تجاهل الأطفال ضحايا جرائم حروب بوش

عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 2642 - 2009 / 5 / 10 - 09:05
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

ترجمة:عبدالوهاب حميد رشيد
صار التعذيب محل الإنتباه الأكبر بين جرائم حروب بوش.. الأسوأ من التعذيب هو قتل أكثر من 50 معتقلاً في أبو غريب، أفغانستان، وغوانتانمو.. لكن قضية إساءة معاملة الأطفال تواجة صعوبات أكبر في جمع الأدلّة وإثباتها مقارنة بالممارسات الإجرامية الأخرى، لأنها غُلِّفتْ بقدر عالٍ من السرية التي أُحيطت بها جرائم حروب بوش عموماً.. شملت ممارسات اعتقال آلاف الأطفال مختلف أشكال التعذيب، في سياق حرمانهم من الحقوق التي توفرها لهم معاهدة جنيف والإتفاقات الدولية ذات العلاقة. ومع ذلك فقد فشل كل من الكونغرس والرأي العام media، وعلى نحو غريب ومُريب، تشخيص الوجود الفعلي لأطفال معتقلين باعتبار هكذا اعتقال يُشكل بذاته جريمة حرب..
المثال الأول لجرائم الحرب ضد الأطفال، حيث تم توثيقها بصورة جيدة، ظهرت أثناء غزو أفغانستان العام 2001 بفعل القصف الجوي لمستشفى الأطفال في كابول، وقتل المرضى الراقدين، خلافاً لمعاهدة الصليب الأحمر 1864. أطفال آخرون قتلوا في سياق المقولة الدارجة لمثيري الحروب "أضرار مصاحبة" collateral damages أثناء الحرب في أفغانستان والعراق، خلافاً لمعاهدة جنيف التي حرّمت القتل العشوائي/ بلا تمييز indiscriminate killing في أوقات الحرب، رغم أن عدد القتلى غير معروف. بينما تم تسجيل مقتل 300 طفل أثناء العدوان على الفلوجة وتصوير جثثهم بفلم حي تم عرضه على فضائية الجزيرة.
في العام 2008 أرسلت إدارة بوش تقريراً إلى لجنة حقوق الطفل- الأمم المتحدة- تضمّن أن الولايات المتحدة اعتقلت 2400 طفلاً خلال الفترة 2002-2004 في العراق و 100 طفل في أفغانستان، رغم أن مصدراً آخر أعلن أن الرقم في أفغانستان لا يقل عن 800 طفل أعمارهم 10-15 سنة، منهم 64، على الأقل، أرسلوا إلى غوانتانمو، وبقي منهم 21 لغاية أيار 2008. وهو تاريخ إرسال اللجنة توبيخاً قاسياً upbraid إلى الولايات المتحدة بسبب توجيهها التهم بجرائم الحرب ضد أطفال قاصرين minors بدلاً من معاملة من هم دون سن الرشد كونهم ضحايا الحرب.. الجدير بالذكر أن طفلي خالد الشيخ محمد (7، 9 أعوام) صارا معتقلين في سجن منفصل لإجبار الأب على الاعتراف.
تعرض العديد من الأطفال المعتقلين للتعذيب والمعاملة الوحشية. ففي سجن ابو غريب صوّر الحراس الأمريكان بالفيديو عراقياً أُجبر على اغتصاب شاب صغير.. وربما أن الحالة الأسوأ حدثت مع فتاة (12 أو 13 عام) عندما أخذت تصرخ مستنجدة بأخيها في الزنزانة فوقها بعد أن نزعوا عنها ملابسها وأخذوا بضربها وهي عارية. الصحفي العراقي Suhaib Badr- Addin Al-Baz الذي سمع صراخ الفتاة، شاهد شاباً صغيراً وهو مريض أُجبر على الركض صعوداً ونزولاً في نفس معتقل ابو غريب وهو يحمل وعائين ثقيلين من الماء، مع تعرضه للضرب كلما أعياه التعب وتوقف. وعندما انهار أخيراً، قام الحراس بتعريته من ملابسه وسكبوا الماء البارد عليه.. أخيراً، تم إحضار رجل مقنع hooded man، وعندما تم رفع القناع عنه أدرك الصبي أن الرجل هو والده. وكان الموقف واضحاً بما لا يقبل الجدل بأن الأب قد تعرض كذلك للتعذيب، وتم إحضاره بوحشية ليرى منظر ولده المعذب وبوحشية أيضاً، لإجباره على الاعتراف.
عندما خضع الجنرال Hamid Zabar للتحقيق، قرر المحققون اعتقال ولده الضعيف البنية frail (16 عام) لإجباره (الأب) على الاعتراف. وبعد أن وجد الجنود الابن، قاموا بتعريته من ملابسه وغطسه بمياه طينية وتعريضه لبرد ليل شهر يناير ومن ثم وضعه مكبلاً في خلفية مفتوحة لشاحنة ونقله. وعندما تم إحضاره عارياً أمام الأب ، كان يرتجف بشدة بسبب البرد والمرض وبحاجة ملحّة للرعاية الطبية.
