أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تجارة الأعضاء البشرية: أين المسؤولية؟!















المزيد.....

تجارة الأعضاء البشرية: أين المسؤولية؟!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2795 - 2009 / 10 / 10 - 14:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد الضجة الكبرى التي أقامتها إسرائيل ولم تقعد حتى الآن بخصوص الصحافي دونالد بوستروم، لاسيما تقريره المنشور في صحيفة «أفتون بلاديت» عن تجارة الأعضاء البشرية واتهامه إسرائيل بذلك، قمتُ بتدقيق المسألة قانونياً عبر بعض المقارنات والدراسات القانونية المقارنة، بقوانين بلدان أخرى، ولعل الهدف أيضاً هو إمكانية اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية لإصدار حكم قضائي بهذه القضية الجنائية أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لإصدار حكم أو رأي استشاري ذي طبيعة مدنية، وطلب التعويض.
اكتشفت وأنا أتابع تدقيقاتي أن إسرائيل هي البلد الوحيد (المحسوب على الغرب) التي لا تحرّم سرقة الأعضاء البشرية، وأن القانون الإسرائيلي لا يحرّم اتخاذ إجراءات قانونية عقابية ضد الأطباء المشاركين في ذلك (أي إزاء الفعل الجنائي)، بل بالعكس فإن كبار أطباء إسرائيل وفي المستشفيات الكبرى، هم من يقومون بزرع الأعضاء البشرية في معظم العمليات غير القانونية.
ورغم ممالأة البلدان الغربية لإسرائيل، فإن رد فعل غربي- أوروبي كان قد نشأ إزاء انتهاكات إسرائيل الصارخة لحقوق الإنسان، لاسيما غير الأخلاقية، المتعلقة بأسلوب التعامل مع الضحايا وسرقة الأعضاء أو الاتجار بها، الأمر الذي دفع فرنسا إلى قطع التعاون الطبي مع إسرائيل منذ التسعينيات. ويقول تقرير دونالد بوستروم إن نصف الكلي الجديدة المزروعة منذ العام 2000 تم شراؤها بصورة غير شرعية وغير قانونية من تركيا ودول شرق أوروبا وأميركا اللاتينية، وأن السلطات الإسرائيلية لم تفعل شيئاً لإيقاف ذلك.
وقد سعى إيهود أولمرت، الذي كان وزيراً للصحة العام 1992 للترويج لحملة التبرع بالأعضاء بتشجيع الإسرائيليين على ذلك، وحسبما جاء في صحيفة جيروزاليم بوست فإن الحملة أسفرت عن نتائج إيجابية، لكن الفجوة ظلّت قائمة بين العرض والطلب، بل إنها في ارتفاع، الأمر الذي دفع بعض الجهات الرسمية وغير الرسمية إلى سرقة الأعضاء البشرية، وهو ما حصل للشاب الفلسطيني بلال أحمد غانم (19 عاماً) حين استشهد خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 13 مايو 1992، حيث أطلقت النار عليه قوة إسرائيلية فأصابته في صدره ومن ثم أصيب برصاصة في قدمه وأخرى في بطنه، وقامت القوات الإسرائيلية بسحبه مسافة 20 مترا تقريباً، قبل أن تحمله سيارة جيب باتجاه مشارف قرية أماتين شمال الضفة الغربية (وهي قريته) لتقوم إحدى المروحيات الإسرائيلية بنقله إلى مكان مجهول، لكن جثته أعيدت بعد مرور 5 أيام، ملفوفة بقماش أخضر يستخدم عادة في المستشفيات، حيث وضعت في كيس أسود.
وفي جنح الظلام طلبت القوات الإسرائيلية من عدد محدود من أقاربه دفنه بعد إطفاء الكهرباء، وكانت المفاجأة عندما اكتشف أقاربه ومعه الصحافي بوستروم، أنه جرى شق جثة بلال غانم من رقبته إلى أسفل بطنه، وقد ساد حينها اعتقاد تكرّس لاحقاً، وهو ما يؤكده بوستروم، أنه تم اعتبار بلال غانم كمتبرع بالأعضاء رغماً عنه، دون علمه وإرادته، لأنه كان قد فارق الحياة، وهو ما أكدته عدد من العائلات الفلسطينية بخصوص أبنائها، وهو ما وثقه الصحافي السويدي بأكثر من 69 حالة في نابلس وجنين وغزة وجميعهم تمت إعادة جثثهم بعد تشريحها.
