|
ما بين غزة وقامشلو
غمكين ديريك
الحوار المتمدن-العدد: 2814 - 2009 / 10 / 29 - 14:21
المحور:
حقوق الانسان
من الطبيعي جدا ان تتصدر اوضاع قطاع غزة الصفحات الرئيسية للجرائد العالمية ، وكذلك الوضع في الضفة الغربية ، وهذا شيء طبيعي تاتي من تبعات الاحتلال المفروض على تلك المناطق ، ولكن السؤال الاهم هو هل بالفعل ان اوضاع تلك المناطق في وضع لاتطاق ، او ان العديد من الشباب هناك انتحرو بسبب ازمات نفسية وحرمان ، او ان العشرات من القرى اصبحت اطلال وهاجرها اهلها خلال الثلاث سنوات الاخيرة ، ام ان الناس وخاصة الاطفال والنساء يبحثون ما بين القمامة عن لقمة تسد رمقهم ، وان الالاف منهم محرومون من العمل والدراسة وتسجيل عقار باسمهم او تسجيل ابنائهم وزوجاتهم على اسمهم ، او محرمون من الجنسية ؟ او ...الخ . والواقع الموضوعي المعاش اليوم في كل من غزة والضفة الغربية تفيد من خلال الاخبار اليومية لتلك الجرائد ولكن في الصفحات الاخرى هي : ان ملايين الدولارات تتدفق على كلا القطاعين من الامم المتحدة وبرامجها للتغذية والامومة والطفولة والاغاثة وما شابه ، بالاضافة الى ملايين الدولارات عن طريق المنظمات الانسانية المستقلة وتبرعات الدول وتحت مسميات شتى ، والزيارات المتكررة لكافة المسؤولين الدوليين عامة ودون استثناء لرعاية هذا الشعب وتفحص اوضاعه عن قرب ، بالاضافة الى القمم والاجتماعات وقرارات وو...الخ في خدمة هذه القضية ، بحيث لاتجد فلسطينيا واحدا دون غذاء او راتب شهري ومنهم من يملك اكثر من راتب ومن منظمات مختلفة . بعد المجزرة التي ارتكبتها البعث في 12 اذار2004 في قامشلو قامت عدة وفود من السفارات الاوربية بزيارة خجولة الى قامشلو ، ولم تتكرر الزيارات لان النظام السوري احتجت رسميا لدى تلك الدول بتدخل سفاراتها في شانها الداخلي ، ومع الجفاف الذي لحق بكردستان سوريا قامت منظمة الامن الغذائي بتقديم بعض المساعدات لهذه المناطق ، ولكن عن طريق سلطة البعث ، والتي لهفتها (بلعتها)ولم تتسلمها الشعب ولم تصل أي من هذه المساعدات الى تلك المناطق ، وتبقى مأساة المواطنين مدفونة في نفوسهم وممنوع البوح بها . مع بلوغ عدد سكان كردستان سوريا خمسة ملايين نسمة ، الا انها والى الان تفتقد الى نائب واحد يمثلها في البرلمان السوري ، وتفتقد الى درجة مدير لاية وظيفة في الدولة ، حتى ان من يريد ا يخدم في الجيش السوري يتم اعدامه لانه كردي فحسب ، ووضع الاسرة الكردية هي اكثر من متردية اقتصاديا والتي بدورها تؤثر الى كافة نواحي الحياة ، والتي تظهر نتائجها من خلال (الانتحار – قتل بداعي الشرف – الهجرة – انشاء مخيمات على اطراف المدن الكبرى – الفشل الدراسي – الياس من الحياة ) علينا ان لا ننكر الحقائق المرتبطة بنا وبقضيتنا ، قبل ان تنكره اعدائنا ، وهذه الحقائق ان لم ننطقها فلن تنطق بها الانظمة الشوفينية والمتسلطة على كردستان ، فالاحتلال هو احتلال مهما كانت جنسيته او دينه او معتقده ، ويبقى هذا الاحتلال حلال لهم وحرام على الغير ، لان الانظمة التي تحتل كردستان استطاعت وعلى مدى عقود ان تلهي شعبها اولا وشعوب المنطقة وشعبنا ايضا ، بمعاداة احتلال من دين اخر او من دولة اخرى غريبة او بعيدة من منطقتنا ، ومن هنا استطاعت ان تغير نظرت هذه المجتمعات الى الاحتلال وحيثياته ، وتوجيه نظرته الى دين الاحتلال او بعده الجغرافي ، وتصنيف القمع والظلم وفقا لهذه الخاصية التي تبلورت في بنية المجتمع الشرق الاوسطي ، واصبحت شكلا غير قابل للنقاش ، وتصنف كل من ينادي بانهاء الاحتلال والمساواة وتحقيق العدالة ، ضمن طائلة المحرمات وخدمة اعداء الامة والوطن . يوجد العديد من الامثلة على هذه الحقائق ولكن ولمرارتها اكتفي بالقول انها اصبحت مسلمات وبديهيات دخلت في صنع نظرية النضال في البرامج السياسية لكافة التيارات السياسية العاملة على الساحة ، وخاصة التيارات السياسية الكردية العاملة على الساحة السورية ، بحيث لاتقوم هذه التيارات بدراسة هذه الاوضاع والحقائق وطرق تجاوزها ،اوتصنيفها وتسمية الاشياء باسمائها . في ثلاثة عقود الاخيرة لم تستطع هذه التيارات من تطوير نظريتها النضالية او نظرتها النضالية في كردستان سوريا ، ولم تحاول اعادة حساباتها