أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - وصية لميت لم يمت بعد














المزيد.....

وصية لميت لم يمت بعد


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 833 - 2004 / 5 / 13 - 08:47
المحور: الادب والفن
    


وصية لميت لم يمت بعد
منذ لحظات رن هاتف أخر الليل, توقعت من رنته انه يحمل خبرا مزعجا كعادته
فمنذ ما يقارب الثلاث سنوات, منذ غادر تلك الأرض الحمراء بنفس الثوار السمراء بعبق الأرض الخضراء بشموخ جبالها وأنا أخشى رنة هذا الهاتف المزعج بعد منتصف الليل
مرات قليلة فقط هي التي خاب ظني فيها بخبر لم يجعل الدموع تتغرغر في حدقاتي
هاتف هذا المرة كان وقتيا
*انه في حالة موت سريري
*هل سيموت إذا ؟
*هكذا يقول الأطباء
أغلق الهاتف وكأن الدنيا بدأن دورانها الغريب
انه كما يسمونه في اللغة العربية ( يحتضر )
وكما يسميه الأطباء ( في حالة موت سريري )
وكما يسميه الفلسطينيون ( مشروع شهيد )
حتى في الأسماء لهم شيء مميز
لم تكتمل فرحتي بخبر رأيته منذ قليل على شاشات الفضائيات لمشهد الدبابة التي فجرها رجال المقاومة الباسلة تاركة خلفها ستة قتلى صهاينة أثارت حفيظة الكنيست وجعلت وزراء الاحتلال يطالبون شارون بالاستقالة
لان مثل هذه العملية ستكشف للرأي العام في داخل الكيان المحتل حجم الكذب الذي يرافق إعلانهم عن تفجير دبابة نتج عنها جرح جندي.
هذه المرة لم يدعهم المقاومون يعيدون كذبتهم السابقة بأن أحدا لم يصبى بأذى.. لدى الأبطال هذه المرة أدلة قاطعة... جثث الجنود الستة.
قطع هذا الخبر المحزن تفكيري العميق باستراتيجية المقاومين باحتجاز الجثث الستة فربما سيؤدي إلى فتح باب المفاوضات مع المقاتلين لتسليم الجثث مقابل إطلاق سراح بعض الأسرى أو ربما وقف العدوان.
كان في مخيلتي مشروع نصر تحول إلى مشروع شهيد
لذلك لم أجد ما افعله سوى أن أمسكت قلمي وخططت كلماتي لشهيد لم يكتمل بعد
كلوحة زيتية ترسم نهرا في وسطه نخلة من أرض الفرات لم تكتمل بعد
عصفور في موسم هجرته لم يتم موسم رحيله
كمقاتل عاشق مات قبل أن يتم رحلة عشقه على سرير مرض
لم يكتمل المشهد بعد
لذلك
دعوه.... دعوا حبيبي بدون رثائكم... بدون صخبكم الفارغ... بدون مظاهرات العرب
دعوه يموت بصمت
ودعوا رفيقي كما ودعته
مزيدا من أكاليل الورد في جنازته وعلى قبره لن يكفي, ولا قصيدة من رثاء أحرفها غدت صماء مفرداتها تُستعار من قصيدة لعنترة في رثاء فرسه, وقيس في غزله بلبنى
مزيدا من الدمع لا يكفي, فحدقات العيون أدمنت الدموع على الغائبين والهاربين وقتلى على حبة تفاح مسروقة من بستان محتل
لا تظنوا مزيدا من الصور على جدرانكم تعلق ستعجبه, ولا مزيدا من التهديد والتنديد والمنصات الفارعة الفارغة سوى من كلامكم
لا ترثوه بخطاب يلقيه نصاب ينتظر أخر الخطاب شيكا يدخل رصيده كلما ارتقى شهيد
امنحوه قليلا من صمتكم كي يرتاح
فقد مات من أجلكم
من اجل التراب
من أجل متر من الأرض يدفن فيه بعد موته دفع حياته
صمتكم يكفيه فلا تكفنوه ولا تزينوه ولا تهتفوا له وتطلقوا رصاصكم الغبي في جنازته, فمن قتلوه الهدف المفترض لهذا الرصاص
دعوه يموت بسلام
كل ما يطلبه منكم ألا تخونوه مرة أخرى
كي لا يُقتل مرة أخرى بخناجركم
دعوه يموت بسلام
هكذا ودعوا شهيدا جديدا سيلتحق بركب رفاقه عما قليل في حالة موت سريري في مستشفى رفيديا في نابلس
أصيب في اشتباك مع قوات الاحتلال الصهيوني منذ ساعات

................................................................................................................................................
مهند صلاحات / الأردن
11/5/2004 الساعة العاشرة مسائا

[email protected]
www.talluza.jeeran.com



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا زمان سقوط الأقنعة
- الانتخابات الأمريكية...ودورنا المغبون!!!!
- ابن لادن... إسلام ضد الإسلام أم إسلام ضد الجميع ؟؟؟ سؤال يجب ...
- صليب الملح... هل تسمعين يا فاطمة
- الخرافات الدينية... الصكوك الأولى في التنازل عن فلسطين للدول ...
- آلام المسيح أم آلام الشعوب
- العلمانية ضرورة للتغيير في المجتمعات وخاصة العربية
- علاقة المرآة بالمجتمع تستمد من علاقة الفرد بالسلطة
- اغتيال احمد ياسين والبعد السياسي الدولي على المنطقة
- القتلى والمقاتلون السكارى قرائة ادبية في مقتطفات من بستان ال ...
- للقهوة صباح اخر
- الفضائيات العربية لسان الراسمالية الناطق - المعلن والمبطن
- عرب اطاعوا رومهم ... اسلاميون اطاعوا احتلالهم فل نحطم جدار ا ...
- اوراق المفاوض الفلسطيني // مخطوطة باقلام امريكية


المزيد.....




- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - وصية لميت لم يمت بعد