أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - فاطمه قاسم - هجرة الشباب بحثا جماعياعن حياة،أم طردا من الحياة















المزيد.....

هجرة الشباب بحثا جماعياعن حياة،أم طردا من الحياة


فاطمه قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2628 - 2009 / 4 / 26 - 10:10
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    



لا أتوقف كثيرا عند الإحصائيات التي تتحدث عن أعداد الشباب الفلسطينيين الراغبين في الهجرة إلى العالم البعيد,وخاصة إلى أوروبا,واستراليا,وكندا,والولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك بسبب أن الهجرة,هجرة الشباب هي ظاهرة عالمية,وكل يوم نرى ونسمع عن قوارب الموت التي تغرق بركابها من المهاجرين في مياه المحيط,أو المعسكرات التي تقام لهؤلاء المهاجرين لاستيعابهم ريثما يتم إعادتهم من حيث أتوا،أو القوانين والتشريعات واتفاقات التعاون المشترك التي تحاول تنظيم هذه الظاهرة أو الحد منها أو وقفها إن أمكن ذلك ، وبطبيعة الحال,فإن الأغلبية الساحقة من المهاجرين من أطراف العالم المختلفة هم من الشباب ،وهكذا فإن الشباب الفلسطيني ليسوا استثناء.
ولكن,يجب الاعتراف أن الشباب الفلسطيني له خصوصية,وخصوصية مهمة جدا,حيث المفارقة ستكون حادة,ومؤلمة جدا,بين طرفي الصراع الطويل المدى ,الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين,بأن ترى خطط إسرائيلية ناجحة لزيادة أعداد المهاجرين اليهود من الخارج من دول العالم ,حيث أوضاعهم هناك ممتازة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي ,إلى إسرائيل التي يظل الامن المفقود,الأمن المهدد ,الامن حتى المبالغ فيه إسرائيليا ,هو ابرز العناوين ,بينما هجرة الشباب الفلسطيني من الداخل,من القدس والضفة والقطاع إلى الخارج ,مع أننا نعاني أشد المعاناة من التهجير القسري الذي جرى لنا على يد أعدائنا منذ العام 1948,وأحدث ظاهرة اللاجئين الفلسطينيين التي هي ابرز ملامح القضية الفلسطينية ,فكيف لمن فرضت عليه الهجرة واللجوء بقوة السلاح وتحت تهديد الموت ,أن يلجا هو طواعية إلى الهجرة ؟
وتزداد المفارقة:
حيث نعلم انه في الستينيات والسبعينيات ,في بدايات الاحتلال الإسرائيلي,وفي زمن الثورة الفلسطينية وازدهارها الكبير ,كان الاتجاه السائد هو العودة الفلسطينية وليس الهجرة واللجوء,وكانت العودة تتم بأشكال عديدة,أوسعها إلى الوطن المعنوي ,إلى منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها العديدة,التي استقطبت عشرات الآلاف من فلسطيني الشتات في صفوفها ,بمن فيهم آلاف من الشباب كانوا في مهاجر تقدم لهم حياة كريمة وسهلة ,ولكن احتياجهم إلى الوطنية الفلسطينية كان يدفعهم إلى ترك مواقع عمل مريحة ومربحة للانضمام إلى صفوف الثورة .
كما أن الفلسطينيين من القدس والضفة والقطاع في تلك الفترة,والذين كانوا يعملون بمئات الآلاف في الخارج ,في دول الخليج على وجه الخصوص,كانوا يحرصون أشد الحرص على الاحتفاظ بهوياتهم وتصاريح العودة التي تصدرها الإدارة المدنية للاحتلال الإسرائيلي,لكي يتمكنوا من العودة إلى الأرض الفلسطينية,وكان هناك حرص من قبل آلاف النساء أن يضعن مواليدهن في القدس والضفة والقطاع حتى لا يحرم أولئك المواليد من بطاقات الإقامة في ارض الوطن ,بل إن هناك ظاهرة لم الشمل التي انتشرت رغم تكاليفها المالية الباهظة ,وتعقيداتها الأمنية الشديدة من الجانب الإسرائيلي,ولكن كان هناك إجماع وطني على الاستفادة من إمكانيات لم الشمل ,وظلت هذه الوتيرة الجماعية عالية على صعيد العودة للوطن وليس الهجرة منه إلى وقت إقامة السلطة الفلسطينية عام 1994 , التي كان من بين ابرز انجازاتها الكبرى,تحقيق حلم العودة إلى الضفة والقطاع لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين كانوا في الشتات .
