عبدالوهاب حميد رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 2720 - 2009 / 7 / 27 - 09:18
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لا زالت أزمة اللاجئين العراقيين بعيدة عن نهايتها، كما أن تصاعد العنف مؤخراً يقود إلى مزيد من تشريد الناس. ستقاوم المرأة العراقية العودة إلى الوطن حتى في حالة تحسن الظروف في العراق إذا لم يتم التركيز على ضمان حقوقها باعتبارها إنسانة، وضمان أمنها الشخصي وعائلتها بدرجة مقبولة. تخفيض الدعم للعائلات المشرّدة يمكن أن يدفعها للعودة إلى المناطق غير الآمنة، وفي ظروف غياب الخدمات، فالحصيلة هي المزيد من عدم الاستقرار في العراق. كما أن تخفيض الميزانية سيجعل من حالة المرأة أكثر صعوبة.
* حقوق المرأة والنفور من العودة
قلة من المشردين في شمال العراق وسوريا يرغبون بالعودة في المستقبل المنظور. عاد 81 ألف من المشردين في الداخل لغاية أيار/ مايس هذا العام، لكن عودتهم لم تكن نهائية. أجرت منظمة الهجرة الدولية Refugees International مقابلات مع عائلات في شمال العراق عادت إلى مناطق سكناها، لكنها صارت مشرّدة مرة أخرى. فقط 900 من بين 208030 لاجئ مسجل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين UNHCR في سوريا تخلّت عن حقوق لجوئها واختارت العودة هذا العام. تقوم الوكالة الدولية حالياً بتسجيل 2000 لاجئ عراقي جديد شهرياً. من الواضح أن عودة جماعية ضخمة لن تتحقق في المستقبل القريب بالعلاقة مع الظروف الحالية لعدم التوكد uncertainties في العراق.
لم تُبدِ ولا إمرأة واحدة ممن تمت مقابلتهن من قبل اللاجئين الدوليةRI رغبتها بالعودة لأسباب منها الانتماء إلى طائفة (الأقلية) المستهدفة، ومنها المعاناة من الإصابات.. كثرة من الأرامل أخبرن المنظمة الدولية بأنهن يتخوفن من العودة لديارهن حيث قُتل أزواجهن، ولا يملكن حالياً أي مصدر مادي لمعيشتهن. كما ويتزايد الخوف لدى أخريات بأن المحافظين سيقيدون قدراتهن للمشاركة في الحياة المدنية المهنية.
علمت RI بأن رجالاً قرروا العودة لكن زوجاتهم رفضن، وحسب العاملين في مجال الحماية للمنظمة، فإن السبب الغالب لهذا الموقف هو أن المرأة تبقى صامتة عند تعرضها لاعتداءات جنسية أثناء اختطافها أو عند فقدان زوجها، بينما تخوفت أخريات من الاختطاف، القتل أو مخاطر حماية أطفالهن. إمرأة تعيش في خيمة وسط ظروف فقيرة جداً- شمال العراق- أخبرت المنظمة بقولها: "هذه الخيمة مريحة أكثر من قصر في بغداد.. عائلتي تعيش بأمان هنا."
* رخاوة المرأة Women’s vulnerabilityوغياب الأمن المالي والقانوني
في كل من إقليم كردستان العراق (العراق عموماً) وسوريا، تقود الضغوط المالية الحادة على العائلات إلى تصاعد التقارير عن الزواج الإجباري المؤقت temporary marriages "المتعة"، البغاء وتجارة النساء والفتيات..
لا يستطيع اللاجئون في سوريا الدخول في سوق العمل القانوني، ويتعرضون لمخاطرة الترحيل في خلاف ذلك. أغلبية اللاجئين ممن جلبوا معهم مواردهم المالية، أصبحت حالياً نافدة بعد سنوات من النفي. كثرة من الرجال عاطلين ومحبطين frustrated. أجبرت هذه الظروف عائلاتهم الدخول في مجال العمل الاستغلالي غير القانوني والسكن الفقير في ظل تصاعد تكاليف المعيشة. وعليهم باستمرار تمديد رخص إقامتهم، مع رفض حالات عديدة، وهذا مصدر ضغط نفسي آخر يُضاف إلى الضغوط التي تواجه العائلة. زيادة العنف المحلي، هي حصيلة واحدة. وحسب المركز المحلي للعمل، تصاعدت حالات العنف المحلي ضد المرأة، وكثرة من النساء يأتين للمركز وعليهن آثار التعرض للضرب bruises.
