أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد الحسين شعبان - الجواهري هو الحلقة الذهبية الأخيرة في الشعر الكلاسيكي















المزيد.....

الجواهري هو الحلقة الذهبية الأخيرة في الشعر الكلاسيكي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2754 - 2009 / 8 / 30 - 09:35
المحور: مقابلات و حوارات
    


من المثير أن نقرأ كتابا عن "الجواهري" أو "شاعر العرب الأكبر" الذي كانت قصائده استمراراً لتراث الشعر العربي مع اعتماد التجديد الفني الرفيع من وزن و قافية ولغة واسلوب وموسيقى وجمال واداء. ولد محمد مهدي الجواهري عام 1900 في العراق (النجف). ألبسه والده عباءة علماء النجف وعمامتهم وهو في سن العاشرة رغبة منه في أن يصبح من الشيوخ. إلا أن الجواهري نظم الشعر في سن مبكرة‏ وحينها عرف أن موهبته ستأخذه إلى عالم الشعر. ومن هنا كانت بداية إصداراته الشعرية حتى اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول ثم انتقل إلى الصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد حيث توالت نجاحاته حتى توفي عام 1997 في دمشق عن عمر يناهز السابعة و التسعين.
وبسبب ثراء شخصية الجواهري ومسيرته الشعرية الطويلة وجد الكاتب والباحث العراقي د. عبد الحسين شعبان نفسه مدفوعا إلى الكتابة عن صديقه وأستاذه الجواهري. كتب ما عرفه عن الجواهري دون أن يؤرخه، بل دوّن آراءه عن هذا الشاعر الكبير وما كان يرويه له من حوادث. فجاء ثمرة هذا كلّه كتاب "الجواهري: جدل الشعر والحياة"، الصادر عن دار الآداب، 2009 (طبعة ثانية) وقد صدرت الطبعة الاولى عن دار الكنوز الادبية، بيروت، 1997.
* ماذا أردت أن تقول من خلال كتاب "الجواهري: جدل الشعر والحياة" ؟
أردت تقديم الجواهري الكبير من خلال ملامح صورته الأولى التي انطبعت في ذهني وأنا طفل صغير، لأن الجواهري عاش معنا في البيت بمعنى من المعاني، حيث كانت قصائده ودواوينه تملأ مكتبتنا، فنشأت على قراءة أشعاره حتى اكتحلت عيني برؤيته وجها لوجه في عام 1959 ببغداد، عندما صعد بقامته المديدة ليلقي أحدى قصائده. ومن هنا كانت بداية صداقة دامت ثلاثين عاما رافقت خلالها الجواهري في محطات مختلفة من براغ إلى دمشق فلندن.
* تقول أن الكتاب ليس قراءة نقدية وليس سيرة ذاتية للجواهري. فكيف تصنّفه؟
الكتاب قراءة سيسيو ثقافية لمسيرة الجواهري الشعرية في إطار الأدب العراقي. ومن خلال حياة الجواهري حاولت رصد التاريخ العراقي المشحون بالتوتر والتحدي والتناقض في رؤية شاملة للدولة العراقية منذ تأسيسها. وبالمناسبة لقد عاش الجواهري عقدين من الزمان قبل ولادة الدولة العراقية عام 1921 . وكتب أول قصائده وعرف كشاعر قبل كتابة الدستور العراقي الأول (القانون الاساسي) عام 1925 . لذلك عندما نتحدث عن الجواهري فنحن نؤرخ لقرن من الأدب والثقافة والتاريخ السياسي والدراماتيكي والسوسيولوجي العراقي المقرون بالإبداع والتوترات.
* هل لهذا السبب أٍسميت الكتاب "جدل الشعر والحياة"؟
الجواهري شخصية مثيرة للجدل على المستوى الشخصي والعام. فهو الشاعر المُقبل على الحياة وفي الوقت نفسه يبدو قادما من أعماق التاريخ، كأنه المتنبي الذي جاء ليلوّن أطياف الحداثة بقصيدة كلاسيكية. وهذا بحد ذاته يخلق نوعاً من الجدل والإشكالية! فمثلا كان الجواهري يرتدي الطاقية الكردية المكتوب عليها "كردستان" رغم افتخاره بعروبته. وهو ابن البيئة النجفية المحافظة، لكنه تمرّد على زيّه ونزع العمامة ورماها في "الكُناسة" على حد تعبيره، وأخذ يرتاد الملاهي الليلية، وكتب قصائد من الأدب المكشوف مثل "جربيني" و"ليلة معها" و"هزّي بنصفك واتركي النصفا"..الخ... كان يكتب تلك "القصائد الفاضحة" وهو في بلاط الملك مما أثار ضجة حوله والملك، فعاتبه الأخير قائلا: "ابني محمد ادرك أين أنت!؟" وقبل أن يكمّل كلامه قال له الجواهري: "سأنسحب". فقال له الملك فيصل: "لا تذهب". وهكذا عاش الجواهري ثلاث سنوات من شبابه بين البلاط الملكي صباحا وفي الحانات ليلا، يسهر ويغنّي ويرقص طربا بكل جديد، ويتشهى "الأثنى" التي لم يتذوقها رغم زواجه(كما يقول)!
