أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - المجتمع المدني: محاولة جديدة للفهم!















المزيد.....

المجتمع المدني: محاولة جديدة للفهم!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2748 - 2009 / 8 / 24 - 07:08
المحور: المجتمع المدني
    


تحاول الحكومات، خصوصاً في العالم الثالث ومنها بلداننا العربية، التذرّع بالمعايير الوطنية وإعلاء شأنها على حساب المعايير الدولية، بتأكيد أسبقية وأولوية القانون الداخلي على القانون الدولي، وذلك في محاولة للتحلل أحياناً من الالتزامات الدولية التي تمليها مواثيق حقوق الانسان من جهة وقواعد القانون الدولي من جهة أخرى.
هذه محاولة لفهم موقع المجتمع المدني في ضوء القانونين الوطني والداخلي من جهة، إذ غالباً ما تثار مسألة العلاقة بين القانون الوطني (الداخلي أو المحلي) والقانون الدولي من جهة أخرى، ويكون الأمر كذلك وعلى وجه الخصوص عندما يتعلق الموضوع بقضايا حقوق الإنسان، فالحكومات تشـدد على «أحقيّتها» في تشريع قوانينها الداخلية متعكّزة على قواعد قانونية دولية كاحترام مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وغيرها من قواعد القانون الدولي، التي يقرّها ميثاق الأمم المتحدة ووثائقها الأساسية، حيث تعتبر هذه المبادئ قواعد آمرة، أي ملزمة في القانون الدولي Jus Cogens. في حين أن مؤسسات المجتمع المدني تشدد هي أيضا على ضرورة مراعاة الحكومات والتزاماتها الدولية وبشكل خاص احترام الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والحريات والحقوق الأساسية، وعدم التجاوز عليها بحجة الخصوصية الثقافية والدينية وغيرها.
ولعل الجزء المثير للجدل في هذا الميدان هو «قانون المعاهدات» الصادر وفقاً لاتفاقية فيينا لعام 1969، حيث يتجاوز هذا القانون، في الكثير من الأحيان، نطاق القانون الوطني، ليحدّد معايير دولية تتطلب احترامها ومراعاتها في ما يتعلق بالتشريعات الوطنية.
وتثور مسألة التوافق أو تكييف القوانين الوطنية وفقاً للمعايير والقواعد الدولية، على نحو واسع في قضايا حقوق الإنسان وبشكل خاص عند الحديث عن الحريات والحقوق الأساسية، ومنها حق التعبير وحق الاعتقاد والحق في التنظيم الحزبي والنقابي والمهني والحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة ، وكذلك في موضوع فصل السلطات وتغوّل السلطة التنفيذية على تبعية السلطات والانتقاص من استقلال القضاء .
أما في ميدان التشريع الوطني، وبشكل خاص في نطاق حق تكوين الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني بما فيها منظمات حقوق الإنسان، فإن الحكومات تحاول خصوصا في العالم الثالث ومنها بلداننا العربية، التذرّع بالمعايير «الوطنية» وإعلاء شأنها على حساب المعايير الدولية، بتأكيد أسبقية وأولوية القانون الداخلي على القانون الدولي ، وذلك في محاولة للتحلل أحياناً من الالتزامات الدولية بهذا الخصوص ، تلك التي تمليها مواثيق حقوق الانسان من جهة وقواعد القانون الدولي من جهة أخرى.
هناك اتجاهات ومدارس فقهية وقانونية متعارضة بخصوص العلاقة بين القانونين الداخلي والدولي:
الاتجاه الأول- الداخلي: أسبقية القانون الوطني على القانون الدولي، وهو الذي يذهب الى القول إن القانون الوطني (الداخلي) يتقدم على القانون الدولي، وبالتالي يمكن الأخذ من القانون الدولي ما يتناسب مع القوانين الوطنية وتكييفه ليصبح منسجماً مع الدستور الوطني.
الاتجاه الثاني- الدولي: أسبقية القانون الدولي على القانون الداخلي (الوطني)، وهذا الاتجاه يعاكس الاتجاه الأول، وهو الذي يحدد أسبقية وأولوية قواعد القانون الدولي، على القوانين الداخلية في كل من الأحكام الدولية والوطنية. وهذا الاتجاه يدعو لتكييف القوانين الوطنية لتصبح منسجمة مع القانون الدولي.