تم توثيق 25 جريمة حرب، على الأقل، تخص تحديداً الأطفال المعتقلين. تضم هذه الجرائم: النقل الاعتباطي خارج بلدانهم الأم.. تَرك والدي الطفل في حيرة من مصير أطفالهم.. عندما تم كشف مواقعهم بعد فترة، لم يُسمح لأولياء أمورهم الاتصال بهم، حتى ولو بواسطة الرسائل الإلكترونية.. لم يعلم أعضاء عائلة Hassin Bin Attash شيئاً عن مصيره والظروف الاستثائية لاعتقاله وترحيله والتحقيق معه rendition وسجنه في الأردن.. وكذا الحال مع اختفاء أحمد بشير على مدى سنتين وهو في سجن سري.
حشر الأطفال داخل نفس زنزانات البالغين بخلاف معاهدة جنيف، تعرضهم للسجن الانفرادي، حرمانهم من التعليم وخلق فرص جديدة لممارسة حياتهم الاعتيادية مستقبلاً.. وفي نفس الوقت رفضت السلطات المعنية التحقيق أو محاكمة هؤلاء ممن أساؤوا معاملة الأطفال، ولم تتخذ إجراءات لمنع تكرار إساءة معاملة المعتقلين أو مساعدتهم لمعالجة حالات اضطراباتهم العصبية.. كما وحُرّموا من المشورة القانونية، وكشف أسباب اعتقالهم أو الإسراع بمحاكمتهم speedy trial وفق معاهدات جنيف، ورغم مرور فترات طويلة على اعتقالهم. علاوة على إجبارهم تقديم اعترافات قد تكون مزيفة، وحرمانهم من تقديم دليل براءتهم، بما في ذلك الشهود.
في العام 2003، تحدثت سكرتيرة/ وزيرة العمل Labor Elaine الأمريكية عن الحاجة لإعادة تأهيل الجنود الأطفال في بوروندي، كولومبيا، السلفادور، سيراليون، سريلانكة، وانغولا.. وفي نفس الوقت كان الأطفال المعتقلون في غوانتانمو- الأقرب إليها مسافة- يُعانون من التعذيب وسوء المعاملة! ولعل أكثرهم شهرة: محمد جواد، عمر خضر..
التماس عمر المصوَّر بالفيديو لأمه مع إدعاءات بالتعذيب شوهدت على شاشات التلفزيون على نطاق العالم. وفي حين أنه كان ما زال يُعاني من جروحه نتيجة معركة في أفغانستان، فقد خضع للتحقيق والتعذيب بأشد الوسائل قسوة إلى حدود تقييده وتمديده على الأرض والضغط عليه إلى أن تبول على نفسه.. وعند ممارسته الاضراب عن الطعام، تعرض إلى ضرب مبرح وهددوا باغتصابه، كما وحُرّم من المعالجة الطبية لتخفيف آلامه.
هناك شيء من الحيرة بشأن اعتقال محمد جواد وإساة معاملته في غوانتانمو على نحو أكثر قسوة... هل كان بسبب إدعائه أثناء محاولته الهروب من سجن أمريكي في أفغانستان العام 2002 بأنه رأى حراساً أمريكان وهم يقتلون النزلاء..؟ ولتحريمه من النوم وإجباره على الاعتراف، تم نقله من زنزانة إلى أخرى أكثر من مائة مرة خلال أسبوعين في أيار العام 2004.. وظلّ في قيوده أثناء سجنه الانفرادي. وعندما ظهر في المحكمة العام 2008 كان المعتقل الأول وهو يحضر إلى المحكمة والقيود الحديدية في رجليه.
إن إساءة معاملة الأطفال ليست مسألة عرضية حتى تؤول إلى الإنكار والتجاهل وإهمال التحقيق فيها وغياب محاكمة المتسببين فيها وتحميلهم مسؤوليتها.. لم يتم أبداً توجيه سؤال إلى بوش بشأن إساءة معاملة الأطفال في السجون التي أدارها الأمريكان في سياق "الحرب على الإرهاب".. لقد جاء الوقت الملائم لمواجهة بوش وآخرون مسؤولية كافة جرائم حروبهم، بخاصة تلك الأكثر فظاعة- إساءة معاملة وقتل الأطفال- هؤلاء الضحايا الأطفال حيث لم يكن هناك من مبرر أبداً لاعتقالهم أصلاً..
مممممممممممممممممممممممـ
Children, unlamented victims of Bush war crimes, By Michael Haas,aljazeera.com, 06/05/2009.
-- Michael Haas s book George W. Bush, War Criminal? - The Bush Administration s Liability for 269 War Crimes is available here.
Source: Middle East Online

#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل