|
خذوا الحكمة من جلجامش
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 2644 - 2009 / 5 / 12 - 09:14
المحور:
كتابات ساخرة
ما الذي أراد أن يوصله جدنا جلجامش لأحفاده السياسيين العراقيين ؟.اليك الحكمة ، ولكن بعد أن نوجز لك أحداث أروع منجز ابداعي في تاريخ الحضارات البشرية . كان جلجامش في حداثته حاكما ظالما وفاسقا ، ضجّ اهل اوروك ( الوركاء ) من افعاله فشكوا أمره للآلهة لتصلح حاله أو تجد مخرجا يخلصّهم من طغيانه . تخلق الآلهة رجلا وحشيا كثيف الشعر يعيش في البريّة ، يأكل الأعشاب ويشرب الماء مع الحيوانات . كان أنكيدو نظير جلجامش بالقوة والشجاعة وأشياء أخرى ، باستثناء أن الأول أبن مدينة( حضارة ) والثاني أبن بريّة. يأمر جلجامش بغيا لتغري أنكيدو . تنجح في ترويضه ، وتحكي له عن قوة جلجامش وظلمه فيقرر أن يتحداه في مصارعة ليجبره على ترك عاداته السيئة . يتصارع الاثنان بشراسة ، يغلبه جلجامش بالنهاية بعد أن كادا يكونا متعادلين ..ويصبحان صديقين حميمين . كان جلجامش يريد الخلود فيبدأ أولى مغامراته. يصطحب انكيدو لقطع أشجار غابة الأرز الذي يحتّم عليه قتل حارسها الضخم ( خومبابا ) . وبعد صراع عنيف ينجحان في قتله فيعود جلجامش يملؤه الزهو والشعور بالعظمة . تحاول عشتار خطب ودّه بهدف الزواج فيرفض . تشكوه الى الالهة فتقرر قتل صديقه الحميم .. انكيدو . يحزن شديدا عليه ، ولا يصدّق حقيقة موته . يرفض دفنه ..تتعفن الجثة وتخرج الديدان من انفه .يقوم هو بدفنه ..وينطلق شاردا في البريّة معتقدا أن (الحضارة ) ، هي التي قتلته . يرتدي جلود الحيوانات ويعيش مسكونا برعب الخوف من الموت . يلتقي بآلهة النبيذ ( سيدوري ) فتنصحه أن يستمتع بما يتبقى له من الحياة ، يشبع بطنه بأحسن المأكولات ، ويلبس أحسن الثياب ، ويحاول أن يكون سعيدا بما يملك بدل أن يقضي حياته الباقية في البحث عن الخلود. يصر على الوصول الى ( اوتنابشتم ) لمعرفة سر الخلود . يصل اليه فيعطيه فرصة ليصبح خالدا . .اذا استطاع أن يبقى يقظانا سبعة أيام وتسع ليال ، فيفشل . تدلّه زوجة بشتم على عشب سحري تحت البحر يرجعه شبابا . يغوص ..يحصل عليه . في عودته الى أوروك تسرقه منه أفعى وتأكله .يجلس في الصحراء ويرى السور العظيم الذي بناه حول أوروك الجميلة ، فيدرك لحظتها أن الذي يخلد الأنسان هو اعماله العظيمة . ما الذي حوّل جلجامش من حاكم ظالم فاسق الى حاكم عادل نزيه وأمين على أمور رعيته ؟ تلك حكمة . وما الذي علّمه أن القوة ليس في الاعتداء على الناس انما في كسب محبتهم؟ تلك حكمة . وما الذي جعله يدرك أن ثروة الانسان في عمله وليس فيما يكنزه من ذهب وفضة ؟ وهذه حكمة . ترى كم من السياسيين العراقيين يدركون أنهم فانون فيكفوا عن جمع المال ، ويتوقف الفاسدون منهم عن نهب مال الرعية ؟ وكم من رجال السلطة يعاملون الناس بالعدل ، على الأقل في الوظائف دع عنك السفراء والمستشارين والوكلاء والمدراء العامين؟ وكم من البرلمانيين الذين أخذوا بنصيحة ( سيدوري) وصارت وجوههم ريانة من أكل القوزي والمسكوف ، يتذكرون أن من أوصلهم الى اللقمة الدسمة ما زالوا يأكلون الخبز والكرّاث؟. وخاتمتها : كم من السياسيين الحاليين اذا ماتوا – بعد عمر طويل – سيحزن عليهم العراقيون حزن أهل أوروك على جلجامش؟!.
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دلالات اللون في اعلام دول العالم
-
في سيكولجيا المجتمع العراقي بعد نيسان 2003
-
في سيكولوجيا الحزب الشيوعي العراقي
-
الصحافة : مهنة المتاعب ..والنفاق ايضا !
-
علي الوردي ..وازدواج الشخصية العراقية
-
كلنا مصابون بحول في العقل !
-
ضمير..سز
-
عبود ..والشطره ..وحال ما تغير
-
في سيكولوجيا الناخب العراقي- قراءة نفسية سياسية -
-
اسطورة أوباما ..هل ستنتهي بانتصار الوطن ام بموت البطل ؟!
-
ثقافتا الفرد والدور ..واشكاليه السلوك
-
في سيكولوجيا تصرّف منتظر الزيدي - ثقافة التعليق
-
في سيكولوجيا تصّرف منتظر الزيدي
-
تهنئة ,,وملاحظات واقتراح
-
أمسية ..في شارع أبي نؤاس
-
مخطوطة للدكتور علي الوردي معروضة للبيع
-
تنبؤ سيكولوجي بفوز أوباما
-
الارهابيون بعيون أكاديمية - ايضاح ..واقتراح-
-
الارهابيون .. بعيون أكاديمية
-
سيكولجيا الصراع في المجتمع العراقي
المزيد.....
-
طرد مشاركين من ملتقى تجاري في أوديسا بعد أن طالبوا المحاضر ب
...
-
المخرجة والكاتبة دوروثي مريم كيلو تروي رحلة بحثها عن جذورها
...
-
أولاد رزق 3 وعصابة الماكس.. شوف أقوى أفلام عيد الأضحى 2024 خ
...
-
الرِحلَةُ الأخيرَة - الشاعر محسن مراد الحسناوي
-
كتب الشاعر العراق الكبير - محسن مراد : الرِحلَةُ الأخيرَة
-
6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
-
فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
-
قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
-
أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال
...
-
بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|