أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقولا الزهر - معرفتي حول النيروز وأعياد الربيع














المزيد.....

معرفتي حول النيروز وأعياد الربيع


نقولا الزهر

الحوار المتمدن-العدد: 2607 - 2009 / 4 / 5 - 06:54
المحور: الادب والفن
    



لما كنا صغاراً في بلدتنا القديمة (صيدنايا)، كان يقول لنا الأهل في صباح 21 أذار من كل عام: اليوم عيد النيروز . سألت والدي مرة عن هذا العيد ومعناه فقال لي: أهلنا كانوا يقولون لنا أنه عيد الربيع، وفي هذا اليوم كنا نطلع إلى التلال ونتطلع إلى الشمس. وأن هذا العيد هو أربعة أيام: طقس اليوم الأول يدل على مناخ فصل الربيع، وطقس اليوم الثاني يدل على مناخ فصل الصيف، واليوم الثالث دلالة الخريف والرابع دلالة الشتاء.
في كثيرٍ من الأحيان، في أيام النيروز كنا نأخذ معنا إلى التلال بعض البلورات الموشورية من ثرية قديمة غير مستعملة، وننظر من خلالها إلى نور الشمس لنرى ألوان الطيف السبعة: البنفسجي والنيلي والأزرق والأخضر والأصفر والبرتقالي والأحمر. كنا نظن في مثل هذا العمر أن هذه الألوان السبعة لا تظهر إلا في أيام النيروز وفي قوس وقزح في الشتاء. وفي أيام النيروز كنا نقلع من الضهور والتلال (الحِرْصًنْ) ويقال له أيضاً (الحرصنين)، وهو أبصال صغيرة كروية مغروسة في الأرض مغلفة بأغلفة بنية شبكية متراكبة، ومن الداخل لونها أبيض ناصع ولكنها أطيب من اللوز. وكنا نعرفها من أوراقها البارزة فوق الأرض، وهي أوراق سيفية ضيقة وفيها خطوط خضراء وبيضاء عرضانية متناوبة.
لما انتسبت إلى كلية الصيدلة في جامعة دمشق في عام 1959، كان يدرسنا مادة(الجذور اليونانية واللا تينية)، الدكتور (زهير البابا) أستاذ كرسي علم العقاقير والنباتات الطبية الذي أكن له إلى الآن احتراماً خاصاً. وهو الآن عضو في المجمع العلمي في دمشق أطال الله في عمره. كان الدكتور زهير لا يعطي فقط درساً في العقاقير بل كان يُطعِّم درسَه بالمعارف اللغوية والثقافات المختلفة والأدب والتاريخ. وعلى سبيل المثال، حين وصلنا إلى فصل القنب الهندي(حشيشة الكيف) في كتاب العقاقير، أطلعنا على قصة الشاعر بودلير كاملة وعن كتابه (الفردوس المصطنع) الذي يصف فيه أحاسيس وسلوك الحشاشين بعد تعاطي العقار، ولم ينس ان يعرج على قلعة ألموت وحسن الصباح والحشاشين، واغتيال نظام الملك على أيديهم، وكيف تطورت كلمة الحشاشين وصارت تعني في اللغات الأوربية (القتلة = Assassins).
لنرجع إلى إلى النيروز، فالأستاذ زهير كعادته، بمناسبة شرحه عن (زهرة الربيع= primula ) لم ينس أن يعرج على النيروز، ولأول مرة عرفت من أستاذنا العظيم منشا هذه الكلمة، حينما قال أنها تعني (اليوم الجديد) بالفارسية أو الكردية والطادجيكية(نووْروج= نووْروز)، وروج هنا بعد السابقة نووْ(الجديد) متقالبة لغوياً مع جور الفرنسية (rouj,jour).
لكن معلوماتي عن النيروز ازدادت كثيراً في السجن، وخاصة حين كان يحتفل أخوتنا الأكراد بهذه المناسبة ويقضونها بالرقص والدبكة والغناء ولأول مرة تعرفت على أسطورة(كاوا).
لم أترك مناسبة النيروز في السجن تذهب هباءً، فبدأت أبحث عن أعياد الربيع المشابهة لدىشعوب المنطقة. وأول ما خطر لي في هذا السياق عيد الفصح الذي يحتفل به اليهود والمسيحيون. ففتحت الكتاب المقدس على سفر الخروج/12/ الذي يتكلم على الفصح وفي الآية 17 يكلم الرب موسى وهارون عن فصح الرب قائلاً:" تحفظون هذا اليوم في أجيالكم فريضة أبدية. في الشهر الأول في اليوم الرابع عشر من الشهر مساءً تأكلون فطيراً إلى اليوم الواحد والعشرين من الشهر مساءً.
وكذلك المسيحيون يحتفلون بعيد الفصح لأن في هذا العيد كان كان يجري صلب المحكومين بالاعدام وخلال هذا الأسبوع الذي تكلم عليه التوراة صلب وتألم السيد المسيح. ولكن قبل أن يقبض عليه، وحين دخوله إلى الهيكل كان كل الداخلين معه يحملون بأيديهم باقات من سعف النخيل وأغصان الزيتون(الشعانين). أليست هذه الباقات دلالة الربيع. وبدء الحياة من جديد. وعند المسيحيين يأكلون في عيد الفصح البيض(رمز الحياة) ويصبغونه بالألوان المختلفة. ولغوياً في اللغات السامية والعربية أليس الفصح من (فصح يفصح) يعني انبثاق الأزهار.
وأيضاً في مصر يوجد عيد للربيع يدعونه (شم النسيم) يحتفلون به المصريون ،مسلمون وأقباط، ويخرجون إ لى الترع والقناطر والبساتين ويأخذون معهم البيض المصبوغ بكل الألوان، والسمك الفسيخ ويمضون يومهم احتفالاً بالربيع.
ذهبنا في أحد الأيام لما كنا طلاباً رحلة إلى اللاذقية في يوم عيد الجلاء، ولما وصلت بنا الحافلة بالقرب من قرية (صنوبر) على الساحل السوري توقفنا قليلاً. فرأينا أهالي البلدة يحتفلون وعدة دبكات كانت معقودة شباباً وشابات، ولأول مرة سمعت فولكلور اللاذقية الجميل، وسمعت أغنية(وينك ياجفلة). سألتهم إن كانوا يحتفلون بعيد الجلاء ؟ فقال أحدهم :نحن اليوم عيدنا بِعيدين. في الأصل هذا اليوم اسمه (العيد الرابع) ومنذ عام 1946 حين جلا الفرنسيون عن بلادنا صرنا نحتفل بالعيدين معاً. ولكن فيما بعد حكى لي أحد زملاء السجن (محمد عمران) عن هذا العيد ولكن لم يكن يعرف لماذا العيد يجري في مناطقهم في 17 نيسان وهو اسمه العيد الرابع. في الواقع يسمى عندهم العيد الرابع فيعني أنه في 4 نيسان، وطبعاً هنا 4 نيسان لم تأت من فراغ: فعيد الفصح في اليوم الرابع عشر من الشهر الأول بحسب التوراة، والشهر الأول في التقاويم القديمة يبدأ في 21 أذار، والرابع عشر منه يحكم في 4 نيسان. أما لماذا يحتفل إخوتنا العلويون بالعيد الرابع في 17 نيسان فهو الفرق بين التقويم اليولياني الشرقي والغريغوري الغربي ومقداره ثلاثة عشر يوماً (4+13).
أما عيد الربيع عند أهل حمص في بلدنا فيدعى (خميس البيض)، ويذهب الحمصيون في هذا اليوم إلى ضفاف العاصي والميماس والبساتين ليحتفلون بعيد ربيعهم..
في اعتقادي كل شعب لديه عيد للربيع وعند الكنعانيين كان مولد أدونيس في أول يوم من الربيع، وفي أساطير السومريين الإله دموزي ولد في عيد الربيع.
ولا نعرف ماهي أساطير عيد الربيع عند الشعوب الأخرى...وأخيراً اسمحوا لي أن أقول : كل ربيع وأنتم بخير أيها الأصدقاء في أسرة الحوار المتمدن: قراءً وكتاباً وإدارةً.
نقولا الزهر
دمشق في 1/4/2009