حُرّمت المرأة من محاولة طلب حماية البوليس بسبب عدم التوكد من موقفها القانوني تجاه الإقامة والخوف من الترحيل. علمت RI عن إمرأة عراقية تعمل مُغنّية في أحد المطاعم، هوجمت من قبل ثلاثة رجال واغتُصبتْ. وعندما أخبرت البوليس وطلبت المساعدة، فقد تم إلقاء القبض عليها وإيداعها في الحجز ستة أيام، وهُددتْ بالترحيل لاشتغالها بشكل غير قانوني إلى أن تمكنت المنظمة الأممية للاجئين UNHCR تحريرها أخيراً، لكن مهاجميها لم يتعرضوا للمساءلة أبداً..
* الدعم المالي لمنع الِعوز وإساءة المعاملة
تبلغتRI بكثير من حوادث إساءة واستغلال المرأة والناجمة عن المشاكل المالية اليائسة التي بالإمكان الحد منها بتوفير دعم مالي أكبر للعائلات المعوزة. استخدام الأنثى منخض وبحدود 18% في العراق. كثرة من النساء العاملات فقدن وظائفهن بعد هروبهن من الوطن. اللائي اعتمدن على دخول الرجال ممن قُتلوا، فُقدوا أو صاروا مقعدين لديهن مهارات أو فرص عمل ضئيلة لكسب النقود، وحالياً يطلبن الحصول على تدريب لتأهيلهن للعمل.
في إقليم كردستان العراق، قابلت RI إمرأة مشرّدة، وسيلتها الوحيدة للبقاء على قيد الحياة هي الاستجداء، أُخريات اعتمدن على الصدقة charity.. قلة من النساء ممن تمت مقابلتهن في الإقليم تابعن بنجاح البيرواطية المعقدة بشأن طلباتهن الحصول على التقاعد، الحصول على منحة المشرد محلياً أو تحويل بطاقة الحصص الغذائية الشهرية إلى إقامتهن المؤقتة.. أغلبية العائدين، وأصبحوا مشردين ثانية، لم يحصلوا على المنحة الحكومية الموعودة.
في حين أن أغلبية الناس المشردين ممن تمت مقابلتهم مدحوا حكومة إقليم كردستان لكرم ضيافتها وتوفيرها الأمن، فإن قلّة قليلة منهم تسلموا منحة المشردين. ذكرت إدارة الهجرة والمشردين في الإقليم بأنها تسلّمت أرصدة غير كافية من حكومة بغداد لتغطية هذه المسألة
تصريحات الحكومة العراقية نيتها "غلق ملف مساعدة المشردين مع نهاية العام (2009) زادت من الغضب والقلق، رغم أن المساعدة غير كافية أصلاً. وحسب برنامج الغذاء العالمي WFP، فإن المرأة التي تتحمل مسؤولية تدبير حياة العائلة تتعرض لأعلى مستوى من غياب الأمن الغذائي.
تقول الوكالة الأممية للاجئين UNHCR بأن 10% فقط من المشردين في الإقليم الكردي دبّروا تحويل بطاقتهم للحصة الغذائية الشهرية، بعض النساء فقدن حصصهن لعدم القدرة على التسجيل في ظروف أحداث الطلاق.
توفر الوكالة ذاتها حالياً مساعدات نقدية للعائلات الأكثر حاجة (113 دولار شهرياً زائداً 10 دولارات لكل من الأعضاء الآخرين في العائلة وبمبلغ أقصى 200 دولار) من خلال بطاقات بنكية لما مجموعه 11500 عائلة (عائلات كبيرة، عائلات تقوم المرأة على تدبير شؤؤنها، كبار السن والمعوقين) ، بينما تعترف بوجود 18000 عائلة- على الأقل- بحاجة إلى مثل هذه المساعدة. إن تصاعد الإيجارات وزيادات الأسعار يعني أن المساعدة النقدية تغطي فقط جزءً من الإيجار. وتخشى المنظمة اضطرارها لتخفيض هذه المساعدة بدلاً من توسيعها.
علمت RI بخصوص التعرض للمخاطر، الاستغلال وظروف العمل، بأن أجراً يقل عن 50 دولار لسبعين ساعة عمل يُشكل مستوى نموذجياً في هذه الحالة. أولوية مساعدة الوكالة للمرأة التي تتحمل مسؤولية تدبير شؤون العائلة، لكن هذه الطريقة تركت انعكاسات سلبية لتحقيق قدر أكبر من المال للمعيشة، إذ انتشر الطلاق بين الزوجين، وخلق مشكلة جديدة أمام المرأة بتحملها القيام بسفرات خطيرة إلى العراق للحصول على وثائق الطلاق المطلوبة لتأهيلها الحصول على المساعدة النقدية.
