أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - نظرة الإسلام إلى الشر















المزيد.....

نظرة الإسلام إلى الشر


عبد القادر أنيس

الحوار المتمدن-العدد: 2826 - 2009 / 11 / 11 - 16:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتبت هذا المقال كتعقيب ضمن مقال السيد شامل عبد العزيز، تعقيبا على ما كتبه السيد مجدي رقم 2 تحت عنوان ((ومن خلق الشر)). وتعذر إرساله كتعقيب بعد أن تجاوز 5000 حرف حسب القاعدة. ولهذا حولته للنشر كمقال مستقل. المقال محل التعقيب تجدونه في الرباط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=191171
اعتمد السيد مجدي في تعقيبه هذا على قصة مروية عن العالم أينشتاين عندما كان شابا وكيف تمكن، حسب مجدي، من إفحام أستاذه حول وجود الله. بين مقال شامل يلخص موقف أينشتاين وهوكهل وعالم. ولهذا طرحت السؤال التالي:
ما الأفضل والأسلم والأصح أن نأخذ برأي أينشتاين التلميذ أم أينشتاين الكهل العالم إذا كنا فعلا نريد الاعتماد على حجة دامغة؟
ولكن دعنا من هذا السؤال، فبما أنه معجب بهذا الجدل الذي يبدو في الظاهر منطقيا فلنناقشه لكن من الأفضل العودة إلى التعقيب محل المناقشة في الرابط أعلاه.
البرد والظلمة من المصطلحات اللغوية التي ابتكرها الإنسان لوصف ظواهر محسوسة. وبعض هذه الظواهر لها مصطلحات مستقلة لأن الإنسان قديما اعتقد أنها مستقلة بوجودها قبل أن يصنف الفلاسفة ما يندرج ضمن العرض (البرد) وما يندرج ضمن الجوهر (الحرارة) مثلا. وحتى الأديان التي تزعم أن كتبها وحي من الله أي كلام الله استخدمتها بهذه الصفة، وبالتالي هي مجرد مصطلحات وضعية بعضها غير دقيق مثلما تفضلت.
وبما أن فكرة الله التي عندنا جاءتنا من الأديان التي زعم مؤسسوها أنها وحي من الله، فيجب مناقشة فكرة الشر من خلال الأديان، وخاصة الدين الإسلامي الذي ما زال أتباعه متخلفين بسبب هذه التبعية العمياء.
في الإسلام، أركان الإيمان ستة، هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. وهو ما يعني أن الشر هو من عند الله، وقد احتج رجال الدين والحكام دائما بهذه الركن الإسلامي حتى يحرموا المظلومين من الاحتجاج ويضعوهم بين خيارين لا ثالث لهما: إما الصبر وفيه جزاء من عند الله (وبشّر الصابرين)، وإما الخروج من رحمة الله (ولا تقنطوا من رحمة الله). فكيف تسمي من يقدر الشر على عباده يا أخي؟
وبما أن مشكلة الصراع بين الخير والشر على الأرض لم تكن مع الله بالمطلق بل مع الشرائع التي (أنزلها) ليحتكم إليها المتنازعون، فمن الأجدر أن نتخلى عن سفسطة أينشتاين الشاب، وننظر كيف نظرت الأديان للشر، ونأخذ الإسلام نموذجا من خلال ركن الإيمان بالقدر خيره وشره .
من الناحية الإسلامية، القدر : هو تقدير الله للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضت حكمته . وهو يرجع إلى قدرة الله ، وأنه على كل شيء قدير فعال لما يريد .
والإيمان به من الإيمان بربوبية الله سبحانه وتعالى ، وهو أحد أركان الإيمان التي لا يتم الإيمان إلا بها . قال تعالى: " إنا كل شيء خلقناه بقدر " .[سورة القمر:الآية 49] .
لا يتم الإيمان بالقدر إلا بتحقيق أربع مراتب هي :
أولاً : الإيمان بعلم الله الأزلي المحيط بكل شيء . قال تعالى :" ألم تعلم أن الله يعلم ما في السمآء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير " .[سورة الحج:الآية 70]
ثانياً : الإيمان بالكتابة في اللوح المحفوظ لما علم الله من المقادير . قال تعالى :" ما فرطنا في الكتاب من شيء " . [سورة الأنعام:الآية 38].
وفي الحديث النبوي: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)) [ رواه مسلم ] .
ثالثاً : الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة . قال تعالى:" و ما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين " [سورة التكوير:الآية 29].
وفي الحديث النبوي لمن قال له ما شاء الله وشئت : ((أجعلتني لله نداً بل ما شاء الله وحده)) [ رواه أحمد] .
رابعاً : الإيمان بأن الله خالق كل شيء . قال تعالى:" الله خالق كل شيء و هو على كل شيء وكيل "[سورة الزمر:الآية 62].
وقال تعالى: " والله خلقكم وما تعملون "[سورة الصافات:الآية 96].
وفي الحديث النبوي : (( إن الله يصنع كل صانع وصنعته)) [ رواه البخاري ] .
وفي الحديث النبوي في محاجة موسى لآدم : (( تحاج آدم وموسى ، فقال موسى : أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة، فقال له آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ثم تلومني على أمر قد قُدّر عليّ قبل أن أخلق فحج آدمُ موسى)) [ رواه مسلم ] .



