أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - العرب وثقافة ما قبل الدولة















المزيد.....

العرب وثقافة ما قبل الدولة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2769 - 2009 / 9 / 14 - 18:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ظل الفكر السياسي العربي بجميع مدارسه القومية والإسلامية والماركسية والليبرالية، يعاني من شح الثقافة الديمقراطية وضعف الوعي الحقوقي، لاسيما بمسألة التنوع والتعددية والاعتراف بالآخر وتداول السلطة سلمياً وسيادة مبادئ القانون والمساواة واحترام حقوق الإنسان وغيرها. ولم تكن البيئة الثقافية العربية قد أفرزت مطالب وشعارات تربط بين الدولة ككيان قائم ومستمر وليست السلطة كحالة متغيرة، وبين الإصلاح الديمقراطي الداخلي والتخلص من الهيمنة الأجنبية والسيطرة الاستعمارية، ولعل الجانب السياسي كان طاغياً وأحياناً غطّى على الجانب الاجتماعي، الأمر الذي لم يكن معه التحليق سهلاً بجناح واحد، خصوصاً أن المسألة السياسية لها بُعد اجتماعي، مثلما لا يمكن فصل المسألة الاجتماعية عن بُعدها السياسي.
وتعود الأسباب الأساسية لغياب الثقافة الديمقراطية إلى ضيق هوامش الحرية، وبخاصة حرية التعبير وإلى سيادة نمط الثقافة المركزية وهيمنتها، لاسيما أنها تجد جذورها في الثقافة التقليدية والموروث الاجتماعي، وهذه تجلّت بمرجعيات التيارات الأساسية السائدة في الوطن العربي، منذ مرحلة ما قبل الاستقلالات وما بعدها، حيث كانت بالنسبة للتيار القومي العربي، الذي أسس الدولة العربية على اختلاف مفاهيمها وأسسها، تستند إلى الجانب العرقي- السياسي والجامع العربي- القومي، في حين كانت مرجعية التيار الإسلامي، تقوم على الجامعة الإسلامية استناد إلى المعيار العقائدي- الروحاني- الديني، في حين تعكّز التيار الماركسي والاشتراكي على الجانب الاجتماعي، الاشتراكية أو العدالة الاجتماعية وأعلى من شأن الصراع الطبقي- الاجتماعي، وكانت مرجعيته الجامعة الأممية-الكونية.
وإذا كان التيار الليبرالي قد استند على جامع الحرية ودولة القانون وحرية السوق، فإنه في خضم صراع التيارات الكبرى ضاع وتبدد، لاسيما في ظل الانقلابات العسكرية، التي رفعت عدداً من المسائل الكبرى مثل تحرير فلسطين أو تحقيق الاشتراكية جاعلة منها شعارات يومية ظلّ صداها يتردد على الأسماع بمناسبة وبغير مناسبة، الأمر الذي قلّص من الهوامش الديمقراطية، بل ازدراها أحياناً بحجة المعارك المصيرية والأهداف الكبرى، وهكذا واجه بناء الدولة عقبات جدية ما قبل بنائها والتوغل فيه: دينياً وإثنياً ومذهبياً وعشائرياً وجهوياً وسلالياً ولغوياً وجنسياً (الموقف من المرأة) وغير ذلك.
وفي إطار غلبة تيار واحد واندفاع تيارات، أخرى إلى المعارضة التي لم يكن مرخّصاً لها أو معارضة غير شرعية وغير قانونية بلغة السلطات الرسمية، لاسيما في ظل نزعات الانفراد والاستئثار وادعاء الأفضليات، والنطق باسم الشعب كل الشعب، وبزعم أن لا حرية لأعدائه، أقصيت بقية التيارات واعتبر الحديث عن التعددية والتنوع وإشاعة الحريات، إنما يراد له تخفيض سقف المعركة مع العدو الذي يدقّ على الأبواب، وإثارة البلبلة، والتشكيك بالوحدة الوطنية، التي من حيث التبرير لن تكون سوى الواحدية وليست الكثرة المتنوعة، المختلفة، التي يمكن لها أن تأتلف في إطار المشترك الوطني والجماعة الوطنية والمنتظم الديمقراطي- القانوني- الشرعي في إطار الدولة العصرية والفضاء الإنساني.
