|
خصخصة الإسلام لا علمنته
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2772 - 2009 / 9 / 17 - 09:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليبقى الإسلام كما هو ، بمذاهبه وفرقه التي تبعث على التشظي وما يتبعها من تكفير ورِدة ، أكثر مما تبعث على التجانس بين أنصاره ، فالحروب التي كان يخشاها المسلمون الأوائل ، فعلت فعلها الأسود بين المسلمين ، رغم كثرة النصوص التي تحرم دم المسلم على أخيه المسلم . فالصراع اليوم وفي الأمس ، لم يكن بين الإسلام والأديان الأخرى ، بقدر ما كان بين المسلمين أنفسهم لأسباب بعضها شخصي على مستوى الحاكم وأعوانه ، أو سياسي كما في معركة صفين ، أو حتى فقهي كما يحصل الآن بين الفرق والملل والنحل ، بدءاً من جاكرتا شرقاً حتى نواكشط غرباً . وعلينا أن نسأل من باب انصاف الحقائق ، هل كان ثمة صراع في الاتجاه الآخر بين اتباع الديانة المسيحية ؟ الواقع يشي أن الصراع في المسيحية لا يقل ضراوة عنه في الإسلام ، ولذات الأسباب المذكورة أعلاها ، غير أن المسيحية لم تخرج من قوقعة صراعاتها المدوية ، لمجرد أنها سارت في الطريق الذي رسمه لها جان جاك روسو وغاليله وجان بول سارتر ، أي الطريق الذي أدى في النهاية إلى كسر هيمنة البابوات على الحياة العامة وعلى الفكر الإنساني والفلسفة والعلم ، سيما وأن نصوص الإنجيل بألوانها الأربعة ، موجودة لمن يريد العودة إليها ، وقد يجادل البعض أن المسيحية قبل العلمانية كانت أقل "شراسة" منها الآن في ظل العلمانية التي تخترق فضاءات الآخر بالقوتين الخشنة والناعمة . فلم تؤدِ علمانية روسو ورفاقه إلى التنوير وبداية عصر الأنوار وحسب ، بل أسهمت في إخراج المسيحية من قاع الجهل والخرافة إلى سماء العلم والحياة ، فبنت لنفسها على إثر ذلك ، حضارة حديثة ، يعيش المسلمون اليوم على ثمراتها ويستخدمون أدواتها ، ويسعون إلى تقليدها تقليداً أعمى ، وبذات الوقت يواصلون استهجانهم لها وإظهار مساوئها ونواقصها ، فإلى اليوم لا يعرف المسلمون ماذا يريدون ولا أين يسيرون ؟ ويظل الإسلام بصراعاته القديمة عبئاً على أجيال الغد ، ومطية لمن نازعته نفسه في تأجيج النزاع . قد يقول البعض الآخر ،إن الإيمان المسيحي بقي كما هو ، لجهة الاعتقاد الغيبي بعودة المسيح المخلص ، وما يقابله في اليهودية بالأرض الموعودة ، وبموجب هذين الاعتقادين تبنى سياسات الغرب تجاه الشرق ، وإن بقي الصراع بينهما في حالة كمون وهدوء نسبي ، وكأن العلمانية لم تفعل شيئاً سوى أنها أنقذت المجتمع من براثن الكنيسة وهيمنة رجالها ، وأفسحت المجال أمام العقل ليفكر ويدون ما يجول في خاطره ، وأمام المصانع لتطلق أبخرتها وتصدر منتجاتها إلى النصف الثاني من العالم. إذا كان هذا التحليل صحيحاً في الحد الأدنى ، فلماذا لا يصار بالمقابل إلى عصرنة الإسلام بدلاً من علمنته التي من الواضح أنها لم تفعل شيئاً حتى الآن ، لا على المستوى القومي ولا على اليساري أو الليبرالي ، والعصرنة في هذا السياق تعني التحرير دون الانسلاخ ، التحرير من سطوة الفتاوي المتباينة بتباين العقول التي تطلقها والنفوس التي تتبناها عن علم أو جهل ، والتحرير من المزج الأعمى بين الثابت والمتغير ، أي بين الإسلام والسياسة ، والتحرير من هيمنة المراجع الدينية وإنهاء نفوذها السياسي والاجتماعي على حياة المسلمين . ونظراً لحالة الرعب والنفور السائدة لدى عموم امسلمين من مصطلح العلمانية ، الذي ظل حتى الآن بلا تعريف دقيق ، تبقى خصخصة الإسلام أوسط الحلول وأنصفها وأكثرها قبولاً للعقل الإسلامي ، والخصخصة في هذا المقام لا تنفصل البتة عن العصرنة ، ولا تجنح خارج واقعها المتغير ، أي أنها تؤسس لعلاقة خاصة بين مَن هو في السماء مع مَن هو في الأرض ، وتحرر الإسلام من القيود الثقيلة التي كبل نفسه بها ، وتجعل من قوله تعالى : لا إكره في الدين ، أمراً واقعاً ، وليس أمراً مستجاباً لرغبة مَن يحكتر الدين لهواه .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإسلام كقنبلة بشرية
-
خسارة الإخوان السوريين
-
الأسد بين محكمتين
-
النظام السوري وعودة الإخوان
-
النظامان السوري والإيراني : صناعة الفوضى
-
العراق الجاني والمجني عليه
-
حماس على طريق الإمارة
-
الزعامة من حصة الأسد
-
سياسة التعمية في سورية
-
جنبلاط : عودة الابن الضال
-
ثمن التطبيع مع إسرائيل
-
معرقلو الديمقراطية في مصر
-
الأسد / خامنئي : حلف التزوير والتطميش
-
لماذا أنا معارض؟ سؤال المستقبل
-
النظام السوري وتعطيل الدور المصري
-
الإخوان المسلمين : الوجه الآخر للشيعة
-
صحوة إخوانية أم تخوينية ؟
-
لإسرائيل السلام ولنا الحرية
-
عملاء الممانعة أم إسرائيل ؟
-
إرهاب الممانعة يستهدف مصر !
المزيد.....
-
اللجنة العربية الإسلامية المشتركة تصدر بيانا بشأن -اسرائيل-
...
-
إلهي صغارك عنك وثبتِ تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمتابع
...
-
اختفاء مظاهر الفرح خلال احتفالات الكنائس الفلسطينية في بيت ل
...
-
المسلمون في هالدواني بالهند يعيشون في رعب منذ 3 شهور
-
دلعي طفلك بأغاني البيبي الجميلة..تحديث تردد قناة طيور الجنة
...
-
آلاف البريطانيين واليهود ينددون بجرائم -اسرائيل-في غزة
-
مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
-
ادعى أنه رجل دين يعيش في إيطاليا.. الذكاء الاصطناعي يثير الب
...
-
“TV Toyour Eljanah” اضبطها حالا وفرح عيالك.. تردد قناة طيور
...
-
إنشاء -جيش- للشتات اليهودي بدعم من كيان الاحتلال في فرنسا
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|