أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد الحسين شعبان - النفط والاقتصاد الريعي















المزيد.....

النفط والاقتصاد الريعي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2705 - 2009 / 7 / 12 - 09:05
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لعل إدراك عامل الزمن للاستفادة القصوى من أسعار النفط مسألة لا تتعلق بتوفير الموارد المالية حالياً، بل إن لها بُعداً مستقبلياً اقتصادياً واجتماعياً، يتعلق بإعادة إعمار الاقتصاد المخرَّب وتطوير الصناعة التحويلية المحلية، التي يدخل النفط فيها عنصراً مهماً مثل الصناعات الكيمياوية وغيرها، ومثل هذا الأمر يتطلب وضع خطة لتصنيع النفط لا تصديره فحسب، وهو ما كان مصدر نقاش مطولاً على الصعيد العربي والإقليمي منذ عقود من الزمان. وإذا كان هذا الأمر مطروحاً للجدال والسجال في العراق حالياً، فلأنه يتعلق بعقود تراخيص قررت وزارة النفط العراقية عرضها للشركات العالمية في مناقصة قيل إنها بشروط نموذجية.
وقد انضم أخيراً رئيس الوزراء العراقي للدكتور حسين الشهرستاني بتأييد جولة التراخيص النفطية لتطوير حقول النفط التي تنافست عليها أكثر من 120 شركة، واستقر الأمر على 35 منها وفازت بالمناقصة شركتان الأولى بريطانية BP والأخرى صينية CNPC .
وكان المالكي قد اعتبر في مؤتمر دولي عقد في بغداد خاص بجولة التراخيص، أن عقود الخدمة ستسهم في زيادة الإنتاج خلال السنوات الخمس القادمة إلى حدود 6 ملايين برميل يومياً (علماً بأن إنتاج النفط حالياً 2.5 مليون برميل) وأنها ستفتح باب الاستثمار العالمي في المجالات المختلفة.
وإذا كانت مشكلات مثل استشراء الطائفية، وتفشي الميليشيات، واستفحال ظاهرة الإرهاب وشيوع العنف في المجتمع، في ظل التقاسمات الوظيفية المذهبية والطائفية، قد وقفت حائلاً أمام تطوير الصناعة النفطية ما بعد الاحتلال، فالمفروض الآن وبعد مرور 6 سنوات ونيّف أن يحظى القطاع النفطي بما يستحقه من أولوية وأن تسخّر الجهود لحمايته واستخدام العقول ذات الخبرة للاستفادة منها في مجالات اختصاصاتها، وفي ضوء ما اختزنته من تجارب.
لقد خصصت الحكومات الماضية للقطاع النفطي ما بعد الاحتلال ثمانية مليارات دولار خلال السنوات المنصرمة، في حين أنه كان في حاجة إلى 50 مليار دولار، وحتى المليارات الثمانية، فهناك من يقول إن وزارة النفط لم تستطع استثمارها بحكم نقص الخبرة المحلية، وهو الأمر المبرر الآخر في لجوء الوزارة الى شركات النفط العالمية، ليس فقط لتقديم خدمات فنية تأهيلية، وإنما لجلب استثمارات مالية لزيادة الإنتاج، لكن هذا الأمر يثير إشكالات ومشكلات أخرى، في ما يتعلق بإدامة أمد سيطرة هذه الشركات على الإنتاج وتحكّمها بالتصدير أيضاً، بمعنى إخضاع النفط إنتاجاً وتصديراً لهيمنة الشركات الاحتكارية العملاقة، بما لديها من خبرات ومفاوضين وأساليب ماكرة!
ولعلّ هذا أمر يعرّض المصلحة الوطنية العراقية على الأجلين المنظور والبعيد إلى مخاطر شتى، في حين كان يفترض وضع تصور لشركة النفط الوطنية ولنفط العراق كلّه بما فيه التصرف بالإنتاج من النفط الخام والغاز، مثلما فعلت الصين وغيرها من الدول التي خرجت من قيود الاقتصادات الريعية.
ولهذا السبب لم تلق مسودة قانون النفط والغاز منذ طرحها قبل عامين التأييد لا من خبراء النفط الفنيين أو القانونيين أو الاقتصاديين، ناهيكم عن القيادات العمالية النقابية لقطاع النفط، فضلاً عن تعثر تمريرها في البرلمان أيضاَ، لأنها كانت تشترع لتعاقدات تقوم على نظام المشاركة في الإنتاج، وهو نظام يلحق الضرر بمصلحة العراق وسيادته على ثرواته النفطية والغازية، وسيكون بمقدور الشركات الهيمنة على الاحتياطيات النفطية عدة عقود من السنين، وستتبع متطلبات مصالحها لتصدير النفط الخام، لا تصنيعه مما سيُبقي الاقتصاد العراقي ريعياً، فتضيع الفرصة في الإفلات من أسعار خاماته أو تتعرض هذه السلعة الناضبة للانتهاء، وعندئذٍ ستضيع فرصة النهوض بالاقتصاد العراقي لتحقيق التنمية الإنسانية المستدامة، وستخسر الأجيال القادمة حقها في الاستفادة من الثروة النفطية على نحو عقلاني، إذ سيتبدد من بين يديها، الذهب الأسود دون أي فائدة تعود عليها، وهو الأمر الذي عاناه العراق سابقاً، ولكن على نحو مختلف، حين بددت الحكومات المتعاقبة لاسيما في الثمانينيات واردات النفط على مغامرات وحروب لم يكن لها مبرر على الإطلاق، فعطّلت الأوضاع الاستثنائية التنميةَ، وأدت إلى عسكرة المجتمع وأفقدته حيويته وديناميته وتطوره التدريجي- التراكمي، وهكذا ضاعت