفنيًا عًرف باسم "ليالي البهجة" الذي أًقيم في الجزائر خلال الفترة من 8 يوليو وحتى 8 أغسطس 2004. وفي سبتمبر 2004، أُقيم أسبوع للفيلم المصري، كما شاركت مصر في فاعليات المهرجان الثقافي بالجزائر بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية والذي أُقيم في يناير عام 2006.
على الصعيد الديني: يقوم الأزهر باستقبال دعاه الجزائر والأئمة والوعاظ لتلقى الدورات التدريبية، التي يعقدها الأزهر بين الحين والآخر، إلى جانب وجود بعثات من الطلاب الجزائريين يدرسون في رحاب الأزهر الشريف.
وأخيرا وللإجابة على السؤال الذى طرحناه فى البداية وهو : من الرابح الحقيقى فى هذه المبارة ، فإن العقل والمنطق والتاريخ يجيب على هذا السؤال المهم حيث هذه العلاقات الكبيرة بين مصر والجزائر تتطلب من القائميين على هذه المباره أن يعلموا جيدا أن الجماهير العاقلة التى جاءت لتشاهد مبارة قوية مشرفة امام العالم ، جاءت للتذوق وتبحث عن فوز لفريقها ، فهذه الجماهير ، وهذا التاريخ والعلاقات يجب ان تكون هى الرابح الأول فى هذه المباره ، بتقويتها ودفعها نحو التقدم فى زمن نحن فيه فى امس الحاجة إلى تقوية العلاقات لتفويت الفرصة على أعدائنا فى كل مكان .
#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