أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - عبدالوهاب حميد رشيد - العراق يعاني من نوبة بيئية كارثية















المزيد.....

العراق يعاني من نوبة بيئية كارثية


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 2728 - 2009 / 8 / 4 - 03:58
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    


العواصف الترابية المتكررة حالياً، هي مجرد علامة واحدة للأضرار التي أخذت بخناق العراق
وحوّلته من سلة غذائية breadbasket لمنطقة الشرق الأوسط إلى صحن/ تجويف غباري .dust bowl
أنتَ تنهض في الصباح لتجد مناخيرك nostrils مسدودة، المنازل والأشجار اختفت تحت ضباب ودخان تخنق المباني، وهواء حار يحمل ذرات يدخل من خلال الشبابيك والأبواب ويُرسب شيئاً برتقالياً وهّاجاً مخيفاً.. (اليورانيوم المنضبت وحصيلة استخدام أسلحة الدمار الشامل من قبل الاحتلال!).
العواصف الترابية ظاهرة معتادة في العراق، لكنها صارت مؤخراً أكثر تكراراً ولفترة أطول، بل وتحولت إلى ظاهرة اعتيادية سائدة.." يبدو أن العواصف الترابية صارت يومية عندنا،" قالها رعد حسين (31 عام)- بائع تحفيات- اضطر لنقل أبنه الصغير (5 سنوات) على عجل إلى المستشفى أثناء هبوب عاصفة بسبب صعوبة التنفس. "نعاني من نقص إمدادات الكهرباء، نُعاني من التفجيرات، والآن نُعاني أكثر بسبب هذا الغبار الرهيب،" وأضاف " لا بد أن يكون عقاباً من الله (!!)،" عارضاً رأياً منتشراً على نحو واسع بين العراقيين ممن يحاولون تقديم تفسيرهم الرؤيوي apocalypticللطقس."
الحقيقة ربما تكون مفزعة. السقوط وسط ما يسميه بعض الرسميين بـ: كارثة بيئية، وتصاعد تكرار العواصف الترابية هو مجرد أحد الأوجه الأكثر بروزاً لهذه الكارثة.. ويرتبط بذلك عقوداً من الحرب، المقاطعة والاحتلال، يُضاف إليها أيضاً عامان من الجفاف، كلها كافية لدفع النظام الإيكولوجي العراقي نحو الهاوية: تجفيف أحواض الأنهار والأهوار، تحويل الأراضي القابلة للزراعة إلى صحراء، قتل الأشجار والنباتات، وعموماً نقل transforming ما عُرف سابقاً البلد الأكثر خصوبة في المنطقة إلى أرضِ جرداء wasteland.
هبوط الإنتاج الزراعي يعني أن العراق تحول من مصدر لتصدير الغذاء. عليه أن يستورد هذا العام بحدود 80% من غذائه، ينفق المال الضروري والمطلوب لإعادة بناء مشروعاته. "نحن نتكلم عن شيء يجعل بلاد السلة الغذائية مثل مجرد بقعة صحراوية في اوكلاهاما خلال الجزء المبكر من القرن العشرين،" حسب Adam L. Silverman- عالم اجتماع مع الجيش الأمريكي خدم في جنوب بغداد العام 2008.
أصبحت رخاوة/ ضعف البيئة حتى في حالة هبوب ريح خفيفة فإنه يحمل كميات من الغبار تبقى عالقة في الجو على مدى أيام.
العواصف الرملية Sandstorms ظاهرة تحدث بشكل طبيعي في جميع أنحاء المنطقة، لكن تراكم الغبار في سياق المزيد من العواصف الترابية ولفترات أطول، فاقم exacerbated المشكلة، حسب Lt. Col. Marvin Treu- رئيس مكتب الطقس في الجيش الأمريكي.
شهد هذا الصيف فترات غبارية أكثر من ضعف عدد أيام الفترات السابقة. وفي 35% من أيامها كانت الرؤيا تنعدم إلى أقلّ من ثلاثة أميال، وإلى درجة أصبحت معها رحلات الطييران غير آمنة. وفي العديد من هذه الأيام بلغت الرؤيا درجة الصفر، تأخرت الرحلات الجوية، تعرقلت الحملات العسكرية، ودفعت بآلاف الناس إلى المستشفى نتيجة صعوبات في التنفس.
عدم توفر المياه، مسألة أخرى خطيرة، وله تأثير ضخم على المجتمع العراقي برأي Silverman- مستشار اجتماعي للاتصالات الستراتيجية مع نظام الحقل البشري لجيش الاحتلال، برنامج يربط علماء الاجتماع والانثروبولوجيا مع فرق عسكرية. إنه انقلاب مثير في بلد ولِدتْ الزاعة في أحضانه قبل آلاف السنين. اسم العراق- ميزوبوتاميا- بمعنى أرض ما بين النهرين. ورغم أن حوالي نصف البلاد كان صحراء بشكل تقليدي، فإن إرواء السهول الخصبة كانت تتحقق بشكل رئيس من خلال دجلة والفرات، وكانت البلاد توفر الغذاء لمعظم منطقة الشرق الأوسط.
تُقدّر وزارة الزراعة بأن 90% من الأراضي المتاحة حالياً أما صحراء أو تُعاني من التصحر desertification، بينما الأراضي المتبقية تتعرض للتعرية eroded بمعدل 5% سنوياً، حسب فاضل فراجي- مدير عام دائرة مكافحة التصحر في الوزارة.
وأضاف "التصحر يماثل السطان في جسم الإنسان.. عندما تفقد الأرض غطاءها الطبيعي/ النباتي vegetation cover، عندئذ يكون من الصعب جداً إعادتها إلى حالتها الطبيعية. عليك أن تتعامل معها متراً بعد متر."
من الصعب معرفة من أين تبدأ لمعالجة شبكة العوامل المعقدة التي تدفع العراق إلى هذا الحضيض، لكن الرسميين يوجهون لومهم إلى الأخطاء البشرية أساساً.
