أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - انشغالات -المواطنة-














المزيد.....

انشغالات -المواطنة-


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2745 - 2009 / 8 / 21 - 09:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تبلغ فكرة المواطنة في الوطن العربي المكانة التي تستحقها لا على الصعيد النظري- الفكري، القانوني والتشريعي، ولا على الصعيد العملي- الممارساتي، لاسيما وقد أصبحت الفكرة “حقاً غير قابل للمساومة” في الدول المتقدمة، واتسعت قاعدتها باحترام حقوق الانسان التي أصبح لها مكانة علوية، الأمر الذي نجم عنه بناء مواطن من خلال حركة مواطنة فاعلة، استناداً الى فقه المشاركة ومبادئ الحرية والمساواة والعدالة.

هكذا تهيأت الفرص الضرورية لتحقيق مواطنة حيوية فاعلة بتحوّل “فكرة الرعيّة” أو التابعية التي كانت سائدة الى “فكرة المواطنة” لحقوق وواجبات مثلما هي في الدولة العصرية، ولعل ذلك كان وراء تحوّل “الأفراد” التابعين والمأمورين والمطيعين لأُولي الأمر أو لولي الفقيه، الى مواطنين متساوين أمام القانون الذي يخضع له الحاكم والمحكوم، ولهم حقوق مثلما عليهم واجبات، مكفولة في الدستور ويحميهم قانون من خلال مؤسسات، ناهيكم عن قضاء يلجأون اليه لانصافهم وإحقاق العدالة، وقد يكون هذا الاستحقاق أكثر إلحاحاً في البلدان النامية والعالم العربي- الاسلامي جزءًا منها، إذا ما أرادت السير في طريق التنمية والتقدم.

هكذا أخذت تتبلور تدريجياً حقوق للمواطنين في إطار شعب أو “أمة” متكافلة بالمعروف وليس بالاكراه ومن خلال اختيار المحكومين من يمثلهم على نحو دوري ومن حقهم استبدالهم فيما إذا أخلّوا بشروط التعاقد. ولم تعد “للرعية” والمحكومين حقوقاً “يتيمة” ممنوحة من طرف الحاكم على شكل هبة أو منّة أو مكرمة بل مواطنة بعلاقة تعاقدية بين الفرد والدولة، تقوم على أساس الحق في المشاركة في إطار العقد الاجتماعي، وهي حقوق أصيلة غير قابلة للتنازل.

وإذا كانت فكرة الدولة حديثة عربياً، ففكرة المواطنة لا تزال جنينية، بل هي أقرب الى الارهاص منها الى الحضور، وقد طرحت تقارير التنمية الإنسانية العربية طيلة العقد الماضي بما فيها تقرير التنمية للعام 2009 الذي صدر بعنوان “تحديات أمن الانسان في البلدان العربية” عن برنامج الامم المتحدة الانمائي، أسئلة في غاية الأهمية تتعلق بضعف المواطنة، خصوصاً شحة فرص المعرفة والحريات وتهميش دور المرأة وانتهاك حقوق الأقليات، الأمر الذي ينتقص انتقاصاً شديداً من مفهوم المواطنة بمعناها الحديث في الدولة العصرية.

نحن إذاً أمام انشغالات لفكرة المواطنة على صعيد البحث والواقع النظري والعملي بما يتعلق بأساسات الدولة والهوية ومسألة العلاقة بين المكوّنات المختلفة، وخصوصاً علاقة الفرد بالدولة، والحق في الحصول والتمتع بالحقوق كافة وبصورة عادلة ومتساوية للجميع، أفراداً وجماعات.

ولا يزال العالم العربي يعاني من شحة وضعف في ثقافة المواطنة وفي الوعي بأهميتها، لاسيما بسيادة آيديولوجيات وفلسفات شمولية، خصوصاً في مرحلة ما بعد الاستقلالات، ومنذ أواسط الخمسينات وما بعدها، حين استُبدِلَت الشرعية الدستورية بالشرعية الثورية، واستعيض بالعنف الثوري عن مبدأ سيادة القانون بمزاعم مختلفة، تارة باسم الطبقات الكادحة، وأخرى بحجة الصراع العربي “الاسرائيلي”، وثالثة باسم الدين، وفي جميع الأحوال أعطت القوى التي تصدّرت السلطة السياسية، أو كانت من معارضتها، الحق لنفسها بالتجاوز على القانون وفرض ارادتها بادعاء انها تمثّل الجمهور وتعبّر عن تطلعاته وتنطق باسم الشعب أو الأمة، مبررةً لنفسها دور القاضي والمشرّع ورجل الشرطة في الآن ذاته، مُنزِلةً “عقاباً” بخصومها، بتبرير أنهم أعداء الشعب أو أعداء الحرية أو أعداء الثورة أو غير ذلك من الحجج.

