عبدالوهاب حميد رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 2684 - 2009 / 6 / 21 - 07:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ترجمة: عبدالوهاب حميد رشيد
فشلت السياسة الخارجية للولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، والسبب الرئيس يتمثل في اعتمادها على القوة العسكرية في مواجهة مشاكلها الخارجية، في حين أنها تطلبت المزيد من التعاون والدبلوماسية.
ينضم الشباب إلى المقاتلين في أماكن مثل السودان، الصومال، باكستان، وأفغانستان نتيجة انعدام فرص العمل أمامهم. وتؤثر الايديولوجيات المتطرفة على الناس ممن لا يستطيعون توفير لقمة العيش لعائلاتهم. زاد الرئيس اوباما من الأمل باتجاه ستراتيجية جديدة، ولكن لغايته، استمرت القوة في السياسة الخارجية الأمريكية تُهيمن على قوى التغيير.
القاعدة الأولى لبناء ستراتيجية حكومية واقعية أصيلة هي في متابعة مسألة النقود money. تنفق أمريكا بمستوى فوق العادة وسريع التصاعد vastly overspend على المؤسسة العسكرية مقارنة بالمجالات الأخرى للانفاق الحكومي. الميزانية المخططة لـ اوباما لا تُغير هذا الواقع، فهي تتطلب للسنة المالية القادمة (2010) 755 بليون دولار للانفاق لصالح القوات المسلحة. مبلغ يتجاوز صرفيات ميزانية الولايات المتحدة في كافة المجالات الأخرى، عدا ما يُسمى بـ "النفقات الإلزامية" mandatory spending: التأمين الاجتماعي، الرعاية الصحية، الفوائد على الدين الوطني، وبعض الفقرات القليلة الأخرى.
في الواقع، يتجاوز الإنفاق العسكري الأمريكي مثيله في الميزانية الاتحادية، متضمنة: الزراعة، تغير المناخ، حماية البيئة، حماية المحيطات، نظم الطاقة، الأمن الداخلي، العائلات ذوي الدخول الواطئة، الحدائق العامة وإدارة أراضي الدولة، النظام القضائي، التنمية الدولية، العملية الدبلوماسية، الطرق العامة، النقل العام، المحاربون القدماء، استكشاف الفضاء وشؤون العلم، التنمية والبحوث المدنية، الهندسة المدنية لطرق المياه، الخزانات، الجسور، معالجة مياه المجاري والفضلات، تنمية الكوميونات، والعديد من المجالات الأخرى. وسوف يستمر تفوق preponderance النفقات العسكرية لكل السنوات العشر في المتوسط لسيناريو اوباما لتصل إلى 8.2 ترليون دولار وبزيادة 2 ترليون دولار على صرفيات ميزانيات كافة المجالات غير الإلزامية.
النفقات العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية بارزة كذلك عند مراجعتها من وجهة نظر الإنفاق الدولي. وحسب معهد استوكهلم لبحوث السلام العالمي، بلغت النفقات العسكرية الكلية وفق الأسعار الثابتة للعام 2005 بحدود 1.4 ترليون دولار العام 2007. بكلمات أخرى، تنفق الولايات المتحدة نفس المبلغ تقريباً الذي تنفقه كافة دول العالم الأخرى على الإنفاق العسكري- نمط، حسبما توضحه إدارة اوباما، لا نهاية له.
توفر القرارات السياسية للأشهر الأخيرة أملاً ضئيلاً باتجاه التغيير الجذري في السياسة الخارجية الأمريكية. ففي حين أن الولايات المتحدة عقدت إتفاقية مع العراق لترك البلاد نهاية العام 2011، هناك حديث في البنتاغون بأن "قوات غير محاربة" non combat أمريكية ستبقى في العراق لسنوات، بل لعقود قادمة. من السهل أن ترى كيفية الإصرار على عدم الاستقرار في العراق بتأثير إيراني وحضور القاعدة، مما سيقود صانعي القرارات السياسية الأمريكية نحو "الطريق السليم" safe route باتجاه التورط العسكري المستمر!
بعض معارضي حرب العراق، وأنا (كاتب المقالة) منهم، يرون أن التطرف- وسوء التوجيه العميق- ذو علاقة بالحرب منذ مستهل إنشاء قواعد عسكرية دائمية بعيدة الأمد في العراق، بزعم ظاهري ostensibly مفاده حماية طرق إمدادات النفط والامتيازات النفطية. وكما تبين أمثلة إيران والسعودية، على أي حال، فإن مثل هذا الحضور الطويل الأمد سيخلق عاجلاً أم آجلاً ضربات انفجارية في الظهر explosive backlash.