أموال النفط، في حين أن نهضة عمرانية وتعليمية وصحية بدأها العراق في أواسط السبعينيات، كان يمكن أن تثمر وأن تقود العراق إلى موقع متقدم لو تحققت له تنمية مستدامة وعقلانية سياسية وابتعاد عن المغامرات والحروب. وقد تسببت الحروب في تدمير المنشآت النفطية أو تعطيلها وتخريب الأنابيب، وزاد الأمر بلّة الحصار الاقتصادي الجائر الذي فرض على العراق نحو 13 عاماً، ولعل هذه الأسباب جميعها جعلت الصناعة النفطية في العراق متدنية واستمرار اقتصاده ريعياً. إن التوقيع مع شركات عملاقة على تعاقدات ومنحها تراخيص خدمة يكون مفعولها لآجال طويلة الأمد سيؤدي إلى وقوع العراق في فخاخ لا مخرج منها، إلا بتفريغه من النفط ومنعه من ولوج طريق تصنيعه، ووضع العقبات أمامه للوصول إلى التنمية المستدامة المنشودة.
أما الحديث عن عقد نموذجي لتراخيص الشركات المتنافسة طبقاً لمناقصات، حتى وإن جرت بشفافية، فيصعب قبوله لأن المسألة لا تتعلق بالآليات، بقدر ارتباطها بالمضمون والجوهر، الذي سيعني ارتهاناً للنفط العراقي لدى الشركات والاحتكارات العالمية، كما أن هذه العقود الفنية، وهي مسألة خطيرة بكل معنى الكلمة، تتطلب دراسة ومناقشة الشروط والالتزامات والعوائد والتكاليف الاقتصادية والمجتمعية في الراهن والمستقبل، فالقضية لا تتعلق بتقديم خدمات لزيادة الإنتاج واستثمارات في هذا الميدان فحسب، بقدر ارتباطها بانعكاساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ككل.
وقد عمل بول بريمر الحاكم المدني الأميركي للعراق 2003-2004 بعد الاحتلال مع فريق من الذين تم التعاقد معهم مديرين فنيين من العراقيين، والأميركيين، لكي تكون مهمتهم الترويج لعقود مشاركة الإنتاج، كما جرت محاولات للتفاوض مع الشركات خارج الإطار القانوني وعدم عرض ذلك على الرأي العام، لكن جولة التراخيص التي أعلنها وزير النفط الدكتور حسين الشهرستاني، مدعوماً من رئيس الوزراء في إطار خارج إجراءات المعيارية المعمول بها في القطاع النفطي والصناعة العالمية، لاسيما أن العلاقة بين طرف قوي وهو الشركات ودورها، وبلد منهك وضعيف يعاني آثار الاحتلال والانقسام المجتمعي.
لم تكن الشركات تحلم بتعويض معادل لعملية التأميم في عام 1972 حتى عام 2003 مثل حصولها على عقود تراخيص مجزية، ولعلها مفارقة حين تكون عقود التراخيص تشمل مدة مقاربة لمدة التأميم.
إن السياسة النفطية هي جوهر السياسة الاقتصادية، وهي جوهر سيادة العراق على موارده، ومثل هذه التراخيص أثارت القلق على مستقبل العراق وتنميته، وهو الأمر الذي أشارت إليه مذكرة لـ23 خبيراً نفطياً واقتصادياً، إضافة إلى بيان لاتحاد نقابات النفط.
* باحث ومفكر عربي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الابرتهايد..
- يوم السيادة -العراقي- وشيء من المصارحة
- هل هي هموم «شيوعية» أم وطنية؟!
- استعصاء الديمقراطية؟
- خصوصية الحالة الإيرانية!
- هل القدس عاصمة للثقافة العربية؟
- سوسيولوجية المدينة وسايكولوجية الجماهير!!
- هل عادت أطياف ماركس أم أن نجمه قد أفل؟
- المجتمع المدني العراقي: هواجس ومطارحات!
- استراتيجيات المجتمع المدني
- الانسحاب الأمريكي الشامل من العراق أمر مشكوك فيه
- التنمية والمجتمع المدني العربي ..
- الديمقراطية التوافقية والديمقراطية «التواقفية»!!
- الجواهري نهر العراق الثالث!
- عن الاستفتاء والإصلاح في العراق
- التنمية والمجتمع المدني: الشراكة والتجربة العالمية!
- المجتمع المدني والعقد الاجتماعي
- المجتمع المدني العراقي.. من أين نبدأ؟
- المجتمع المدني بين الفهمين الماركسي والليبرالي
- هل هناك من مستقبل للقضية الفلسطينية؟


المزيد.....




- البنك المركزي الأوروبي يشجب فكرة واشنطن تسليم الأصول الروسية ...
- صعود أسعار النفط بعد قرار أمريكي حول فنزويلا
- صحيفة: حجم النقل البحري من تركيا إلى إسرائيل ينخفض بنحو الثل ...
- مصر.. مزاعم استيلاء جمال مبارك على 57 طنا من الذهب تعود للوا ...
- الإمارات وكوستاريكا توقعان اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة
- البنك الدولي يعلن شراكة لتوفير الكهرباء للملايين في أفريقيا ...
- النفط يرتفع بعد إعادة فرض عقوبات أميركية على نفط فنزويلا
- الدولار يلتقط الأنفاس مع تركيز المستثمرين على توقعات الفائدة ...
- ارتفاع جديد في صرف الدولار | كم سعر الدولار مقابل الجنيه في ...
- بورصة الدواجن اليوم الوطنية | كم سعر الفراخ البيضاء والبيض ا ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد الحسين شعبان - النفط والاقتصاد الريعي