أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - الجدار الديمغرافي














المزيد.....

الجدار الديمغرافي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2743 - 2009 / 8 / 19 - 08:34
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


هل سندخل مرحلة الجدار الديمغرافي بعد مرحلة الجدار الكونكريتي (جدار الفصل العنصري) الذي بنته “إسرائيل” لتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية المحتلة؟ وهل أن تسمية القدس عاصمة للثقافة العربية العام 2009 جاءت عملاً روتينياً باعتبارها إحدى المدن العربية المقدسة وعاصمة دولة فلسطين منذ أن أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمرها بالجزائر العام 1988 قرار استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس؟ أم أنها تحمل هذه الصفة الاستثنائية الرمزية، والإشكال القانوني الراهن، خصوصاً أن “إسرائيل” كانت قد اتخذت قراراً من الكنيست العام 1980 بضمّها وأكدت اعتبارها عاصمة أبدية موحدة لها، وهو ما جرت الإشارة اليه عند الحديث عن خيار الدولتين، وما كان قد خطط له نتنياهو عندما كان رئيساً لبلدية القدس، حين تم التخطيط لتفريغها من سكانها العرب واعتبارها مدينة يهودية خالصة بحلول العام 2020.

إن الاستثنائية التاريخية والرمزية للقدس تجعل “إسرائيل” تتشبث بجميع الوسائل والإمكانات لقضمها عبر بناء جدار ديمغرافي بعد إجلاء سكانها العرب، ولذلك فإن قرار اختيارها عاصمة للثقافة العربية، رغم شحة إمكانات تطبيقه يستهدف على الأقل وضع حماية القدس على جدول العمل، حيث أقدمت “إسرائيل” على طائفة من الإجراءات لمنع الاحتفال بالقدس، حتى من جانب سكان فلسطين والأراضي المحتلة، الأمر الذي يعتبر مؤشراً على دخول موضوع يهودية الدولة موضع التطبيق، بدءاً بمخططات هدم المنازل في الأحياء العربية وتهجير سكانها ضمن خطوات تهدف الى تحويلها الى مدينة يهودية خالصة، لاسيما بعد تغيير تركيبها الديمغرافي لمصلحة أغلبية يهودية وقضم سكان المدينة تدريجياً، بشقيها الاسلامي والمسيحي وهو جدار ديمغرافي آخر مواز للجدار الكونكريتي الذي بنته “إسرائيل”.

لقد أخرج الكثير من المشاريع من خزانة الحفظ وتم وضعها على طاولات التنفيذ، من حيث الإنذارات بهدم الأحياء والترخيص بتسجيل الأملاك والعقارات التي استولى عليها المستوطنون في البلدة القديمة من أجل تثبيت ملكيتها لجهات يهودية واستيطانية. كما أقدمت السلطات “الإسرائيلية” قبل عامين على هدم بناية المجلس الإسلامي الأعلى بالجرافات، وهو المبنى المعماري الذي تم بناؤه في العام ،1929 وهو إحدى روائع الفن المعماري والحضاري الإسلامي في القدس، رغم أن الأمم المتحدة لا تزال حتى الآن لا تعترف بشرعية ضم القدس، وكانت في العام 1980 قد اعتبرت إجراءات الضم باطلة ولاغية، خصوصاً أن القدس الشرقية تم احتلالها العام 1967 من جانب “إسرائيل”، وهي تقع ضمن قرار التقسيم الرقم 181 العام ،1947 ولذلك فإنها تقع في حدود الإقليم العربي، في حين أقدمت “إسرائيل” كجزء من محاولات الحصول على المكاسب السياسية جرّاء العدوان والحرب على ضمّها بما يخالف القانون الدولي.

إن القيمة الاستثنائية لمدينة القدس، لاسيما القديمة منها، يتطلب من المجتمع الدولي، وبخاصة منظمة اليونسكو العمل على حمايتها ووضعها على لائحة المدن التراثية العالمية والحفاظ عليها، سواءً الأماكن الدينية أو الأثرية، ولهذا فإن حملة التهويد لجعل القدس أحادية التكوين تعتبر باطلة ولا شرعية، لأن القدس رغم كل شيء ظلّت مدينة تعددية ثقافياً ودينياً وعرقياً، وأن أي اقصاء أو تهميش للوجود الفلسطيني وبخاصة الإسلامي والمسيحي، إنما سيؤدي الى القضاء على طابع المدينة، ويبني بالتالي جداراً ديمغرافياً، هدفه التخلص من سكانها العرب المسيحيين والمسلمين والابقاء على العنصر اليهودي لوحده، وسيكون ذلك ليس بعيداً عن الممارسات المعهودة للاستعمار العنصري الاستيطاني، الإجلائي ضد سكان البلاد الاصليين لإجبارهم على الرحيل، بعد انتهاك وهدر كامل منظومة حقوق الانسان، الجماعية والفردية، لاسيما حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه.