بل أن ظروف القلق هي أسوأ في أفغانستان وباكستان. حرب الناتو ضد طالبان في أفغانستان تتجه نحو الأسوأ، والأكثر من ذلك، فقد تم طرد الجنرال الأمريكي مؤخراً- القائد العسكري هناك. كما أن الطالبان يوسعون من بسط نفوذهم في باكستان.
تُعتبر أفغانستان والمحافظات الباكستانية المجاورة من المناطق الفقيرة، مع انتشار بطالة واسعة فيها، ومنتفخة بكثافة سكانية عالية من الشباب، فترات جفاف ممتدة، مجاعة واسعة، وهيمنة الكساد الاقتصادي.. وهنا من السهل على طالبان والقاعدة تعبئة mobilize المقاتلين في مثل هذه الظروف.
المشكلة تتجسد في أن الاستجابة العسكرية للولايات المتحدة عديمة الفائدة بدرجة عالية في مثل هذه الأحوال. ويمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع بدلاً من معالجته. وتعتمد الولايات المتحدة بشكل ثقيل، بين مشاكل أخرى، على الطائرات والقاذفات، مؤدية إلى تصاعد أعداد الضحايا المدنيين، مما يشعل غضب عامة الناس ضدها. فبعد كارثة واحدة مؤخراً انتهت بقتل أكثر من 100 مدني، أصرّت إدارة الدفاع الأمريكية (البتاغون) حالاً بأن مثل تلك العمليات من القصف الجوي سوف تستمر. أظهر مسح حديث أن أغلبية عارمة من الباكستانيين (الأفغانيين؟) يُعارضون الغارات العسكرية الأمريكية على بلادهم.
يتورط اوباما عميقاً وبشكل سريع في المستنقع الأفغاني من خلال توجهه نحو زيادة عدد القوات الأمريكية من 38 ألفاً إلى 68 ألفاً وربما أكثر فيما بعد. هناك أيضاً مخاطر من أن الولايات المتحدة ستتورط أكثر فأكثر وبشكل ثقيل بالقتال في باكستان. إن الجنرال الأمريكي- القائد الجديد في أفغانستان شهير بتخصصه في مقاتلة المتمردين (المقاومة)، ويمكن أن يقود الولايات المتحدة التورط على نحو مستتر surreptitious في باكستان. وإذا حصل هذا الأمر عندئذ تكون الحصيلة كارثية مؤدية إلى انتشار الحرب في بلد غير مستقر يضم 180 مليون من السكان. وما هو محبط disconcert، على أي حال، ليس فقط الحاجة إلى تمويل لا يلين واتساع الحرب، بل كذلك غياب ستراتيجية بديلة للولايات المتحدة الأمريكية.
تحدث اوباما وكبار مستشاريه وبانتظام عن الحاجة إلى التعامل مع المصادر الأساسية للصراع التي تُعاني من الفقر والبطالة. تمت التوصية ببضعة بلايين من الدولارات لتمويل ودعم المساعدة الاقتصادية لـ أفغانستان وباكستان. لكن هذا يبقى مبلغاً صغيراً مقارنة بالمصروفات العسكرية، علاوة على غياب إطار محدد لدعم الإنماء الاقتصادي.
قبل استثمار مئات البلايين من الدولارات في مواجهة فشل العمليات العسكرية، على إدارة اوباما إعادة التفكير في سياستها وأن تُطلق ستراتيجية قابلة للحياة لصالح مواطني الولايات المتحدة والعالم. إنه لوقت مُلحّ من أجل بناء ستراتيجية للسلام في سياق التنمية المستديمة- متضمنة الاستثمارات في الصحة، التعليم، مصادر المعيشة، الماء وصيانة الصحة العامة والري- في المناطق الساخنة حالياً- مع البدء بـ أفغانستان وباكستان.
لا يمكن لمثل هذه الستراتنيجية أن تبزغ، ببساطه، كحصيلة هامشية by product للحملات العسكرية الأمريكية، بل تتطلب التطوير المدعم مسبقاً، ليعكس الشعور بإلحاحها وعجالتها ومن خلال شراكة وثيقة مع البلدان المتأثرة والكوميونات القائمة فيها. إن الانتقال shift باتجاه التأكيد على التنمية الاقتصادية سوف يحمي أعداد وفيرة من الأحياء، وتقود إلى تحويل تكاليف ضخمة للحرب لصالح تحقيق منافع اقتصادية من خلال التنمية. يجب على اوباما أن يعمل بهذا الاتجاه قبل انفجار الأزمة الحالية ومخاطر تحولها إلى كارثة أكبر..
ممممممممممممممممممممممممـ
Obama s military conundrum, by Jeffrey Sachs, Aljazeera.com, 12/06/2009.
#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