إن نشر قصة بلال غانم أعادت للأذهان الحاجة إلى الأعضاء البشرية والتجارة غير القانونية التي انتعشت، بمباركة أو غضّ النظر من جانب السلطات الإسرائيلية، ولعل ما يلفت النظر على هذا الصعيد أن أحد الحاخامات واسمه ليفي إسحق روزنباوم كان قد اعتقل في شهر يوليو 2009 في بروكلين في الولايات المتحدة بعد اكتشاف علاقته بتجارة الأعضاء البشرية وتبييض العملة. وكان تبريره أنه وسيط أو «صانع الملاءمة»، وهو ما سجله له أحد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، باستدراجه لشراء بعض الأعضاء البشرية، ولاعتقاده أنه أحد الزبائن.
وأثارت قصة اعتقال الحاخام روزنباوم في ولاية نيوجرسي قضية فساد كبرى، في إطار شبكة عُرفت باسم شبكة سوبرانو. وكشف تقرير بوستروم أن روزنباوم له صلة بعملية بيع الكلى من إسرائيل في السوق السوداء، حيث كان يشتري الجثث من المحتاجين في إسرائيل بسعر عشرة آلاف دولار ويبيعها للمرضى اليائسين في الولايات المتحدة بسعر 160 ألف دولار.
وهذه المستندات الموثقة عن الاتجار بالأعضاء البشرية، لم تأتِ هذه المرة من صحافي مناصر للعرب أو ضد الصهيونية، رغم أن إسرائيل تتهمه بمعاداة السامية، وتعتبر كل من يعادي إجراءاتها العنصرية معادياً للسامية، بل جاءت من الولايات المتحدة حليف إسرائيل الأول، حيث كان قد اعتقل الحاخام روزنباوم وتم اكتشاف واعتراف بوجود هذه التجارة المحرّمة دولياً، والتي تمارسها إسرائيل أو تغضّ الطرف عنها.
وهناك اعتقاد لدى العديد من الأوساط الحقوقية والإعلامية بأنه يتم أخذ الأعضاء من الأشخاص الذي ينفّذ حكم الإعدام بحقهم، ويكاد هذا الاعتقاد لدى الفلسطينيين يصبح راسخاً، الأمر الذي بحاجة إلى فتح تحقيق دولي بذلك.
وعلى الأمم المتحدة، (لاسيما مجلس الأمن الدولي) ومجلس حقوق الإنسان أن يشكّلا لجنة للتحقيق في هذه المسألة، والتوجه لإحالة المتهمين إلى القضاء الدولي، وعلى المحكمة الجنائية الدولية ومدعيها العام أوكامبو أو الدول المنضمة إليها، لاسيما العربية والإسلامية، والأوروبية والغربية عموماً، التي تعلن ليل نهار التزامها بالشِرعة الدولية لحقوق الإنسان، أن تطالب المجتمع الدولي بإحالة المرتكبين إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، كما أن من واجب المدعي العام أوكامبو أن يتوجه بعد هذه الفضيحة الدولية إلى جمع الوثائق والأسانيد والاستماع إلى شهادات والاستناد إلى معلومات وقرائن، بالطلب من إسرائيل تسليم المتهمين إلى القضاء وإلا فإن مسؤوليات قانونية ستترتب عليها، لاسيما إذا ما اتخذ مجلس الأمن قراراً يقضي بامتثالها إلى معايير العدالة الدولية، وإلا ستكون خاضعة للفصل السابع الخاص بالعقوبات، طبقاً للمواد 39-42 من ميثاق الأمم المتحدة.
وعلى إسرائيل إزاء هذه المسألة الإنسانية الانصياع إلى إرادة المجتمع الدولي وتسليم المتهمين إلى القضاء الدولي، وإلا فإن العقوبات من أنعمها إلى أغلظها ستكون بانتظارها، ولكن مثل هذا الأمر لا يتم أوتوماتيكياً بالطبع، بل يحتاج إلى جهود مضنية وخبرات كبيرة وقرار سياسي أولاً وقبل كل شيء، بحيث توّظف كل الطاقات بالاتجاه الصحيح، ناهيكم عن ضرورة توفّر إرادة دولية، لوضع حد لهذه الظاهرة المشينة، اللاإنسانية، واللاأخلاقية، في عالمنا المعاصر. ولا بدّ هنا من تعبئة المجتمع المدني الدولي ليقوم بدوره إزاء ملاحقة المرتكبين.
