أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نقولا الزهر - حول العودات الفكرية وإعادة التأسيس ونفي النفي















المزيد.....

حول العودات الفكرية وإعادة التأسيس ونفي النفي


نقولا الزهر

الحوار المتمدن-العدد: 2775 - 2009 / 9 / 20 - 10:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يوجد شك، في أن كل إعادة تأسيس فكري تبدأ بصفحة بيضاء، ولكن هذه الإعادة لا تأتي من فراغ فكري؛ فلا بد من عودة ما إلى تاريخ الفكر. فأي نهضة ((Re- naissance، وأي إصلاح أو بالأحرى إعادة تشكيل (Re-forme)، وأي ثورة(R-evolution) تتضمن مثل هذه العودة. وإننا نرى دلالة هذه العودة في السابقة اللغوية(RE) الموجودة في هذه المصطلحات. وكذلك نراها في المفهوم الروسي، إعادة البناء (البيريسترويكا / Peri-stroika).
-I-
والمقصود بالعودة هنا، الرجوع إلى بعض المفاهيم والمبادئ والأصول من تاريخ الفكر، التي عادت لتطفو كضرورة على السطح الاجتماعي من جديد، ولكن الأمر يتطلب حين العودة إليها إزالة ما تراكم فوقها، خلال سيرورتها التاريخية، من أدران وسلبيات ومعيقات وهذا ما يسمى في الجدل أو (الديالكتيك) بعملية نفي النفي. ولكن هذه العودة إلى بعض الأصول والمبادئ، لا تعني على الإطلاق الرجوع إلى الماضي لنعيش فيه، بل الغرض منها إحياء بعض المبادئ والأدوات والأفكار الهامة، التي لا تزال قادرة على الإسهام الفعال في عملية تغيير الحاضرإلى مستقبل أكثر تقدماً.
وعلى سبيل المثال، ما أحوجنا نحن في العالم العربي لعودة إلى الخليفة عمر بن الخطاب حينما ألغى تطبيق مفاعيل بعض النصوص المقدسة حين تغير الواقع. وكذلك الحال ما أحوج الشيوعيين العرب إلى عودة للينين حينما بدأ يعيد النظر في برنامجه الاقتصادي في بداية العقد الثالث من القرن الماضي(السياسة الاقتصادية الجديدة/النيب)، وكذلك مطلوب منهم عودة إلى ماركس وانجلز وبليخانوف وروزا لوكسمبورغ وتروتسكي سواء فيما يتعلق بفرضية بناء الاشتراكية في بلد واحد، أو حول العلاقة العضوية بين الديموقراطية والاشتراكية. وكذلك نحن العرب جميعاً ما أحوجنا لعودة إلى عبد الرحمن الكواكبي ونظريته حول تلازم الاستبداد والفساد والجهل، وعودة إلى لطفي السيد وطه حسين وعلي عبد الرازق وأفكارهم حول الدولة المدنية وحول فصل الدين عن العلم والدولة.
وعلينا أن نميز بين العودة إلى بعض الأصول الفكرية، وبين السلفية أوالتمامية (integrisme) التي تحيل إلى الماضي فقط. فالتماميون (integristes) يرفضون أي تلاقح بين الأدوات المعرفية الجديدة والأدوات المعرفية القديمة، وذلك بذريعة الخروج عن الدين/ أو تحريف النظرية.
فرواد الإصلاح الديني في أوربا(لوثر وكالفن)، كان رجوعهم إلى تعاليم السيد المسيح ليس ليعيشوا في أيامه، بل ليزيلوا ما علق بالكنيسة من أدران وطقوس نافلة ومعيقات أمام التقدم الاجتماعي. يقول انجلز عن هؤلاء الرواد أنهم "عاشوا في قلب اهتماماتِ عصرهم". كانت البروتستانتية محايثة لنشوء النظام الرأسمالي، الذي كان يعني آنذاك نظام المستقبل والتقدم الاجتماعي وتجاوز النظام الاقطاعي المتخلف والراكد. وكان يعتبر عالم الاجتماع (ماكس ويبر) الإصلاح الديني أنه العتلة التي دفعت الرأسمالية إلى الأمام. في المقابل، فقد لعبت الطرق الصوفية والعادات التقليدية والبالية دوراً كابحاً لتطور تجربة محمد علي باشا في القرن التاسع عشر في مصر.
