أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور نجم الدين - تعارض ماركس مع فلسفة هيغل وفيورباخ















المزيد.....

تعارض ماركس مع فلسفة هيغل وفيورباخ


أنور نجم الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2737 - 2009 / 8 / 13 - 09:31
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في (مدخل إلى: تعارض ماركس مع الفلسفة الألمانية، والاقتصاد السياسي)، حاولنا أن نبين بأن جذور المادية التاريخية، تعود الى الإنجليز وليس إلى الألمان، وإن الميدان الواقعي للمادية التاريخية، هو العالم الصناعي وليس الفكر الفلسفي، فالتاريخ المادي لا يعالج إلاَّ في علاقته بالصناعة والتجارة، أما أساس الفلسفة الألمانية، فهو التأمل وليس التاريخ، (فأن تاريخ البشرية، يجب أن يدرس ويعالج دائماً في علاقته بتاريخ الصناعة والمبادلة. بيد أنه من الواضح أيضاً أنه من المحال في ألمانيا كتابة مثل هذا التاريخ، لأنَّ الألمان لا يفتقرون إلى القدرة على تصوره، وإلى المواد فحسب، بل يفتقرون أيضاً إلى (اليقين الحسي) - كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية)، فالبيئة الضرورية للمادية التاريخية، أو الطريقة الواقعية للأبحاث، أو أساس المعرفة الواقعية عن التاريخ وما يجري فيه، كانت غير موجودة في ألمانيا.

وهكذا، فالمادية التاريخية، نظرة ناتجة عن التطور الصناعي وليس الفكر الفلسفي، ويلخص ماركس نظرته الى التناقض بين وجهة نظره المادية إلى التاريخ والفلسفة الألمانية، على الشكل الآتي:

((على النقيض من الفلسفة الألمانية التي تهبط من السماء الى الأرض، فإن الصعود يتم هنا من الأرض الى السماء – كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية)).

تنطلق المادية التاريخية، لا من التخمين، أو التأمل، أو العقل، بل من الحياة الفعلية التي يمكن التجارب عليها بصورة واقعية، فالماديون لا يلجأون إلى الفلسفة لتفسير التاريخ، أو خلال العقل الذي يتحرك وينتج الأفكار بصورة مستقلة عن- أو دون النظر إلى الوقائع الفعلية، بل يلجأون إلى التاريخ على أرض الواقع، أي خلال علاقته بالعمل، والتجارة، والصناعة، والمبادلة، وعلى العكس من فيورباخ، والذي يرى أن التاريخ والمادية، منفصلان عن بعضهما البعض، كما يقول كارل ماركس، كما وعلى العكس من هيغل، والذي يرى أن العالم تسوده الأفكار، يرى ماركس:

((حين ينقطع التخمين، في الحياة الواقعية، يبدأ اذن العلم الواقعي، الايجابي، يبدأ تحليل النشاط العملي، تحليل عملية التطور العملي للبشر. ان العبارات الجوفاء عن الوعي تنقطع، و يجب أن تحل معرفة واقعية مكانها. وان الفلسفة لتكف، مع دراسة الواقع، عن أن تكون لها بيئة تتواجد فيها بصورة مستقلة ذاتياً، و يمكننا على الأكثر أن نضع مكانها تركيباً للنتائج الأعم التي يمكن تجريدها من دراسة تطور البشر التاريخي. وليس لهذه التجريدات أدنى قيمة اذا ما أخذت بحد ذاتها، منفصلة عن التاريخ الفعلي. ان في مقدورها على الأكثر أن تخدم في تصنيف المادة التاريخية بمزيد من السهولة، وفي الدلالة على تعاقب تطابقاتها الخاصة. بيد انها لا تقدم في حال من الأحوال، مثل الفلسفة، وصفة أو مخططاً يمكن وفقاً له تكييف العصور التاريخية. وعلى العكس، فان الصعوبة لا تبدأ الا حين يباشر في دراسة هذه المادة وتصنيفها، سواءاً أكان المقصود عصراً مضى وانقضى أم الزمان الحاضر، وفي تحليلها بصورة واقعية – كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية)).

