أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروان العلان - حلم لصياد اللؤلؤ














المزيد.....

حلم لصياد اللؤلؤ


مروان العلان

الحوار المتمدن-العدد: 2799 - 2009 / 10 / 14 - 10:16
المحور: الادب والفن
    



يغْتَسِلُ البحْرُ الّلحظَةَ بالأزرقْ
يبْهَتُ أحياناً.. أو يتَعَمّقَ فيهِ اللوْنُ كثيراً..
وقطارُ الرّيحِ الهادرُ يَكْشِطُ وَجْهَ الزُّرْقَةِ
تُصْبِحُ بيْضاءَ كلَوْنِ السُّحُبِ المَنْسِيّةِ
عندَ غروبِ العُمْرْ
يَهْبِطُ مَوْجٌ.. يَعْلو مَوْجٌ
شيءٌ منْ بؤسٍ تَنْثُرُهُ القَطَراتُ على وجْهِ الرّملِ
أنا فَوْقَ الرّمْلِ
أُزيحُ الحبّاتِ الصُّغرى عن طَرَفِ ذراعي
بِأناملَ تَرْجُفُ شوْقاً..

بَصَري يمْتَدُّ.. يُراقِبُ
يَغزو مَمْلَكَةَ الغيمِ ويَسبي كلَّ جواريها..
أتَشَبَّثُ أحياناً بِبقايا ذاكِرَةٍ
أتْعَبَها التّجريبُ
وناءَتْ عنْها قَطَراتُ الوَهْجْ..
صيّادُ الُّلؤلُؤِ يستلقي
ينتَظِرُ هدوءَ الرّيحِ.. هُدوءَ المَوْجِ
هدوءَ الكوْنِ وصمْتَ الأحياءْ
صيّادُ الُّلؤلؤِ لا يُتْقِنُ فنَّ الصّيْدِ
إذا ما اشتَدَّ ضَجيجُ الأشياءْ
ينتَظِرُ الآتي المجْهولَ
المَحْمولَ على أرصِفَةِ الفَقْرِ بعُمْقِ البحرْ
ويكادُ العُمرُ يمرُّ.. يمرُّ..
وهذي الرّيحُ تزيدُ الحسرَةَ والقهرَ
تُعَمّقُ لوّنَ الفَقرِ
وتَغْسِلُ زُرْقَةَ هذا العُمْرِ الأبَدِيّة
يكْرَهُ هذا الصيّادُ الريحَ
ويكْرَهُ لوّنَ الموْجِ
وشكْلَ الرّملِ
وجوعَ الأطْفالِ المَتْروكين هنالكَ تحتَ الزُّرقةِ
يكرَهُ حتى شكلَ الُّلؤْلُؤِ أحياناً..
يكرَهُ لمْعَتَهُ البيْضاءَ المَطلِيّةَ
بالكَشْطِ المنثورِ منَ الغَيْمْ
البحْرُ أمامي
والرّملُ الموصولُ بنَخْلِ الصحراءِ ورائي
قَدَرانِ هما..
غَرَقٌ أو عَطَشٌ
موْتٌ أو موْتٌ
والبحْرُ يُواصِلُ زُرْقَتَهُ
ويواصِلُ ضِحْكَتَهُ المكسورةَ من أقصى العَظْمِ..
ويْلٌ للموْتِ من الموْتِ..
وويلٌ للرَّمْلِ من الصحْراءِ..
وويلٌ للبحر من الزُّرقة..

