مصمم العلم له أيضا مقال

حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 820 - 2004 / 4 / 30 - 07:00
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

لقد واجه العلم العراقي الجديد هجوما شديدا من قبل الجميع تقريبا، ولكن الأهم من ذلك هو إن من قاد هذا الهجوم فنانون كبار، لذا أصبح من الصعب جدا الوقوف أمام هذا التيار الهادر خصوصا لمن هم أمثالي من الغير المتخصصين بالفن، لذا أصبحت أصواتهم المدوية نوعا من الإرهاب الفكري للجميع، وخصوصا لي، لا يمكن أن نتحداه أو الوقوف بوجهه.

تعالت الأصوات وبقي صوت المصمم غائبا تماما، ولكن وفي مقابلة كانت سريعة جدا أجرتها معه إذاعة البي بي سي العربية. وبلغة عراقية دارجة وبسيطة وضع رفعت مرافعته أو دفاعه عن العلم الذي صممه. فوجدت من الإنصاف لهذا المهندس الفنان أن أضع مرافعته بين أيدي القراء.

رفعت يقول إن اللون الأبيض يرمز للسلام وهذا ما عرفناه منذ اللحظة الأولى، فقط ولم يزد على ذلك.

ما إستطعت أن أفهمه بما يتعلق بالهلال، فهو يرمز للإسلام كدين للأكثرية من أبناء العراق بالإضافة إلى إنه أحد أهم راوفد الثقافة العراقية. بالفعل فاللغة العربية والثقافة العراقية عموما لها مكونات والإسلام يعتبر مكون أساسي لهذه الثقافة سواء بالنسبة للمسلمين أو من غير المسلمين، وهذا يختزل كل ما تمخضت عنه الثقافة الإسلامية ومدى تأثيرها على مجمل حياتنا كعراقيين من كل الأديان. هذا بالإضافة إلى أن العموم الغالب من العراقيين هم من المسلمين، وخصوصا المسلمين المتدينين فهم يجدون بالدين أكثر من ثقافة أو تاريخ، ولم حق بهذا الوطن كما للآخرين حق به.

الخطين الأزرقين يمثلان النهرين أو الرافدين وهذا لا يعني النهرين من الناحية الفيزيائية بل وادي الرافدين شعوبا وثقافات وعمقا تاريخيا وخصبا ورخاء، فالأزرقين هما حضارات وادي الرافدين.

اللون الأصفر الذي يحتضنه الخطين الأزرقين فإنه رمز الدولتين الآشورية والأكدية المستمد من نور الشمس، والذي يرمز للمعرفة التي كانت شعارا لحضارات هاتين الدولتين ومن ثم وادي الرافدين الذي يعتبر هو أول من قدم إسس المعرفة وأقام حضارة من أهم مقوماتها تلك الإنجازات العلمية التي قدمتها للبشرية. بالإضافة إلى ذلك فإن اللون الأصفر قد إتخذ كرمز لإقليم كردستان في السنوات الأخيرة وهذا يضيف بعدا آخر ليكمل الصورة من الناحية الجغرافية والأخلاقية بما يتعلق بالكورد كقومية ثانية في العراق، أي إن الجبل قد لا يمكن أن يعتبر جزءا من الوادي، وادي الرافدين، أما الناحية الأخلاقية فإنه يتمثل بتعاطف العراقيين جميعا مع الكورد تأكيد منهم على التمسك بهذا الكيان والمكون العريق من مكونات الشعب العراقي.

أما من ناحية التشابه مع علم إسرائيل، فالمصمم يقول، لماذا نخشى إسرائيل؟ ونضع هذا الأمر كحاجز نفسي أمام خياراتنا!؟ إننا لا يجب أن نسمح للإسرائيليين أن يسرقوا أو يصادروا الجمال المتمثل بالألوان، فنحن نمتلك هذه الألوان كما تمتلكها كل شعوب الأرض.

هذه هي مرافعة المهندس رفعت عن علمه، وأنا أراها ترد على الكثير من الإنتقادات التي قرأناها وسمعنا بها. فالعلم يجب أن يكون بسيطا وليس كما هو الحال بالنسبة للشعار الذي ربما يكون معقد ويحمل رموزا وتفاصيل أكثر من العلم، ولكن ينبغي للعلم أن يرمز للمكونات الثقافية والتاريخية والديموغرافية للشعب، وهذا كاف جدا.

أما من ناحية الجمال، فأنا لي الحق أن أقول كلمة ولا يجب أن تصدم أحد، كما لو إني أختار ثوبا بلون معين دون الأثواب الأخرى لأنه يعجبني. فأنا أرى إن هذا العلم جميل وبالفعل يريحني وأشعر بالهدوء النفسي وأنا أنظر له. فالجمال مسألة نسبية، بل هي الأكثر نسبية من غيرها.

#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل