إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2362 - 2008 / 8 / 3 - 01:09
المحور:
الادارة و الاقتصاد
بئس مدينة كثر مرابوها....!
-أحدهم
مؤكّد, أن هذا العنوان ,سيبدو غريبا ً, على القارئ الكريم , لأن هذا الرّقم غير شهير البتّة خارج بقعة تداوله, مكانياً ، وهو حتّى وإن تمظهر في إهاب أرقام شهيرة ، طواعيةً أو كراهيةً ، ك : 1-1 من كل عام ، أو 14-2 لاحقاً أو 21-3 أو 17- 4- أو 1- 5 أو 1-7 أو 14 -7 أو 10-12- أو 20-5-12 أو غيرها ، من أرقام مماثلة أعتذر منها ، لنسيانها ، وأكاد أحشر، في المقابل ، أرقاماً أخرى منها ما هو شخصيّ ، وهماً مني أنّها معروفة ، ولعلّ بعضها لا يعرفه سواي ،شأن سواي مع أرقامه ، وهي أمور خاصة، لدى كلينا ، كما هو معلوم.....!.
واحد ثمانية ،لا العكس ، كتابةً أو رقماً ، أو تحديداً الحادي من آب ، 1 آب ، ربّما يصادف مناسبات عديدة ، معروفة أو غير معروفة ، في ذاكرة أيّ شخص ، وهو ما لا أعنيه في هذه الوقفة الزّلقة.....!
ولكي أضع الحروف مع نقاطها – هنا- كلّ في مكانه ، عليّ أن أوضّح منذ البداية ، أنّ لهذا الرقم دلالات هائلة في منطقة الجزيرة ، على الصعيد الاقتصادي ، وإن كانت في المنطقة نفسها أرقام كثيرة ، تدعو للفرح أو الحزن ، خاصةً أو عامةً ، ليست بأيّ حال موضوع هذه الزاوية.....!
واحد ثمانية ، واحد من آب الّلهاب ، يبان الصادق فيه من الكذّاب ، حين يغلق فيه المدين بابه على قلق اللحظة ، ليفتح فيه الدائن الباب ، بقلق أكبر ، في انتظار وقع خطوات عملائه ، يسددوا له الآن ما استلفوا منه بالأمس ، كي ينفرد- ما أمكن - مع أقلامه ، وأرقامه، وآثامه ، و أحلامه،يكشف لذاته تفاصيل ما لديه من رصيد وديون وحساب ، هو يوم جدّ شهير ، هنا ، بهذا المعنى ،ليس فقط لدى الدائن والمدين ، بل من بينهما ، من وسيط ، ومن لا علاقة له بهما ، ممن يحرص-على جري الطبع - ألا يقع في فخّ المديونية ، كي يرتقي ليكون عامّا ً شاملاً....!
واحد ثمانية ، " يوم الرّبا العالميّ " أو يوم المرابي الجزريّ "" يوم "النصاب" و"المنصوب عليه" ، وهو أشهر من نار على علم ،ضمن رقعة المكان، يوم يترقّبه الدائن لاستحصال ديونه ، والمدين ليبرّىء ذمّته ، في ما إذا كان أميناً ، أو يبحث طوال الفترة الماضية عن فلسفة تسويغية ، يقنع بها الدائن ، حين يتلكّأ عن سداد ديونه، ولكن هيهات....!
لا أدري من أدخل " الرّبا " مصطلحا ً متداولاً ،إلى معجم منطقة الجزيرة ، حقاً ، وهو كائن لامرئي ، لا مقاس أو حجم محدد له ، إلا بحسب مشيئة المرابي ، حتى يقع في كمينه وشباكه- راهناً ومنذ عقود- أناس من كلّ أشكال الطيف الجزري ، عربا ً وكردا ً وسريان وآثوريين ،يهوداً وإيزيديين وآرمن ومسلمين ومسيحيين ، لافرق ، دائنين أو مدينين ، في كلتا الخانتين ، لا فرق ، مادام أن يستلف المحتاج مبلغا ً من المال ، ليقضي بها حاجة ، أو يبذر ما استحصله ، على أن يدفع للدائن فوائد جمّة ، بحسب حبر العقد ، الشفاهيّ أو المدوّن ،بأجله المسمّى : واحد ثمانية، كحدّ أقصى ، لا يتجاوز الأسبوعين قبل هذا- الرقم- أو بعده ، إلا شواذاً، فترى عمارات تشاد شاهقة ً، وأخرى – في المقابل تتهدّم – أو يتركها ساكنوها مكرهين ، وفق فقه الاتفاق....!
أجل ، فللرّبا- وهو الزّائد عن الديّن لغةً و كذا شريعة- الآن قواعد ، وشروط ، وثقافة خاصة ، وله عالمه ، ورموزه، وأسماؤه ، أكاد أسمي مشاهيرهم ، فما أكثر ما نجد مرابين من – صفوة- أثرياء المدينة ، والصّفوة هنا ليست مجازاً ، في كلّ الأحايين ، مادام المرابي عضواً في حزب تقدميّ ، أو رجل دين ، أومدّعي قيم ، يطرق أبوابهم ذوو الحاجات على امتداد أيام العام ، فيجدون أبوابهم مشرعة ، يستحصلون ضالاتهم ، في ما لو توافرت لديهم الضمانات : كفلاء ، أو عقارات ، على ضوء سراج القانون الذي لا يحتال عليه، رزماً مالية ، وأرصدة وشيكات وشيكة ....!
