أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جمال محمد تقي - في مصر وصفات جاهزة لمنع الحمل الثوري !















المزيد.....

في مصر وصفات جاهزة لمنع الحمل الثوري !


جمال محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 2658 - 2009 / 5 / 26 - 09:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



دورة التحول من دولة تابعة بمؤسسات تقليدية محافظة الى دولة مقاومة بشرعية ثورية تحكمها مؤسسة عسكرية متحفزة لاسترداد الحقوق السيادية ، الى دولة خاضعة بشرعية ناقصة ـ ديمقراطيا ووطنيا ـ اكتملت صورتها في التجربة المصرية منذ توقيع صك التنازل عن السيادة المصرية في كامب ديفيد وتبني سياسة الانبطاح الاقتصادي والسياسي امام الشروط الامريكية الاسرائيلية ، وبالتالي السير وفق اجندات البنك الدولي واملاءات صندوق النقد الدولي ، وبما يعني داخليا من خصخصة وبيع متدرج للقطاع العام ، وذلك بعد استنزافه وجعله هيكلا مشفوط المضامين ، من خلال سرقة خيراته المادية ، واعلان افلاسه ومن ثم بيعه بتراب الفلوس للقطط السمان الجديدة ، والتي تمتاز عن القديمة المتطفلة على الثورة وقطاعها العام وجهازها الاداري ، بانها اكثر قدرة على الافساد لانها وبدون رتوش هي من يحكم قبضته على الحكم بكل مفاصله ، حتى تحول عصر الجمهورية الثالثة ، جمهورية مبارك التي استطالت بمطمطة التسلط حتى دخلت عقدها الرابع ، وهي بؤرة موبؤة بغنغرينا التطفل والفساد الذي ينخر جسم الدولة التائخة والمستهلكة والمدمنة على المنشطات الحيوية ، مصر مريضة بنظامها وما يشيعه من خراب ، مصر تعيش حالة مغربة ، اغتراب من حجمها وطاقات شعبها وتاريخها ،اغتراب من نسيجها وعمقها ، حالة نشاز لا تليق بمكانتها الطبيعية !
كان طفيليي وانتهازيي العهد البائد ينحدرون في الغالب من مواقع طبقية متضررة من الثورة ، اما طفيليي العهد الجديد ، القطط السمان الجديدة ، فهي قد تناسلت مع من قبلها وبقوة ، منذ عهد السادات الذي تمسكن حتى تمكن ، ثم عمل وفق طريقة خالف تعرف ، فرهن نفسه وبلاده للسياسات الامريكية بتبجح قل نظيره مدعيا ان امريكا وحدها من يملك المصير فهي صاحبة 99 % من اوراق المعادلة ، فكان هو نفسه ومصر ضحية لهذا الارتهان المهين !
ظهر جيل طفيلي جديد في عهد مبارك يحمل جينات متحولة من ـ قادة عسكريين لجيش كبير معطل مفرغ من عقيدته ، وفي احسن الاحوال بعقيدة بديلة فاسدة مع وكلاء للاستثمارات الاجنبية الاستهلاكية ، وبيروقراطيين فاسدين ، وراسماليين تجاريين يتلاعبون بقوت الناس وحياتهم ـ واصبحت هي ذاتها قاعدة طبقية للنظام القائم بكل مفاصله ، ان اغلب هذه العينات لا يرتاح لها بال الا اذا ارتبطت وبشكل مباشر بالحزب الحاكم وترشحت من خلال قوائمه لتولي المناصب البرلمانية والشوروية والحكومية التي تبرمج حملاتها الانتخابية الاجهزة الامنية والمخابراتية بطريقة تناسب حالة الهيمنة القائمة والمفصلة على مقاساتها التي تعطي هامش في ذيلها للتطعيم ببعض الالوان السياسية المختلفة معها ، للتنفيس والتزيين ، مثل السماح للاخوان كمستقلين للترشح بضوابط قسرية وتجميل المجالس ببعض الوجوه المعارضة !
لقد استهلكت المرحلة الاخيرة من التجربة المصرية نفسها ، وتحمضت ، وفاحت روائحها ، وانحدرت الى درك فائق الخطورة ، حتى انها تهدد بخنق انفاس الدولة ذاتها ، فضيق التنفس يؤدي حتما للاغماء الاجتماعي كاحد اعراض الفشل المزمن والمتعاظم في مجمل السياسات والهياكل الارتكازية المستندة عليها ، وكذا لفساد اجهزتها التنفيذية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ، انها حالة عامة تعيشها مصر ، ويدفع الشعب من رصيد مستقبله ثمنا لتحمله وزرها المدمر ، وهنا تحضرني مشاهد مسطحة من احد افلام عادل امام التي تتناول موضوع حالة ضيق النفس العام ، تعبر بشكل كاريكتيري عن واحدة من انعكاسات الحالة العامة على السلوك الاجتماعي ، ومنها مشهد خروج الناس للشوارع وهي تتأوه ولا تردد غير كلمة واحدة تقول : آه ه ه ، آه ه ه ، هذا المشهد يتقاطع تماما مع مشهد اخر حي يخرج فيه الناس زرافات زرافات ، وهم يرددون في تظاهراتهم كلمة واحدة تعبرعن حالة قرفهم من الضيق الشامل والكاتم على انفاسهم لدرجة الخنق ، كفاية ، كفاية !
فشل في الجهاز العصبي لراس السلطة في الدولة المصابة بازدواجية التبعية والتشوه ، يقابله نجاح في زرع الخوف الشعبي من هاجس التوريث ، انه يتزايد رغم حالة الاستسلام الظاهرة على سطح المشهد ورغم اجواء التطبيع التي يحاول النظام بواسطتها تمرير التوريث كحل لتجاوز الاسوأ ، ويبدوان النظام مصمم على اتمام لعبتة في تبادل الادوار بين الظل والاصل ، فالبروفات متواصلة لتاهيل الظل وكاننا في استديو سينمائي صاحبه يريد استثمار كل الشعب ككمبارس يؤدي فروض الطاعة للمخرج الذي وضعه على اقل تقدير بالصورة ، اما البطولة فستبقى مطلقة للحاكم الفعلي وعائلته !
دولة أمنية ، دولة السلطة الفعلية فيها ليست للجيش او للمؤسسات التمثيلية ، او منظمات المجتمع المدني ، انها حصرا بيد الاجهزة الامنية والمخابراتية ، دولة فيها للوزير عمر سليمان اهمية قصوى تتعدى اهمية وزير الدفاع او رئيس الوزراء !
لم يغرد الصحفي البريطاني جون برادلي خارج سرب المتابعين والمحللين الموضوعيين عندما نشر كتابه المعنون مصر على حافة الهاوية ، والذي اشار فيه الى اضلاع مثلث الخراب الطاغي على ارض الكنانة واهلها ـ الفساد ، القمع ، الفقر ـ لقد جاءت استنتاجاته مطابقة لما تتوقعه رموز مصرية تعبر عن نبض الشارع مثل احمد فؤاد نجم ، وسمير امين ، واخرين ، نعم تحت الرماد جمر يتوق للاشتعال !

