أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - السّامريّ الغريب














المزيد.....

السّامريّ الغريب


زهير دعيم

الحوار المتمدن-العدد: 2748 - 2009 / 8 / 24 - 06:51
المحور: الادب والفن
    



ومزّقوا ثيابهم ، وغطّوا رؤوسهم ، وصرخ العشرة صرخةً واحدةً مُدوّية : " نجس ، نجس .... لا تقترب "

وفهم القادم من بعيد ، العابر في السامرة ، فَهِم َأنّ هؤلاء القوم يقعون تحت غصب الله ، وأنّهم بُرُصٌ....فخاف من العدوى ، وركض لا يلوي على شيء.

ضحكوا جميعهم ، ضحكوا من فزع عابر السبيل وهروبه الذي يثير الدهشة ، وغرقوا في الضحك حين بادر احدهم زميلا له قائلا :
كان عليك أن تقول عن نفسك نجسَان !!! فأنت يا صديقي أبرص وفي نفس الوقت سامريّ غريب الجنس وبالعبرية الأصيلة " غوي"
أرجوك ابتعد عني يا نجسان !!!
وغرقوا في الضحك من جديد ، ثمّ ما لبثوا أن عادوا الى واقعهم المرير : الجوع والعطش ، النجاسة ، المرض ، الخطيئة ، التشرّد ، والذلّ والهوان.
ونظروا الى فوق ، الى السماء ، فمن هناك يأتي العون ، فهذا الوبأ لن يشفيه طبيب بشريّ ، بل طبيب الكينونة وحده ....إنّهم يذكرون اليشع النبي ونهر الأردن ونعمان السّريانيّ.

وفي عُصارى ذلك اليوم ، وفيما هم يتجاذبون أطراف الحديث المرّ ، سمعوا هرجًا ومرجًا ، فإذا بموكب السيّد يمرّ من هناك ...شابّ يشعّ نورًا ، وتطلّ المحبة من عينيه ....عرفوه ....ومن لا يعرفه ؟!! ألمْ يعرفه الشيطان قائلا : أنت ابن الله الحيّ!!
عرفوه فدخل الأمل الى حياتهم ، وسرى الرّجاء في نفوسهم ، فصرخوا من بعيد : " يا يسوع ، يا معلّم ، ارحمنا ".
واستجاب يسوع ، وكيف لا يستجيب وهو جاء لأمثالهم ؛ للبرص ، للعميان ، للصمّ ، للمُقعَدين والمظلومين....بل إنّه مرّ من هنا بالذات لأجلهم ..نعم ليست صدفة ، أنه تخطيط الهيّ.
وشفوا ، شفوا جميعهم ، شفوا قبل ان يصلوا الى الكاهن ، فالكاهن الأعظم قال كلمته ، والشّافي الأروع أمرَ ، والهدية لا بدّ أن تصل.
وصلت الهدايا ، هدايا من النوع الرّاقي ، النفيس التي تستأهل أن نقول لمعطيها ولمانحها : شكرًا ، شكرًا من الصميم ، شكرا من الأعماق ...أحسنت صُنعًا يا ربّ.
لكنهم لم يقولوا ، ولم يشكروا ، ونسوا في غمرة فرحهم وعودتهم لأهاليهم السيّد ، نسوا الواهب الشفاء ، والمانح العطايا ، نسوا الجميل وتشبثوا بالأنا !!!

السنا نفعل مثلهم ؟!
كم من مرة يا نفسي أجزل عليك العليّ النعم وسكتِّ ؟
كم من مرة مَنَّ عليك بالشفاء ، " فاستكثرت" على السيّد كلمة شكرًا ؟
كم من نسمة منعشة هبّت فأنعشتنا ، وكم من صباح جميل أشرق علينا بزقزقته وأنواره وبسماته ، وكم من مطر خيّر هطل على حقولنا ، فلم نشكر بل تأففنا أحيانًا ؟!!
كلنا برصٌ ، وكلّنا ناكرو جميل ، وقليلنا فقط كذاك الغريب الجنس ، السامريّ "الغوي " ، الذي عاد يُمجِّد الله بصوت عظيم ، وخرَّ على وجهه عند رجلي الربّ شاكرًا له.
أين التسعة سأل يسوع بألم ؟ ألمْ يوجد من يرجع ليعطيَ مجدًا لله غير هذا الغريب الجنس ؟

" امض...إيمانك قد خلّصك " صرخ الربّ وما زال يصرخ بهمس : أين الشكر ؟ أين الاعتراف بالجميل ؟ألم أنعم عليكم بالصّحة والعافية ؟ وأملأ خزائنكم بالذهب وحقولكم بالخيرات؟ ...

أترانا نسمع ، فنعود ونجثو ونشكر ؟!!



#زهير_دعيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعاشرة الزوجيّة مُقدّسة يا كرزاي !!!
- بِلا شائبة
- أنا وجبران والصّليب
- عِزبة النَّخل سيمفونيّة لا تصمت
- ما بخاف مِن بُكره
- مشهدٌ آخَر- قصّة للأطفال
- الأهلي المصري نموذجًا
- الغناء جميلٌ ولكنَّ الترنيم أجمل
- القنوات الفضائية المسيحيّة نعمة وبركة
- ذات البنطال
- موقف انساني!!!
- ربّي الشَّبَع والزّاد
- لجنة الطائفة الارثوذكسيّة في الناصرة
- ناطرين
- المسيحيون العرب ...عربُ وأكثر
- ذوقوه ولن تندموا
- تعالَ من سَماك
- زيتونة اللغة العربيّة تنتظرُ التشذيب
- الإجهاض كلمة خشِنة الوقع
- أنتَ الوطن


المزيد.....




- جان بيير فيليو متجنياً على الكرد والعلويين والدروز
- صالة الكندي للسينما: ذاكرة دمشق وصوت جيل كامل
- وزارة الثقافة اللبنانية تنفي وجود أي أسلحة تعود لأحزاب في قل ...
- في النظرية الأدبية: جدل الجمال ونحو-لوجيا النص
- السينما مرآة القلق المعاصر.. لماذا تجذبنا أفلام الاضطرابات ا ...
- فنانون ومشاهير يسعون إلى حشد ضغط شعبي لاتخاذ مزيد من الإجراء ...
- يوجينيو آرياس هيرانز.. حلاق بيكاسو الوفي
- تنامي مقاطعة الفنانين والمشاهير الغربيين لدولة الاحتلال بسبب ...
- من عروض ايام بجاية السينمائية... -سودان ياغالي- ابداع الشباب ...
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - السّامريّ الغريب