أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رياض الحبيّب - تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- 14















المزيد.....


تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- 14


رياض الحبيّب

الحوار المتمدن-العدد: 2807 - 2009 / 10 / 22 - 22:49
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تناول الرصافي في كتابه الموسوم “الشخصية المحمدية” مسألة إعجاز القرآن- الصفحة 599 وما بعدها- لكني سأختصر ما أمكن:
إنها من المسائل التي عُنِيَ بها علماء الإسلام منذ أواخر القرن الثاني للهجرة، حتى أفردوها بالتأليف، وقد ألـّف فيها جماعة منهم القاضي الباقلاني وقيل كتابه أحسن كتاب أ ُلـِّف في إعجاز القرآن، لكنّ كلّ مَنْ طالـَعَهُ بتروٍّ وقرأه بتدبّر وإمعان أيقن أنّ مُؤلّفه من الرعيل الأول من المُرائين! وأنه بتأليفه من طلاب الدنيا لا من طلاب الحقيقة، ولولا الخروج عن صدد ما نحن فيه لأتيت هنا بأدلة وشواهد على ذلك من كتابه المذكور.

- تعليقي: هذا كان رأي الرصافي بأحسن الكتب المؤلّفة في إعجاز القرآن فكيف هي الحال مع سواها من الكتب؟

أضاف الرصافي:
إنّ مسألة إعجاز القرآن إن اعتـُبـِرت مسألة فنية أدبية محضة لكان للمنطق فيها مجال، وللحجج والبراهين فيها حيال ونزال، ولكن كيف والأفكار غير حرة، وأين والعقائد التقليدية دائبة مستمرة؟ وأيضاً إن الذين كتبوا في تفسير القرآن وفي إعجازه لم ينشأوا إلا في القرن الثاني، ولم تطلق إذ ذاك للفكر حريته ولا للقول، وكيف تـُطلـَق للناس حرية أفكارهم وأقوالهم في عصر كلّ ما فيه قائم باٌسم الدين، فالدولة والحكومة والخليفة والملك والأمير والوزير والقاضي والقائد والجيش، كل ذلك مصبوغ بصبغة الإسلام ومخضوب بخضاب ديني لا نصول له منه. وإن هذه الحالة دائمة مستمرة إلى يومنا هذا، بل هي في زمننا أشد وأنكى؛
هذه مصر وفيها من أهل العلم والأدب مَنْ فيها، لا يستطيع أحد منهم أن يكون حُرّاً في أفكاره إذا خطب أو كتب إلا فيما لا يمسّ الدين! وقد كتب د. حسين هيكل كتاباً في السيرة النبوية لم يأت فيه بأكثر مما قاله الأولون، لأنه غير حر فيما يكتب ويقول، وكيف يكون حراً وهو يرى الجامع الأزهر مطلاً عليه بعمائمه المكوّرة على اللجاجة ترقبه بعين الغضب إذا حاد عن طريقها لكي تثور عليه وتمور ومن ورائها السواد الأعظم. ولا ريب أن هذه الحالة أينما وجدت وجد الرياء فهو معها، لا يفارقها في كل زمان ومكان. ولله در أبي العلاء إذ قال:
أرائيك فليغفرْ لِيَ الله زلـّتي *** فدِيني ودين العالمين رياءُ
والرياء، قبّحه الله، من أكبر الرذائل الاجتماعية لأن فيه التمويه والتضليل وكلاهما من سموم السعادة في الحياة الاجتماعية.

