الشعب العراقي رغم الكوارث والافساداحبط امكانية تحويله منطلقا للهيمنة الامريكية على العالم

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 2649 - 2009 / 5 / 17 - 08:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تتبارى وسائل الاعلام ومراكز البحوث والاحصائيات العالمية والدولية، على تسجيل درجة ما وصل اليه العراق من تخلف وفساد وصلت حد اعتباره بين الدولة الاولى والثالثة بالفساد والتخلف. وتتبارى وسائل الاعلام العالمية والعربية في عرض افضع اشكال ذلك الاجرام والافساد ولاسيما في مجال استغلال المرأة ، دون ذكر الاسباب او تشويهها ويتجاهلون ما تحمله الشعب العراقي عموما ونسائه واطفاله خصوصا من كوارث اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية تنوء تحت ثقلها الجبال، خلال ما يقرب من نصف قرن على يد النظام الدكتاتوري والاحتلال الامريكي. واعتبر العراق بعد اسقاط النظام الدكتاتوري المنطلق الرئيس لتنفيذ عصر الهيمنة الامريكية على العالم، المخطط له ان يمر عبر ايران للوصول الى بحر قزوين لاستكمال الهيمنة على 90% من نفط العالم، المصدر الرئيس للطاقة . وتصميم الادارة الامريكية السابقة لجعل تجربتها في تروض الشعب العراقي مثالا لهيمنتها على شعوب المنطقة. يتميز بسرعة التنفيذ التي يقتضيها العصر بخلاف التجربة المصرية التي تطلب وفقها ترويض الشعب المصري عشرات السنين من حروب استنزاف واختراقات امنية وعسكرية ومن ثم تغلغل اقتصادي وفساد اجتماعي ، واستحواذ على مصادر القرار السياسي وصولا الى هيمنة شاملة بل وتحويل حكومتها لاداة لترويض الشعوب العربية الاخرى .
فقد عمدت قوات الاحتلال منذ اليوم الاول ووفقا لمخطط معد سابقا على تهديم كل البني التحتية للدولة من اجهزة واقامة ادارة امريكية مباشرة وقوات امن مستحدثة ومليشيات طائفية. ومن ثم عملية سياسية مبرمجة تدار بالرمونت كونترول بيد المندوب السامي، السفير الامريكي . وتحطيم البني الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحديثة والتراثية، عدى النفط الذي فرضت هيمنتها عليه . واستكملت ما حققه النظام الدكتاتوري من تهديم للاقتصاد الوطني ولاسيما الصناعي فهدمت المؤسسات الصناعية والمنشآت الزراعية. ونهبت المعامل وتوقف عن العمل معظم ما تبقى منها واغرقت الاسواق بالبضائع الاجنبية بفتح الحدود. واطلقت حملة ارهابية منظمة مروعة شملت العراق واقترفت من الجرائم ما تقشعر له الابدان وتدينه كل الاعراف والقوانين منذ الازل وحتى اليوم: ابادة جماعية بتفجير التجمعات الجماهيرية واشكال القتل الهمجية ذبح وتمثيل بالجثث وتقطيع اجساد الاطفال واغتصاب النساء وقتلهن ، وتفجير التجمعات الدينية وتهديم مراكزها باسلوب يثير التمييز الطائفي و تمزيق الوحدة الوطنية املا باثارة حرب اهلية ، تنفذها منظمات ارهابية عربية واسرائيلية ، ومليشيات طائفية عراقية . ونفذت ولا زالت خطة افساد جمعت كل ما في ترسانتها من وسائل مجربة في البلدان التابعة الاخرى مستغلة البطالة الشاملة والفقر المستشري تنفذها مختلف فصائل الجريمة المنظمة المدربة والمحمية، عالمية وعربية ومن ثم عراقية . فانتشرت