عبدالمنعم الاعسم
الحوار المتمدن-العدد: 806 - 2004 / 4 / 16 - 08:01
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
جملة مفيدة
كما في افلام الرعب والجريمة.. وما يجري في مواخير عصابات منفلتة من
المهربين وقطاع الطرق، وقف ملثمون مسلحون على عرض الشاشة الملونة، وهم
يمسكون
برأس مهندس اجنبي القت به الظروف الى احد مرافق العمل في العرق.. يرطنون
بكلمات
تتهجى العربية بصعوبة عن شروط مكتوبة، ومطالب غير مرتبة مقدمة لاطلاق سراح
الرجل المغلوب على امره، ومن خلف المشهد يأتي صوت المذيع المبحوح الذي
يخوض في
الواقعة المحرمة دوليا وانسانيا واعلاميا ليلقي عليها شيئا من نعوت
البطولة،
ويبشر فيها بقرب النصر ودحر الاعداء، فيما يمرغ الملثمون والمذيع معا قضية
انهاء احتلال العراق واستعادة سيادته بالوحل، وتأخذ اللحظة التاريخية
المتسارعة
صورة تذكارية مع المشهد المخزي الذي قد لا يتكرر إلا نادرا.
من هذا المشهد الدرامي الذي يتكون من عناصر الفاعل والضحية والشهود، بدأت
الجماعات الارهابية في العراق، تجربة اختطاف الاجانب والاحتفاظ بهم رهائن،
ثم
التفاوض على إطلاقهم مقابل شروط، من حيث انتهت هذه التجربة العقيمة على
يد
خلايا ايرانية وفلسطينية ولبنانية والمانية وجزائرية وفلبينية وشيشانية
متطرفة
الى مزبلة التاريخ بوصفها عارا على اصحابها، ووبالا على الشعوب التي
ارتكبت تلك
الاعمال المشينة باسمها، بل واصبحت لعنة أبدية تطارد تلك العصابات التي
سرعان
ما انشقت على نفسها، وانغمرت في سلسلة حروب وتصفيات داخلية، وفاضت من
بواطنها
اسرار تزكم الانوف وتجرح الحياء وتوجب المحاكمة باقسى العقوبات، في حين
دخلت(
مع عمليات اختطاف الطائرات والبواخر وحجز وتفخيخ البنايات) في ثقافة
العصر
كفضلة من بقايا اخلاق الغابة ومثال للاعمال الشريرة للهمج، على الرغم مما
تحمله
من شعارات تتصل بحقوق وحريات ومظالم.
في استذكارات كتبها فرنسي شارك في عمليات اختطاف رهائن في الفلبين
اطلق على
نفسه اسم (ابراهيم) ونشرتها (اللوموند) العام الماضي يقول( لا احد محددا
اغواني
في الانخراط في عمليات حجز رهائن، لكن شيئا من شعور الكراهية للقوانين مع
شعور
بالدونية إزاء الاجانب أرشداني الى الوصول الى قرار لم اكن اعرف حجم
خطورته
وعقم نتائجه.. لقد ايقنت ان قضايا الحرية لم تكسب من أي عملية اختطاف
رهائن، بل
بالعكس..انني انظر الان بازدراء الى نفسي ودوري".
وفي فيلم عن حادث اختطاف طائرة، أدخل فيه المخرج نصوصا تسجيلية،كان
الخاطف
الاصولي يتأمل وجه الضحية بشئ من الشفقة، غير انه يهرب عن هذا الشعور
بحكمة
الواجب، فيما كان عليه اللجوء الى حكمة الحق التي تفيد في موضعين:الاول ان
التنكيل بالبرئ، من أي جنس كان، يضاهي قتل النفس البريئة، والثاني، ان
القانون
الدولي يحرم التساهل مع مختطفي الرهائن ويمنع الاستجابة لشروطهم أو الرحمة
بهم.
كما ان الحكمة، كما يقول حسن البنا:( ضالة المؤمن أنى وجدها، في هذا
العصر)
هذا إذا كان الملثمون الذين رأيناهم امس الاول على الشاشات الملونة يعرفون
في
أي عصر نحن .
ومضة:
"العاقل لا يفتح على نفسه باب شر يمكنه إغلاقه بشئ من الحكمة"
الشيخ القرضاوي
#عبدالمنعم_الاعسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