ويضع الفقيه البريطاني كلسن القانون الدولي في المنزلة الأولى، وبالتالي فإنه لايضع حدوداً من السلطة الوطنية على القانون الدولي ، ذلك أن صلاحيات الدول مستمدّة من فكرة القانون، وهذا الأخير هو الذي يمنحها ولاية ممارسة هذه الصلاحيات، الأمر الذي يجعل القانون الدولي والوطني متلازمين في اطار نظام واحد هو « القانون».
الاتجاه الثالث - وهو ما يمكن أن نطلق عليه « المدرسة الثنوية « وهو ما ذهب اليه الفيلسوف الألماني هيغل، فالقانون الدولي والقانون الداخلي (الوطني) مجالان مختلفان للاجراءات القانونية، ولا ينبغي أن يكون هناك تنازع بينهما، فهما مختلفان بسبب الاختلاف في:
1- مصادرهما: في القانون الداخلي يشكّل العرف، الذي نشأ داخل حدود الدولة والقوانين التي سنّتها سلطة إصدار القانون (التشريع الداخلي) المصدر الأساسي، أما في القانون الدولي فإن العرف بين الدول، إضافة إلى المعاهدات (التشريع الدولي)، الأساس في مصادر القانون الدولي.
2- علاقة تنظيمهما: القانون الداخلي ينظم العلاقة بين الأفراد في ذات الدولة والعلاقة بين الدولة والفرد، أما في القانون الدولي فإن المجال الأساسي هو تنظيم العلاقات بين الدول، إضافة إلى المنظمات الدولية وبشكل محدود الأفراد.
3- جوهر القانون: القانون الداخلي هو قانون الدولة ذات السيادة على الأفراد الخاضعين لها، أما القانون الدولي فتشكّل فكرة وقاعدة العلاقة بين الدول ذات السيادة على أساس التوافق والتعايش، جوهر حيثياته وليس الخضوع أو التبعية.
الاتجاه الرابع- التوفيقي: فالمدرسة التوفيقية ترفض الاتجاه الواحدي (الداخلي) أو الواحدي (المعاكس) أي «الدولي» ولاتتفق مع الاتجاه « الثنوي» ، وتفترض هذه المدرسة عدم وجود تنازع بين القوانين الداخلية والدولية، إذ إن نقطة البدء هي الإنسان وعلاقته بالدولة والقانون، ويقع الفرد في نطاقهما، ويذهب أصحاب هذا الاتجاه للقول: إن القانون الدولي والداخلي (الوطني): هما مجموعتان منسجمتان من المبادئ، وكل منهما مستقل عن الآخر، لأنه موجّه الى مجال محدد للسلوك الإنساني ومنفرد إلى حد ما، لكنهما متفقتان في أن القواعد العامة في مجملها تهدف الى تحقيق رفاهية أساسية للإنسان.
واستناداً إلى هذه الاتجاهات، فإن بعض الدول تضع الاعتبار الداخلي أولاً وقبل كل شيء، والأخرى تضع القانون الدولي في المقدمة، أما الاتجاه الثالث فإنه يفترض «ثنوية» وعدم تنازع لاختلاف المصادر والعلاقات التي ينظّمها، وجوهر ومحتوى القاعدة القانونية، أما البعض الآخر فيحاول ايجاد نقطة توافق بين القانونين بافتراض عدم وجود تناقض، واذا كانت اتفاقية فيينا حول قانون المعاهدات لعام 1969، قد دعت لايجاد توافق وانسجام وتكييف للقوانين الوطنية مع المعايير والالتزامات الدولية، فإن العديد من دولنا العربية، قد غضّت الطرف عن هذه القضية الملزمة، التي ترتبها اتفاقية فيينا رغم توقيعها عليها، خصوصاً المواءمة بين التشريع الوطني والتشريع الدولي بما فيها قانون المعاهدات.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدل الهوية: بعيداً عن التبشير!
- انشغالات -المواطنة-
- عند تخوم ولاية الفقيه ؟
- هذه النجف التي توشوشني!
- خصوصية المجتمع المدني العربي
- هل تخالف -الشرعية الدولية- القانون الدولي؟
- تخوم ولاية الفقيه!
- إرهاصات الدولة والمجتمع المدني في العراق
- الجدار الديموغرافي.. الأبارتيد الجديد
- بين الإسلامفوبيا والإسلاملوجيا
- لائحة اتهام وحلم العدالة الممكن والمستحيل!
- دارفور.. العدالة الممكنة.. العدالة المستحيلة
- الغرب والصورة النمطية للإسلام
- في فلسفة الدولة والمجتمع المدني
- في شجون القضاء الوطني والدولي
- الجدار الديمغرافي
- الحكمة يمنية والوحدة يمنية
- وحدانية الدولة وتعددية المجتمع!
- جدار برلين!
- مفارقة السيادة والتدخل الإنساني!


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - المجتمع المدني: محاولة جديدة للفهم!