|
الإسلام كقنبلة بشرية
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2768 - 2009 / 9 / 13 - 10:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
علينا أن نسأل أنفسنا ، مَن الذي دفع مثقفو الغرب وفنانوه إلى رسم الإسلام الموروث ديناً وثقافةً عن الآباء والأجداد على هيئة قنبلة بشرية موقوتة ينذر خطرها بنسف كل مَن هو حولها كأناً من كان ؟ فهل اندفاع هؤلاء المثقفين والسياسيين الغربيين في تشريح الإسلام ، ولا نقول نقده ، انطلاقاً من ثقافتهم التي تبني على الشيء ومقتضاه ، أم أنها ردة فعلهم المباشرة التي خرجت عن سياقاتها الطبيعية في تناول الإسلام ، ليس بصفته كدين ، بل كحالة إيديولوجية تبعث على "العنف" وتحض عليه انتقاماً لاختلال موازين الحضارة وانحراف بوصلتها باتجاه عواصم الغرب . بهذا الاتجاه المُؤسَس على موازين الحضارة ، تبدو حضارة الغرب ، ولطالما كانت لها الغلبة ورجحان الكفة ، باعثةً على الحياة وصانعةً لها ، بما يقابلها في الكفة الأخرى ، حضارة الإسلام ، لما هي في حالة تقهقر وانزواء دائمين ، إلا ما خلا من تراثها المتمثل باللغة وآدابها ونصوصها ، تبدو وكأنها صانعة للفوضى على هيئة قنبلة بشرية ، تحملها رؤوس المتشربين بإيديولوجية الإسلام كدار حرب وولاء وبراء ، وليسوا كمسلمين مؤمنين بعقائده وأركانه . ووفقاً لذلك التشريح العملاني ، غدا الإسلام من الناحية النظرية في منحنيين ، منحى إيديولوجية الإسلام ، ومنحنى عقائدية الإسلام ، ونظراً لغياب التواصل الفكري والثقافي بين عموم المجتمعات الغربية والشرقية ، فإن نظرة تلك المجتمعات الغربية للإسلام ، متشابكة من حيث خلطها بين المنحيين السالف ذكرهما ، لينتهي بها الحال إلى تصوير الإسلام كقنبلة بشرية موقوتة ، خطرها يتعاظم يوماً بعد يوم ، ولا سبيل لنزع فتيلها إلا بحربها الكونية على ما تسميه "الإرهاب" . وهذا يقودنا إلى سؤال الأخلاق ، وفيما إذا كانت الأخلاق الإنسانية تبرر هكذا تقسيم اعتباطي للإسلام ، فضلاً عما إذا كانت تبرر أيضاً ذلك السلوك الانتحاري ، الذي يبدو أكثر اعتباطاً ، ربما لأنه يعطي المقدمات الأساسية لمثل ذلك التقسيم ، الذي يدفع الجميع ثمنه بلا استثناء . وسواء بررت الأخلاق ذلك التقسيم أم لا ، فإننا لا نستطيع أن نجرم بشكل قاطع ، موقف الأخلاق النهائي ، لذا يغدو من المستحسن ، على الأقل في هذه المرحلة ، تحييد الأخلاق بالحد الأدنى ، التي على يبدو لم تستطع حتى الآن أن تفعل فعلها الضابط للسلوك البشري في غابة صراعه الأسطوري ، على الرغم مما ينضح به الإسلام من أخلاق في الدين والدنيا وفي المعاملات والعبادات ، وما تعج به جامعات الغرب من العلوم الإنسانية في مجال الأخلاق وأصولها ونظرياتها الأولى . ولاستحالة الركون على أرضية محددة ، وضيق الهامش في الإشارة إلى قلب المشكلة ولبها ، نعود مرة أخرى إلى السياسة ، وقد يقول قائل ، لا مناص من السياسة كواقعٍ حتمي لكل صراعٍ بشري ، ولا بد من العودة إليها في كل الأحوال لفهم طبيعة الصراع الأبدي والوقوف عند أسبابه ومسبباته . وإن كانت القضية في جوهرها مرتبطة بالسياسة ، فمن المنطق وليس بشيءٍ من التبرير ، اعتبار كل ما تقوم به الجماعات الإسلامية الحالمة ببسط إيديولوجيتها من خلال ما تقوم به من أعمال مسلحة على الإسلام الآخر - "إسلام المجتمعات"- ينضوي في إطار الصراع على صوابية فكرها المتشرب بإيديولوجية مغالية في إيمانيتها الماضوية ، لدرجة نسفها للأخر وتعطيل سعيه الحثيث نحو الحياة . ومن غير المنطقي أن يتساوى " إسلام الجبال" مع " إسلام المجتمعات" ، أو أن يحمل أحدهما وزر أعمال الآخر ، فتواصل الحوار مع الآخر ، من شأنه أن يزيل الغموض والإبهام المتكون عن صورة الإسلام كدين وبنفس الوقت يعرفه كثقافة حياة ، بدلاً من تعريفه النمطي كقنبلة بشرية تنتظر ساعة الصفر، كما يحول دون ذلك التقسيم الاعتباطي ، وأما انعدامه ، سيعني مزيداً من التقسيم والتشريح الذي ينتهي به المطاف إلى صورة قنبلة بشرية . http://thaaer-thaaeralnashef.blogspot.com/
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خسارة الإخوان السوريين
-
الأسد بين محكمتين
-
النظام السوري وعودة الإخوان
-
النظامان السوري والإيراني : صناعة الفوضى
-
العراق الجاني والمجني عليه
-
حماس على طريق الإمارة
-
الزعامة من حصة الأسد
-
سياسة التعمية في سورية
-
جنبلاط : عودة الابن الضال
-
ثمن التطبيع مع إسرائيل
-
معرقلو الديمقراطية في مصر
-
الأسد / خامنئي : حلف التزوير والتطميش
-
لماذا أنا معارض؟ سؤال المستقبل
-
النظام السوري وتعطيل الدور المصري
-
الإخوان المسلمين : الوجه الآخر للشيعة
-
صحوة إخوانية أم تخوينية ؟
-
لإسرائيل السلام ولنا الحرية
-
عملاء الممانعة أم إسرائيل ؟
-
إرهاب الممانعة يستهدف مصر !
-
ربيع الديمقراطية في الكويت
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو
...
-
معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
-
-مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن
...
-
تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة
...
-
اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
-
تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
-
تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ
...
-
المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
-
نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|