|
الحفريين
كامل السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 782 - 2004 / 3 / 23 - 06:49
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة بعد أن حمد الله وأثنى عليه ، وذكر الرسول فصلى عليه ، تطرق الشيخ الجليل في خطبته إلى حدث الساعة ، حادثة إلقاء القبض على الرجل المؤمن التقي في مخبأه ، في حفرةٍ قُدسية …! أعتدل الرجل المهيب في وقفته وقال بصوتٍ كالرعد " خسئوا … إذ قالوا أنهم تمكنوا منه ( قُدس سرّه الشريف ) ، خسئوا …أعداء الله الكفرة المارقين … هي فريةٌ يا أحبائي في الله وكذبة … فالشريف الهاشمي اليعربي ، أشفّ وأسمى من أن تراه عينُ بشرٍ إلا المؤمنين به وبرسالته … أحبائه ومريديه …أكيد أنهم رأوا شبحه في الحفرة ، لفرط خوفهم منه ( قدس سرّه ) … أو شُبهَ لهم …لعنهم الله وأخزاهم …ونحن …( وأرتفع صوت الشيخ الجليل مزمجراً ) … نحن …نقولها لهم ولشياطينهم والأذلاء من اتباعهم ومريديهم في هذا البلد الطاهر بأنفاس سيدنا وحبيبنا ( أبا الشبلين الشهدين السعيدين ) ، نقول لهم …بل خسأتم …لم تروه ولن تروه …وما أمسكتم به ، فأسرار الرحمن لا ترى بالعين المجردة ، ولا تمسك باليد الفاسدة ( غفرانك ربي عما يدعون هؤلاء السفهاء )…! يا أحبائي … يا أحبة الله ورسوله والصديقّ الطاهر التقي أبا الشبلين ( قدس سرّه ) ، لا ترهبنكم قوتهم …ولا تخدعنكم أكاذيبهم . تمسكوا بأيمانكم بسيدنا ، ليعود لهذا البلد ميزان العدل الذي أختل ، بعد غيبته المباركة الميمونة …! اطمئنوا إلى أن غيابه سرّ من أسرار بعثته المباركة ، وهو عائدٌ لا شك إلينا ، نحن مريديه الصادقين الواثقين …! أيها الأحباب … من شاء منكم أن يستزيد في فهم أسرار الغياب ، فإليه بذاك الباب ، فيدخل لنجالسه ونستمع إليه ونسمعه ، وهناك سنتدارس شؤون وشجون جماعتنا أتباع أبا الشبلين ، والآن … قوموا إلى صلاتكم يرحمكم ويرحمنا الله …!
***
حين أجتمع الخلّص من الأتباع في غرفة الدرس ، بادرهم الشيخ الجليل ( إمامهم) وهو يمسد لحيته المرسلة باسترخاء على صدره الشريف : يا أحباب أبا الشبلين ( وتوقف ملياً ليستجمع أفكاره ثم تابع ) أضن …( وأستدرك ) كفانا الله وإياكم سوء الضن …أضن أنه ما عاد من اللائق أن نتسمى بتلك التسمية بعد غياب ولينا وحبيبنا ، فاقترحوا ما ترتئوه من الأسماء الدالّة على الحال والمآل …! سرت في الجمع همهمةٌ ، وبدت على الوجوه حيرةٌ ووجوم ، وتوالت المقترحات ، وكثر الزعيق والنهيق ، يقطعه بين الفينة والأخرى بكاءٌ من هنا ونحيبٌ من هناك ، وبعد جهدٍ جهيدٍ ، اتفقوا على الاسم اللائق المعبرّ : - فلنتسمى بالحفريين يا سيدي ، إجلالاً بالمكان المقدس الذي …( أعني ) … شبه لهم أنه كان يقيم فيه في أواخر أيامه على هذه الأرض الجاحدة …! تعالى البكاء والنحيب مجدداً …! وبكى الشيخ ذاته ، ثم علقّ على الرجل الذي أقترح الاسم : - لا يا بني … لا تقل هذا ، فالأرض ما كانت جاحدةٌ ، وسيدنا ليس غاضبٌ عليها ، فهي حبيبته التي كان بها وبأهلها ، حفيٌ رؤوم لا… لا تقل هذا … بحق سيدنا أبا الشبلين …! وبعد برهةٍ من الأخذ والردْ ، أجمعوا على أن أنسب الأسماء لفرقتهم هو أسم ( الحفريين ) وشكلوا في ذات الساعة المباركة تلك ، لجنةٌ مركزية للدعوة والتنظيم والجهاد …! وقد دار حول مفهوم الجهاد