ولان لماذا نعيش في الاتجاه المعاكس ؟
لماذا يكاد يكون حلم كل شاب فلسطيني أن يهاجر؟
ولماذا محاولات الهجرة من قبل الشباب يصل في بعض الأحيان إلى حد المخاطرة الحقيقية؟
بداية:
لا نستطيع أن نجيب عن هذه الأسئلة عن طريق الإنكار ,لان من ينكرون حجم هذه الظاهرة ,ظاهرة الهجرة,وحلم الهجرة,إنما يخدعون أنفسهم قبل غيرهم,وربما هم يحاولون الهروب من المسئولية ولكن عن طريق الإنكار الذي لا يصدقه أحد.
كباحثة مختصة في علم النفس الاجتماعي والسياسي,فإنني اعتقد أن هناك أسباب كثيرة لهجرة الشباب الفلسطيني يشتركون فيها مع غيرهم من الشباب في دول العالم الثالث ,مثل أسباب البطالة ,والفقر وحلم العالم الجديد الناتج عن تصورات مبالغ فيها عن سهولة الحياة في الدول الأكثر تطورا وهي تطورات صنعتها ثورة الاتصالات في العقود السنوات ,وإغراءات يبثها بعض المتاجرين بعمليات الهجرة الذين يعدون الشباب بعالم أفضل,وقد ينجح بعضهم,ولكن الكثير منهم يفشلون,أو يتحولون لطعام لسمك القرش في مياه المحيط .
ولكن هناك أسباب محض خاصة عند الشباب الفلسطيني ,يقف على رأسها ضيق الحياة,ضيق البيئة الحياتية اليومية بسبب الاحتلال ,وحواجز الاحتلال ونقاط التفتيش ,والحصار الخانق القاتل الذي يفرضه الاحتلال,والتراجع التدريجي في مستوى الحياة اليومية,بحيث تتحول تفاصيل الحياة اليومية إلى عبء ثقيل,حيث الشباب في القدس يتم تضييق الخناق عليهم يوما بعد يوم,والشباب في الضفة ينعزلون في مناطق محاطة بالجدران,والحواجز الثابتة والطيارة,أما في غزة,فحدث ولا حرج,لأن القطاع الصغير المساحة,المزدحم بسكانه الذين لا يتسع لهم ,يضيق أكثر في زمن الحصار ,وفي زمن الحروب,والاجتياحات ,والملاحقات,ومنع السفر....الخ.
يوازي ذلك كله من أفعال الاحتلال الإسرائيلي,فعل من المجتمع الفلسطيني بما فيه السلطات الفلسطينية القائمة,حيث الشباب يتقلص دورهم السياسي لان مساحة الفعل محدودة تبعا لقيود الواقع,وحيث قيم الحياة الاجتماعية تتراجع تدريجيا ,وبينما المفترض أن نوسع ونحسن المتاح لنا,نختزل ونقزم على العكس من ذلك ,بمضاعفة القهر واليأس تحت ضغط شعارات كلامية غير مقنعة ,بحيث تكون الحصيلة النفسية اليومية لكل شاب على حدة,وللشباب كشريحة كبرى ومجتمع قائم بذاته ,أن الحياة على هذا النحو غير ممكنة,وأن الهجرة هي الطريق الوحيد المفتوح أمام الحلم المشروع أو اليائس.
ظاهرة الهجرة هي ظاهرة خطيرة عندما تصل إلى هذا المستوى من الاتساع , حيث تتحول إلى عملية طرد مركزي للشباب الأكثر طموحا ,أي عملية طرد مركزي لعناصر المستقبل ,حيث الشباب هم المستقبل ,وحين يكون حلمهم هناك ,في المدى البعيد,فإن الوطن يتراكم فيه الشعور بالانكفاء والعجز وفقدان المبادرات الحية,الوطن أكبر وأهم ألف مرة من أن يكون حقيبة سفر معدة سلفا وبوابة حدود ومطار,الوطن هو ارض أحلامنا الجميلة المشروعة الآمنة ,هو قاعدة المشاركة ,هو اكتمال ونمو الشخصية الوطنية,وحين نجد الشباب يفقدون المعاني ,ويصبحون يائسين ,ولا يرون أنفسهم في المكان بل خارجه,فيجب أن نقلق كثيرا ,لان الشعب يبني حياته فوق أرضه,حياته بكل أبعادها السياسية والثقافية والاجتماعية,فهناك ,في ارض الهجرة, أنت لا تبني شعبا ولا وطنا ,هناك أنت إنسان مفرد,قد تنجح وقد تفشل ,ولكنك تظل خارج المكان الذي تتراكم فيه الحياة,وتتعمق فيه التجربة الجذور.
الأجندة الوطنية ضاغطة بالبنود الصعبة والثقيلة,ولهذا ربما يجد الباحث مثلي عذرا للسلطات الفلسطينية أنها لا تعطي موضوع هجرة الشباب القدر الكافي من الاهتمام,ولكني أتمنى رغم ذلك كله ,أن ندرك أن هؤلاء الذين يعيشون على حلم الهجرة هم أبناؤنا ,هم أجمل واهم ما نملك ,يجب أن لا نهديهم للمنفى بسهولة ,خاصة وأننا نعاني ونتألم ونشكوا من أننا الشعب الذي فرض على ثلثي أبنائه أن يكونوا لاجئين.



