أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروان العلان - من يوميات نخلة عربية















المزيد.....

من يوميات نخلة عربية


مروان العلان

الحوار المتمدن-العدد: 2513 - 2009 / 1 / 1 - 03:12
المحور: الادب والفن
    



ها قدْ أتيْتُ
وكُنْتُ أعرفُ أنني لا بدَّ يوماً آتيةْ
ها قدْ وَقَفْتُ
وكنتُ أعْرِفف آنني لا بدَّ يوماً أنْ أقفْ..
ها قد تَوَجَّهَتِ الرّياحُ الصُّفْرُ
تكْويني.. وتلفح وجْنَةَ الرُّطَبِ
المُعلّقِ في نهودي
والشّمْسُ تَسْكُبُ صَهٌرَها فوقي
فأعْرِفُ أنّني أصْبَحْتُ روحاً مسْتباحَةْ
وَدَمي هَدَرْ..
وأنا..
أمُّ بقِيّتي نحو النّوايا الطّيّبةْ
وأكادُ أسمَعُ في هَسيسِ الغَيْبِ أصواتاً
تُنادي من بعيدْ..
حتّى إذا حلَّ النّهارُ وأخْرَجَتْ شمْسُ الّلهيبِ صَهيرَها
ألفَيْتَني آغْمَضْتُ عيني،
وانْكفَأْتُ على حَليبِ الأمِّ
أسْتَجْدي إشارة..

في العَتْمِ..
أحْمِلُ من فُحولِ الغَيْبِ أشباهَ الأجِنّةْ.
أُبْقي لمَنْ يأتوا بقية
في العَتْم..
تأتيني، وقد سحَبَتْ شُموسُ القَهْرِ ما صهَرَْ،
تباشيرُ البِداياتِ النّدِيّةِ،
وانْفِلاتاتُ الصّحابة..
هذا هوَ المَصْلوبُ تُمْطِرُهُ سهامُ القَوْمِ
ينْزِفُ.. يَسْتَفيقُ على تفاصيلِ الإجابَةْ
وجِدارُ بيتِ اللّهِ يسْمَعُ ما يُقالُ
يظلُّ ينشُرُ في المساء العَتْمِ
ما يُخَبّئُ ما تواردَ من خَواطِرْ..
منْ بَعْدِ ما ارتَدّتْ إلى عُمقِ الوجودِ مطامحي
وتصاعَدَتْ منّي السّواعِدُ
تَخْرُقُ الأجواءَ تحميني
وتَحْمي وجْنَةَ الرُّطَبِ المُعَلّقِ في نهودي
جِذعي تطاوَلَ مثلُ لوْنِ الأرضِ
إذ شَرِبَتْ زلالَ الماءِ واخضَلَّتْ..
وتَماسُكي كالصّرْحِ يحفِرُ في السّحابِ
يُفَتِّتُ الأوهامَ يَقْتَلِعُ السّرابْ..
لكنّ أقدامي على رَمْلً تواطأَ معْ صهيرِ الشّمْسِ
مع عسَفِ الرّياحِ الصُّفرِ
مع تلكَ المسافاتِ التي بَعُدَتْ
وأبْعَدَتْ عنّي الحياة..

قد حالَ لوْنُ الأَرْضِ، والأشْياءِ والأوراقِ
والرُّطَبِ المُعَلّقِ في نُهودي
واغْبَرَّ وَجْهُ الكَوْنِ والعَبَقِ الذي نَزَفَتْهُ في ليْلٍ
بقايا نَخْوَةٍ عَبَرَتْ..
وخَلّفَها الزّمانُ المرُّ
تحْثوها الرِّياحْ..
حتّى إذا حلَّ الظلامُ بكى
ومَسَّدَ فوقَ جُرْحٍ لا يَنامْ..