لغطٌ كبيرْ ، فالبعض أعلن أن لا يحق الجهاد في غيبة الحفري الأكبر (رض ) ، أما آخرون فقالوا أن الجهاد هو وحده من يعجل بالفرج ويعيد الحفري القائد إلى عرش الولاية ، وأخيراً تركوا المسألة لاجتهادات المجتهدين ، فمن شاء أن يجاهد بالسيف ، فله السيف والمال والدعم ، ومن شاء الاكتفاء بالدعوة بأضعف الأيمان ، فلن تبخل عليه الفرقة ولجنتها المركزية بالدعم المعنوي ، من صحافةٍ وطباعةٍ و…و…و…الخ . وطار صيت فرقة ( الحفريين ) ، بعد أن أفتى جمعٌ من خيرة علماء الأمة من رجالات الوعظ بأن تلك الفرقة هي من جاء في الصحاح بأنها الفرقة الناجية من النار ، وإن كل ما عداها من الفرق باطلٌ لا مكان له في جنة الرّب …! أنضم للفرقة جمعٌ من مؤمنو بعض الأصقاع من فقراء الأمة وأمم العالم الأخرى ، فقد أجتمع تحت لواء الحفرة الشيشاني والدمشقي والعاملي والخراساني و…و…و…الخ . ولكن … ( حسرتي على الفرقة الحفرية ) فقد انطفأ ألقها بعد حين ، فقد أغلق الأعداء الحفرة المقدسة ولاحقوا الأنصار في الأمصار ، فسقط من سقط منهم في المعارك الجليلة المهيبة مع أطفال الحضانة وعمال النظافة وشرطة المرور وحفارو القبور ، وفرّ منهم من فرّ إلى أمصارٍ أخرى مؤمنة بالدعوة الحفرية ، وهناك قيض لهم أن يحفروا العديد والعديد من الحفر ليتعبدوا ويستذكروا الحفري الأول ( قدس سرّه الشريف ) …!
#كامل_السعدون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرحى للدبابات السورية التي هبت على عجلٍ لقمع الأكراد …!
-
ويوشك العام الأول من التحرير أن يأفل…!
-
وليلةٌ أخرى من ليالي الفأر في جحره - قصة قصيرة
-
ولِم لا يكون الأشقاء في سوريا وإيران هم الفاعلون …!
-
النصوص …. النصوص … حاضنة الإرهاب وراعيته …!
-
الكائن الإنساني إذ يتجاوز الحدود الزائفة لحجمه الفسيولوجي وا
...
-
الإسلام …هذا الدينُ اللعنة ….!
-
هذا الذي كان حبيس مستنقعه العفنْ …!!
-
شاعرنا الكبير سعدي يوسف … ما الذي يريده بالضبط …؟؟
-
هل أدلكم على حاكمٌ ….لا يظلم عنده أحد …!!
-
حكايةٌ عن الفأر لم تحكى من قبل ..! قصة ليست للأطفال
-
لا لاستهداف قوى الخير من قبل سكنة الجحور…!
-
مظاهرات السلام وقبح خطابنا العنصري
-
حشرجات الرنتيسي البائسة …. لمن يسوقها …؟
-
ولليسار العراقي رأيٌ… يثير العجب …!
-
رحيل حشود الأرواح
-
الذي شهد المجزرة
-
خطبة جمعة على التايمز
-
لا تنسوا غداً أن تشكروا…بن لادن
-
بعد تحرير العراق …لن تكون خيارات الفاشست هي ذاتها خياراتنا
المزيد.....
-
“مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال
...
-
اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك
...
-
أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك.. تردد قناة توم وج
...
-
بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا
...
-
الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب
...
-
تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا
...
-
بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9
...
-
دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة
...
-
اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم
...
-
-المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|