أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - أحلام اليقظة














المزيد.....

أحلام اليقظة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2825 - 2009 / 11 / 10 - 21:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن كنتَ تعتقدُ وأنت تخلو بنفسك أنك قادرٌ على استرجاع كل ماضيك فأنت على حق .

لأنك تكون في قمة أحلام اليقظة التي تبني فيها ناطحة سحاب على رأس دبوس أو تصعد إلى السماء أو تعشق بنت السلطان وتخطفها على حصان أبيض أو تلقي القبض على عصابة كبيرة من أربعين حرامي .


والخلوة أحياناً تكون وأنت تمشي بمفردك في الشارع .

ذلك أنك تعيش أيضاً أحلام اليقظة , والحلو في موضوع أحلام اليقظة أنك تعيشها في أي مكان دون أن تنام نوماً طبيعياً.


أنا مثلاً أفضلُ المشي لمسافات بعيدة أكونُ فيها قد قطعت ملايين الكيلو مترات من الأفكار والتأملات والشطحات الفكرية.

ذلك أن أحلام اليقظة مثل الحلم الطبيعي العادي أثناء النوم فالحلم الطبيعي لا يدوم لأكثر من ثواني لا غير على عكس أحلام اليقظة التي تدوم لنصف ساعة أو ليوم أو لسنة كاملة والحلو في موضوعها أنها خارقة للوقت وللتاريخ فتستطيع أن تعيش في أحلام اليقظة أكثر من 50 سنة في نصف ساعة أو ربع ساعة على الأقل.

والسعادة أحياناً لحظة عابرة تمرُ على الإنسان ولكن هنالك لحظات يعيشها الإنسان بينه وبين نفسه تساوي ملايين الدقائق واللحظات بسبب وجود أحلام يقظة يعيشها الإنسان وكأنها واقعية.
ربما أن دماغ الإنسان له قدرات واسعة على التذكر والتخيل والتعلم من خلال مخزونه الفكري ولكن ليس التأمل غالباً ما يكون من أجل استرجاع فكرة ما, ولكنه يكون من أجل إثبات قدرات الدماغ على حفظ ملفات أو ملايين الملفات في تلافيف دماغه.

أحياناً وأنت تمشي من منزلك للسوق تصل السوق وأنت تفكر وحين تتوقف عن التفكير يخطر ببالك أنك لم تكن تشاهد الطريق وكأنك وصلت للسوق أو للمكان الذي تقصده من خلال أحد ما يقودك من يدك أو كأنك واقع تحت تأثير التخدير ,علماً أنك كنت وحدك ليس مخدرتفكر بالماضي أو المستقبل .

وأحياناً تكون راكباً في السيارة لمدة نصف ساعة وحين تصل وجهتك المقصودة لا تصدق أنك قطعتها بنصف ساعة , ذلك أن الأفكار التي راودتك خلال أحلام اليقظة كانت أكثر من عشر ساعات من التأمل والتذكر والتفكير .

وأحياناً وأنت تسافر من مدينة لأخرى أو وأنت تركب السرفيس أو وأنت جالس ٌ في الحمام تشعر أنك مع نفسك فتتأمل في ماضيك وأحياناً مستقبلك وكثرة التأمل تشدك أو تجذبك نحو مركز أحلام اليقظة فتحلمُ وأنت صاحي وليس نائماً .

وأنت تتأملُ أيضاً في الماضي تعيش ذكريات أكثر من عشرين سنة أو ثلاثين سنة أو خمسين سنة وكل هذه السنين تعيشها في لحظة تأمل تراجع فيها كل حساباتك , تخيل خمسين سنة _مثلاً_ من العطاء كلها تعيدها في لحظة واحدة .

ومن شاهد مسلسل يحيا الفخراني وهدى سلطان (الليل وآخره) سيلاحظ أن أحداث أكثر من 20سنة يتذكرها البطل يحيا الفخراني كلها تحدث في رحلة نهارية عبر القيطار, بعض تلك الأمور لا تحدثُ في عالم الروايات وحسب بل كل إنسان منّا يمر يومياً بهذه المرحلة لأنها أحلام يقظة , وأنا مثلاً دائماً ما أحبُ عمل قهوتي بيدي وأنا واقفٌ في المطبخ أسرحُ جداً في ذهني وأعيد ذكريات سنين طويلة في لحظة صنع فنجان قهوة, أكونُ فيها قد حلمت حلم اليقظة لربع ساعة أو لخمسة دقائق ولكن المدة الذهنية تكون مفتوحة ليس لها حد فأستطيع أن أحلم بماضي ومستقبل يساوي 100 سنة أو أكثر.

ووقفتُ صباح هذا اليوم بيني وبين نفسي دقيقة صمت وأنا أرتشفُ فنجان القهوة الصباحي كانت الساعة تقريباً الخامسة صباحاً واستمر شربي للفنجان ما يقرب من خمسة دقائق تأملتُ في الماضي الذي عشته 39 سنة من العمل والكد والبطولات والعنتريات الزائفة والنضالات الكاذبة وأحياناً الصادقة لستُ أدري كيف تذكرتُ كل الماضي بخمسة دقائق 39 سنة من عمري تذكرتها جميعها في خمسة دقائق منذ كنت طفلاً حتى هذه الساعة بل اللحظة !.

مرت عليّ في صباي رواية رجل يأتيه كتاب تقاعده عن العمل وهو في سن الستين فيترك سيارة العمل ويحمل جاكيته القطني ويمشي مسافة ساعة من موقع عمله إلى منزله الذي يبعد مسافة نصف ساعة عن موقع العمل وهو في تلك اللحظة يتذكر طفولته وصباه وشبابه ويوم تخرج من الجامعة إلى أن نال وظيفة متواضعة إلى أن أصبح مديراً عاماً حتى تقعد وتذكر الصعوبات كلها سواء أكانت في العمل أو المنزل أو الشارع ,كل تلك الأحداث ترويها الرواية ب 500 صفحة وهي لا تتجاوز مدتها الزمنية الثلاثون 30 دقيقة .

وهذا من الممكن أن يحدث في عالما لأدب والرواية .

نعم, أنا مثلاً عشتُ قبل خمسة أشهر قصة حب كانت عبارة عن حلم يقظة وكل نوبة منها لا تتسع لروايتها رواية من ألف 1000صفحة , كانت كل نوبة أتمنى لو أرويها في عدة مجلدات حتى تلك المجلدات لا تكفيني إن عالم التذكر واسترجاع الماضي علمٌ قائم ٌ بحد ذاته.

مددتُ يدي إلى فنجان القهوة ووضعته على شفتي دون أن أشعر بحرارته أو برودته تماماً كقصة الحب التي دخلت على أطراف قلب معشوقتي دون أن تشعر بحرارتها أوبرودتها أو بالبرد الساقط عليها من كلماتي أو بالمياه البركانية الحارة التي إنسابت فوقها كلماتي لتصل إليها ,ومن ثم أسندتُ رأسي للوراء وأنا ما زلتُ أحتفظ بفنجان قهوتي حضرت معي في تلك اللحظة طفولتي يوم تركتُ المدرسة والدراسة وجاء مدير المدرسة لكي أعود إليها ورفضت رفضاً باتاً ..وتذكرتُ يوم كذا ويوم كذا ويوم كذا .
إن لحظات التفكير هذه هي أحلام اليقظة التي نعيشها مع أنفسنا .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغني والفقير
- لحظات الذروة
- أسئلة الفلسفة
- الحق على التلفزيونات
- رجل من زمان
- الرأسمالية السائبة
- المرأة لا تفكر لابقلبها ولا بعقلها بل بالإنتقام
- ملك العالم
- أسد وثعلب ماكر وحمار بلا مخ
- الكاتب الذي لا يكسب من قلمه
- تعليم التفكير
- المرأة هاضمة حقوق الرجل
- لغة الواوا
- فساد النحاة العرب
- مرتاح البال
- ليلة الأمس
- الحراميه أنواع
- رزق الهُبل على المجانين
- المرأة التي أحبها
- طفولتي


المزيد.....




- -من سيزوره؟-.. كيم جونغ أون يفتتح منتجعًا شاطئيًا ضخمًا يتسع ...
- كاميرا تلتقط مشهدًا مثيرًا لدوامتي مياه معلقتين بين السماء و ...
- قانون التجنيد يشعل أزمة الحريديم مجدداً.. ونتنياهو أمام اختب ...
- بعد أشهر من الحرمان.. أكياس الدقيق تعود إلى غزة والأمهات ينت ...
- موقع أميركي: المرشح لرئاسة بلدية نيويورك زهران ممداني يثبت أ ...
- هل كانت روسيا حليفًا متخاذلًا لإيران في اللحظة المفصلية؟
- ميرتس يسجل أول حضور باجتماع أوروبي متشدد للهجرة
- حول تنظيم المنتدى الخامس للجمعية الدولية لعلم الاجتماع بالرب ...
- -النصر.. رونالدو، القصة مستمرة- بعد تمديد النجم البرتغالي عق ...
- محاكمة محتملة لوزيرة فرنسية بتهمة الفساد في قضية كارلوس غصن ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - أحلام اليقظة