أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - وجها لوجه وليس كتفا بكتف














المزيد.....

وجها لوجه وليس كتفا بكتف


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2742 - 2009 / 8 / 18 - 08:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاحظ " رسل جاكوبي " في كتابه " نهاية اليوتوبيا " ، أن كلمات مثل " التعدد " و" التنوع " و" الاختلاف " ، أصبحت كلمات " مقدسة " أو أريد لها ذلك ، ومن يرفضها أو ينقدها اليوم ، فسوف يحرق علي خازوق ، تماما ، مثلما أحرق " جيوردانو برونو " قبل أربعة قرون .
لم يسأل أحد أو يسائل نفسه ، حسب جاكوبي : ماقدر التعدد والاختلاف داخل التعددية و الاختلاف ؟ ماذا تعني كلمات مثل " تعدد " و" تنوع " و" أختلاف" أساسا ؟ .

علي العكس مما هو شائع ، فإن الأمور ليست كما تبدو لنا ، وإنما هي تمضي دون توقف نحو "التماثل" و" التشابه " ، لا " التعدد " و" الاختلاف " . وهنا فقط يمكن أن نتفهم الصرخة التي أطلقها " جاك دريدا " في كتابه " مارقون " من خطورة الديمقراطية القادمة ، يقول : " لا خطر علي الديمقراطية القادمة ( في عصر العولمة ) إلا من حيث توجد ( الأخوة ) ، ليست بالضبط ( الأخوة ) التي نعرفها ، ولكن حين تصنع ( الأخوة ) القانون ، وتسود دكتاتورية سياسية بأسم الأخوة ... فالدعوة الي ( الأخوة ) العالمية ) اليوم ، سوف تلغي الهوية والاختلاف ، وكل ما هو " آخر " أصلا ، وهنا مكمن الخطورة .

ولعل هذا ما دفع الفيلسوف الفرنسي " إيمانويل ليفيناس " - Levinas ( 1906 – 1995 ) إلي تسمية الالتقاء " بالآخر " بـ" الحدث " ، حتى أنه يصفه بـ" الحدث الأساسي ". فهو يشكّل ، التجربة الأهمّ بالنسبة للإنسان في كل زمان ومكان ، تلك التجربة التي تفتح أوسع الآفاق للحوار والتواصل والحياة والسلام. وهذا اللقاء، كما يشير ليفيناس ، هو بداية الخروج من التمركز حول ذاتي، فمجرد وجود ( الآخر ) أمامي هو انكار لكوني ( أنا ) مركز كل شئ ، ودعوة ( لي ) و ( له ) في الوقت نفسه إلي العيش سويا .

وعلي الضد من علاقة ( المساواة ) الزائفة والموهومة ، التي بدأت في الفلسفة اليونانية ( مع أرسطو ) ، ومرورا بمبادئ الثورة الفرنسية وشعارها الثلاثي : حرية ، إخاء ، مساواة ، وانتهاء بالمساواة في النظم الشمولية ، والتي عبرت عنها صيغة : " كتف بكتف " ، ونتج عنها ابتلاع الأنا في الآخر أوذوبان الآخر في الذات، يقترح " ليفيناس " صيغة أخري هي : علاقة " وجها لوجه " - The face to face ، التي تسمح بمسافة مناسبة بين الأنا والآخر ، وتمنح الانفصال الذي هو شرط الاختلاف ، ذلك لأنها ليست دمجا ( للذات والآخر ) في وحدة كلية ، حيث يصعب هذا الدمج ، ومن ثم فهي علاقة أخلاقية أيضا ، تستدعي حرية الذات لتوجهها نحو المسئولية.

بيد ان مقولة "وجها لوجه" عند ليفيناس تحيلنا خفية إلي ما أصبح يعرف اليوم بلغة الجسد - وحسب علوم: النفس واللغة والاتصال... فإن هناك أربع شفرات للتواصل الإنساني، الكلام والصوت (السمع)، والجسد والوجه (البصر). فأنت لا تقنعني بما تقول فقط من كلمات، وإنما بالصوت والوجه والجسد.

أضف إلي ذلك أن اللغة الأبجدية نفسها تستخدم لغة الجسد، مثلما نقول: لم يرف له جفن، غض الطرف، اليد الممدودة بالسلام.... الخ. فضلا عن أن الكلمات لا تخرج فقط من فم الانسان، وإنما من كل جسده، ناهيك عن ان ما يقوله الفم ليس بالضرورة هو ما يقوله الجسد. فالإنسان لا يمكنه أن يختبئ خلف جسده وإن كان بإمكانه أن يتواري خلف كلامه. وعلاقة "وجها لوجه" هي علاقة مباشرة، والمباشرة، ربما كانت، علي صلة "بالبشرة" في اللغة العربية.

وهكذا يؤسس ليفيناس في احتفائه بالانفصال والاختلاف والوجه ، لذاتية تتحقق كمسؤولية تجاه الآخرين، وهذه المسئولية " لايمكن الهروب منها أو أستبدالها أو الاستعاضة عنها بأي شئ آخر أبدا ". ويبدو أن الدرس الاخلاقي الذي يمكن استخلاصه من العولمة اليوم ، ليس هو الدعوة إلي " الأخوة " العالمية ، وإنما ، وبالأساس ، : " هو أن جعل مستقبل ( الآخر ) مسؤولية شخصية ".



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطياف دريدا بالبحرين
- حتي لا نخسر - ذاتنا - السياسية
- يا أصدقائي ، لم يعد هناك صديق !
- النووي ، إلي أين يتجه بالمنطقة ؟
- جريمة إبراهيم عيسي !
- تحديات الليبرالية في العالم العربي
- هل بدأت الألفية الثالثة عام 1968 ؟
- تديين الشرق الأوسط .. إلي أين ؟
- الشخصية المصرية المعاصرة
- آليات الشخصية المصرية
- للصبر حدود .. وللتسامح أيضا
- الفوضي أم الاستبداد ، قدر المنطقة ؟
- الجغرافيا بين السياسة والثقافة
- شهادة المرأة في حقوق الإنسان
- 2008 .. عام المنع والممانعة
- في الثورة والفورة
- أدب المنفي ، أو الحضور الغياب
- الدبلوماسية الوقائية
- أحفاد جاليليو والبابا بنيدكت
- البحث اللاهوتي السياسي


المزيد.....




- باريس: بايدن بحث مع ماكرون قضيتي الشرق الأوسط وأوكرانيا
- ماسك يعلق على احتمال وقوع هجوم مباشر على روسيا
- رئيس الوزراء الهنغاري: الغرب يسعى لإلحاق هزيمة عسكرية بروسيا ...
- -تلغرام- يعود للعمل بعد توقفه بسبب عطل كبير
- مدفيديف لشولتس: عليك أن تركع على ركبتيك وتطلب المغفرة
- أشهر عالم آثار مصري يرد على بلاغ مقدم ضده
- إعلام أمريكي ينتقد بايدن ويدعوه لإيجاد حل للأزمة الأوكرانية ...
- مظاهرة غضب قرب سفارة إسرائيل بعمّان تنديدا بمجزرة النصيرات ب ...
- الإيرانية نرجس محمدي ترفض حضور محاكمتها الجديدة
- قتل شقيقيه بمنزل والدتهم ثم حرقه.. القبض على رجل ارتكب جريمة ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - وجها لوجه وليس كتفا بكتف