فرق قتل العلماء وذوي الاختصاص لتجريد العراق من قاعدته العلمية والثقافية، وفرق اختطاف الافراد وطلب فدية باهضة وفرق اختطاف النساء واغتصابهن والتمثيل باجسادهن و فرق استغلال الفقر وتشرد الفتيات فضلا عن ثلاثة ملايين ارملة يتحملن مسؤولية تربية خمسة ملايين طفل يتيم مما خلفته حروب النظام الدكتاتوري والاحتلال، في تجارة الجنس وتنظيم تجارة البغاء. وتصدير الفتيات والنسوة لاسواق البغاء وخاصة في دول الخليج . وفرق تجارة الاطفال التي تستغل ملايين الاطفال اليتامى المشردين في الشوارع للاتجار بهم بالجملة كبيعهم وتصديرهم او الاتجار باعضائهم . وتعمل على الهيمنة على كل وسائل الاعلام وتوجيهها نحو تضليل الراي العام واشغاله بمختلف القضايا بعيدا عن النضال من اجل حقوقه في التحرر والعيش الكريم واخماد كل صوت معارض وكل تنظيم او حزب وطني فعال من خلال القتل او الاختراق او الاحتواء فقد قتل المئات من الصحفيين والاف المناضلين الوطنيين وروضت جميع الاحزاب السياسية المساهمة في العملية السياسية ومعظم الجمعيات والمنظمات الديموقراطية والمهنية .
واذ تستثير الاوضاع العامة في العراق الراي العام العالمي ولاسيما اوضاع النساء والاطفال وتتصاعد ادانة المنظمات الجماهيرية العالمية وحتى المنظمات الدولية لكل ما يقترف من جرائم ، اضطر الناطق باسم الحكومة العراقية الاعتراف بدون خجل بكل ما تعانيه الجماهير ولاسيما النساء والاطفال وبعجزها عن وضع حد لها. واستمرت في اشغال الراي العام بمختلف الندوات والمؤتمرات . كما اجبر البرلمانيون بما فيهم البرلمانيات على طرح ومناقشة هذه المشاكل وعرض بعض الحلول السطحية بين فترة واخرى دون متابعة تنفيذها بل ونسيانها في غمرة صراعاتهم من اجل تحقيق اقصى المكاسب من خلال تمريرهم مخططات الاحتلال .
نعم استطاعت امريكا بكل جبروتها العسكري وتفوقها العلمي والتكنولوجي وخبراتها الفائقة ومن خلال قوات احتلالها وادواتها العراقية والعالمية بما فيها العربية والاسرائيلية من ارجاع العراق قرون الى الوراء وافساد الحياة الاجتماعية ، وتحميل المرأة والطفل اقسى الجرائم والمعاناة خلال ست سنوات وما كانت تنوي تعميمه على سائر البلدان العربية التابعة باسرع من ذلك وتسخير انظمتها الرجعية ووسائل اعلامها لتضليل شعوبها واهانة مقاومة الشعب العراقي لقوات الاحتلال والقاء تبعية كل جرائمهاعلى عاتقه، ولكنها لم تستطع ترويض الشعب العراقي. فقد احبطت مقاومته على جميع الصعد وبمختلف الوسائل والاساليب كل مخططاتها للهيمنة على العالم بل وساهمت بتعاظم تكاليفها المادية والبشرية في تفاقم اخطر ازمة اقتصادية واخلاقية تواجهها . في حين تتطور من خلال مختلف اشكال الكفاح المنظمات السياسية والديموقراطية والمهنية ولا سيما النقابات العمالية والمنظمات النسوية وتتصاعد نضالاتها بالربط بين اهدافها الانية من حقوق طبقية واهداف اجتماعية ولاسيما تحرير المرأة وانقاذ الطفولة بالنضال من اجل تحرير الوطن من الاحتلال وبناء العراق الديموقراطي المزدهر بالمراة الحرة والطفولة السعيدة
سعاد خيري في 17/5/2009

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل