أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مايا جاموس - -تيامو-.. مسرحية تجمعُ الفنون، وتكسر نمطيّة التلقي















المزيد.....

-تيامو-.. مسرحية تجمعُ الفنون، وتكسر نمطيّة التلقي


مايا جاموس

الحوار المتمدن-العدد: 2591 - 2009 / 3 / 20 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


بعدما دخلت قصة روميو وجولييت ذاكرتَنا كحكاية حب خالدة، كذلك الأمر مع هاملت المشتت بين حبه لأوفيليا وسعيه المتردد للانتقام لمقتل أبيه؛ تأتي رغدا الشعراني، وتقول ماذا تتوقعون أن يحصل فيما لو التقى هاملت بجولييت، وروميو بأوفيليا في عصرنا هذا؟
هذه هي الفرضية التي يقوم عليها عرض تيامو، الفرضية التي تُدخلنا العرض من باب أن هذه الشخصيات المسرحية إنما تريد تقديم مسرحية لشكسبير تُذهِب عنه الكآبة في أيامه الأخيرة.
يبدأ العرض بمشاهد من أجواء شكسبير التراجيدية بالمعنى التقليدي، إذ نشاهد هاملت (شادي مقرش) المغرم بأوفيليا، يذكّره والده المقتول (مروان أبو شاهين) بضرورة الانتقام لمقتله وخيانته. كذلك نرى روميو (جابر جوخدار) وجولييت (هنوف خربوطلي) العاشقين اللذين نعرف نهايتهما التراجيدية، إنما يصممان على الحياة والنجاة من قدرهما (هذه المرة). لكنّ هاملت يُغرم بجولييت، وروميو يعشق أوفيليا (نسرين الحكيم)، وتتحول المسرحية من تراجيديات شكسبيرية إلى كوميديا معاصرة لا يربطها بشكسبير سوى الاستناد إلى شخصياته. نرى هاملت وهو الشخصية التي يركّز عليها العرض وعلى تحولاتها، لم يعد مهتماً بالانتقام لمقتل أبيه، بل يرى أن أباه لم يمت مقتولاً بل بسبب التقدم بالسن. ولن يقتل عمَّه الذي تزوج أمه لأنه لا يريد أن يسبب لها الحزن والتعاسة. كما يقدم العرض هاملت إنساناً لا يحب القتل ويحرص على عدم إراقة الدماء.
بينما لا تقدم المسرحية التطور الدرامي لباقي الشخصيات، فيما عدا الجوانب الشكلية وأساليب التصرف التي تتماشى مع العصر الراهن ومع منتجات الحضارة. فنجد الممثلين بأزياء معاصرة، والشباب وشموا أجسادهم برموز وصور، ويسرّحون شعرهم تسريحات حديثة جداً، يغنّون ويرقصون على إيقاعات الموسيقا الغربية المعاصرة، ويلعبون البوكر، ويركبون الدراجات النارية (الموتورات)، يلعبون سباق السيارات، والمبارزة بالمسدسات إلى جانب السيوف. بل حتى يسخر العرض من الحكماء الخمسة في بلاط الأمير هاملت (فرزدق ديوب، كامل نجمة، شادي الصفدي، علاء الزعبي، الوليد عبود)، ويقدمهم أقرب ما يكونون إلى (المرافقة) بتسميات عصرنا. مرافقو هاملت هؤلاء يلهون ويسلّون أميرهم، وينكّت العرض على سلوك هذه المرافقة، فيما يتعلق بالعنف المعاصر وثقافة تعذيب الآخرين الأنداد أو الأعداء.
هكذا تحاول المسرحية أن تقدم قراءة مختلفة لشكسبير من جهة، ومن جهة أخرى فإنها بهذه القراءة تحرّض المتفرج ليتلقى العرض بشكل مختلف عن النمطية التي اعتاد عليها حين يتعلق الأمر بمسرحيات شكسبير ونتاج تلك المرحلة، حين تُلغى النهايات المأسوية التي تفترض الموت بالضرورة. فروميو وجولييت اللذان قررا تغيير قدرهما، لن يموتا. هاملت وروميو اللذان يقتل أحدهما الآخر سيعودان إلى الحياة. حقاً إن الحياة هي العنصر الأقوى في المسرحية، وتحاول أن تكون إغراءً بل قدراً لكل شخص ولكل علاقة، فيعود الأبطال للحياة بعد الموت أو يتحول الموت إلى مرحلة من مراحل الحياة، ولا يبقى على الصورة المأسوية ذات الرهبة والتعاسة والحزن التي نعرفها في التراجيديا، بل يلحق الحبُ الناسَ حتى عند الموت.
تنكيت شديد على مفاهيم قديمة، في مقدمتها المبارزة من أجل الحصول على قلب الفتاة. لكن هذه المبارزات والصراعات تفترض أشكالاً حديثة، هي مسابقات شعر الزجل الشعبي، والمناظرات الكلامية، والمواويل وأغانٍ على نمط الأغاني والألحان الشعبية والفولكلورية.
يمكن القول إن هذه المسرحية تنتمي إلى المسرح الشامل الذي يجمع أنواعاً عديدة من الفنون على الخشبة، في مقدمتها شاشتان، واحدة مواجهة للجمهور وأخرى إلى يمين الخشبة، تعرضان أحداثاً تجري أو جرت خارج الخشبة، تشكلان حلولاً مسرحية درامية تنسجم مع التركيبة بين الكلاسيكيات والمعاصَرة، كتقديم والد هاملت المتوفى من خلالها لتكون نافذة العرض على العالم الآخر، أو تستخدم الشاشتان لعرض الوجوه وانفعالاتها، أو لتركيز وتوجيه الاهتمام لفكرة معينة.
كما استُخدم الرقص بأنواع متعددة، منها الفلامنكو والشرقي والمعاصر الاستعراضي. إلى جانب أنواع من الموسيقا والإضاءة.
العرض الذي يقدم حكاية ثانية هي حكاية شانتال (لورا أبو أسعد) مع الحكماء الأربعة للأمير هاملت، إذ يتنافسون لكسب حبها، أيضاً تُستخدم هذه الحبكة لمزيد من التنكيت والسخرية من المبارزة، ولتشكل هذه الحكاية وسيلةً لتقديم فقرات منفردة جزئياً لكل ممثل على حدة، فيستعرض مهاراته الأدائية. وهنا نتحدث عن الحكماء الأربعة وعن (شانتال) والحكيم (سين). تنتهي هذه الحكاية والمسرحية بالمجمل بموت شانتال وانتقالها إلى العالم الآخر حيث والد هاملت، فيتبادلان الحب بكثير من الرومانسية المعاصرة وعبارات الغزل بالفرنسية، وعلى أنغام أغنية (Lady) التي يغنيها والد هاملت لشانتال.
هذا العرض الذي تريد من خلاله رغدا الشعراني أن تقدم مسرحاً مختلفاً عن التقليدي الذي يقدم عادةً، يسرف في الاستعراض الذي يقرّبه في بعض اللحظات من التهريج، كما تتشابه وتتداخل شخصياته ببعضها (شخصيات الحكماء الأربعة، وأوفيليا وجولييت)، ولا تتمكن الفقرات المنفردة لكل شخصية والتي تعرّف بنفسها وبخصوصيتها، من ترسيخ هذه الصفات والاختلافات فيما بينها، وحتى توظيفها في العرض، فيما عدا الجانب الكوميدي المضحك فيها.
السينوغرافيا التي صممتها الشعراني جمعت بين الرؤية المعاصرة لتراجيديات شكسبير من خلال خشبة فقيرة الديكور وأضواء ليزرية و(فلاشرات) ملونة، وبين أجواء تلك المآسي جاعلةً الخشبة وما حوته من أبواب باللون الأسود.
- وفي الإطار نفسه يقدم العرض شكلين من الموسيقا والمؤثرات، موسيقا حية في العرض مرافقة تنبعث من آلات الإيقاع الموجودة على الخشبة إلى يسار المتفرجين، وقام العازفون بتقديم مؤثرات سمعية للدلالة على الحماسة أو الخوف أو التوتر والقلق واقتراب لحظات حرجة كلحظات المبارزة، لكن المسرحية قدمت إلى جانب ذلك موسيقا تسجيلية للحالات نفسها، بذلك تزاوج رغدا الشعراني بين الإيهام الذي تخلقه الموسيقا المسجلة وبين كسر الإيهام ولعبة التغريب الذي تقوم به الموسيقا الحية.
وفي النهاية نقول إن (تيامو) تقدم فرجةً جميلة ممتعة، ومدهشة على مستوى قدرات ومهارات الممثلين المتنوعة بين التمثيل والغناء والرقص والأداء الجسدي الحركي، تتجاوز (الفارْس) كنوع مسرحي كوميدي، إلى المسرح الشامل الذي يجمع أنواعاً عديدة من الفنون الأخرى وهذا يجعل منه عرضاً يتوجه إلى كل الناس، وبالفعل تمكّن (تيامو) من استقطاب جمهور واسع نسبياً، كما كان لافتاً للنظر مستوى تفاعل هذا الجمهور مع العرض.
المسرحية إعداد وإخراج رغدا الشعراني، دراماتورجيا كفاح الخوص.
مايا جاموس
جريدة النور- 381 (18/3/2009)



#مايا_جاموس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية -الشوكة-/ الحلم ملاذ المهمشين
- «وعكة عابرة» لفايز قزق: عن السلطة والبيروقراطية وانهيار المؤ ...
- إكسترا سياحة – هنا اللاذقية
- وسائل وآليات العمل السياسي المعارض في ظل غياب حريات الرأي وا ...
- العولمة ودور الشباب العربي... الغائب: في ندوات مهرجان دمشق ا ...
- هل نهرول وراء التمويل الأجنبي ؟ أم نجلس ونتفرج؟
- علاقة الشباب السوري بالقراءة: أزمة أم مؤشر أزمة ؟
- تجربة مع سجن مدني
- عندما يحضر الأحباء الغائبون عبر تفاصيل الحياة
- في الذكرى السادسة لخروجه من المعتقل فاتح جاموس _الأب : في ال ...


المزيد.....




- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مايا جاموس - -تيامو-.. مسرحية تجمعُ الفنون، وتكسر نمطيّة التلقي