كانت اجهزة المخابرات ايام السادات تفتعل الازمات الطائفية بين المسلمين والاقباط وتستثمرها لالهاء الناس عن الهم لاساسي ، وكانت ايضا تقرب الاسلامويين لتضرب بهم اليساريين ، كانت تسهل التحاق المتطوعين للجهاد في افغانستان ، لتضرب عصفورين بحجر واحد ، الاول هو تنفيذ الرغبة الامريكية لتوسيع حجم المساهمة بتمويل حرب المجاهدين ضد الشيوعية في افغانستان بالمال والرجال ، والثاني للتخلص من المتشددين والمتحمسين الاسلاميين وابعادهم عن الساحة الداخلية ، لقد اطلقوا سراح الاسلاميين من سجونهم بعد اخذ تعهدات بالتطوع للجهاد في افغانستان !
رغم كل ذلك كان الحراك الشعبي الغاضب على النظام وسياساته يتصاعد وباستمرار ، حتى اغتيل السادات نفسه !
لقد منح عهد مبارك اكثر من فرصة لاعادة النظر بسياسات سلفه داخليا وخارجيا من قبل الشعب المصري وقواه الحية ، دون فائدة تذكر ، وراح يسير بذات الاتجاه وعلى كل الصعد ، مما راكم وكرس جذور ومظاهر الفساد والفقر والقمع مع اضافة بسيطة لكنها مخجلة ومحرجة للنظام نفسه وهي دوره غير المسؤول حتى تجاه الامن الوطني المصري ، في المواجهات الدائرة بين الفلسطينيين العزل والدولة الاسرائيلية المدججة بالاسلحة النوعية ، والتي تتعزز مقابل اضمحلال القوة الندية المصرية !