- تعليقي: لو كان القرآن معجزاً لوُجـِدتْ فيه عناصر الدفاع عن إعجازه ولما عجز المدافعون عنه من الرّدّ على ما يُثار ضدّه ولما قصّروا، لهذا السبب كان استخدام العنف إزاء نقد القرآن والسيرة المحمدية دليلاً قويّاً على زيف دعوة محمد وإنها لعمري مزيّفة من الأساس أي باطلة. فأتمنى على القرّاء الجدد مراجعة هذه السلسلة التي فيها دحض وتفنيد لجميع المزاعم القائلة بأن القرآن كتاب سماويّ أو معجز ومراجعة كتاب “الشخصية المحمدية” للرصافي الذي فيه أدلّة على أنّ السيرة المحمدية تستحقّ النقد ولا تليق بإنسان يدّعي نبوّة أو يحمل رسالة سماويّة، لكنـّي من جهة أخرى- وبالمناسبة- أترحّم على أئمّة الإسلام الذين أوردوا تلك السيرة والأحاديث على اختلافها ما لا يدع مجالاً للشكّ بأنّ الأخلاق المحمدية دون أخلاق البشر السويّ في وقت يظنـّون أنّ محمّداً معصوم! فلولا ظنـّهم بأنّه معصوم لأخفوا من السيرة الكثير ولو كان ما وصلنا من جهودهم أكثر من كافٍ وجديراً بالتقويم والتقدير.

أردف الرصافي:
قلنا إن الذين كتبوا في إعجاز القرآن لم يتكلموا عن تدبر وتفكير (الإتقان في علوم القرآن 2: 116-125) ولم يكونوا أحراراً في أفكارهم، إنما تكلموا عن إيمان واعتقاد، وذلك وحده كافٍ لانحيازهم إلى القرآن. زد على ذلك أن منهم المخلص في إيمانه ومنهم غير المخلص، فيجوز أن يكون غير المخلص مندفعاً إلى كتابة ما كتب بدافع الرياء إمّا لنـَيل منصب يعلو به، وإمّا لشهرة يكبر بها، أو غير ذلك مما تتطلب مصلحته الذاتية في محيط كلّ ما فيه قائم باٌسم الدين. فإن قلتَ: في الزمان الذي نشأ فيه مَنْ ألّفوا كتباً في إعجاز القرآن قد نشأ أناس من الزنادقة أيضاً وهم أحرار في أفكارهم، فلماذا لم يردوا على هؤلاء ما قالوه في إعجاز القرآن؟ قلتُ: نعم قد نشأ معهم أناس من الزنادقة أيضاً، لكنهم ليسوا بأحرار في أفكارهم كما تقول، بل كانت عقوبة الزنديق القتل إذا تكلم بما يخالف الدين، وقد قتل العباسيون كثيراً من الزنادقة، ولم يكتفوا بقتلهم بل محوا كل ما كتبوه وطمسوا كل أثر تركوه، فأين ما كتبه أولئك الزنادقة وأين “الدامغ” لابن الراوندي؟

- تعليقي: يمكن الرجوع إلى ويكيبيديا، الموسوعة الحرّة، بوضع كلمة “زندقة” في محرّك البحث. ومن هذه الموسوعة نقرأ عن ابن الراوندي أنه عاش خلال القرن الثالث للهـجرة وألّف كتاب “الدامغ للقرآن” علماً أنّ المُتـّهَـمِـين بالزندقة في العصر العبّاسي- وسائر العصور- كثر ومنهم أيضاً {استناداً إلى كتاب “الفهرست” لمؤلّفه ابن النديم طائفة المانويّين الذين كانوا يؤمنون بالمانوية إيماناً صادقاً وطائفة المتكلمين ويقصد بهم المشككين الذين كانوا يخوضون المناقشات الدينية ومنهم صالح بن عبد القدوس وأبو عيسى الورّاق ونعمان بن أبي العوجا وطائفة الأدباء ومنهم الشاعر بشار بن برد} انتهى. ونقرأ أيضاً في صفحة “زندقة” المذكورة {يعتقد البعض أن أصل كلمة زنديق هي الكلمة الفارسية “زنده كَرْد” والتي تعني إبطان الكفر والإلحاد وعليه فإن بعضهم يعرّف الزندقة بالشخص الذي يعتقد الكفر ويُظهره كلما سنحت له الفرصة ولكن إذا اكتشف أمره فانه لا يمانع أن ينكر إلحاده وهو بهذا يختلف عن المنافق الذي بحسب تعريف المسلمين هو شخص يستتر بكفره في باطنه بينه وبين نفسه. وهناك عند بعضهم تقارب بين الزنديق والمنافق فيعرّفون الزنديق تعريفاً مشابهاً للمنافق ومنهم ابن تيمية الذي قام بتعريف الزنديق بأنه (المنافق، الذي يُظهر الإسلام ويُبطن الكفر) ويعرّف بعضهم الزندقة كصفة فارسية معناها متتبع الزند أي الشروح القديمة للـ “أفستا” وهو كتاب زرادشت مؤسس الديانة الزرادشتية} انتهى

