أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق الشيخ حسين - مات ناجي العلي لكن حنظلة لا يزال حيا














المزيد.....

مات ناجي العلي لكن حنظلة لا يزال حيا


توفيق الشيخ حسين

الحوار المتمدن-العدد: 2692 - 2009 / 6 / 29 - 03:40
المحور: الادب والفن
    


كلنا يعرف ناجي العلي .. الموت قد شلّ نضاله وأفناه غير انه ظل منتصرا ً والى الأبد .. مات ولم يعرف من هذا العالم الا الغربة والمنفى .. كانت رسوماته الكاريكاتيرية أكثر أشراقا ً واشعاعا ً وحيوية .. وبدت حية لشبهها الكبير ومطابقتها مع الأصل .. وبتقادم الزمن تطورت رسوماته بشكل دراسات سيكولوجية جادة , حيث بلغ في بعض منها عمقا ً .. رسم للزمن أطفالا بحجم أشجار الزيتون وعيونا للأحبة .. كان الظمأ يرسم ملامح وجهه .. وجهه الصافي كالماء .. وكانت له عذاباته وحبه للوطن .. أنه رائد واقعي بتبصره العميق في النفس الأنسانية ..

كتب ناجي العلي ...

( أسمي ناجي العلي .. ولدت حيث ولد المسيح , بين طبرية والناصرة .. في قرية الشجرة بالجليل الشمالي , أخرجوني من هناك بعد 10 سنوات في 1948 الى مخيم عين الحلوة في لبنان .. أذكر هذه السنوات العشر أكثر مما أذكره من بقية عمري .. أعرف العشب والحجر والظل والنور , لا تزال ثابتة في محجر العين كأنها حفرت حفراً .. لم يخرجها كل ما رأيته بعد ذلك .. أرسم .. لا أكتب أحجبة , لا أحرق البخور , ولكنني أرسم , واذا قيل أن ريشتي مبضع جراح , أكون حققت ما حلمت طويلاً بتحقيقه .. كما أنني لست مهرجا ً , ولست شاعر قبيلة - أي قبيلة – اٍنني أطرد عن قلبي مهمة لا تلبث دائما ً أن تعود .. ثقيلة .. ولكنها تكفي لتمنحني مبررا ً لأن أحيا .. متهم بالأنحياز , وهي تهمة لا أنفيها .. أنا لست محايدا , أنا منحاز لمن هم " تحت " .. الذين يرزحون تحت نير الأكاذيب وأطنان التضليلات وصخور القهر والنهب وأحجار السجون والمعتقلات ,أنا منحاز لمن ينامون في مصر بين قبور الموتى , ولمن يخرجون من حواري الخرطوم ليمزقوابأيديهم سلاسلهم , ولمن يقضون لياليهم في لبنان شحذا للسلاح الذي سيستخرجون به شمس الصباح القادم من مخبئها .. ولمن يقرأون كتاب الوطن في المخيمات .. وظللت أرسم على جدران المخيم ما بقي عالقا بذاكرتي عن الوطن , وما كنت أراه محبوسا في العيون , ثم انتقلت رسوماتي الى جدران سجون ثكنات الجيش اللبناني , حيث كنت أقضي في ضيافتها فترات دورية اجبارية .. ثم الى الأوراق .. الى أن جاء غسان كنفاني ذات يوم الى المخيم وشاهد رسوما ً لي , فأخذها ونشرها في مجلة " الحرية " وجاء أصدقائي بعد ذلك حاملين نسخا ً من " الحرية " وفيها رسوماتي .. شجعني هذا كثيرا ً ) ...

ناجي العلي كان أكبر من الموت وأستطاع أن يمسح دموع كل اليتامى والمساكين وأستطاع أن يضئ الظلام ويسير بأحزانه خلف الموج والتيار .. ترك ناجي العلي 40 ألف رسم كاريكاتيري المعبر عن المعاناة الصادقة وطفله الصغير " حنظلة " .. ولد طفله الصغير حنظلة في الكويت عام 1969 عندما كان ناجي العلي يعمل في جريدة السياسة الكويتية .. ولم يطلب به ناجي الشهرة أو التميز عن باقي الفنانين بقدر ما طلب من حنظلة نفسه أن يكون ضميره اليقظ وقلبه النابض .. وكتب الشاعر والروائي الفلسطيني محمد الأسعد في مجلة الأداب البيروتية " ناجي العلي سحر الكرامة " ( أنه يظل دائما أمام خيار لا حياد فيه , كما هو الخيار بين الكرامة الشخصية والأمتهان , وكما هو الخيار بين الحياة والموت , لا مساومة ولا وسط في هذه الثنائية المضادة , فمنذ أن تثبّت الطفل الصغير , البطل الحقيقي للدراما في قفص الوحوش لم يعد هناك توسط , هكذا نفهم كيف أن ال " فوق " وال " تحت " ليسا مفهومين مجردين لفائدة معجمية , وأنما هما تجسيد لرفض التعلق في الهواء , وهكذا نفهم أن لغة السياسة التي يفهمها ناجي هي غير اللغة الشائعة , أنه يرتفع دائما بهذا القول الحكيم " أنتم مٍلح ُ الأرض فاٍذا فسد َ الملح ُ فبماذا يُملح ّ " ... مات ناجي العلي برصاصة لندن في 22 يوليو عام 1987 ليدخل بعدها في غيبوبة طويلة الى ان فارق الحياة في 29 آب .. مات ناجي العلي لكن حنظلة لا يزال حيا ً ....




#توفيق_الشيخ_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلافة حجاوي واغنيات فلسطينية
- محمد القيسي والحٍداد يليق بحيفا
- محمود البريكان ( الشاعر - الأنسان - المثقف )
- نص اللاجئ ( ذاكرة الأنسان بين طيات هذا الزمن ) للروائي محمد ...
- عبد الكريم كاصد طائر العراق
- متاهات أسباخ على رصيف التعب
- محمد خضير نخلة البصرة
- الوطن الرمز المنفى في شعر محمد الأسعد
- الرمز والأسطورة في شعر بدر شاكر السياب
- شجون ومواجع عناقيد آخر الليل
- ابن البصرة الكفيف - ثائر عبد الزهرة لازم -
- تأملات مع بكائيات الربيع


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق الشيخ حسين - مات ناجي العلي لكن حنظلة لا يزال حيا