إن ما كتبه الصحافي دونالد بوستروم، يكفي لكي يكون سبباً في اتهام إسرائيل، وفي الوقت نفسه مبرراً للأمم المتحدة ومجلس الأمن تحديداً وللمحكمة الجنائية الدولية للقيام بواجباتها بتحقيق عاجل إزاء الاتهامات الخطيرة والجسيمة التي وجهها.
وننقل هنا ما قاله الصحافي السويدي الذي رفضت الحكومة السويدية الاعتذار إلى إسرائيل بسبب ما نشره رغم ضغوطها، متمسكةً باعتبار ذلك يدخل في نطاق حرية التعبير، المكفولة في الدستور السويدي، وبخاصة في المواثيق الدولية والأوروبية التي وقعت عليها السويد لاحترام حقوق الإنسان. يقول بوستروم: «كنت عام 1992 في المنطقة أعمل على تأليف كتاب، وتلقيت اتصالات من موظفين في الأمم المتحدة عدة مرات، يعربون فيها عن قلقهم من أن سرقة الأعضاء تحصل فعلاً، ولكنهم غير قادرين على فعل شيء».
إن لهذا الكلام أكثر من مغزى وأستطيع أن أقدّر لماذا ثارت ضجة إسرائيل التي لا تكترث بالقانون الدولي وتستخف باللوائح الدولية لحقوق الإنسان، إزاء تقرير الصحافي السويدي، الذي سبق له أن نشر كتاباً قبل بضع سنوات، تضمن معلومات عن سرقة الأعضاء البشرية، لكنها اليوم أكثر ضيقاً وتبرّماً، لاسيما بعد ما حصل من ارتكابات في حربها المفتوحة ضد لبنان العام 2006، وحربها المفتوحة أيضاً على غزة (أواخر 2008 – أوائل 2009) بعد حصارها المستمر منذ أكثر من سنتين والتحوّل النسبي الذي ظهر لدى الرأي العام العالمي باتهام إسرائيل بتهديد السلم العالمي، وهو ما حصل لدى استبيان للرأي العام في بروكسل قبل سنوات حين اعتبر %59 منه أن سبب التوتر في المنطقة يعود إلى إسرائيل.
ولأن الأمر يتعلق بمستقبلها وبشرعية وجودها ككيان عنصري فقد شمّرت إسرائيل عن ساعدها، وستستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للنيل من الصحافي السويدي، ولعل هذا هو سبب إصرارها على إعدام قرار الأمم المتحدة 3379 الصادر في العام 1975 وهجومها الشرس ضد قرارات مؤتمر ديربن العام 2001، لأنها تدمغ الصهيونية وممارسات إسرائيل بالعنصرية والتمييز العنصري!!
إن تجارة الأعضاء البشرية بقدر ما فيها من هدر لحقوق الإنسان، فإنها عندما تستخدم ضد شعب محتل بهدف إفنائه أو تعريضه لتجارب طبية أو التلاعب بحرمة الجسد، أمرٌ يحرمه القانون الدولي ولا شك أنه إجراء عنصري بامتياز.





#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السجون السرية وجدار الصمت
- استراتيجية أوباما والإرث الثقيل
- أول اختبار لأوباما في الأمم المتحدة
- صورة الأمم المتحدة
- - سعد صالح: الضوء والظل- في الوسطية والفرصة الضائعة-.
- كل عام وأنتم بخير
- العرب وثقافة ما قبل الدولة
- النفط وألغام الصراع في العراق
- تذبذب أوباما إزاء العدالة الدولية
- جرائم تحتاج إلى تحقيق
- معسكر أشرف: مقاربة غير سياسية
- الجواهري هو الحلقة الذهبية الأخيرة في الشعر الكلاسيكي
- ما الذي يجري في إيران؟
- مأزق الإصلاح
- موسيقى الدانوب الأزرق
- المجتمع المدني: محاولة جديدة للفهم!
- جدل الهوية: بعيداً عن التبشير!
- انشغالات -المواطنة-
- عند تخوم ولاية الفقيه ؟
- هذه النجف التي توشوشني!


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تجارة الأعضاء البشرية: أين المسؤولية؟!