ضياء الاسدي
الحوار المتمدن-العدد: 2690 - 2009 / 6 / 27 - 04:02
المحور:
الادب والفن
أسرج باسم فرات قناديله الشعرية داخل غربته المعتمة ، التي طحنت سنوات عمره ، ورصعت حياته بالحنين واللهفة الى الوطن ، لذا تستوقفنا حرائق الحروف المندلعة بين ثنايا الشاعر على نحو متكرر في أغلب نصوصه الشعرية ، المزدحمة بالتوق الى أرصفة وطن ثلمتها الحروب ومدن أحيلت الى هشيم .
لم يعبأ باسم فرات بمستعمرات الورود والخضرة الطافحة التي أثقلت شوارع ولنغتن أو باحات هيروشيما أو جنائن لاوس ، تلك المنافي النابضة بالجمال والسلام التي جابها الشاعر ، بل إنغمس مع دوائر الدخان الأسود المتصاعد بين الحين والآخر من رحم الوطن المتشظي ، ويريق الدمع بلا هوادة ، مع تأوهات الثكالى وإنبجاس الموت ، الذي أطاح بكل صروح الفرح المدجج بالأمل والترقب.
من بين فحولة المنفى وسرمدية الوجع ، طرز هذا السومري الفراتي العذب جل ترنيماته اللائبة ، وهمهماته التي ترشقنا طورا بإنبهار مطلق وطورا بخرائط شعر باذخة الإحساس.
لقد رصد فراتنا العذب مشهد الشعر بعين فوتوغرافية مدهشة ولاقطة لأشكال الجمال ، حيث نهل من درايته وحرفيته في فن التصوير لآلئ الإبداع ، ليسبك شعرا متشحا بغرس الطبيعة ومروجها الغناء ، حتى ننتشي جميعا بقدّاسه الفوتوشعري .
لم ينسلخ باسم فرات كذلك من براثن كربلاء ، تلك المدينة الفجائعية التي انصهرت مع الوجع والندب ، وتنتكس خشوعا في كل عام لذكرى واقعة الطف الأشد وجعا وإيلاما، ظلّ يداعبه مشهد الحزن العارم الذي يهدهد اركان المدينة المنكوبة ، ذات القباب الذهبية اللافتة للقلب ، حتى نكاد نسمع حشرجات المواكب وعويلها تئن في سماوات باسم فرات ، التي أحالها الى موقد شعره اللاهب بالوجد والحزن ، وهذا الوشيج المتشظي ظل يمخر عباب شاعريته حتىنسمع لسان حاله يقول ؛
أبي
حزن عميق
أمي كتاب حزن
حين فتحه أبي
خرجت أنا
#ضياء_الاسدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