في العَتْمِ..
ليسَ العَتْمُ من يَحْنو..
وفي الصّحراءِ يغدو العَتّمُ أغْنِيَةً ومَوّالاً
وشكلاً يُشْبِهُ الأرواحَ
يَصْعَدُ عبْرَ أجْنِحَةِ المَحاوِرْ..
في العَتْمِ نايٌ
وكأسُ الخمرِ والألوانُ
والأَلَمُ المُجاوِرُ لاشْتِهاءاتِ الجَسَدْ..
في العَتْمِ ذكرى من مَضَوْا
أو من أتَوْا..
أو منْ سوفَ يأْتي..
فالكلُّ يغدو كالرَّمادِ
ويُشْبِهُ الذكرى إذا انْتُهِكَ الأحَدْ..
وأنا..
كبقيّةِ النّخْلاتِ نعْتَصِرُ الرّحيقَ المٌرَّ
نُنْشِبُ في الرّمالِ الصُّفرِ تِرْياقَ الخَلاص..
لكنّنا في العَتْمِ.. يا لَلْعَتْمِ..
نلْجَأُ للسّكون..
قُلْ لي،
إذا سَكَنَ الظّلامُ الرّوحَ،
وانسَحَبَْ عن الصحراءِ أفياءُ التّشَهّي
ومتى اسْتجابَ القلبُ للنّجوى
وحامَ البومُ فوقَ مرابِعِ الذِّكرى
وتَقاسَمَتْنا في الهزيمَةِ قادَةُ الأحزابِ
من....؟
منْ يُنْقِذُ النّخْلاتِ من وَجَعٍ،
هو الطَّلْقُ المُمَزِّقُ
دونَما نَزْفِ الولادَةِ
أو ظُهورِ بِشارَةِ المَهدِيِّ
من....؟
من سيُجَدْدُ الرُّطَبَ المُعَلَّقَ في النّهودِ
يُمَسِّدُ الجُرْحَ الذي رَفَضَ اللقاءَ على الموائِدْ
قُل لي..
إذا ما كُنتَ تَمْتَلِكُ الإجابَةَ،
مثْلَما امتَلَكَتْ عشيقَتُكَ الوسائِدْ
أو كُنْتَ مُنْتَبِهاً لِخَطْوٍ فوقَ سورِ القُدْسِ
لا يُعطي حَفيفاً أزرقَ النَّبَضاتِ
ماذا...؟
ماذا يكونُ الحالُ، لو طاولَتْ شَمْسُ الّلهيبِ،
براعِمَ الرُّطَبِ المُعَلّقِ فوقَ نهْدي
ماذا يكونُ الحالُ لو شَرِبَتْ صخورُ القهْرِ
ماءَ النّبْعِ واشْتَدَّ الأُوارُ..
وماجَ هذا البحرُ،
وانْدَلَقَتْ على الشُّطآنِ أسْماكُ الضياعْ
وتناثَرَتْ موجاتُ حقدٍ،
تغْسِلُ الغَيْمَ المُفارِقَ
تستَعيرُ الصّوْتَ منْ رعدٍ
ومنْ طبلٍ
ومنْ همْسِ الطّفولةِ
من تراتيلِ المصاحِفْ؟
ماذا إذا انْشَقّتْ سماءٌ،
كُنتَ تورِثُها كنوزَ القهْرِ
تمْنَحُها أقاويلَ الفضيلَةْ؟
ماذا تبَقّى للنّخيلِ الصّعْبِ
لِلسَّعَفِ المُلَوِّحِ
لارتِعاشاتِ الفحولَة..؟

يا خانِقي بالحُبِّ
بالكَرَمِ الأصيلِ
برغبَةِ الجَسَدِ الذي يحْمي التّشَهّي،
من غَيابِ الشّمْسِ،
أو ضَعْفِ الكُهولَة..؟
حدِّث عن (الجائينَ) من رَحِمٍ تدَلّى فيهِ أشْباهُ الرِّجالِ
وأَيْنَعَتْ في ادّعاءاتٌ خجولة..