غير أن الأمانة العلمية تجعلنا لا ننهي هذه النظرة لمصدر الشر في الإسلام دون أن نثير جانبا آخر كان أسلافنا، خاصة المعتزلة والفلاسفة قد أثاروه قبل أن يتم إسكاتهم بالترهيب والتنكيل.
وردت آيات في القرآن هي على النقيض من آيات القدر مثل: ((الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ [سورة الملك:الآية وقوله : لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ [سورة التكوير:الآية 28]. وقوله: وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ))
حاول المعتزلة التوفيق بين المتناقضات وبذلوا مجهودات جبارة إلا التحالف الذي تم في عهد المتوكل بين رجال الدين السنة وبين السلطة وضع حدا لهذه المناقشات الواعدة. كان من مصلحة السلطة يومئذ أن يؤمن الناس بالقضاء والقدر خير وشره حتى لا يرى الناس أنها مسؤولة عن الظلم والتمييز الطبقي وأنها مطالبة بتوزيع الخيرات بالعدل
وأنها مسؤولة الفوارق بين الغنى والفقر. وجاؤوهم بحديث: ((إذا ذكر القدر فأمسكوا))، أي تحريم الخوض في القضاء والقدر، ولعله حديث صحيح قاله محمد بعد أن عجز عن التوفيق بين هذه المتناقضات، وفيما بعد جرى تحريم الاشتغال بالمنطق والفلسفة، خاصة الحملة التي شنها الغزالي ضدهم. طبعا ليس هناك تفسير معقول لهذه الآيات المتناقضة إلا إذا رجعنا إلى مستوى التفكير المنطقي في عصر التأسيس، وكان بدويا بسيطا في غياب إمكانيات علمية لتفسير مختلف الظواهر، وحتى فيما بعد فقد دخل المنطق إلى الفكر العربي وافدا من اليونان.
وشجعوا آيات مثل:
((فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ [سورة غافر:الآية 55].
ومثل(( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [سورة القصص:الآية 56].
ومثل (( فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ [سورة الأنعام:الآية 125].
وفي الحديث النبوي لما سئل عن احتجاج بالقدر : اعملوا فكل ميسر لما خلق له فمن كان من أهل السعادة فسييسر لعمل أهل السعادة ، ومن كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل أهل الشقاوة.
وفي الحديث النبوي : ((عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)) [ رواه مسلم ] .
المشكلة هنا تتجاوز مجرد نقاش فلسفي للمتعة أو الترف، بل هي مسألة سياسية في الصميم، بما تعنيه من حرية وديمقراطية وضرورة رفع الوصاية عن الناس باسم الدين وخاصة المرأة التي فرض عليها وضعا مجحفا باسم الله، وضرورة تحميل مسؤولية التخلف والمرض والأوبئة والفقر والآفات الاجتماعية لمن يتولون إدارة شؤون البلاد. وحتى الشرور أو بالأحرار الأضرار الناجمة عن الزلازل والبراكين والطوفانات والفيضانات لم يعد مقبولا أن تنسب لقوى غيبية باعتبارها قضاء وقدرا ولا راد لقضاء الله وقدره، بعد أن تدخل العلم في التوقعات الجوية وتصميم البناءات وغير ذلك.
إن مسألة وجود الله كما نحياها في مجتمعاتنا تتجاوز بكثير مجرد سلوك شخصي حميمي بين الإنسان وما يعبد، لأننا نعيش وجود الله من خلال أيديولوجيا مهيمنة تزعم معرفة ما يريده الناس وما لا يريدونه رغما عنه.



#عبد_القادر_أنيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مقالة: التحرير الإسلامي للمرأة من نصوص ومنطق وفقه ا ...
- من أجل حوار متمدن بأتم معنى الكلمة: رسالة مفتوحة
- أيهما أصدق: وفاء سلطان أم الحاخام شتاين؟
- قراءة في مقال تانيا جعفر الشريف حول وفاء سلطان
- قراءة في حوار مع نوال السعداوي
- قراءة في مقال: رد هادئ على السيدة وفاء سلطان
- حول الحكم الراشد بين الإسلام والعلمانية: قراءة في مقال
- قراءة في مقال:إشكاليات العلمانيين ..رشا ممتاز نموذجا 4
- لإسلام والأقليات: قراءة في مقال: إشكاليات العلمانيين ..رشا م ...
- قراءة في مقال: إشكاليات العلمانيين ..رشا ممتاز نموذجا (5) لل ...
- قراءة في مقال: إشكاليات العلمانيين ..رشا ممتاز نموذجا (5) لل ...
- قراءة في مقال: هل الذهنية العربية تقبل ثقافة التغيير والديمق ...
- دولنا إسلامية بامتياز
- شامل عبد العزيز بين الإسلام والعلمانية


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - نظرة الإسلام إلى الشر