أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس الربيعي - لحظات خوف















المزيد.....

لحظات خوف


بلقيس الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 2692 - 2009 / 6 / 29 - 03:40
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة



بدت مرتبكة ، خائفة ، قلقة ، حائرة لا تدري ما تفعل رغم انها منذ بضعة ايام حصلت على سمة

الدخول الى الكويت .مسكونة بالخوف ، والتفكير بمغادرة البلاد صار يستحوذ على تفكيرها ،

وحتى عندما تخلد الى الفراش يجافيها النوم . وفي حالات نومها النادرة يسيطر عليها ذلك

الكابوس … كابوس المنع من السفر ، فتستيقظ مذعورة . الخروج اصبح لها مشقة في بلاد

تحكمها الديكتاتورية والأنسان المطارد والراضخ تحت تحت جبروت الخوف ، يشعر في الغالب

بأن الأضواء جميعها مسلطة عليه .






وفي احدى اماسي تموز الخانق شعرت بأن الجو في البيت يقبض قلبها ، فقررت أن تخرج لتتمشى

.مع طفليها . راحت تجوب الشارع على غير هدى . ولكن رغم حالة اليأس والخوف التي

تعيشها ، كانت تؤمن بحدوث الأعاجيب . وإزدحم عقلها بكل شيء وصرخات مكتومة في

أعماقها تردد “ حبك يختبيء في قلبي مثلما تختبيء النواة في الأرض ، ا لقد جمعنا الحب ولن

يفرقني عنك إلا الموت . “ شعرت بالدموع تبلل خديها .وفجأة انقطع سيل أفكارها عندما توقفت

بجانبها سيارة تحمل قطعة “ كويت “ و ترجل منها خالد. القى عليها التحية وقال :

ــ اقدم لك ابو احمد ، زوج اختي سهام وقد جاء وعائلته من الكويت وجلب لك هذه الرسالة من اختك .

وناولها الرسالة . وبيد مرتجفة اخذت تقلب الرسالة وقالت مخاطبةً ا بو احمد :

ــ سأفتح الرسالة في البيت ، قد تطلب اختي شيئاً لأبعثه لها معكم .وهل لك أن تخبرها بأني اريد

السفر الى الكويت ، لكني مترددة ، فهي المرة الأولى التي اغادر فيها البلاد .

لم يسألها عن سبب مغادرتها البلاد … فهناك العديد من الأسباب ومنها الأنتماء لأحد الأحزاب

المغضوب عليها من قبل النظام الحاكم والتي تؤدي بالفرد الى السجون ومعتقلات التعذيب

والموت المحتم .



ـــ هل معك سمة الدخول الى الكويت ؟

ــ اجل . و منذ اسبوع جهزت كل مستلزمات السفر وحزمت حقيبة سفري ، لكني اشعر بالخوف

من السفر لوحدي مع طفليّ .

ــ طيب أنا وصلتُ امس وسأترك عائلتي هنا لتقضي إجازة مع أهلها وغداً سأعود لوحدي ،

والسيارة فارغة ، لماذا لا تأتين وطفليكِ معي لأوصلكِ الى اختك ، فهي تسكن بنفس العمارة التي

نسكن فيها .

لم تصدق ما سمعته وبدون تردد أجابته بأنها ستغادر معه .

تحركت بهدوء عائدة الى البيت و شعرت بالفرح يملأ صدرها وهي تضم يدها على الرسالة ،

وراحت تمتم “ صحيح مثل ما يقول المثل “ من الباب للكوسر فرج ! ” و تملكها شعور بالغبطة

وهي تستذكر وتسترجع السنين الجميلة التي قضتها برفقة زوجها .


لم تنم الليل . ظلّت أرقة وقلقة وتخشى أن يسرقها النوم ويفوت عليها موعد السفر . وفي صباح

اليوم التالي ودون أن تسأل رأي اهلها ولم تبلغهم بما إعتزمته . أبلغت امها بقرارها بالمغادرة ،

وإتصلت بوالدها لتودعه . نظرت الى امها وساورها شعور بالحزن وهي تراها تنظر اليها

بتضرع كما لو أنها تتوسل اليها أن تبقى .

ــ قلبي معكِ يا إبنتي !

وردّت بإبتسامة حزينة :

ــ لا تخافي يا امي ، سأطمئنكم عند وصولي !

كان الوقت ضحى حين غادرت مع طفليها ولم يدر في خلدها بأنها لن تعود .



كان يوماً شاقاً ودقات قلبها تتسارع كلما إقتربت السيارة من صفوان للحصول على إذن المغادرة. .