وكذلك النهضة الأوربية كانت فيها عودة إلى الفلسفة الإغريقية، بدءاً من فلاسفة الطبيعة مروراً بسقراط فيلسوف الأخلاق، وأفلاطون فيلسوف الجدل، إلى أرسطو فيلسوف المادة والشكل والمنطق، وهيراقليط فيلسوف القضاء ومقولة الإله الواحد النافي للآلهة المتعددة. وكذلك النهضة الأوربية بشكل عام كانت تتضمن عودة إلى الديموقراطية الأثينية، وساحة الاجتماع العام (الأغورا) ومقولة (القانون فوق المدينة) وليس تحتها، كماهو الحال الآن في البلدان الشمولية الاستبدادية.
ومن المفارقات أن بعض فروع الفلسفة العربية الإسلامية مثل (الرشدية) كانت عوناً كبيراً لأوربا في عملية نفي النفي الكبرى التي شرع فيها بعض الكتاب والفلاسفة الأوربيين، ومن ثم كرسها فرانسيس بيكون وليوناردو دافنتشي وكوبرنيك وجوردانو برونو وغاليله وديكارت وسبينوزا وآخرون.....
إن النهضة أو البعث، والإصلاح والثورة، كل هذه المقولات تتضمن عودة إلى الماضي، ولكن هذه العودة ، ليست حركة دائرية في المكان أو نكوص وتمترس في الماضي، بقدر ماهي تقدم الدائرة أو على الأصح تقدم دولاب العربة إلى الأمام. وهذه العودة في المحصلة تعني استلهام أكثر مفاهيم تاريخ الفكر راهنية لإعادة تأسيس فكر جديد مستقبلي وفعال.
وكذلك ماركس وانجلز، في تأسيسهما الفكري فقد عادا إلى تاريخ الفكر والفلسفة والاقتصاد، إلى ابيقور وسقراط وأفلاطون وأرسطو وديكارت وليبنيتز وسبينوزا وكانط وهيجل وفيورباخ وآدم سميث وريكاردو والاشتراكيين الفرنسيين...
-II-
في العودات الفكرية وإعادات التأسيس، دائما فيها القديم والحديث وليس القديم وحده وليس كله، كما يحدث الآن في عالمنا العربي أو في العالم الإسلامي، حيث العودة إلى الماضي تلجأ إلى جوهرة هذا الماضي، بكل صيرورته خلال أربعة عشر قرناً، وتقديسه وجعله فوق النقد. وهذا الفكر لا يعترف إلا بالماضي وينفي من قاموسه أدوات الحاضر، وكذلك ينفي إمكانية تشكل أدوات معرفية جديدة في المستقبل.
وكذلك الفكر التمامي والسلفي الذي نتكلم عليه، لا يتسم بكونه ماضوياً فحسب، فهو أيضاً ذاتياً بامتياز، فلا يعترف بماضي الآخر ولا بحضارات ومعارف الأمم الأخرى. فتاريخ الفكر بالنسبة إليه ليس تاريخ الفكر العالمي وإنما تاريخه هو. وحتى بالنسبة لتاريخه الخاص فهو انتقائي، فلا يقيم أي اعتبارلأي شيء منه يتناقض مع شعاراته الإيديولوجية التي يرفعها.
من هنا نرى أن كل عودة وكل ثورة يمكن أن تحمل في طياتها إمكانية نكوصها، وبالتالي يمكننا الكلام على ثورة رجعية حتى لو كانت تتحلى بأشد أشكال العنف. فالعنف لا يكفي لإعطاء الثورة سمة التقدم. ويبدو في هذا السياق، أن المصطلح باللغة العربية يحدث بعض الالتباس. فالثورة من الثور والثوران والهيجان، بينما في اللغات اللاتينية والسلافية، الثورة تعني إعادة التطور ( Re-evolution) والتغيير وهذا يجري بالعنف أحياناً و بغير العنف في أحيان أخرى. ولذلك يمكننا الكلام على ثورة اجتماعية تقدمية ومستقبلية، حتى لو لم يرق فيها أي نقطة دم. وكذلك يمكننا الكلام على ثورة علمية وثورة زراعية وثورة صناعية وثورة تقنية.. إلخ.
وإذا كانت الثورة تعبر عن انتقال من حال إلى حال، فبهذا المعنى تحيل إلى أحد قوانين الديالكتيك: "التغير الكمي يؤدي إلى تغير كيفي"، ولكن هنا من الضروري التمييز فيما إذا كان هذا التغير الكيفي تقدماً من الخلف إلى الأمام، أوإذا كان تراجعاً من الأمام إلى الخلف. وبهذا الصدد فقد قام المفكر والمناضل المصري الراحل محمود أمين العالم بعودة فكرية حينما نقد موقف اليسار المصري من فكر طه حسين في أربعينات و خمسينات القرن الماضي حينما اعتبره مجرد مفكر برجوازي ليبرالي ولا يخدم غير مصالح الرأسمالية.