وأضيف على الأمثلة فيما تقدّم ابن المُقـَفـّع صاحب “كليلة ودمنة” الذي قتله سفيان بن معاوية والي البصرة بأمر من المنصور [الخليفة العبّاسي الثاني ت 158 هـ] شرّ قتلة بتقطيع أوصال جسده وشيّها وإطعامه إيّاها [راجع كتيّب “الحقيقة الغائبة” لمؤلّفه المغدور د. فرج فودة، كذلك “ابن المقفع” في ويكيبيديا] والحَلّاج الذي {عن ويكيبيديا أيضاً- أصدر الخليفة العباسي المقتدر بالله أمرًا بضربه ألف سوط ثم قطع يديه ورجليه ثم صلبه على جسر بغداد وقد تم تنفيذ حكم الشرع في يوم الثلاثاء 24 من ذي القعدة سنة 309هـ} انتهى

أضاف الرصافي:
وكذلك فعل الرواة الأولون والذين دونوا السيرة النبوية، فإنهم طمسوا كل ما قاله خصوم محمد من الشعراء وغيرهم فلم يصل إلينا من أقوالهم إلا النزر اليسير الذي لا يُعتـَدّ به، ولم يذكروا لنا من شعر أميّة بن أبي الصلت إلا شيئاً قليلاً، ولا من قرآن مسيلمة إلا جملة أو جملتين، ولو أنهم ذكروا لنا ذلك لكـُنـّا على بصيرة في الحكم بينهم وبين محمد أكثر مما نحن عليه اليوم.
وإن ابن هشام صاحب السيرة المشهورة قد جنى على العلم والأدب جناية كبرى باختصاره سيرة ابن إسحاق، فإنه لم يختصرها بل قتلها قتلاً وحشياً فلم يبق منها إلا الاسم، ففـُقِدتْ سيرة ابن إسحاق التي كتبها مطوّلة والتي اختصرها هو بأمر المنصور فلا يوجد اليوم لها أثر، فأسفاً على ما أصيب به العلم مِنْ فقـْدها.

ومهما يكن فإني هنا لا أريد أن أذكر لك شيئاً مما قالوه في إعجاز القرآن اللهم إلا ما مسّت الحاجة إلى ذكره مما لا بد منه، فإنّ كتبهم متداولة فارجع إليها إن شئت، وإنما أذكر لك ما أراه وأشعر به وما كنت أفكر فيه منذ زمان. وقبل الدخول في الموضوع أقول كلمة في معنى التحدي والمعارضة؛ يقال: تحدى فلان فلاناً إذا نازعه الغلبة ودعاه إلى أن يفعل مثل فعله ليعلم أيّهما الغالب، ويُقال: عارض فلانٌ فلاناً بمثل صنيعه إذا فعل مثل فعله وأتى إليه بمثل ما أتى به، كما هو مذكور في كتب اللغة.

هذا، واعلم، وفقك الله، أن أفعال البشر قسمان، جسمانية وروحانية، أو بعبارة أخرى جسمية وقلبية، لأنّ النحاة قد سموا “عَلِمَ” وأخواتها بأفعال القلوب وعنوا بذلك الأفعال التي تقوم بالنفس لا بالجسم كالعلم والظن والمخالة والحِسبان، وأن الناس في أفعال القلوب مختلفون كلّ الاختلاف وبعيدون عن التساوي فيها كل البعد حتى يكون أحدهم منها في الثـّريّا والآخر في الثـّرى.