وإذا كانت بعض البلدان العربية في مرحلة ما قبل الاستقلالات وما قبل المرحلة الثورية قد بدأت فيها ملامح أولى وإن كانت مبسترة وناقصة لمواطنة دستورية، مثلما هي مصر وسوريا والعراق وغيرها، إلاّ أنها انتكست وتراجعت في الكثير من الأحيان لأسباب تتعلق ببعض الكوابح والعقبات الداخلية والخارجية.

وإذا ما تركنا جانباً العوامل الموضوعية التي تسببت في تراجع فكرة المواطنة والتنمية والديمقراطية، مثل الصراع العربي “الاسرائيلي” والحروب التي شنّتها “اسرائيل” ضد البلدان العربية، ناهيكم عن نزاعات حدودية ومحاولات دولية لفرض الهيمنة والاستتباع وتحويل العالم العربي الى سوق للحصول على المواد الأولية واستهلاك البضائع والسلع التي تنتجها البلدان المنفذة ووضع اليد على النفط، فإن الكوابح الداخلية لا تقل عن العقبات الخارجية ان لم تزد عليها، ولولا ضغف العالم العربي لما تمكّنت القوى الخارجية من فرض الهيمنة عليه، فكيف لمجتمعات تُعاني من استبداد وتمييز وعدم مساواة وتغييب للحريات ونقص في العدالة وتشظّي الاوطان بالصراعات الدينية والطائفية والقبلية من أن تواجه استحقاقاً مثل استحقاق المواطنةّ!

لعل جانباً قيّمياً يتعلق بنشر وتعزيز فكرة المواطنة من خلال تعميم الوعي بالاحساس المشترك بأن الجميع متساوون في وطن واحد ويشتركون في صنع مستقبلهم، ويختلفون في تكوينهم وخصوصياتهم وفاعلياتهم، أي يتنوعون في أولوياتهم مع جامع واحد أساس بينهم وهو شراكتهم في الوطن وحقهم في الاختلاف، بهذا المعنى لم يعد بإمكان أحد ادعاء احتكار الله وتكفير الآخرين أو احتكار العقل وتسفيه الآخرين أو احتكار التاريخ وتجهيل الآخرين، مثلما لا يحق لأحد احتكار الثروة والسلاح والاعلام، لاسيما إذا ترسخت فكرة مواطنة متساوية.

إن آلية الحوار تنضج في ظروف سلمية وتطور تدريجي وتراكم ضروري، يشكّل أساساً على فهم أكثر قدرة لمقتضيات الواقع والتحديات التي تواجه الهويات المؤتلفة المتعددة في إطار جامع فضلاً عن المعرفة بالخصائص والتمايزات بين أطرافه ولعل ذلك يمكن أن يكون أساساً في بناء مواطنة متعددة، متساوية من خلال جوانب اجرائية وقانونية، أساسها التعايش والشفافية والتعددية والتنافس المشروع وصولاً “للمجمعن” من خلال “المفردن” حسب أدونيس، أي أن الجماعة البشرية يمكنها أن تصل الى ذلك من خلال الكيانات الفردية الحرة المؤتلفة في إطار الاختلاف، والمختلفة في إطار الائتلاف.

باحث ومفكر عربي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عند تخوم ولاية الفقيه ؟
- هذه النجف التي توشوشني!
- خصوصية المجتمع المدني العربي
- هل تخالف -الشرعية الدولية- القانون الدولي؟
- تخوم ولاية الفقيه!
- إرهاصات الدولة والمجتمع المدني في العراق
- الجدار الديموغرافي.. الأبارتيد الجديد
- بين الإسلامفوبيا والإسلاملوجيا
- لائحة اتهام وحلم العدالة الممكن والمستحيل!
- دارفور.. العدالة الممكنة.. العدالة المستحيلة
- الغرب والصورة النمطية للإسلام
- في فلسفة الدولة والمجتمع المدني
- في شجون القضاء الوطني والدولي
- الجدار الديمغرافي
- الحكمة يمنية والوحدة يمنية
- وحدانية الدولة وتعددية المجتمع!
- جدار برلين!
- مفارقة السيادة والتدخل الإنساني!
- نفط العراق.. وجوهر الخلاف
- النفط والاقتصاد الريعي


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - انشغالات -المواطنة-