#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمرد القلوب
- أغنيةٌ للحب
- الطبقة العاملة ميراث من الماضي أم حقية متجددة
- حياتنا الاكاديمية بين وفرة الكم وندرة النوع
- يوم الطقل الفلسطيني
- كل عام وأنت لي
- عرفات الحاضر في المؤتمرالسادس
- القمة ودور للأمة
- الطفل بين ردع العقوبة وبناء الشخصية
- المدرسه والبيت قطبي منظومة التربية
- أمي يا أحلى الأسماء وأجمل الينابيع
- العرب تراجع أم وفاق
- الوفاق العربي ضرورة برغم ما حدث
- الكوتة الانتخابية للمراة رشوة ام تعويض
- أحتلال فوق القانون
- ديمقراطية العرب هل هي كرها أم طواعية
- بانوراما الفشل
- النظام الاقليمي هل يستطيع استعادة الدور والقرار؟
- الفضائيات العربية جدلية الوعي ،اتساع المعرفة،خلق للراي العام
- استعادة الدور الفلسطيني


المزيد.....




- ماذا قالت طالبان عن الإطاحة ببشار الأسد.. ورؤيتها لمستقبل سو ...
- هل أمريكا مازالت تعتقد أن هيئة تحرير الشام لها علاقة بداعش؟. ...
- سجناء سوريا.. الفرج يأتي ولو بعد حين
- اشتباكات عنيفة في منبج تسفر عن مصرع 26 مقاتلا في هجوم فصائل ...
- أسلحة سوريا الكيميائية.. قلق أميركي إسرائيلي بعد رحيل الأسد ...
- وفد حماس يغادر القاهرة بعد مباحثات مع مدير المخابرات المصرية ...
- مصادر دبلوماسية: اجتماع طارئ لمجلس الأمن لبحث تطورات سوريا
- نتنياهو يصف سقوط نظام الأسد بـ-الفرصة المهمة- لإسرائيل
- بلينكن: سنراقب عن كثب التطورات في سوريا ونقيّم أقوال وأفعال ...
- أوليانوف: روسيا لا تخون أصدقاءها في المواقف الصعبة


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - فاطمه قاسم - هجرة الشباب بحثا جماعياعن حياة،أم طردا من الحياة