و إعترتها حالة من القلق والخوف حين توقفت السيارة في صفوان وطلب منها ابو احمد أن تهيء

جواز سفرها . يدها ترتجف وهي ممسكة بالجواز واخذت دقات قلبها تتسارع بشكل عنيف

عندما إقترب شرطي الحدود من السيارة ليرى ما بداخلها . لم يطلب منها النزول من السيارة ،

بل تناول منها جوازالسفر وغادر . بقيت على جلستها في السيارة محاولة التظاهر بالهدوء قدر

المستطاع ، لكنها شعرت بأن أطراف رئتها تهتز كأنها ورقة وحيدة على غصن شجرة رغم هدوء

الهواء حولها .كانت تشك بما يكتبه الروائيون في وصف الخوف ،وكيف يتوقف قلب الضحية عن

الخفقان وكيف يتحول الدم الى سائل جليدي يسري في الظهر والعروق ، رغم أنها في السابق

وقبل أن تمر بتجربة الخوف تضحك وتسخر من ذلك .


كان حلقها يابساً في قيض تموز و لم تكن تقوى في تلك اللحظة على مد يدها لتتناول قنينة الماء

التي في السيارة وتأخذ جرعة واحدة تبلل ريقها ، فبللت شفتيها بلسانها . شعرت بجسدها يرتعش

إرتعاشة سعفة في الريح ، وإعتراها ضعف شديد واوشكت أن تبكي لولا خجلها من طفليها .

اسندت ظهرها الى الوراء ، اغمضت عينيها وحصرت تفكيرها كلياً بما سيتعين عليها تقريره

بشأن طفليها فيما إذا منعوها من السفر والقوا القبض عليها . كان قلبها يخفق بعنف وأيقنت أن هذا

اليوم لن يمر بسلام . وراحت تتمتم مع نفسها : ”حاستي السادسة تقول سنلتقي يا حبيبي … سنقتل الفراق … سن...... ”

فجأة فاقت عل صوت إبنتها تناديها :

ـــ ماما ها قد عاد الشرطي ومعه الجواز .



.




و فتحت عينيها وظلت لحظة صامتة تنظر الى وجه إبنتها كأنما تتفحصه جيداً دون أن تقول شيئاً .

شحب وجهها ، و في قيظ تموز شعرت بوخزة برد . وراحت تردد مع نفسها “ ماذا ستفعلين

يا آمال لو كان عليك منع من السفر ؟ “و كان صدرها يعلو ويهبط بشكل سريع ، وتشبثت بأن

تسترد هدوءها قبل أن يصل الشرطي ، وبدا لها كأن قلبها يقفز من مكانه ويضرب عظام صدرها

وبيد مرتبكة تناولت منه الجواز . إعتدلت قليلاً وهبط عليها هدوء مفاجيء وهي

تتفرس في الجواز … تفرست فيه جيداً … وتملكها شعور بالغبطة وهي تراه مختوماً “ يُسمح

لها بالمغادرة مع طفلين . ”









































































.
























شحب وجهها وبدا في عينيها الحزن ، حاولت أن لا تظهره امام طفليها ، وهي تنظر من نافذة

السيارة الى الشرطي مرددة بصوت خافت بأن تجتاز الحدود بسلام . سلّمها الشرطي الجواز

واسترد وجهها لونه بعد شحوبه حين فتحت الجواز ورأته مختوما بختم المغادرة ( يُسمح لها

بالمغادرة مع طفلين ).



#بلقيس_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اثر المدرسة في التكيف عند الطفل
- اثر الأسرة في التكيف عند الطفل
- رابطة المرأة العراقية في عيدها السابع والخمسين
- المرأة العراقية ... والتحديات
- وتمضي الأيام وحبي لكَ باقٍ
- في تأبين البطل د. ابو ظفر
- الظالمي لم يمت
- الى شهداء العبور د. أبو ظفر أبو هديل أبو إيمان أبو سحر نا ...
- ابو ظفر ذكراك باقية الى الأبد
- هدية الوداع .... - وعد - قصة قصيرة
- ما حكاية المسلسلات المدبلجة ؟ !
- ذكرى ليست خاصة
- حين يصبح المرء وحشا كاسرا
- اقوال مأثورة ( 3 )
- أقوال مأثورة ( 2 )
- أقوال مأثورة
- أحبكِ يا بغداد
- من رسائل شهيد بطل
- الثامن من آذار ( مارس )
- الدكتور ابو ظفر ..حس إنساني ..إخلاص مهني


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس الربيعي - لحظات خوف