أنا نَخْلَةٌ
أدرى بما فَعَلَ الصَّقيعُ
وما تكرّرَ في التّواريخِ التي عَبَرَتْ..
أدْرى بكلِّ نَقيصَةٍ
قدْ أوغَلَتْ واستحْكَمَتْ بيْنَ الخلايا
في تَفاصيلِ الرُّجولة..
قلْ لي إذنْ..
لمَنِ احتِمالُ القهرِ حينَ يَعُضُّني نابٌ،
وتَغْرِسُ سَيْفَها حتى مدارِ الرَّحْمِ في رَحِمي
تباريحُ الفُصولِ، الرُّعبِ،
في العام المُتَوّجِ بانطفاءاتِ البُطولةْ..؟
لمَنِ احْتِباسِ القَطْرِ في نَهْدِ الغيومِ العابِرَة..؟
ومنِ الذي وَهَبَ النّخيلَ على الشواطئِ،
في الصّحارى.. في دروبِ القَهْرِ
في زِنْزانَةِ التّعذيبِ
أوسِمَةً، وأسْواطاً وأودَعَ رَحْمَها طِفْلاً
تشَوَّهَ وانْطَوى
وغدا شريداً في متاهاتِ الرّذيلَة..؟
ومنِ الذي نَبَشَ القُبورَ لِيَسْتَعيدَ بقيّةَ الزّيتونِ
مِنْ جَدَثٍ تَعَمّقَ مرّةً أخرى قُبَيْلَ الغَزْوِ
وانتَثَرَتْ حِجارَتُهُ
ليَبْعُدَ عن تقاليدِ القبيلَة..؟

قُلْ لي إذنْ..
أو لِتَصْمتْ حينَ أَتْلو قصّةَ المِعْراجِ،
في نَفَقِ الصّعودِ المُرِّ
أو أحكي حكايةَ نخْلَةٍ أخرى
تُضاجِعُها فُحولُ الرّيحِ
تَصْفِرُ في نَوافِذِها وتَعْصِفُ بالبَراعمْ
إصمتْ إذنْ..
إصمِتْ، لعلّ الصّمتَ أفصَحُ من صريرِ سلاسِلِ الأسْرى
وأَبْلَغُ من تراتيلِ المدافِعْ..

ها قدْ نطَقْتُ..
وكنْتُ أعرفُ أنني لا بدّ يوماً ناطِقة..
ها قدْ أبَحْتُ..
ولمْ أكنْ أدري بأنّ الرّيحَ يعدوها الكلامُ
حينَ يبوحُ بالسّرّ النخيلْ..

لا لمْ أكنْ أدري بأنّ الوأدَ يَشْمَلُني
وأنّ بقيّةَ الرّمْلِ المُعَفّرِ
سوفَ يُطْلِقُ في نُهودي جَمْرَهُ
ويَبيعُني رُطَباً..
وأشياءً ستلزَمُ، ذاتَ يوْمٍ، للمواقدْ..



#مروان_العلان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص على جسد (القسم الأول)
- نص على جسد (القسم الثاني)
- الحوار الضرورة.. والتمدّن المفتَقَد
- أمّي التي أرختْ ضفائرَها
- المرأة: المتن والهامش
- منظمة التحرير الفلسطينية: من الكفاح المسلح إلى المفاوضات


المزيد.....




- بالأسم ورقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ...
- “استعلم عبر بوابة التعليم الفني” نتيجة الدبلومات الفنية برقم ...
- “صناعي – تجاري – زراعي – فندقي” رابط نتيجة الدبلومات الفنية ...
- إبراهيم البيومي غانم: تجديد الفكر لتشريح أزمة التبعية الثقاف ...
- بوابة التعليم الفني.. موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- البندقية وزفاف الملياردير: جيف بيزوس يتزوج لورين سانشيز في ح ...
- شاهد.. الفنانون الإيرانيون يعزفزن سمفونية النصر في ساحة الحر ...
- طلبة التوجيهي يؤدون امتحان -اللغة الإنجليزية-.. مروحة واسعة ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروان العلان - من يوميات نخلة عربية