ولعلّ من أغرب الحالات – هنا- هو حال أحد هؤلاء ، إذ يعطي المبلغ الذي يريده طالبه ، المدين ، دون كفلاء ، وهنا سرّ الدائن الرّهيب ، في الحالة المعروفة، وشرطه الأوحد تقديم المدين بطاقة زوجه- زوجته هنا- تبقى رهينة في غياهب خزانته إلى أن يحين موعدها ، حيث لا يظهرها إلا في حالة واحدة ، حين لا يلتزم المدين بالموعد المبرم ، فيتبرّم الدائن منه ، ويضيق بالبطاقة ذرعاً ، ليعلّق البطاقة في غرفة صالونه ، يطلع عليها زوّاره ، وهم طالبو الرّبا ، أو السلف...
والمستلفون ، طلاب الرّبا أنواع ، منهم من يلتزم بموعده ، ومنهم من لا يلتزم به ، وهناك قصص عن دهاة مهرة ، في هذا المقام ، استلفوا الملايين من الّليرات ، واختفوا عن الأنظار ، ببهلوانية قلّ نظيرها ، مرتدين قبّعة الإخفاء أو السلطة، ومنهم من هرب إلى ما وراء البحار والمحيطات ، والحدود ، خوفا من السجن أو سواد المصير ، منقذاً نفسه ، مجروح الضمير ، أو مرتاحه ، دون أن يفكّر بحال الدائن الذي قد يتحول إلى ذات واحد ثمانية إلى مفلس ، بلا بيت ، بلا عنوان ، وبلا ثمن ربطة خبز لأطفاله، وهو ما قد يدفع به في ما بعد مثل هذا اليوم ، لا سمح الله ، إلى مزالق الجريمة ، أو مهاوي الضياع ، وما أكثر الحالات التي عرفتها أروقة المحاكم ، حين يردي القاتل نفسه مرتين ، مرّة بخسارة ماله ، وأخرى بخسارة عمره،قاتلاً سواه ، ناهيك عن الضحية الميتة برصاص الجشع ، أو قنبلة الحاجة، ويكون في المحصلة: نساء مترمّلات ، أطفال متيتمون ، جرح نازف في روح الجماعة على امتداد بقعة مسرح الخلاف ، شهودا ً لا راحة ضمير لهم ،إزاء ما جرى على امتداد شريط الوقت....!
ومبلغ "السّلف"-وهو ما لم يعرفه سلفنا الصالح - قد يكون ضئيلاً ، أو كبيرا ً ، لكنه مثل كرة الثلج ، قد يتضاعف عاماً وراء عام ، ويصبح الأصل منه جزءاً من كلّ ، خميرة ، أو نواة من كتلة مالية متضخّمة...!
وقد يكون الارتماء في فخاخ دهاة المشتغلين بالكار ، هواية لدى بعضهم ، أوبداعي أسّ مشروع اقتصاديّ ، وقد يكون نتيجة حاجة كبرى ، كمرض أو ضائقة ، أو فكّ رقبة من عود مشنقة ،برشوة كبرى ، أو زفاف عروس ، أو يوم منحوس، أو أيّ من ضروب العسر.
وإذا كان المرتميّ في هذا الفخّ مضطرّاً في بعض الأحيان ، إلا أن صاحب الفخّ - الجشع أبداً- غير بريء البتّة ، وهو ينصب فخاخه، يسيل لطعمها الورقيّ لعاب عملائه ، مادام أنه قد أعدّ العدّة ، وأولها أن يكون ذا قبضة قويّة ، أو سطوة، جبّارًا أو متجبّراً ، مكّاراً ، غدّاراً ،خالي القلب من الرّحمة، يستحصل ماله معتمداً على نفسه ، بل على غيره من أزلام، وأنصار، أو شركاء ، و داعمين ، و ذوي سلطان ، و نفوذ ، و غالباً ما يكون هؤلاء- بأدوارهم - أشخاصاً غير نظيفين ، يجرجرون الصّيد إلى عناوينهم الغامضة المعتمة ، مربوطين بتواقيعهم ، أو بصمات إبهامهم ، التي لا مهرب منها أمام القضاء ، حين توضع على كمبيالات ، أو أوراق مملوءة أو بيضاء ، تخبّأ على مدار العام ، و لا تظهر إلا في يوم الساعة الموقوتوتة : واحد ثمانية ..!.
وواحد ثمانية ، على هذا النّحو له شكله في روزنامة الجزيرة غير المرئية ، و هو مدعاة اضطراب و قلق كما أسلفت لا استلفت - لدى الدائن ، و مدى طمأنينة لدى المدين ، يترقّب اليوم بفارغ صبر ، و يدين ، و خزائن ، ولعاب مؤجل إلى واحد ثمانية....!.
واحد ثمانية ، ر قم فكرت به - ملياً - حين نشرت روزنامة الوقت - الشاملة - نعوة خصب سنة 2008 ،قبل بضعة أشهر ، كي تكون عجفاء ، كما ذيولها الآن ، يهرب بنو الجزيرة منها داخلياً و خارجياً ، لاهثين وراء لقيماتهم ، يعيشون في خيم مضروبة لا ضاربة حول بعض مدن سوريا ، أو"كامبّات" أوربا.
مساء واحد ثمانية ، بدأت أدوّن- خاطرتي حول اليوم التالي ، و أنا أعرف كم من شايلوك جزريّ ، في انتظار صيده ، لقطع رطلين أو أكثر من لحم الضّحية ، في انتظار حيلة له، قانوناً أو عرفاً ، لتأجيل الدّين دون صخب إلى عام مقبل ، يمكن فيه سداد ما استلف من مال، بعد عسر الحال ، و سوء المآل.
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