أن حركة التاريخ، ليست مجردة من مقدماتها المادية، وما هي هذه المقدمات أن لم تكن التجارة، والصناعة، والعمل، والتبادل، وغيرها من العلاقات بين البشر؟ فالمادية التاريخية بوصفها منهج تحليلي، لاتتخلى عن هذه المقدمات، أي لا تنظر من السماء الفكر الفلسفي إلى الأرض للبحث عن التاريخ. ولكن (إن إحدى المهمات الأصعب بالنسبة الى الفلاسفة هي النزول من عالم الفكر الى العالم الواقعي – كارل ماركس، الايديولوجية الألمانية)، لذلك لا يمكن للفلسفة أن تتعامل مع التاريخ بصورة واقعية، وأن كل ما تنتجه من الأفكار، تبقى مغيماً لا يمكن للانسان أن يقوم بتحقيق صحتها تجريبياً، وأن الفلاسفة أنفسهم، لا يرجعون إلى الرابطة المادية التي تجمع بين واقعهم وأفكارهم عن العالم، أي كما يقول كارل ماركس:

((لم يخطر في بال أي من هؤلاء الفلاسفة ان يتساءل عن الرابطة التي تجمع بين الفلسفة الألمانية والواقع الألماني، الرابطة التي تجمع بين نقدهم وبيئتهم المادية الخاصة – كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية)).

واذا كان الأنسان لا يسأل عن الرابطة المادية بينه وبين محيطه التاريخي، أو اذا لن يعطي التاريخ شروط تفهم هذه الرابطة، فكيف يا ترى بمستطاعه إنتاج شئ آخر سوى الفلسفة؟ أو كيف بمستطاعه مغادرة ميدان الفلسفة في تصوراته عن التاريخ الأنساني؟

وبالفعل ((لم يغادر النقد الألماني، حتى في آخر الجهود التي بذلها، ميدان الفلسفة قط. لكن جميع الأسئلة التي طرحها على نفسه قد انبثقت بلا استثناء، على العكس من ذلك، من أرض نظام فلسفي معين، ألا وهو النظام الهيغلي. وان ثمة تضليلا لا في الأجوبة عن هذه الأسئلة فحسب، بل في الأسئلة في حد ذاتها - كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية)).

أن مادية التاريخ تعني بكل بساطة، أن التاريخ موجود بشكل معطى، فالأمر اذاً، لا يتعلق بتخيله، بل بدراسته، ولكن لا تنظر الفلسفة إليه في سياقه المادي المعطى، في الشروط الواقعية التي أسستها درجة من التقدم الصناعي والعلاقات التجارية، ففيورباخ مثلاً (يتمسك بالنظرية ولا يدرك البشر في سياقهم الاجتماعي المعطى، في شروطهم الحياتية المعطاة التي جعلت منهم ماهم عليه – كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية)، لذلك من الصعب بالنسبة للفلاسفة الوصول إلى البشر إلا من خلال التأملات المجردة، وفيما يخص الألمان بالذات، يقول كارل ماركس:

فالألمان ((لم يكن لهم قط أساس أرضي من أجل التاريخ، الأمر الذي ترتب عليه أنه لم يكن لديهم مؤرخ واحد قط – كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية)).

ومن وجهة نظر المادية التاريخية، لا يمكننا النظر إلى هذا المشهد الألماني، دون النظر إليه من خلال إرتباطه بالتاريخ العالمي، أي بتطور المنتجات، وتبادل الأشياء، والتقدم الصناعي، والعلاقات التجارية، وتكوين السوق العالمية، ودون تطور هذه العلاقات العمومية، لا يمكننا التحقق أصلاً من ميدان المادية التاريخية التي تتأصل من مسرح التاريخ العالمي، وصلة الفلسفة الألمانية التي لا تتجاوز حدودها الألمانية.

((واذا شئنا ان نبين حقارة كل هذه الحركة الهيغلية الفتاة و ضيقها وروحها القومية، وبصورة خاصة التباين المضحك المبكي بين المآثر الفعلية لهؤلاء الابطال وأوهامهم بشأن هذه المآثر بالذات، فان علينا ان ننظر الى المشهد برمته من وجهة نظر تتجاوز الحدود الألمانية - كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية)).

وهكذا، فلم يكن من الممكن دحض الفلسفة الألمانية، دون النظر إلى هذا الفصل من التاريخ الأنساني، في علاقته بتطور الصناعة التي خلق بالفعل، تاريخاً عالمياً، ولم يكن بأمكان البشر، أو ماركس، إذا رجعنا إلى ميدان بحثنا، نقد التاريخ الألماني وفلسفة هيغل وفيورباخ، الا بناءاً على ما وصل إليه بالذات الإنجليز ونظرته المادية التاريخية التي كانت تمثل واقعه التاريخي الخاص، ونعني به الصناعة والعلاقات العالمية، ولم يكن كل هذا ممكناً، دون إنخراط الإنتاج الرأسمالي في أزماته الاقتصادية الدورية، ثم إظهار التناقضات الطبقية التي بدأت بدفع التاريخ بما لا يجتهده الاقتصاد السياسي، أي نحو عالم لا يمكن للفلسفة أو حتى علم برجوازي مثل الاقتصاد السياسي، تصوره، وهو العالم الكوموني.

وفي موضوعنا اللاحق، نتطرق إلى: (تعارض ماركس مع الاقتصاد السياسي)، في أهم الوجوه الأساسية من هذا العلم البرجوازي الذي تعفن مع تعفن الإنتاج الراسمالي.






#أنور_نجم_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل إلى: تعارض ماركس مع الفلسفة الألمانية، والاقتصاد السياس ...
- التناقض بين المادية التاريخية والفلسفة الماركسية - 2- المارك ...
- التناقض بين المادية التاريخية و الفلسفة الماركسية - 1- المار ...
- التروتسكية: نظرية الثورة الدائمة - )مقتطفات من: التروتسكية ث ...
- الهوبسنية – اللينينية و الحركة الكومونية العالمية - التناقض ...
- المادية التأريخية و اسطورة الماركسية – جوابا لانتقادات المار ...
- تصحيح خطأ!
- الشيوعية وأسطورة الماركسية – ماركس ولينين ((1))
- هل نحن على أعتاب انفجار عالمي جديد وثورة أممية جديدة؟ 6 أزمة ...
- هل نحن على أعتاب انفجار عالمي جديد وثورة أممية جديدة؟ 5) أزم ...
- الهوبسنية – اللينينية و الحركة الكومونية العالمية: التناقض ب ...
- هل نحن على أعتاب انفجار عالمي جديد و ثورة أممية جديدة؟ 4) لن ...
- هل نحن على أعتاب انفجار عالمي جديد، وثورة أممية جديدة؟ 3) أز ...
- هل نحن على أعتاب انفجار عالمي جديد و ثورة أممية جديدة؟ 2) لم ...
- هل نحن على أعتاب انفجار عالمي جديد و ثورة أممية جديدة؟ 1) أز ...
- المجاعة الكبرى في الاتحاد السوفياتي: موت الملايين من الجوع ف ...
- الاتحاد السوفياتي: اسطورة اشتراكية القرن العشرين – المجاعة: ...
- الاتحاد السوفيتي: اسطورة اشتراكية القرن العشرين – القسم الرا ...
- الاتحاد السوفيتي: اسطورة اشتراكية القرن العشرين – القسم الثا ...
- الاتحاد السوفيتي: أسطورة اشتراكية القرن العشرين – القسم الثا ...


المزيد.....




- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور نجم الدين - تعارض ماركس مع فلسفة هيغل وفيورباخ