يعْتَدِلُ الصّيّادُ، وقدْ بانتْ أعظُمُهُ
برَزَتْ، تشبِهُ أوتادَ الخَيْمةِ،
يكسوها جِلْدٌ..
شقّقَها الماءُ ولوْنُ الرّملِ وطعمُ الفقرِ
وهذا الجِلْدُ نُحاسٌ مطروقٌ تحتَ النّارِ
اخْتَلَفَتْ فيه مساحاتُ الّلونِ
احْتَرَقَ الجانِبُ منْ لَفْحِ الشّمسِ
وخطٌّ محفورٌ منْ عضَّةِ قَرْشٍ
أفْزَعَهُ الّلحمُ فأدْبَرْ..
يتَمَطّى..
كفّاهُ اشْتَبكاعنْدَ الرُكبَةِ
وتَقَوّسَ ظهْرٌ ناءَ بحِمْلِ الأيّامِْ
ثَمَّةَ سيقانٌ تُشْبِهُ أعوادَ القَصَبِ بُعَيْدَ المَوْسِمِ
تَمْتَدُّ على الرّمْلِ..
وتَحْفِرُ بالكَعْبِ قليلاً..
والرّيحٌ تُطارِدُ موجَ البَحْرِ
وتُسْقِطُهُ فوقَ الرّملِ قتيلا..

ثَمّةَ بحرٌ..
ثَمّةَ زُرْقَة..
ثَمّةَ رَمْلٌ..
ثَمّةَ شَمْسٌ..
ثَمّةَ صيّادٌ ينتظِرُ الصّمْتَ..
هُدوءَ الأشْياءِ
وينتظِرُ بقايا العُمرِ المُلْتَوِيةْ..
صَدَفٌ في قاعِ البحْرِ وصُدْفَة
وهْمٌ في قاعِ الرّوحِ وأُلْفَة..
حُلُمٌ يتَراقَصُ في الأُفْقِ
بِلُؤلُؤةٍ تتجاوَزُ حجْمَ الكفِّ
وحتّى حجْمِ الرأسِ
لِتَكْبُر ما شاءتْ
فالحُلُمُ قمينٌ أن يتوسّعْ..
حُلُمٌ في الّليْلِ
وأحلامٌ أجْمَلُ تَنْسابُ كموسيقى الغَيْبِ
وتَبْقى للبحرِ الزُّرْقةُ
وتبقى للرّيحِ القُدْرَةُ
ينكسِرُ الصّمْتُ الحاسِرُ نحْوَ الموْجِ
ويَغْرَقُ في الزُّرْقةِ..
يغْرَقُ..
يصطَدِمُ بأحجارٍ غَسَلَتْها أعوامُ القَهْرِ..
وحوّلَها الماءُ إلى ذرّآتٍ
ينْسابُ البصَرُ الحاسِرُ
يغرقُ في الزُّرْقَةِ ثانيَةً.. ويضيعْ
يتحَوَّلُ لوّنُ الماءِ إلى الدُّكْنَةِ
يَحْلَوْلِكُ.. لكنّ البصرَ يُواصِلُ
ينْزَلِقُ إلى الأعماقِ
تغيمُ الرُّؤيَةُ،
لكنَّ الّلؤلؤةَ هناك بِحَجْمِ الكفِّ
بِحَجْمِ الرّأسْ،
والحُلُمُ كثيراً ما يتوسّعْ.. يتنامى.. ويزيدْ
تَتَمَسّكُ كفُّ الصّيّادِ بِمَرْجانٍ جرّحَها
كتَبَ التاريخَ جديداً
وأعادَ الذاكرَةَ إلى العَهْدِ الأولِ..
يا ويْحَ الأمْسِ،
غُبارٌ وضبابٌ وبقايا ذاكرَةٍ
لمْ تَعْتَدْ طَعْمَ التّجريبِ المُرِّْ
ها.. شيءٌ قاسٍ..
صَدَفٌ أكبَرُ منْ حُلُمي
منْ أوْجَدَ هذا الصَّدَفَ الأعْجوبَة..
مرحى..
أُبْصِرُ تُجّارَ الّلُؤلُؤِ مصْطضفّينَ
يُساوِمُني البَعْضُ
وبَعْضٌ ينظُرُ مذهولاً..
ألفانِ.. ثلاثة..
عشْرَةُ آلافٍ.. خمسونَ..
مائَةٌ ويزيدْ..
أَرْفُضُ..
آبى.. أتَمَنّعُ.. أطلُبُ أكثَرْ
لؤلُؤتي أغلى.. أغلى..
لؤلؤتي.. ها...
هل يأخذُ أحدٌ لؤلؤتي..هل غيري يأخذُها..؟
أَتُباعُ؟
أتُباعُ كذا في سوقٍ..؟
ويحي.. والويْلُ لكل الناسْ..

يَغْتَسِلُ البحرُ بِزُرْقَتِهِ،
والرّيحُ تُطاردُ شكْلَ المَوْجِ
وتُرديهِ على الرّمْلِ قتيلاً..

الشّمْسُ.. الّلعْنَةُ.. ضربَةُ شمْسٍ
لا شيءَ سوى طَعْمِ الوَهْمِ
وشكْلِ الفَقْرِ..
ولوْنِ المأساةِ، وصوْتِ الزُّرْقةْ..

إهدَأْ يا بحرُ
فقدْ شَفَّ القلبَ البُعْدُ .. الهُجرانُ.. الحرمانُ..
ولؤلؤتي ما زالتْ فيك..
إهدَأْ يا بحرُ.. كفى قَسْوَة..
لمْ يبقَ لديَّ سوى رَمَقٍ
والدّعْوَةُ ما زالتْ نافذَةً..

يا زمَني..
ماذا لو ولّى يومي وتَناثَرَ عمري؟
وتنادَتْ للحْربِ الخَيْلُ.. الفُرسانُ.. سيوفُ النّخْوَةِ
تبقى لؤلؤتي في عُمْقِ البحرِ
وكهْفِ الظُّلْمَةْ..

انتَصَبَتْ قامَتُهُ المَمشوحةُ بالأصْفَرِ
وانغرسَتْ في الرّملِ القدمانِ
وصوْتُ الرّيحِ يُدَمْدِمُ
ذِئباً أضناهُ الجوعُ ولَفْحُ الشَّهوة..
يا بحرُ.. هنا لؤلؤتي..
ها.. دعني أتشَبّثُ بالصّخْرِ
بأسنانِ القَرْشِ.. مساحاتِ العَتْمَةِ..
دعني أغرَقُ.. أتبعُ لؤلؤتي..
فأنا مذ كُنْتُ أُحِبُّ الّلؤلؤَ
لمْ ألتَقِ يوماً لؤلؤَتي..



#مروان_العلان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امرأة من غبار
- إيقاعات على نص الجسد
- جولات الفارس في معركة الأسئلة
- سجلّ اللجوء في حياة مثقف فلسطيني
- لا تحاولوا.. فالشرخ أوسع
- صحراء
- من يوميات نخلة عربية
- نص على جسد (القسم الأول)
- نص على جسد (القسم الثاني)
- الحوار الضرورة.. والتمدّن المفتَقَد
- أمّي التي أرختْ ضفائرَها
- المرأة: المتن والهامش
- منظمة التحرير الفلسطينية: من الكفاح المسلح إلى المفاوضات


المزيد.....




- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس nategafany.emis ...
- “رابط مباشر” نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم ال ...
- امتحان الرياضيات.. تباين الآراء في الفروع العلمي والأدبي وال ...
- هيلين كيلر.. الكفيفة الصماء التي استشارها رؤساء أميركا لعقود ...
- 40 عاما على إطلاقه.. ماذا تبقى من -نقد العقل العربي- للجابري ...
- فيلم -شرق 12-.. سردية رمزية لما بعد ثورات الربيع العربي
- يحقق نجاح كبير قبل عرضه في السينما المصرية .. أيرادات فيلم أ ...
- في جميع أدوار السينما المصرية .. فيلم الشاطر رسميًا يعرض في ...
- لمى الأمين.. المخرجة اللبنانية ترفع صوتها من في وجه العنصرية ...
- وصية المطرب أحمد عامر بحذف أغانيه تدفع فنانين لمحو أعمالهم ع ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروان العلان - حلم لصياد اللؤلؤ