أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مايا جاموس - الأحلام المتكسّرة تحت السقوف الواطئة .. في مسرحية (ديكور) السورية














المزيد.....

الأحلام المتكسّرة تحت السقوف الواطئة .. في مسرحية (ديكور) السورية


مايا جاموس

الحوار المتمدن-العدد: 2672 - 2009 / 6 / 9 - 01:47
المحور: الادب والفن
    


تطرح مسرحية (ديكور) محاور عديدة، الأول هو الإطار العام للحكاية ويتعلق بالتفكك الأسري، وتفكك البيوت والروابط الأسرية والعلاقات الإنسانية. فالصلة منقطعة بين الأب (حسان) والأم (تسنيم) رغم وجودهما في البيت نفسه، وإن تواصلا فذلك من خلال الرسائل.
الأم تعزل نفسها وتعاقب الأب وتستغله مادياً، ويتضح في نهاية المسرحية أنها تسرقه.. الأب يسرق ابنه (مجد) ويتهمه بالسرقة، وتصبح الخادمة (بيسان) صلة وصل بينهما.
والمحور الآخر هو قضية التبرع بالكِلية، فالابن مجد يقرر التبرع بكليته لصديقه لكنّ أباه يرفض ويتهمه بالجنون. ويحاول من خلال الممرض (فواز) أن يثني ابنه عن قراره. وهنا تقدم المسرحية مجموعةً من الإحصائيات المتعلقة بعدد المرضى الذين يقومون بغسيل كلاهم، ومقدار تكلفة المرض، وتعقيدات التبرع بالكلية وانعكاس ذلك صحياً على المتبرع، وثقافة المجتمع تجاه التبرع إذ تعدّه جنوناً. ومن جهة أخرى تقوم المسرحية من خلال فواز بكشف وتعرية السلوك الاجتماعي المزيف والمقصِّر لأصحاب الرساميل إذ يقول فواز لمجد: أمِّن مالاً لشراء وحدات غسيل متطورة لا ينتقل عبرها التهاب الكبد، بدل المثالية الساذجة التي تدفعك إلى التبرع بكليتك.
وهنالك الخادمة بيسان، التي درست في الجامعة ومع ذلك تضطر إلى العمل خادمة في بيوت الناس مقابل أجور زهيدة، وقد يخدعونها ويسرقونها. والأسوأ أنها تضطر إلى تحمّل الذل والإهانة منهم. إنها تختصر في المسرحية قضية التفاوت الطبقي في المجتمع، ورغم أن الأب يشكّل في المسرحية البنية الأساسية للاستغلال والقمع، لكنّه هو نفسه يفاجأ بالخادمة ومقدار قبولها للاستغلال حين يقرر أن يعطيها جزءاً من أجورها ويسرق الباقي، ويقوم بتوبيخها على صمتها وقبولها.
ضمن ذلك تطرح المسرحية حكاية ثانوية تبدو خارجةً عن سياق الحكاية الرئيسية، لكنها تكمّل المشهد الذي ترسمه المسرحية للمجتمع السوري، بل تعطيه خصوصيته. إنها حكاية عازف الكمان الشاب الذي يعبر عن شريحة الشباب الذي تتكسر أحلامه وطموحاته أمام صعوبات الواقع وتعقيداته. فهذا الشاب حلم بتغيير العالم من خلال الموسيقا، لكنه وجد نفسه عازفاً بالأجرة في أحد الملاهي، وهذا هو حال باقي أصدقائه، ويضحك من شدة الألم ثم يبكي.
ورغم أن دور الطبيب قصير لكنه يقدم تكثيفاً لحالة تسليع الإنسان.
تبرز في المسرحية فكرة الموت المجاني أو الرخيص الذي يمر بارداً فسميَّة زوجة الصديق تموت وكذلك ابن الطبيب، والأم تسنيم تبدو كالميتة في حياتها. وحتى عندما تهرب بحثاً عن ذاتها،فإنها لا تظهر على الخشبة لتبقى مغيبة كما الكثير من النساء.
ويظهر العرض الجميع كضحايا، الابن والطبيب والخادمة والأم وصديق الأب الذي أصيب بالفالج، حتى الأب هو ضحية.
يكتفي العرض بتوصيف حال الشباب وخيباتهم وحال المجتمع بالعموم من خلال قصص تكثف جوانب هامة تحكم المجتمع السوري، دون أن يقدم قراءة في الأسباب أو معالجة درامية لتلك المحاور التي طرحها.
تلك القصص للشباب السوري والعائلة السورية تُروى ضمن سينوغرافيا مكانية تتشابك فيها البيوت وتتداخل وتتوزع على طوابق، تميل وتوحي بالتهاوي. الشوارع فيها مائلة وحتى المكتبات برفوفها، كل شيء مشوّه ويوحي بالدمار في أية لحظة. وتبرز السقوف الواطئة لتلك البيوت تكاد تخنق أصحابها وتسحقهم. يفصل العرض بين الطبقات الاجتماعية من خلال ديكوره، فهذه المرة كلما ارتفعنا عن الأرض حيث الطوابق والسلالم التي يسكنها الفقراء المهمشون، ويستقر الأغنياء المتنفذون في الطابق الأول، وكأن المكان ينتمي إلى أحد أحياء السكن العشوائي في دمشق. فهي مدن مشوهة تضم هاربين من كل المدن بحثاً عن حياة أفضل. ومثلما لا تنتهي قصص الشخصيات في المسرحية ويمكن أن تزداد، فإن السينوغرافيا تقول إن هذه القصص يوجد مثلها الكثير في المدينة، فالبيوت والغرف على الخشبة كثيرة ولها الملامح ذاتها. تُفتح في بعض المشاهد فتحات أفقية على الخشبة تأتي منها الإضاءة البرتقالية تتزامن مع بعض المشاهد كمشهد العازف الشاب الذي تخنقه الخيبات، وكأنها إشارة إلى أن ما يعيشه ذلك الشاب هو جحيم. وفي الآخر يأتي العنوان (ديكور) ليقول إن كل شيء في هذا المجتمع هو ديكور أو إكسسوار أو مجرد أشياء غير فاعلة، بدءاً ببيوتنا ووصولاً إلينا نحن الأشخاص.
تفاوتَ أداء الممثلين وارتكز على تمثُّل الشخصية أي على الواقعية والصدق، لكن غلب عليه أحياناً الأداء الانفعالي المبالغ، إلى درجة الكوميديا المتأتية من التناقض بين تلك المبالغات في الأداء وردود أفعال الشخصية ومأسوية الموقف.
المسرحية هي تجربة طلابية، لكنها هذه المرة تجربة خاصة من إنتاج الجامعة العربية الدولية. وهي تجربة تستحق الكثير من التقدير والتشجيع لتتمكن من الاستمرار. العرض مستوحى من قصص قصيرة لأنطون تشيخوف (الديبلوماسي، المغفلة، العازف الأجير، هرج، الأعداء)، دراماتورجيا وائل قدور، إخراج رأفت الزاقوت، سينوغرافيا زكريا الطيان، تمثيل فراس كريدلي، همام جراح، كناري عثمان، عمر سعد الدين، معاذ زند الحديد، معن موصللي، محمد دعدوع.
مايا جاموس
النور 391 (3/6/2009)