* اعتبرت الجواهري أرضأ شعرية بحد ذاتها. كيف ذلك وكل قصائده كلاسيكية الطابع؟
هذا صحيح. ولعل هناك من أسماه "الحلقة الذهبية الأخيرة في الشعر الكلاسيكي". ولكني أستطيع القول أن قصيدة الجواهري الكلاسيكية تختلف عن القصيدة العمودية الكلاسيكية التي نعرفها بسبب اعتماده على صور شعرية حديثة، وإن بقيت من ناحية الشكل على كلاسيكيتها وعموديتها وتمكسها بمنظومة التفعيلة. لذلك فالجواهري ليس شاعراً فحسب، بل هو أمواج شعرية طاغية. وكل ما فيه يدلّ على الشعر، لأن الشعر يسكن الجواهري. وعندما كانت تأتيه اللحظة الشعرية يترك العالم كلّه ويبقى وحيدا لأنه يطرب مع القصيدة (لاسيما بعدما يقوم بتلحينها مردداً لها بصوت عال). وكانت تنزل عليه القصيدة كاملة على هيئة وحي مستمر متدفق، يبدأ مثل الينبوع فينفجر ويتصاعد. ولا تهدأ روحه إلا مع إكتمال القصيدة، حتى أننا لا نميّز أحيانا بين الجواهري وقصيدته من شدة التماهي بينهما إلى حد الإندماج!
لقد استطاع الجواهري أن يخضع القصيدة الكلاسيكية لسياق تطورها التاريخي، ولم يبقيها على شكل القصيدة الجاهلية أو العباسية، حيث كانت القصيدة ملئية باللغة المفخمة المحشوة بالكثير من الصور، كما اعتمد على روح الشعر وموسيقاه مازجا بين الرسم واللغة الشيء الذي جعل منه حالة شعرية نادرة.
* يتهم الشعر العراقي بعدم التعبير عن المعاناة العراقية. هل هذا صحيح؟
هذا الكلام غير صحيح لأن الشعر العراقي كان ومازال وسيلة للتعبير عن درجة تطور المجتمع وانعكاس له. فهو يرى المستقبل ويبشر بأحداثه لأن نصف عقل الشاعر يعيش في المستقبل. أي أن الشعر مسكون بالهم العراقي فيعبر عن المعاناة والمأساة اليومية التي يعيشها المواطن العراقي. وإذا ركّز بعض الشعراء على الغزل فهو أيضا وسيلة للتعبير عن الهم العام وإن كان بأسلوب مختلف! فبعض الشعراء حاولوا من خلال قصائد الغزل أن يبثوا للقارىء أحاسيسهم المضطربة وبحثهم المستمر عن الأمان والطمأنينة الداخلية! لذلك فإن المدرسة الشعرية الحديثة في العراق التي بدأت ببلند الحيدري ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي كانت تعبّر عن شعور النخبة والمجتمع العراقي الصاعد آنذاك المتطلع إلى الحداثة، فبدأت عملية التنوير التي كانت تعبيرا عن حاجة النخبة لإستشراف المستقبل وإنشاء حركة شعرية وأدبية وثقافية تتماهى مع سوسيولوجيا الواقع العراقي وتعبر عنه.
* معروف عنك محاربة التطرف الديني ودفاعك عن حقوق الإنسان. ولكن هناك عدة مصطلحات أطلقت على الإسلام منها "الإسلام فوبيا". ماذا يعني ذلك؟
يوجد نوع من "الإسلامفوبيا" في الغرب ضد الإسلام السياسي من جهة وضد الإسلام بشكل عام. وللأسف هناك من لا يميز بين الإسلام كدين وبين الإسلام السياسي، وبين المسلمين والإسلاميين، وبين الإسلاميين والإسلامويين. كما اقترنت "الإسلامفوبيا" في نظر الغرب بصعود تيارات متطرفة وعنصرية في أوروبا، والتي انتعشت بعد أحداث 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأميركية، حتى أصبح هناك من يعتقد في الغرب أن الدين الإسلامي يشجع على العنف والإرهاب! ومن جهة ثانية يعاني بعض العرب من "الغربفوبيا" وتحديدا المتأسلمين الذين يستخدمون الدين كإيديولجيا، فيعملون على إلغاء الآخر وتهميشه وربما القضاء عليه، فيضيع أحيانا الإسلام الحقيقي بصورته السمحة والرحيمة وسط إرهاصات وسلوكيات تلك الجماعات المتعصبة!
* هل نحن أمام ظاهرة "الإسلام ضد الإٍسلام"؟
نحن أمام جزء منها كما نواجه تحديان، الأول خارجي يحاول تطويعنا وترويضنا واحتلال أراضينا. أما التحدي الثاني فيكمن في قوى متعصبة ومتطرفة بعضها "إرهابي"، تميل لإستخدام العنف، وترفض الإنفتاح على العالم، بل تريد جرّنا إلى الماضي. وأمام هذا (الواقع) تبدو مهمة قوى التنوير والحداثة والديموقراطية صعبة، خصوصا أنها هشة ومحدودة وقليلة التأثير ولم تتشبع بعد بمفاهيم الحداثة.
* تتحدث دائما عن ثقافة "الإستقالة" في العالم العربي. ماذا تعني بذلك؟
أعني أن الكثيرين يتشبثون بمواقعهم دون تداول السلطة أو المسؤولية مع غيرهم. ولاحظي أن بعض حكامنا حتى بعد موتهم مازالوا يحكموننا من القبور! فكنت أقرأ في مذكرات أحد الأصدقاء الذي يقول: "عندما أتحدث عن رئيس ميت أشعر أن سيفه موضوع على رقبتي وكأنه على قيد الحياة!" فكيف سيتحدث عن ديكتاتور حي إذا كان يخاف الحديث عن ديكتاتور ميت!
وأنا لا أطلب الكثير من المثقف، لأنه ليس سوبرمان، بل ينتمي إلى ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه وإن كان يختلف عنه من ناحية درجة حساسيته وقدرته على التأثير ودوره في مخاطبة الرأي العام.(لذلك تكون مسؤوليته أكبر) ولو أخذنا الحالة العراقية كمثال سنجد نوعاً من الإستقطابات حيث انقسم المثقفون إلى فريقين بعد الإحتلال الأميركي للعراق. الفريق الأول دافع عن النظام العراقي بإستماتة لأن معركته الأساسية مع الإمبريالية والغرب المحتل (كما يبرر). أما الفريق الثاني اعتبر أن معركته مع النظام العراقي فأصبحا ضحية تعاون "بالإكراه" مع قوى متربصة وطامعة بمنطقتنا، ووقّع تعاقدات مع البنتاغون للعمل لحسابه في مشاريع بحثية مما جعله بضاعة كاسدة ورخيصة.
وبالنسبة لي فإن كليهما ليس نموذج المثقف الذي نريده، نحن نريد المثقف الذي يضع مسافة بين المستبّد والمحتل، حتى لا يتلوث بأوساخهما!
* هل ما نحتاج إليه اليوم هو المثقف العضوي؟
المثقف العضوي حسب غرامشي هو الذي يتماهى مع هموم شعبه أو الفئة الإجتماعية التي يمثلها. وعلى المثقف أن يكون ناقدا إجتماعيا وضعيا حسب النقد الماركسي وللسلطة ولنفسه، لأنه من يتطلع إلى اللانهايات والآفاق اللامنظورة، ويتحالف أحيانا مع المجهول الجميل الذي يرسمه بذهنه أو قلمه أو موسيقاه أو ريشته. وهو الذي يسعى لكي يلون الأحلام بألوان وردية حتى يشكل حالة من اليوتوبيا التي تعتبر جزء من سيروة المثقف وأحلامه غير المتحققة.






#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الذي يجري في إيران؟
- مأزق الإصلاح
- موسيقى الدانوب الأزرق
- المجتمع المدني: محاولة جديدة للفهم!
- جدل الهوية: بعيداً عن التبشير!
- انشغالات -المواطنة-
- عند تخوم ولاية الفقيه ؟
- هذه النجف التي توشوشني!
- خصوصية المجتمع المدني العربي
- هل تخالف -الشرعية الدولية- القانون الدولي؟
- تخوم ولاية الفقيه!
- إرهاصات الدولة والمجتمع المدني في العراق
- الجدار الديموغرافي.. الأبارتيد الجديد
- بين الإسلامفوبيا والإسلاملوجيا
- لائحة اتهام وحلم العدالة الممكن والمستحيل!
- دارفور.. العدالة الممكنة.. العدالة المستحيلة
- الغرب والصورة النمطية للإسلام
- في فلسفة الدولة والمجتمع المدني
- في شجون القضاء الوطني والدولي
- الجدار الديمغرافي


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد الحسين شعبان - الجواهري هو الحلقة الذهبية الأخيرة في الشعر الكلاسيكي