يجوز أن يساوي أحدهم الآخر كلّ المساواة ويماثله كل المماثلة في أفعاله الجسمانية، ولكن لن يجوز ذلك في أفعال القلوب! فإن لكل واحد منهم في فعله القلبي درجة خاصة به لا يشاركه ولا يساويه فيها غيره، كما أن لكل واحد منهم في وجهه سحنة وملامح لا يماثله فيها غيره من الناس، وما يظهره في وجوه بعض الناس من المشابهة إنما هو تقارب في السحنة وليس هو إذا أمعنت النظر بمشابهة مطلقة. قلتَ: لماذا كان الناس هكذا في أفعال قلوبهم؟ قلتُ: لأن الله كذا خلقهم وعلى هذا جبلهم وأفعال الله لا تـُعَلّـَل. وهنا أتذكر ما أجاب به أحد النحاة (وأظنه الكسائي) لمّا سألوه عن وجوه استعمال “أي” وما يعتـَورُها من الإعراب والبناء فقال: أي كذا خـُلِقـَتْ.

ولا ريب أن الكلام الذي يتفاهم به الناس هو المعنى الذي يحيك في القلوب ويجول في النفوس، وما الألفاظ سوى آلة محدودة وواسطة لأدائه، وهي معدودة محدودة، والمعنى واسع بلا حد، وبحر بلا ساحل. ولذا قلتُ في قصيدة:
وفي النفس ما أعيا العبارة كشفهُ *** وقصّر في تبيانه النظم والنثرُ
أرى اللفظ معدوداً فكيف أسُوْمُهُ *** كفاية معنىً فاتـَهُ العَدّ والحَصْرُ
فالكلام إذن باعتباره أنه المعنى يُعَدّ من أفعال القلوب، بل هو أجلّها وأعظمها في الذروة العليا منه، ولذا امتاز به الإنسان على الحيوان الأعجم.

- تعليقي: لقد أوضحت في الحلقة السابقة أنّ الرصافي اقترح صيغة مناسبة للقرآن بأنّ الإنزال استـُعمِل مجازاً بمعنى الإلهام، أي أنّ القرآن نزل على قلب محمد معنىً فقام محمد بصياغته لفظاً، خصوصاً بعدما صرّح القرآن بما يتضمّن كون الإنزال بمعنى الإلهام من قوله في سورة الشعراء: 193-194 (نزل به الروح الأمين*على قلبك) ولمْ يقلْ: على سَمْعِك، أي- بمفهوم الرصافي: لا دخل لجبريل في إنزال القرآن! ومفهوم الرصافي هذا يتعارض مع أسباب النزول التي اقتضت تدخـّل جبريل ويتناقض مع أقوال المفسّرين الكبار الذين قاموا بشرح الآيتين المذكورتين ومنهم الطبري والجلالان {كما مرّ في الحلقة الحادية عشرة من هذه السلسلة} لذا أكتفي بتفسير القرطبي لسورة البقرة: 97 (قل من كان عدوّاً لجبريل فإنه نزّله على قلبك) أي يتلوه عليك [جبريل] فيعيه قلبك. وقيل: ليثبت قلبك. علماً أنّ الرصافي نفسه قد أوضح أنّ معنى الإنزال لم يكن مجازياً دائماً بل على وجه الحقيقة- كما ورد في سورة النبأ: 14 (وأنزَلْنا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثـَجَّاجًا) وفي سورة الفرقان: 48 (وأنزلـْنا من السّماء ماءً طهورا) وغيرهما

أردف الرصافي:
إذا علمت هذا فاعلم أن معارضة الكلام والإتيان بمثله من كل الوجوه تكاد تكون من المستحيلات! نعم، تجوز المقاربة على سبيل التقليد، فقد يوجد في الناس من له قدرة فطرية على تقليد أفعال مَنْ شاء من الناس وأقوالهم، فتراه يعمد إلى واحد من الناس فيقلده فيمشي مثل مشيه ويجلس مثل جلوسه وينظر مثل نظره ويتلهج في الكلام مثل لهجته حتى تقول كأنه هو ولكن هذا تقليد، والمقلّد في الكلام لا يُعدّ معارضاً لأنه لم يأت بشيء من عنده وإنما هو ناسخ كالذي ينسخ كتاباً من كتاب، كما فعل مسيلمة إذ حاول أن يقلد بكلامه القرآن فلم يأت إلا بسخيف لا طائل فيه كقوله: (لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشا) وكقوله: (والطاحنات طحناً، والعاجنات عجناً، والخابزات خبزاً، والثاردات ثرداً، واللاقمات لقماً) كما في السيرة الحلبية (224:3) ففي كلامه هذا تقليد لأسلوب القرآن بل هو مسلوخ من القرآن سلخاً. نقول هذا بالنظر إلى الذي وصل إلينا من كلامه، ولو أنهم ذكروا لنا كلّ ما قاله لجاز أن نحكم غير هذا الحكم، على أن محمداً لم يتحدَّ الناس بآية أو آيتين، وإنما تحدّاهم بسورة ولم يذكر الرواة لنا سورة من قرآن مسيلمة.

ولكنّ مسيلمة على علّاته وعلى خلوّه من كلّ صفة تؤهله للنبوّة قد آمن به كثير من الناس فاٌعتز بهم، حتى إن جيشه لما قاتل المسلمين في حروب الردة كان أكثر من عشرة آلاف مقاتل، وقد هزم جيشين للمسلمين، فجاءه خالد بن الوليد بجيش ثالث لا يزيد على أربعة آلاف من المسلمين، فالتقى بهم خالد في عقرباء (منزل من أرض اليمامة) فوقعت بين الفريقين يوم عقرباء ملحمة كبرى سالت فيها الدماء، وكاد جيش خالد ينهزم لولا أن تداركه قائده البطل المغوار بهمته العالية وبطولته الفذة، ثم اٌنجلت المعركة عن قتل مسيلمة وتمزيق جيشه شرّ ممزق بعدما خسر أكثر من ثلاثة آلاف قتيل، كما خسر خالد أيضاً من جيشه ما يزيد على ألف قتيل كما في تاريخ الطبري (3: 141-150) ولولا قوة عزم أبي بكر وعلوّ همّة خالد لكان لمسيلمة شأن غير شأنه اليوم! على أن مسيلمة مهما كان فسلاً من الفسول فهو خير من طليحة الأسدي والأسود العنسي ومن سجاح التي ادعت النبوة في عهده، وكل هؤلاء وجدوا لهم اتباعاً آمنوا بهم وصدّقوهم.

- تعليقي:
1 لماذا حرق المسلمون قرآن مسيلمة أو أتلفوه بأيّة طريقة إن كان أقلّ مستوى من قرآن محمد، أسلوباً وفصاحة وبلاغة؟

2 لقد عاصر محمد مسيلمة وقد عاشا في البيئة ذاتها- شبه جزيرة العرب- وكانا يتحدثان اللغة العربية لا غيرها، كان مسيلمة أيضاً في نظره ونظر أتباعه (رسول الله) ومن المحتمل جدّاً أنْ كان قرآن مسيلمة- في الأقل- بمستوى قرآن محمد وإلّا لما كان أتباع مسيلمة أكثر من أتباع محمد والدليل هو تفوّق جيش مسيلمة عدداً على جيش المسلمين الذي فشل مرّتين في التغلّب على جيش مسيلمة ولكنه نجح في الثالثة. وهنا معلومة مقتضبة من ويكيبيديا:

{وقعت معركة اليمامة سنة 11 هـ في عهد أبي بكر. واليمامة إحدى معارك حروب الردة، كانت بسبب ارتداد بني حنيفة وتنبّؤ مسيلمة الكذاب الذي ادّعى أن النبي ص قد أشركه في الأمر، ومما قوّى أمر مسيلمة شهادة نهار الرحال بن عنفوة الذي شهد له كذباً أنه سمع رسول الله ص يشركه في الأمر. وقد وجّه أبو بكر عكرمة بن أبي جهل لقتاله كما وجّه شرحبيل لقتاله أيضاً ولما فشلا وجّه إليه خالد بن الوليد في جيش جمع خيار الصحابة والقراء، فلما سمع مسيلمة دنوّ خالد ضرب عسكره بعقرباء فاستنفر الناس فجعلوا يخرجون إليه حتي بلغوا 40.000 أربعين ألف رجل اٌتـّبعه أكثرهم عصبية... إلخ. وقد قتل في هذه المعركة خلق كثير من المسلمين وانتهت المعركة بالصلح، دعاهم خالد إلي الإسلام، فأسلموا عن آخرهم ورجعوا إلى الحق، وردّ عليهم خالد بعض ما كان أخذ من السبي، وساق الباقين إلي المدينة} انتهى

3 هل كان أتباع مسيلمة أقلّ فصاحة وبلاغة من أتباع محمّد لكي يقبلوا بالكلام التالي:
(والطاحنات طحناً، والعاجنات عجناً، والخابزات خبزاً، والثاردات ثرداً، واللاقمات لقماً)
(يا ضفدع يا ضفدعين، نـُقِـّي ما تـَنـُقِـّين، نِصْفـُكِ في الماء ونصفك في الطين)
(لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشا)
أم أنّ هناك احتمالاً بأنّ المسلمين أنفسهم قاموا بتأليفه فنسبوه لمسيلمة لكي يسخروا منه ويُظهروا للتاريخ أنّ مسيلمة كذ ّاب ولا يرقى قرآنه بالمستوى إلى قرآن محمّد؟

4 ولو افترضنا تالياً- جدلاً ومثالاً- بأنّ (والطاحنات طحناً، والعاجنات عجناً، والخابزات خبزاً... إلخ) من قرآن مسيلمة غير موحىً به من الله فلماذا آمن المسلمون بأنّ ما يأتي موحىً به من الله؟ إنْ هو في نظري إلّا كيل بمكيالين:
(والمرسلات عرفا، فالعاصفات عصفا، والناشرات نشرا، فالفارقات فرقا، فالملقيات ذكرا - سورة المرسلات 1-5)
(والنازعات غرقا، والناشطات نشطا، والسابحات سبحا، فالسابقات سبقا، فالمدبرات أمرا - سورة النازعات 1-5)
(والعاديات ضبحا، فالموريات قدحا، فالمغيرات صبحا، فأثرن به نقعا، فوسطن به جمعا - سورة العاديات 1-5)
(والطور، وكتاب مسطور، في رق منشور، والبيت المعمور، والسقف المرفوع، والبحر المسجور - سورة الطور 1-6)
وغير ذلك من السجع.

أضاف الرصافي:
لم يبلغنا أن أحداً بسورة قصد معارضة القرآن، وإن كان القرآن يحكي شيئاً كثيراً من كلامهم ولو أن أحدهم قصد ذلك لما كان إلا مغلوباً، لأن الذي يعارض القرآن يجب قبل كل شيء أن يكون ذا روحانية كروحانية محمد، وذا ذكاء كذكائه وخيال كخياله ومعرفة بالله كمعرفته وعلم بأخبار الماضين من الأمم وأنبيائهم كعلمه، ويجب بعد هذا كله أن يكون ذا عارضة كعارضة محمد، ولم يكن فيهم من هو كذلك سوى محمد، فلا يستطيع أن يعارض القرآن ويأتي مثله إلا محمد نفسه، زد على ذلك أن أسلوب القرآن مما لم تألفه العرب ولم تعرفه بل هو أول من ابتدعه.

- تعليقي: لولا أنّ محمّداً رآى أنّ العرب قد أتوا بمثل القرآن لما زاد في حدّة التحدّي- مثلما تدرّج في موضوع تحريم الخمر-
فقد بدأ تحدّيه هكذا:
فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين - الطور 34
أم يقولون افتراه قُلْ فأتوا بسورة مثله - يونس 38
أم يقولون افتراه قلْ فاٌءتوا بعشر سور مثله مفتريات - هود 13
إلى أن أتى بما لا يقبلُ العقلُ السليم حين قال:
قلْ لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله - الإسراء 88
لأنّ أصابع اليد الواحدة لا تتشابه وبصمة الإبهام لا تشبه غيرها والأهمّ من ذلك كلّه هو السؤال التالي: كيف يهبط ربّ القرآن (القدير والعليم والحكيم) بمستواه إلى مستوى البشر والجنّ، يتحدّى ويُظهر عضلاته بصفته خير الخالقين وخير الرازقين وخير الماكرين... إلخ؟!

واستطرد الرصافي من جهة أخرى:
إنهم يهوّلون بإعجاز القرآن كلّ التهويل، إذ لا مرية في أنّ الدعوة الإسلامية إنما نجحت بالسيف لا بمعجزة القرآن! فلو سألناهم كم مؤمناً كانت هذه المعجزة هي السبب الوحيد لإيمانه، لما استطاعوا أن يجيبوا جواباً صحيحاً. فالحقيقة الناصعة التي لا غبار عليها والتي لا يمتري فيها إنسان ولا ينتطح فيها عنزان هي أن الدعوة الإسلامية قامت بالسيوف المرهفات لا بمعجزة القرآن ولا بغيرها من المعجزات- وأكبر دليل على ذلك ارتداد العرب عن الإسلام بعد وفاة محمد! ولولا عزم أبي بكر وهمّة خالد بن الوليد في قتال أهل الردة وإرجاعهم قهراً إلى الإسلام لكـُنـّا اليوم نقرأ خبر الدعوة الإسلامية في كتب التاريخ كخبر من أخبار الماضين.

تعليقي: لقد أوضح الرصافي اقتران دعوة محمد بالسيف في كتابه ص 284 وكيف (تدرّج قرار القتال تدرّجاً منطبقاً على مقدار ما عنده من قوة حربيّة جرياً على ديدنه- أي عادته- في جميع أمور الدعوة) حيث نقرأ تالياً عن المرغـّبات في القتال وقد حصرها الرصافي بأمرين أحدهما مادي أو حاضر (كأصناف الغنائم) وأمّا الآخر فمعنوي أو غائب وهو الجنة المحمّديّة ذات الأنهار والعذارى والغلمان وما لا ينثني من القضبان.
_____________________

في الحلقة 15 بلاغة القرآن




#رياض_الحبيّب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنهل الطَّيِّب في موجز تعليقات الحبيِّب- سابعاً
- سارة القيس
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- الحلقة 13
- سمفونيّة مريم العذراء
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- الحلقة 12
- سونيتا: سأدّعي النبوّة
- لا نبيّ من نسل إسماعيل- خامساً وأخيراً
- ززز
- لا نبيّ من نسل إسماعيل- رابعاً
- مِنْ وَحْي اٌضطهاد الأقلّيّات
- عاش الزعيم عبد الكريم
- لَا يُفتِ رسولُكَ بالجنّهْ
- لا نبيّ من نسل إسماعيل- ثالثاً
- قالتْ إنّي أعشقُ كُفري
- لا نبيّ من نسل إسماعيل- ثانياً
- لا نبيّ من نسل إسماعيل- أوّلاً
- والقمر إذا خسَف
- رحمة ابن الإنسان وجرائم رجم الزانية والزاني- 3 من 3
- رحمة ابن الإنسان وجرائم رجم الزانية والزاني- 2 من 3
- شكراً أختنا العلمانيّة د. وفاء سلطان


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رياض الحبيّب - تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- 14