#مايا_جاموس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفسيفساء السورية في مسرحية (المرود والمكحلة)
- فواز الساجر إلى الذاكرة بعد 21 سنة من التغييب: (سيقتلنا الضي ...
- حين تتحول غرفُنا إلى مسارح..
- الحرب والقمع والمرأة في مهرجان المونودراما الخامس في اللاذقي ...
- مسرحية (البدلة) للمخرجة السورية نائلة الأطرش: عندما يتحول ال ...
- مسرحية الدون كيشوت للمخرج السوري مانويل جيجي: الدونكيشوتية ط ...
- -طقوس الإشارات والتحولات- لسعد الله ونوس: للمرة الأولى على ا ...
- علي فرزات والسلطة... وصراع لا ينتهي
- الكاتبة والروائية سمر يزبك: (الكتابة علاج للخوف)
- تظاهرة (أيام سينما الواقع) DOX BOX 09: السينما التسجيلية وثي ...
- -تيامو-.. مسرحية تجمعُ الفنون، وتكسر نمطيّة التلقي
- مسرحية -الشوكة-/ الحلم ملاذ المهمشين
- «وعكة عابرة» لفايز قزق: عن السلطة والبيروقراطية وانهيار المؤ ...
- إكسترا سياحة – هنا اللاذقية
- وسائل وآليات العمل السياسي المعارض في ظل غياب حريات الرأي وا ...
- العولمة ودور الشباب العربي... الغائب: في ندوات مهرجان دمشق ا ...
- هل نهرول وراء التمويل الأجنبي ؟ أم نجلس ونتفرج؟
- علاقة الشباب السوري بالقراءة: أزمة أم مؤشر أزمة ؟
- تجربة مع سجن مدني
- عندما يحضر الأحباء الغائبون عبر تفاصيل الحياة


المزيد.....




- شذى سالم: المسرح العراقي اثبت جدارة في ايام قرطاج
- الفنان سامح حسين يوضح حقيقة انضمامه لهيئة التدريس بجامعة مصر ...
- الغناء ليس للمتعة فقط… تعرف على فوائده الصحية الفريدة
- صَرَخَاتٌ تَرْتَدِيهَا أسْئِلَةْ 
- فيلم -خلف أشجار النخيل- يثير جدلا بالمغرب بسبب -مشاهد حميمية ...
- يسرا في مراكش.. وحديث عن تجربة فنية ناهزت 5 عقود
- هكذا أطلّت الممثلات العالميات في المهرجان الدولي للفيلم بمرا ...
- أول متحف عربي مكرّس لتخليد إرث الفنان مقبول فدا حسين
- المسرحيون يعلنون القطيعة: عصيان مفتوح في وجه دولة خانت ثقافت ...
- فيلم -أحلام قطار-.. صوت الصمت في مواجهة الزمن


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مايا جاموس - الأحلام المتكسّرة تحت السقوف الواطئة .. في مسرحية (ديكور) السورية