#نقولا_الزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحريات والحقوق حجر الزاوية في احتجاجات طهران
- مداخلة في العامية السورية(1)
- لمحة عما بين الفصحى والعامية في بلاد الشام
- استطرادات لغوية وفكرية
- حكاية الأعداد والأيام والكواكب والآلهة
- معرفتي حول النيروز وأعياد الربيع
- النيروز وأعياد الربيع
- في العراق تراجع الهويات المذهبية أمام الهوية الوطنية
- حول الخصوصية والحامل الاجتماعي في الديموقراطية
- ليس انتصاراً!! لكنه احتجاج فردي مكثف بتعبيراته ورمزيته؟؟
- مبروكة للحوار المتمدن سبعه الملاح
- مشهد عولمي من قبل الميلاد
- مقاربة فكرية حول الأزمة الاقتصادية العالمية
- روسيا بين أن تدافع عن وجودها....وألا تنزلق إلى حرب باردة
- بقايا صور من الحياة اليومية/المكان
- العلمانية والديموقراطية والمجتمع المدني بين فكي التسلط والتط ...
- مشاهد متقطعة من الطفولة المبكرة
- فيروز والرحبانيون
- طيور سورية جديدة تحفر أعشاشها في جدار الخوف
- ما كل ما قبل الثورة جاهلية


المزيد.....




- أضرار البنية التحتية وأزمة الغذاء.. أرقام صادمة من غزة
- بلينكن يكشف نسبة صادمة حول معاناة سكان غزة من انعدام الأمن ا ...
- الخارجية الفلسطينية: إسرائيل بدأت تدمير رفح ولم تنتظر إذنا م ...
- تقرير: الجيش الإسرائيلي يشكل فريقا خاصا لتحديد مواقع الأنفاق ...
- باشينيان يحذر من حرب قد تبدأ في غضون أسبوع
- ماسك يسخر من بوينغ!
- تعليقات من مصر على فوز بوتين
- 5 أشخاص و5 مفاتيح .. أين اختفى كنز أفغانستان الأسطوري؟
- أمام حشد في أوروبا.. سيدة أوكرانية تفسر لماذا كان بوتين على ...
- صناع مسلسل مصري يعتذرون بعد اتهامهم بالسخرية من آلام الفلسطي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نقولا الزهر - حول العودات الفكرية وإعادة التأسيس ونفي النفي