أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - إبراهيم اليوسف - نبيه رشيدات سلامتك ...!















المزيد.....

نبيه رشيدات سلامتك ...!


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2693 - 2009 / 6 / 30 - 08:30
المحور: سيرة ذاتية
    


خلال زيارتي الأخيرة ، لدمشق ، أعلمني الصديق خليل معتوق، بأن المناضل الشيوعي البارز نبيه رشيدات ، قد تعرّض لجلطة دماغية ، و هو الآن في أحد مشافي دمشق .

كان من حولنا ، عدد من الأصدقاء، في تلك السّهرة ، بيد أنّني أحسست بأنشوطة راحت تضيّق الخناق على رقبتي ، طوال ذلك الوقت ، فلم تغب صورة أبي عمر عن بؤبؤي عينيّ ، بل و مخيّلتي ، لتترك في الحلق غصّة مرّة ، حتّى و إن كنت أشارك من حولي أطراف الحديث الحميميّ.
تعود علاقتي بالأديب والمناضل الكبير نبيه رشيدات إلى ما يقارب ربع القرن من الزمان ، حين التقينا ، ضمن صفوف الحزب الشيوعي السوري ،هذا الحزب العملاق الذي راح بعض انتهازييه يسيء إلى ماضيه العظيم ، ورموزه العملاقة ، لأنشدّ يوما ً و راء يوم إليه ، بأكثر ، معجباً بمواقفه ، ضمن هذا الحزب ، لنتعلّم منه كيف نتخيّر الصواب ، و نقف في وجه الخطأ ، على خلاف ما تفرضه "الحزبية" التي لا بدّ من أن نقول باسمها دوماً : نعم لما يقوله الحزب ..!.
و لعلّ ما بنى جسراً خاصاً بيني، و هذا الرجل الاستثنائي ، المفوّه ، الجريء، اللامع ، هو حبّه للأدب ، و اهتمامه ببواكير كتابات أمثالي ، وتبنيه لنا ، لأعلم في ما بعد الكثير عن تأريخه، منذ لحظة انضمامه للحزب الشيوعي الأردني ، و سجنه في صحراء الأردن ، و تقديم الإغراءات إليه، من قبل الملك حسين ، شخصياً ، وهو ابن الجاه والعزّ ، دون أن يرضخ لذلك ، وليأتي في ما بعد، و ينضمّ للحزب الشيوعي السوري، بعد أن ضاق به بلده ، ليناضل ضمن صفوفه- و إن كانت للرجل آراؤه الخاصة ، التي أحترمها وهو ابن ثقافة معينة – إلا أنه كان دائم التركيز على تقويم ما حوله ، انطلاقاً من الفهم الطبقي ، إلا أنه من هؤلاء الغيارى الشيوعيين الذين لم يكفوا عن مقارعة الاستبداد ، و فضحه، ما أمكن ، و الوقوف في وجهه ، و إن كانت عضوية حزب جبهوي ،لاحقاً ، ستقيّد بعض آليات النضال ، و هو ما كان ينتبه إليه ، نبيهنا ، و يشير إليه، بلا هوادة .
لا أريد أن أسترسل في الحديث عن مواقف هذا الرجل ، ضمن حزبه الشيوعي ، لأنها أكثر من أن تحصى ، بل أتركها لمن عايشوه تنظيمياً ، في الهيئة العليا للحزب آنذاك ، و إن كنت أعرف أنّه قد تعرّض للغبن والظلم ، ضمن حزبه – وظلم ذوي القربى أشد مرارة ً- فما أصعب أن يغدو رجل كبير مثله - و هو عضو المكتب السياسي ، ضحية رأيه، فلا يصله بين ليلة وضحاها ، عدد جريدة، كان يرئس تحريرها، في أوّل عدد تال ، بعد اختلافه مع قائد الحزب، من جرّاء نمائم أشخاص عرفناهم، تالياً ، و هو الذي حدّثني بروح شاعر عن هذا الموقف :
يقيناً ،حين أعلنت عن عدم ترشيحي في انتخابات المؤتمر الـسابع ، اعتقدت أن الرفيق خالد بكداش، سوف يعترض ويطالب، بأن أشارك في الترشيح ، و كنت سأرضخ لتزكية أبي عمار، رحمه الله...!
أجل ، هكذا أصبح نبيه رشيدات خارج الحزب ، و هو الذي كان محطّ احترام قواعد الحزب برمّتهم ، ممن كانوا يتقاطرون إلى عيادته ،من كافة مدن وأرياف سوريا ، رغم أعين - الرّقباء - و رغم أن زيارة أحدهم إليه ، باتت تهمةً ، و أن اسم أبي عمر نفسه ، سوف يدرج في اللائحة السوداء، لصحيفة رئسها بنفسه ، فيسقط ذكر اسمه، في تغطية إعلامية لاحتفال، نال فيه، هو و الأديب عبد المعين الملوحي و سام فيتنام ،التي كان طبيب سفارتها ، كغيرها من سفارات الدول الاشتراكية، كي يذكر اسم الملوحي وحده ، و يغفل اسمه ....!
وإذا كان هناك عدد من الأطباء الشيوعيين ، قد دأبوا على معالجة المرضى الفقراء مجّاناً ، فإن هذا الطبيب الأمّمي- بحقّ- وحامل جذوة روح غيفارا، تحديدا ً ، كانت أبواب عيادته مفتوحة طوال النهار ، يعالج كل من يدخلها مجّاناً، و لمدة عقود من الزمان ، و إن كان سيمرّ – تالياً-في ظروف اقتصادية صعبة ، لم يبح بها إلا للأقربين ، من حوله .