#نقولا_الزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النيروز وأعياد الربيع
- في العراق تراجع الهويات المذهبية أمام الهوية الوطنية
- حول الخصوصية والحامل الاجتماعي في الديموقراطية
- ليس انتصاراً!! لكنه احتجاج فردي مكثف بتعبيراته ورمزيته؟؟
- مبروكة للحوار المتمدن سبعه الملاح
- مشهد عولمي من قبل الميلاد
- مقاربة فكرية حول الأزمة الاقتصادية العالمية
- روسيا بين أن تدافع عن وجودها....وألا تنزلق إلى حرب باردة
- بقايا صور من الحياة اليومية/المكان
- العلمانية والديموقراطية والمجتمع المدني بين فكي التسلط والتط ...
- مشاهد متقطعة من الطفولة المبكرة
- فيروز والرحبانيون
- طيور سورية جديدة تحفر أعشاشها في جدار الخوف
- ما كل ما قبل الثورة جاهلية
- تلميذ يعيد الاعتبار لأستاذه
- هل يأتي المخرج من الشعب الفلسطيني
- الحوار اللبناني يمشي على الحبال الدولية والإقليمية
- اضطرام الجغرافية السياسية في الشرق الأوسط
- من الدولة الدينية إلى الدولة القومية إلى دولة المواطنة
- التضليل السلطوي حول خطر الإسلام السياسي


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقولا الزهر - معرفتي حول النيروز وأعياد الربيع