وسياسياتها التكتيكية والاسترايجية ، لان همها الوحيد كانت الدفاع عن نفسها وتنظيماتها البسيطة نسبيا ، فمثلا كانت تلك التيارات السياسية في مرحلة الثمانينات تنادي بالدفاع عن حقوق الكرد البالغ عددهم انذاك مليونين ونصف المليون الذين يعيشون في كردستان سوريا، وكان العدد دقيقا نسبيا ، حيث كان عدد سكان سكان سوريا تبلغ ثمانية ملايين نسمة ، ومع مرور الاعوام وبعد ثلاثة عقود اصبح عدد سكان سوريا يناهز اثنان وعشرون مليونا وما زال عدد سكان كردستان سوريا لايزيد عن ثلاثة ملايين نسمة ، مع العلم ان العاصمة دمشق وحدها تحتضن مليون كردي ، يعيشون فيها مهاجرين وعمال دائمين بعدما كانوا عمال موسميين فحسب ، ولم تستطع هذه التيارات ان تستنتج بان المتغيرات السكانية ليست لها علاقة بنظرة او نظرية هذه الاحزاب او ان تبقى رهينة لادبيات كتبت منذ اكثر من ثلاثة عقود . في ظل الظروف الراهنة ، والوضع التي الت اليه في سوريا بشكل عام ، من انكار وقمع واصرار في مصادرة الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ، والاصرار على نهج الشوفينية القوموية التي تبنتها النظام بمعنى ان الكلمة الاخيرة للنظام تجاه القضية الكردية والتطور الديمقراطي والحضاري ، هي لا لكل انفتاح ، وجوابها سلبي بكل المعايير الدولية ، والتي وصلت في الاونة الاخيرة الى قتل المجندين الكرد الذين يخدمون في الجيش العربي السوري ، وهذا يعني انها تعارض كل شيء اسمه كردي ، وحتى ان كان ذلك مجند يخدم في جيشها ، لانها تعتبر ان الجيش السوري هو جيش البعث وليس جيش الدولة السورية . ألا يجدر بالحركة الكردية ان تتبلوربنظريتها وسياستها ، وتبني اصطفافاتها وتحالفاتها وفقا لهذه الظروف ، وان تتجه الى توازنات واستراتيجيات جديدة لمجابهة هذه التطورات ، والقيام بمهامها ومسؤولياتها حسب الاوضاع التي يبدو انها مستديمة وليست انية ، لان ايديولوجية البعث هي الشمولية ، وهي تتجهة الى الاكثر رجعية ، وما على الحركة الكردية الا ان تكون جاهزا لمواجهة هذه الاوضاع وان كانت في ميدانها السياسي ، من خلال التحالفات والعلاقات التضامنية والعمل المشترك والتنسيق المباشر للتيارات المتنوعة على الساحة الكردية في سوريا ، والمباشرة في الممارسة العملية الفعالة والمؤثرة في الداخل السوري وخارجه .
#غمكين_ديريك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كردستان الاكثر ديمقراطية في الشرق الاوسط
-
الحركة الكردية تطويها النسيان في سوريا
-
كركوك نموذج لمآسينا
-
الحرب الباردة.... نعمة للنظام ...ونقمة على الشعب السوري
-
المثقف الكردي بين المرجعيتين (الثقافي – السياسي ) في سوريا
-
الانفال ...؟... ايها العرب .. ايها النبي .. ايها الله ؟
-
الواقعية وخداع النفس
-
هل المهدي قادم... ام الشرق الاوسط الجديد
-
الحركة الكردية السورية والمجلس الوطني او مؤتمر الوفاق
-
الاول من ايار كان عيدا للعمال
-
ليلة سقوط دمشق
-
المفهوم القومي لدى الشعوب السورية
-
اذار.... المراة والانتفاضة ونوروز
-
اذار اول خطوة سليمة نحو الديمقراطية 12
-
الحراك الديمقراطي والتنظيم في سوريا
-
المراة بين الواقع وطموح الشعارات
-
المعارضة الكردية بعد خدام
-
ردا على رياض الترك (م. طلب هلال الثاني ) 2
-
نحن ومعوقات الديمقراطية
-
القضية الكردية بين الانكار و الوجود
المزيد.....
-
انطلاق جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن منح فلسطين الع
...
-
مفوض الأونروا: إسرائيليون أضرموا النار مرتين بمحيط مقرنا في
...
-
قصف إسرائيلي على جنوب لبنان يودي بعنصر إغاثة في -حركة أمل- و
...
-
الأمم المتحدة: نزوح أكثر من 110 آلاف فلسطيني من رفح وسط انخف
...
-
كشف انتهاكات وتعذيب معتقلين فلسطينيين بمركز اعتقال سري بالنق
...
-
-الأونروا-: نحو 110 آلاف شخص فروا من رفح نتيجة القصف الإسرائ
...
-
اليونيسف تتوقع نفاد المخزونات الغذائية جنوب غزة خلال أيام
-
الخارجية الفلسطينية: دولتنا تستوفي شروط قبول عضوية الدول في
...
-
الأمم المتحدة تعلن عن -مستويات طوارئ غير مسبوقة- في غزة
-
إسرائيليون يشعلون النار في محيط مجمع الأمم المتحدة بالقدس
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|