أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل السعدون - أمي التي ماتت من الفرح…! - قصة قصيرة














المزيد.....

أمي التي ماتت من الفرح…! - قصة قصيرة


كامل السعدون

الحوار المتمدن-العدد: 811 - 2004 / 4 / 21 - 04:23
المحور: الادب والفن
    


أنا الوحيد الذي نجا … الآخرين رحلوا بصمت…، إذ مُنِعنا من زفافهم إلى القبر ، بأمر سلطاننا الفاسق …!
أنا الوحيد منّ نجا …وليتني ما نجوت ، إذ إن أمي ، كانت تقتلني في كُل صباحٍ ومساء ، ببكائها وعويلها ، ودعواتها المرعبة ، بأن تعيش حتى ترى اليوم الذي يُعلق فيه… قاتلنا .. على أعمدة الكهرباء …!
ألا ليتني ما نجوت …!
هي أمي ، ولا أستطيع أن أقول لها أفْ … ، وخلف الحيطان يا أحبتي … عيونٌ وآذان … وأنا… أنا أكاد أموت من الرعب ، إذ أتخيلهم يأخذونها…. !
وقد أخذوا قبلها الآلاف ولم يعدن … ولن يعدن …!
…أمي …,آخر من بقي لي ، بعد أن رحل الآخرون …!
وكل صباحٍ …كانت تحلّ " عصّابتها *" … وتبدأ بالعويل …. " ولدان كالبدور … وبنتٌ كفلقة القمر … ولدان كالبدور …وبنتٌ كفلقة القمر …" وتشهق … تشهق حتى ليكاد قلبها أن ينفطر … وترنو إلى السماء وتصرخ " ربي … بجاه نبيك محمد وآل محمد ، لا تعجل بأخذ الأمانة قبل أن تريني فيه اليوم الذي يطيب له خاطري ، ربي …بجاه الزهراء والحوراء …وشهيد كربلاء . أراه طريداً ذليلاً مهاناً تلاحقه الصبيان … وترميه النسوان بالحجارة وصفائح القمامة … !
ولدان كالبدور … وبنتٌ كفلقة القمر …!
وكبرت أمي … شاخت… تجاوزت الثمانين بخمسٍْ….ولم تكف عن الدعاء والعويل والانتظار …!
شاخ فيها كل شيء إلا صوتها … إذ ظل فتياً متوهجاً متقداً وهو يتضرع ويدعو ويبتهل …!
ولدان كالبدور و….!
شاخت أمي … وشخت أنا باكراً وشاخ الوطن وهو لما يزل فتياً في ألفه السابع و…لم تشخ نظرةٌ غريبةٌ ذات دفقٍ ساخن يحمل أكثر من معنى … حلم… توتر… رجاء.. و….انتظار …!
رباه … ماذا تنتظر أمي …؟
ماذا تنتظر …؟
حين قُتل ولداه …. زغردت أمي … خلعت السواد الذي ارتدته أكثر من عشرون عاماً … وزغردت … فتحت صرّتها المعقودة منذ عشرات السنين وأخرجت كل ما تملك من دراهم متبقيةٍ من زمنٍ عتيق …!
- ماما … أذهب وأشتري حلوى وأجمع كل أطفال الجيران… هيا …!
واشتريت لها الحلوى … حلوى كثيرة …( بنقودي طبعاً لا نقودها …فنقودها لم تعد نافذةٌ في السوق …) …!
وجمعت لها كل ما تيسر لي جمعه من أطفال الجيران …!
رأيتها وهي تقهقه وتقبل الرؤوس الصغيرة والأيادي المتسخة لصبية ( حي الهادي ) وتدس الحلوى في الأكف والجيوب …وهي تخص كل صبيٍ وصبية بهذا التوضيح :
- وليدي خُذ … هذا نذر لوجه الله باسم وداد وعباس ويوسف …!
- بنيتي هذا نذر لوجه الله باسم …..!
ولم ينطفئ وهج الانتظار من عين أمي … ولم تمت … رغم إنها بالكاد تفتح عينيها وفمها لتبتسم وتبسمل وتأكل و…. تنتظر …!
حين سحبوه من الحفرة ذليلاً مهاناً أشعث الشعر ، كثّ اللحية … قذراً حد الغثيان …!
انفجرت أمي بضحكٍ هستيريٍ لم أعهده فيها من قبل …!
ضحكت أمي … ضحكت أخيراً وأنا الذي لم أرها تضحك منذ ما يفوق الربع قرن …!
ضحكت ورفعت عيناها إلى السماء شاكرةٍ ثم عادت للضحك حتى …ماتت…!
***


• العصّابه ( بتشديد الصاد ) هي قماشٌ لتغطية الرأس يعقد بقوةٍ حول الجبهة ، تستعمله النسوة في الريف في جنوب العراق .
كتبت في الثالث عشر من ديسمبر الخالد2004



#كامل_السعدون (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آية الله منتظري … إنك والله لآية صدقٍ شجاعة…!
- رحل الرنتيسي فلمن تسلّم الراية يا فتى …!
- خطوط المرجعية الحمراء … والخضراء …!
- هنيئاً لأم المآذن ثمن ما لعبة السحل والحرق التي أجترحها الغل ...
- معركة الإيرانيين الأخيرة في العراق…!
- تعقيب على نحيب ….!
- النحيب عند بقايا الكرسي المتحرك للحبيب …!!
- الحفريين
- مرحى للدبابات السورية التي هبت على عجلٍ لقمع الأكراد …!
- ويوشك العام الأول من التحرير أن يأفل…!
- وليلةٌ أخرى من ليالي الفأر في جحره - قصة قصيرة
- ولِم لا يكون الأشقاء في سوريا وإيران هم الفاعلون …!
- النصوص …. النصوص … حاضنة الإرهاب وراعيته …!
- الكائن الإنساني إذ يتجاوز الحدود الزائفة لحجمه الفسيولوجي وا ...
- الإسلام …هذا الدينُ اللعنة ….!
- هذا الذي كان حبيس مستنقعه العفنْ …!!
- شاعرنا الكبير سعدي يوسف … ما الذي يريده بالضبط …؟؟
- هل أدلكم على حاكمٌ ….لا يظلم عنده أحد …!!
- حكايةٌ عن الفأر لم تحكى من قبل ..! قصة ليست للأطفال
- لا لاستهداف قوى الخير من قبل سكنة الجحور…!


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل السعدون - أمي التي ماتت من الفرح…! - قصة قصيرة