لم يتأكد علمياً أن حركة المدرعات tank movements في الصحراء ساعدت على إثارة الغبار، كما يعتقد العديد من الخبراء العراقيين. لكن العوامل الأخرى ليست محل خلاف.
بالعلاقة مع الحاجة لتوفير الإنتاج الغذائي، تم تشجيع الفلاحين من قبل الأجهزة الرسمية لزراعة الأراضي الحدية marginal land، وعند الفشل يهجرونها لتواجه معضلة تعرية غطائها النباتي.
لعبت مشكلة النقص المزمن في إمدادات الكهرباء كذلك دوراً في هذه المعضلة. الناس يقطعون الأشجار لتوفير وقود طبخ الطعام مما أسفر عن المزيد من الأرض الجرداء، كما أن نقص الطاقة خلق صعوبة لضخ المياه من القنوات الإروائية للحقول الزراعية. النواقص المركبة الرهيبة القائمة أجبرت محطات الطاقة التوقف لأيام من حين لآخر لأفتقارها للمياه.
ثم جاءت مشكلة الجفاف الواسع على مستوى المنطقة فاستنزفت بشكل مثير كميات المياه المتاحة. فقد بلغ معدل سقوط الأمطار في العام الماضي أقل من مستواها الاعتيادي (80%)، انخفض هذا المعدل العام الحالي إلى حدود النصف.
تركيا وسوريا، حيث تسيطران على منابع نهر الفرات المتجهة للعراق، خفضتا مياه النهر إلى النصف للتعامل مع الجفاف الذي سبب المشاكل لهما، حسب عون عبدالله- رئيس المركز الوطني لإدارة الموارد المائية.
تم تحويل كميات من مياه دجلة للحفاظ على تدفق مياه نهر الفرات، مما تسبب في مشاكل للمجتمعات المحلية على طول امتداد دجلة. كذلك قامت إيران ببناء السدود على روافد الأنهار التي تصل إلى العراق، مؤدياً إلى تجفيف أحواضها شرق البلاد.
وهكذا اتسعت الآثار السلبية إلى بعيداً جداً من مجرد العواصف الغبارية المؤذية. مياه الشرب نادرة في مناطق كثيرة من الجنوب العراقي طالما أن مياه النهر تترشح مياه الأنهار المستنزفة. الأهوار الأسطورية fabled marshes لجنوب العراق، جففت من قبل النظام العراقي لما قبل الاحتلال، ثم أُعيدت إليها المياه بعد الغزو/ الاحتلال الأمريكي العام 2003، ومع ذلك فهي تتجه حالياً نحو الجفاف، بينما عرب الأهوار التقليديين ممن يعتمدون في معيشتهم عليها أُجبروا تحت ضغط ظروف الجفاف هذه إلى الهجرة مرة أخرى.
في المدن، يتنافس الريفيون المهاجرون مع فقراء الحضر للحصول على فرص العمل النادرة أصلاً. وفي سياق اليأس desperation، ينحرف البعض باتجاه ممارسات العنف أو الجريمة.
ومن ثم هناك العواصف الغبارية التي تنقل أزمة أهل الريف إلى غرف طعام سكان المدن. يحتوي الغبار الساقط على ذرات معدنية (يورانيوم منضب)، إذ تجد طريقها إلى داخل الجسم بدءً بالأجهزة التنفسية. "إنها تؤدي إلى مشكلات صحية. تُعوق وظائف الجسم. تُدمر آلياته. هذا عدا عن ذكر الآثار النفسية.. إنها كارثة تؤثر في كل جانب من جوانب حياة العراق،" قالها إبراهيم جواد شريف، المسؤول عن رصد التربة عن بعد في وزار البيئة.
يتطلب إصلاح المشكلة ضخ أموال ضخمة يتجاوز قدرة العراق وحده، حسب وزير البيئة.. البلاد بحاجة إلى المساعدات الدولية لإعادة تنشيط الزراعة، زراعة الأشجار، وكذلك المساعدة على التفاوض للوصول إلى معاهدات لتقاسم المياه مع تركيا وسوريا.
فيما إذا كانت هذه المشاكل قابلة للحل، فتلك مسألة أخرى. قالها رسمي غربي ساهم في جهود تجديد rejuvenate الزراعة في العراق، بعد أن طلب عدم كشف هويته. وأضاف: للحكومة أولويات أخرى.. "المسألة هي فيما إذا كانوا مهتمين... المعضلة بحاجة إلى مساعدة ضخمة بالعلاقة مع الأمد الطويل تمتد لأجيال قادمة."
( يظهر أن المقالة تجاهلت أخطر المشاكل المحدقة بصحة وحياة العراق- من بشر وحيوان ونبات.. بعد نشر 300 طن من اليورانيوم المنضب على أرض العراق خلال حرب الخليج "1991" و ألفي طن أخرى عند غزو/ احتلال العراق "2003"، مع استمرار استخدام أسلحة اليورانيوم المنضب طوال فترة الاحتلال ولغايته، إذ سبق وتم نشر أكثر من مقالة ودراسة تُحذر الناس بأن الاقتراب لأكثر من مائة متر من أي موقع مصاب بهذا السلاح سيعرضهم لخطر الإصابة بالإشعاع الذري.. الموت البطيء مع الألم الشديد.. إن تنظيف العراق من آثار هذه الجريمة فقط التي يُغطي عليها حكومة الاحتلال في بغداد تتطلب لوحدها ربما مليارات الدولارات!!)*
ممممممممممممممممممممممممممـ
Iraq in throes of environmental catastrophe, experts say,By Liz Sly,Uruknet.info, July 30, 2009.
[email protected]
* أنظر، د. عبدالوهاب حميد رشيد: التحول الديمقراطي في العراق- المواريث التاريخية والأسس الثقافية والمحددات الخارجية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2006، ص166-167.. ومقالات عديدة نشرت في مواقع متعددة بخصوص تلوث البيئة العراقية باليورانيوم المنضب.





#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول شرعية المقاومة
- اللاجئون العراقيون.. حقوق المرأة ومخاطر العودة..
- الرشاوى لشراء الوظائف في العراق
- العراق يعاني من تضاؤل مياه نهر الفرات
- حرب الفتوحات الكولونيالية في أفغانستان
- العراق والاكراد.. معضلة على طول خط المواجهة الملتهب
- الجفاف، الزراعة، والمشاكل الاجتماعية في العراق
- الحقيقة وراء دعاية تحقق -السيادة- العراقية
- هذا العار.. هو عارك!
- لماذا صار العراق البلد الأكثر فساداً في العالم!؟
- ما وراء السياسة (الإمبريالية).. بشر للبيع في عالم جائع..
- حرب أهلية.. هدية اوباما ل.. باكستان..
- ثمار من غابة!
- لغز تصاعد التوجه العسكري لدى اوباما
- لعبة كرة جديدة في العراق
- اوباما يرفع مستوى ضبابية -الحقيقة- في خطابه
- اوباما.. أتركْ وأنسَ المفاوضات
- حان الوقت لمقارنة كلمات اوباما السابقة مع أفعاله الحالية
- عنصريون ديمقراطيون!
- مشروع نهر البارد.. يجب أن لا يفشل..


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - عبدالوهاب حميد رشيد - العراق يعاني من نوبة بيئية كارثية