وقد انعكس الانقسام الدولي على الوضع العربي والمحلي، الأمر الذي زاده انقساماً وتشظياً إقليمياً وداخلياً، ناهيكم عن انقسامات بسبب الموقف من حقوق المرأة وحقوق الأقليات والتقدم الاجتماعي، وحقوق الإنسان بشكل عام ومبادئ المواطنة والمساواة في الدولة العصرية.
وظلت الثقافة السائدة تعاني من التباس علاقة الدولة بالأمة: هل تهدف إلى إقامة دولة قُطرية أم دولة قومية؟ هل هي دولة حماية أم دولة رعاية؟ هل هي دولة ريعية أم دولة تنمية ورفاه؟ هل هي دولة بهَرَم عشائري وراثي وجهوي أم هي دولة مؤسسات وانتخابات وسلطات رقابة متوازنة؟ هل هي دولة مستبدة حتى إن كانت باسم العدل أم هي دولة الحقوق والحريات؟ هل هي دولة أحادية قومياً أو دينياً أم دولة تعددية، متنوعة، ومتعايشة؟ هل هي دولة أغلبيات مهيمنة أم دولة مساواة ومواطنة كاملة وبلا تمييز؟
ولعل الإجابة على هذه الأسئلة تطرح عدداً من الإشكاليات. الإشكال الأول يتعلق بتجديد الفكر ونقد الواقع، وكيف السبيل إلى ذلك وأي الخطوات يمكن اتباعها وصولاً للإصلاح المنشود؟ فالأمر بحاجة إلى تجديد الفكر وتجديد المؤسسات من خلال النظرية ومن خلال التطبيق «البراكسيس» أيضاًَ، وهذا يتطلب وقفة جدية للمراجعة في ضوء مبادئ الحداثة والعلاقة بين التراث والمعاصرة وبين العلمانية والإسلامية، وهذا الأمر يتعلق أيضاً بالتناقض داخل المجتمع ذاته، سواءً كان بين التيار الإسلامي والعلماني، أو بين التيارات الشمولية وفي داخلها، خصوصاً في ظل موجة الإصلاح والدمقرطة التي انتشرت بعد انهيار الأنظمة الشمولية في أوروبا الشرقية.
أما الإشكال الثاني فيتعلق بالانتماءات الفرعية والهوية العامة الجامعة، والتوازن بين سلطة الدولة من جهة والتكوينات الخاصة والهويات الفرعية، من جهة أخرى، خصوصاً باحترام حقوق الأقليات وخصوصيتها دينياً وقومياً ولغوياً وسلالياً...
ويتعلق الإشكال الثالث في بناء الدولة العصرية، بالتوازن بين الوطني والاجتماعي، الأمر الذي يحتاج إلى التكامل والتواصل وليس الانفصال أو التنافر، والأساس في ذلك يعتمد على موازنة الاستقلال الوطني والتحرر الاجتماعي إذ إن النقص في أحد الجانبين يؤدي إلى اختلالات بنيوية، فالتلاقح بين الوطنية والعدالة الاجتماعية إنما يحتاج إلى أجواء من الحرية واعتماد مبادئ المواطنة وحقوق الإنسان، الخيط الناظم للعلاقات بين الجوانب المختلفة.
ولا شك أن المواطنة هي حلقة وصل في الدول العصرية، حيث يتم من خلالها تأكيد وظيفة الدولة بحراسة الجماعة الوطنية والسهر على مصالحها الكلية وتأمينها في مواجهة أخطار الخارج وتحقيق الاستقرار والتنمية في الداخل وضمان حقوق التكوينات المختلفة.