وأبو عمر- رغم أنه ابن مرحلة ومدرسة معينتين- إلا أنه و بقلبه الكبير ظلّ الأدق ّ قراءة لتفاصيل لوحة الواقع من حوله، والأكثر استيعاباً لجملة تناقضات المرحلة، فهو لم يتّخذ من أحد منا موقفاً ، بسبب رأيه ، و قناعاته ،حتى بعد أن تركناه ، وانخرطت- على سبيل المثال- مع رفاقي في اللّجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين، بعيد المؤتمر التاسع ...!.
و أبو عمر ، الذي خاطبته – كواحد من قلّة قليلة - بالأب الروحي لي ، كان صديقاً لأدباء كبار ، طالما التقينا ببعضهم في منزله ، أو عيادته ، بل و ما أكثر ما كان يهتف إليّ ، أن آتي إلى دمشق، من مدينتي قامشلي، كي ألتقي أحد هؤلاء .....!
و إذا عرفنا أن من بين أصدقائه الأدباء : عبد الرحمن منيف - حنا مينه - حامد بدرخان - فارس زرزور - سعيد حورانية ، وآخرون، كثيرون جدّاً،بل أن عبد الرحمن منيف أهداه أحد أعماله الروائية ، فإن بقية أسماء القائمة، سرعان ما تعرف، من أيّ طراز أو أنموذج، تكون .
ثمّة أكثر من قصيدة متميزة، كتبها أبو عمر، و كان يقرؤها على أسماعنا، في سهرات منزله ، و هو يعيش قصيدته بروح شاعر ، بعيدة عن رصانة السياسي ، و إن كانت روح الشاعر غير قادرة - قط - على مواجهة حنكة السياسي .

و لعلّ من أكثر مآثر د. نبيه رشيدات، أنه حين اضطرّ مكرهاً لمغادرة الحزب الشيوعي السوري ،فإنه لم يستجب لنداءات بعضهم، من حوله، بأن يدعو لتأسيس نواة تنظيم شيوعي ، مختلف .


كلّ هذه الأمور تداعت إلى ذهني ، و أنا أتوجه إلى المشفى الذي يرقد فيه أبو عمر منذ أيام ، و هو في حالة غيبوبة – شفاه الله وأعاده إلينا سالماً - لأعلم أنّه لا مجال للقاء به ، ما دام أنه في هذا الوضع الصحي، الحرج ، كي أؤنّب نفسي ، لأنني لم أكمل الحوار الذي بدأته معه ، منذ سنين طويلة ، و أنا أنخرط في لجّة - مشاغل الحياة - التافهة، التي أبعدتني عن توثيق الكثير، مما بدأته،عن شخصيات استثنائية، ومن بين هؤلاء هادي العلوي، وكثيرون ، دون نسيان أن ألحّ على أبي عمر دائماً : أن اكتب مذكراتك، فيكتب بعضها ، وينشره ، ويترك ما هو أهم فلم يقذفه للطباعة، بعد، وأرجو أن يكون قد أنجز كتابة كل ذلك ، بل وهو ما كنت أطلبه من أمثاله، وما زلت.......!
-أبا عمر ...!
-أبي الروحي...!
ليس لي إلا أن أدعو لك بالشفاء العاجل ، يا معلمي الكبير ، و لتعذرنّ تلميذك ورفيقك ،على عقوقه ، و لكن، يقيناً لن تختلف صورتك – ما حييت-عن صورة أبي ، حتى و إن اختلفنا - أحياناً -في بعض الأمور،كما كنت أختلف مع أبي.
وأخيراً:
ترى ، هل ثمّة من سيحقق ما لم أتمكن من إنجازه في توثيق مواقف هذا الرجل الاستثنائي.؟.
-إني أرجو...!

للدموع بقية:





#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخيلة من -وحي الكأس- للشاعر الكردي غمكين رمو
- مشعل التمو واقفا في قفص الاتهام
- سماء- الآمدي- الصغير
- هكذا نصفق للاعتقال السياسي.....!
- مشعل التمو وسطوات الخطّ الأحمر
- أعلن الحداد الرسمي
- واحد ثمانية ........!
- محمد موسى كما عرفته....!..
- مزامير -سبع العجاف -:
- نحومؤتمر لأحزابنا الكرديّة في الدّوحة:
- وتستمرّ المجزرة....!
- حوار مع الباحث المناضل جبران الجابر:
- بدل -بول-
- بيان شخصي ضد ّالهجرة:-هنا الحسكة- في ....دمشق...!
- مهرجان قامشلي الشعري دون شعراء قامشلي
- المازوت أوّلاً.....!
- بيان شخصي ضد ّالهجرة:-هنا الحسكة- في .... دمشق...!
- المازوت أولاً
- مرثاة الدم الأخضر
- إطمئنوا ....وطمئنونا عنكم*......!


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - إبراهيم اليوسف - نبيه رشيدات سلامتك ...!