يوفر برنامج الغذاء العالمي الطعام شهريا للاجئين العراقيين، وتضيف الوكالة الأممية السلع. أغلب اللاجئين ممن تمت مقابلتهم يفضلون المساعدة النقدية ليتمكنوا من اختيار كمية ونوعية الغذاء، أخبر بعضهم RI بأنهم باعوا حصصهم بأقل من خمسة أو ستة دولارات.
اتخذت حكومة إقليم كردستان العراق بعض الخطوات الإيجابية بشأن المستويات العالية المزعجة للعنف ضد المرأة، بخاصة، "قتل شرف" ، حيث غالباً ما تختفي هذه الجرائم تحت زعم حصول حادثة أو انتحار. تصاعد نشر الإحصاءات بخصوص هذه الممارسات في الإقليم يؤشر لرغبة عارمة الإعلان عن هذه الجرائم، لكن دعماً رسمياً علنياً أبعد لحقوق المرأة مسألة مطلوبة بصورة ملحّة على مستوى العراق كافة. وبغية حماية المرأة من مخاطر العنف الشديد، تعمل حكومة الإقليم مع المنظمات غير الحكومية بصورة مشتركة لتوفير ملاجئ صغيرة . وعلى أي حال، فالكادر هنا يمتلك القليل من الخبرة بشأن الأمن، الثقة، وتقديم المشورة. علمت الوكالة الدولية RI مؤخراً بحصول ممارسات الاتجار بالمرأة في هذه الملاجئ.
* التعليم لأطفال المشردين
في الإقليم الكردي كانت مدارس اللغة العربية مزدحمة أصلاً قبل بروز ظاهرة المشردين محلياً لعرب العراق ووصول جزء منهم إلى الإقليم. هناك حاجة للمزيد من الصفوف الدراسية والكتب والمستلزمات التعليمية لصالح المدارس العربية والكردية معاً. عائلات عديدة انفقت موارد ثمينة لتعليم أطفالها، لكن عائلات أخرى كثيرة مشرّدة غير قادرة على توفير تكاليف الدراسة واجور النقل، بينما اختارت عائلات أخرى توفير التعليم لطفل واحد ودفع الآخرين للعمل لمساعدتها مالياً.
تصرفت سوريا بشهامة في سياق فتح مدارسها ومؤسساتها الصحية العامة لكافة العراقيين. لكن تقريراً صدر العام 2008 عن وزارة التعليم السوري أظهر نقصاً بيّناً في التسجيل للمدارس الابتدائية والثانوية بحيث انخفض من 50 ألف إلى 35 ألف. وفي حين أن قلة من اللاجئين عادوا إلى العراق فإن عائلات كثيرة اضطرت إلى ترك أطفالها للمدارس والتوجه نحو سوق العمل لمساعدتها. آخرون يلومون تباين المناهج الدراسية وازدحام الصفوف، علاوة على التكاليف المدرسية.
* معلومات بخصوص إعادة التوطن
شخّصتْ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR 70 ألف لاجئ الأكثر ضعفاً ممن هم بحاجة إلى الترحيل للبلدان المستقبلة. ولغايته تمت إعادة توطين 25 ألف لاجئ. تُناشد المنظمة الدول المعنية الاستمرار في قبول هؤلاء الضعفاء، لكنها توصي بأن اللاجئين ممن يواجهون مخاطر تهديدات أمنية مباشرة أن يتم ترحليهم إلى بلد آخر حالاً، وعدم تركهم بانتظار دورهم، رغم محدودية الاستجابة الدولية.
وعلى أي حال، فالمطلوب من الدول المستقبلة للمهاجرين والأمم المتحدة توفير أفضل المعلومات بشأن متطلبات إعادة التوطين وبرنامج عمليات التوطين لديها، بخاصة خارج المدن الرئيسة.
مممممممممممممممممممممممممممـ
* ترجمة موجزة.
Iraqi Refugees: Women’s Rights and Security Critical to Returns,Refugees International,Uruknet.info, Iraqi refugees living in Syria (Flickr: James Gordon), "Refugees International" - July 21, 2009.
Melanie Teff and Dawn Calabia assessed the situation for Iraqi women in northern Iraq and Syria in June 2009.
#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