أما الإشكال الرابع فيتحدد بطريقة التمثيل من خلال علاقة التوازن بين القوى السياسية والفكرية والاجتماعية التي لا يمكن ضمانها إلا في إطار الدولة الديمقراطية، لاسيما بين الأساسي والجوهري من خلال المشاركة والتداولية وضمان حقوق المعارضة وشراكة المجتمع المدني. ويقوم البناء المؤسسي الديمقراطي على مبدأ التمثيل الانتخابي والحرية في الاختيار والمشاركة والشرعية في التمثيل والتعددية واللامركزية والمساواة واستقلال القضاء وسيادة القانون والتداول السلمي للسلطة، فضلاً عن حرية التعبير.
ويرتبط الإشكال الخامس بعلاقة بالمجتمع المدني وقدرته على المشاركة في اتخاذ القرار، فالتذرر الاجتماعي والمكوّنات المختلفة يمكن أن تأتلف في إطار الوحدة المتعددة المتنوعة وليس الواحدية، وبذلك يمكن للمجتمع المدني أن يتحوّل إلى قوة اقتراح وليس قوة احتجاج حسب، وقوة اشتراك وليس قوة اعتراض فقط.
أما الإشكال السادس فله علاقة تفاعلية إيجابية أو سلبية بين العام والخاص، وبين الخصوصية والشمولية والحضارة والثقافة المحليتين من جهة، وبين الحضارة الكونية والثقافة العالمية، المتعددة من جهة أخرى ولعل حل هذه الإشكالية والإشكاليات الأخرى، يمكن أن يضع الدولة العربية المعاصرة في الطريق الصحيح ويجعلها تلحق بالركب العالمي، بتخطّي مرحلة ما قبل الدولة ولوجاً لمرحلة الدولة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفط وألغام الصراع في العراق
- تذبذب أوباما إزاء العدالة الدولية
- جرائم تحتاج إلى تحقيق
- معسكر أشرف: مقاربة غير سياسية
- الجواهري هو الحلقة الذهبية الأخيرة في الشعر الكلاسيكي
- ما الذي يجري في إيران؟
- مأزق الإصلاح
- موسيقى الدانوب الأزرق
- المجتمع المدني: محاولة جديدة للفهم!
- جدل الهوية: بعيداً عن التبشير!
- انشغالات -المواطنة-
- عند تخوم ولاية الفقيه ؟
- هذه النجف التي توشوشني!
- خصوصية المجتمع المدني العربي
- هل تخالف -الشرعية الدولية- القانون الدولي؟
- تخوم ولاية الفقيه!
- إرهاصات الدولة والمجتمع المدني في العراق
- الجدار الديموغرافي.. الأبارتيد الجديد
- بين الإسلامفوبيا والإسلاملوجيا
- لائحة اتهام وحلم العدالة الممكن والمستحيل!


المزيد.....




- مفاجأة غير متوقعة.. شاهد ما فعله ضباط شرطة أمام منزل رجل في ...
- بعد فشل العلاقة.. شاهد كيف انتقم رجل من صديقته السابقة بعد ت ...
- هيئة المعابر بغزة ومصدر مصري ينفيان صحة إغلاق معبر رفح: يعمل ...
- لماذا يتسارع الوقت مع التقدم في السن؟
- بلجيكا تبدأ مناقشة فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد إسرائيل
- رداً على -تهديدات استفزازية- لمسؤولين غربيين .. روسيا تعلن إ ...
- تغطية مستمرة| الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح رفح ويدعو السكا ...
- غارات إسرائيلية ليلية تتسبب بمقل 22 فلسطينيا نصفهم نساء وأطف ...
- أول جولة أوروبية له منذ خمس سنوات.. بعد فرنسا، سيتوجه الرئيس ...
- قاض بولندي يستقيل من منصبه ويطلب اللجوء إلى بيلاروس


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - العرب وثقافة ما قبل الدولة