النظام في مصر يتبنى مواقف الغرب ازاء اية قضية تخص الصراع العربي الاسرائيلي ، وفي احسن الاحوال تجده يلعب دور المراسل بين الطرفين ، وعندما تهون عليه نفسه ، يستأسد على الطرف الاعزل ، ويستخدم وساطته غير النزيهة كسيف مسلط على رقبة اهل غزة المضطرة للتعامل معه ليس لدوره وثقله ولكن بسبب مقتضيات التجاور لا غير ، انه يحاول دوما ارضاء الطرف الامريكي الاسرائيلي على حساب الطرف الفلسطيني ، وهذا بالضبط ما جرى قبل واثناء وبعد حرب غزة الاخيرة !

مصر اليوم دولة مخابرات بامتياز ، الجيش يعاني من ضعف نوعي ، ومؤسسات الدولة الاخرى في حالة ترهل وانتفاخ خبيث ، وسياسات النظام تكرس نهج المراوغة مع القوى المعارضة لها في السر والعلن وهي تدرك ، ان اي انتخابات حرة في مصر ستفقدها السلطة ، يمينا او يسارا ، ويبدو ان نجاح الاسلاميين في تركيا قد اعطى الاسلاميين المصريين جرعة جديدة تجعلهم مقبولين حتى من الغرب ، مما يجعل ورقة التخويف من نفوذهم ورقة خاسرة على المدى البعيد ، والقوى القومية واليسارية غير الانتهازية ايضا لا تجد في النظام الحالي وظله القادم غير تأزيم ما هو مأزوم اصلا ، وعليه لا حل الا بالتغيير الديمقراطي الحقيقي الذي يجعل من تداول السلطة قضية لا يحسمها غير الاقتراع العام والنزيه المستند على دستور وقوانين مفصلة لخدمة الشعب وليس حكامه !

البلاد تعج بالمخدرات والمكيفات ، تعج بالمجهضات ومتنفسات الاحتقان ، الكرة ، رغيف العيش ، والمسلسلات والقنوات الخليعة والمحجبة ، بالبطالة وبالمشاكل الاجتماعية التي تثقل كاهل الاغلبية ،
ورغم كل ذلك فان اهل مصر مع صمود غزة ، انهم لا يطبعون مع عدوهم الذي يريد تحقيق ما عجز عنه بالحرب !
ما جرى في الاسابيع الماضية من تضخيم مخابراتي واعلامي مفتعل لما يسمى بقضية خلية حزب الله يندرج في سياق الاشغال والالهاء ، بتناغم مع التوجه الامريكي الاسرائيلي لتقليم اظفار المقاومة في لبنان وفلسطين ، وفي حرف الانتباه عن المواقف الشائنة للحكومة الاسرائيلية الجديدة ، باتجاه عدو بديل هو ايران ومن يتعامل معها ، ان توقيت هذا التصعيد داخليا يجيء مع حملة مسعورة ضد التحركات العمالية المناوئة للنظام في المحلة الكبرى وايضا كتمهيد لعقد صفقة تبادل مع الاسلاميين وجماعة كفاية ـ اطلاق سراح ايمن نور ـ الموافقة الضمنية على التوريث مقابل فسح مجال اكبر لمشاركاتهم السياسية والحزبية !
سترجع مصر الى مكانتها ودورها حتما ، بعد ان يسترجع شعبها سيادته الداخلية والخارجية !



#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبل حالك ينتظر العراق المكتوب يقرأ من عيون اطفاله !
- موت أحمر !
- الاحتلال واليسارالانتهازي في العراق !
- الم تر كيف فعل اصحاب الفيل والحمار بالعراق والعالم ؟
- الثورات التي تآكل نفسها بنفسها!
- انفلونزا جنون البشر!
- بشتاشان جريمة بلا عقاب !
- عمال بلا معامل !
- ما هي المسألة الاساسية في - الماركسية - ؟
- اوروبا احرقت اليهود وارسلت من تبقى منهم لاحراق الشرق الاوسط ...
- لصوص وكلاب !
- قراءة نقدية لمواقف الحزب الشيوعي العراقي حول موضوعة المناطق ...
- الحوار المتمدن ومستلزماته الضرورية !
- 14 نيسان يوم السباع !
- 9 نيسان يوم مهان !
- السياسيون لا يكذبون في واحد نيسان !
- عزيز محمد سيرة متفردة بالتثبت في الموقع !
- عالم مزدحم بالاسلحة !
- مكرم الطالباني سيرة لا تنقطع في الدفاع عن المباديء الحية !
- وصايا ليست يسوعية !


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جمال محمد تقي - في مصر وصفات جاهزة لمنع الحمل الثوري !