لهذا فإن الاحتفال بالقدس يعني تمكين السكان الأصليين من الصمود ومقاومة عملية الجدار الديمغرافي، ضد مشروع الاجلاء والتهويد، ولعل هذا الأمر قد يعيد الى الأذهان طرح مسألة “التقدم بطلب رأي استشاري” إزاء محاولات “إسرائيل” “بناء” جدار ديمغرافي ضد عرب القدس، بطردهم من أراضيهم، وهذا الطلب يمكن أن يندرج، طبقاً للمادة 96 من ميثاق الأمم المتحدة، حيث يمكن للجمعية العامة، استناداً الى اختصاصاتها التوجه الى محكمة العدل الدولية للحصول على رأي استشاري، بخصوص العواقب والتبعات القانونية المترتبة على محاولات تغيير الطابع الديمغرافي لمدينة القدس، مثلما أعطت المحكمة مثل هذا الرأي ضد جدار الفصل العنصري العام ،2002 حيث اعتبرته باطلاً ولا شرعياً، وطلبت عدم استكماله وتهديمه، وكانت قد أعطت مثل هذا الرأي بشأن قضية لوكربي لمصلحة ليبيا.

وبما أن القدس تحت الاحتلال فلا بد من تطبيق اتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لعام 1977 وبخاصة إزاء الممتلكات الثقافية طبقا للاتفاقيات الدولية لعام 1954 ولعام 1972 وقرارات مجلس الأمن بشأن القدس وقرارات الجمعية العامة ذات العلاقة ومنظمات اليونسكو ومنظمات دولية وحقوقية أخرى.

الاحتفال بالقدس يستهدف وضعها تحت دائرة الضوء وتبديد دائرة النسيان، لكي تبقى هذه القضية متقدة، إذْ لم يعد من المقبول سكوت المجتمع الدولي الى ما لا نهاية، فالصمت أقرب الى التواطؤ، الأمر الذي يحتاج الى جهد عربي مكثف على هذا الصعيد، ويمكن لمناسبة اعتبار القدس عاصمة للثقافة أن تعطي التحرك نكهة جديدة ومعنى جديداً وأسلوب عمل جديداً على الصعيد الدبلوماسي والثقافي والإعلامي والسياسي، يمكن لجامعة الدول العربية أن تُسهم فيه بشكل كبير.

باحث ومفكر عربي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكمة يمنية والوحدة يمنية
- وحدانية الدولة وتعددية المجتمع!
- جدار برلين!
- مفارقة السيادة والتدخل الإنساني!
- نفط العراق.. وجوهر الخلاف
- النفط والاقتصاد الريعي
- الابرتهايد..
- يوم السيادة -العراقي- وشيء من المصارحة
- هل هي هموم «شيوعية» أم وطنية؟!
- استعصاء الديمقراطية؟
- خصوصية الحالة الإيرانية!
- هل القدس عاصمة للثقافة العربية؟
- سوسيولوجية المدينة وسايكولوجية الجماهير!!
- هل عادت أطياف ماركس أم أن نجمه قد أفل؟
- المجتمع المدني العراقي: هواجس ومطارحات!
- استراتيجيات المجتمع المدني
- الانسحاب الأمريكي الشامل من العراق أمر مشكوك فيه
- التنمية والمجتمع المدني العربي ..
- الديمقراطية التوافقية والديمقراطية «التواقفية»!!
- الجواهري نهر العراق الثالث!


المزيد.....




- غيتار بطول 8 أقدام في موقف للمركبات الآلية يلاقي شهرة.. لماذ ...
- ساعة ذهبية ارتداها أغنى راكب على متن -تيتانيك-.. تُباع في مز ...
- اغتيال -بلوغر- عراقية وسط بغداد.. ووزارة الداخلية تفتح تحقيق ...
- ثوران بركان إيبيكو في جزر الكوريل
- -إل نينو- و-لا نينا- تغيران الطقس في أنحاء العالم
- مكسيكي يقول إنه فاز بشراء أقراط بـ28 دولارا بدل 28 ألف دولار ...
- سيناتور روسي يقيم جدوى نشر أسلحة نووية أمريكية في بولندا
- هذا هو رد بوتين على المساعدات لأوكرانيا من وجهة نظر غربية (ص ...
- الولايات المتحدة تطور طائرة -يوم القيامة- الجديدة
- الجيش الروسي يستعرض غنائمه من المعدات العسكرية الغربية


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - الجدار الديمغرافي