لغز الغاء ترخيص مجلة مصرية !

صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein‏)

الحوار المتمدن-العدد: 2624 - 2009 / 4 / 22 - 09:01
المحور: الصحافة والاعلام
    

كيف ولماذا ؟! ثم كيف ولماذا ؟! يلغي ترخيص مجلة ثقافية عامة بقرار من محكمة وليس من الهيئة العامة الحكومية أو من الوزارة التي تتبعها والتي تعرف لماذا منحت الترخيص ولماذا ومتي تلغي ترخيص مجلة ثقافية . ان تطلب الأمر ؟؟؟؟

لا لا لا .. ما هكذا يصل الحال بقاضي . يصدر حكما بالغاء ترخيص مجلة لمخالفة . نفترض حدوثها – ارتكبتها ادارة المجلة التي ليست ملكا لرئيس التحرير . بل هي ملكية عامة . ويحرم المجتمع ممثلا في جمهور عشاق الشعر والأدب . قراء هذه المجلة . ومعاقبتهم ومعاقبة الثقافة بدلا من معاقبة رئيس التحرير . ان كان حقا هناك ما يستدعي المعاقبة ..!
لا لا لا .. لا نصدق أن القاضي والعدالة ينزل الحال بهما الي ذاك المستوي ...
هل نغلق وزارة الزراعة لان مبيدات مسرطنة دخلت البلاد عن طريقها ؟ ! مثلا – مع الفارق في التشبيه - ام نحاسب المسؤول ؟؟!

هل نغلق هيئة الآثار لان اثار اتضح سرقتها علي يد بعض العاملين ، أم نعاقب المسؤولين اللصوص وتبقي هيئة الآثار لخدمة الآثار ؟
فمن يا تري الذي الغي ترخيص مجلة ابداع . التابعة لوزارة الثقافة . وتسبب في اغلاق نافذة ثقافية عامة ؟!

ما علينا من موضوع الله . وادخال الله في الموضوع ! فقد تكلمنا عن ذلك في المقال السابق " الله المصري .. " ..
انه لغز غريب .. يؤكد مثلما أشياء كثيرة تؤكد صحة ما قاله المتنبي عن مصر منذ قرابة الف عام ! " وكم بمصر من مضحكات ولكنه ضحك كالبكاء " !

ماذا وراء لغز صدور حكم قضائي بالغاء ترخيص " مجلة ابداع " الشعرية الأدبية . ؟
هل هم أذناب و اتباع أسامة بن لادن والجماعات الارهابية المعادية للشعر وللثقافة والفن بشكل عام .. الذين يبيعون بول البعير معبا في زجاجات بداخل معرض الكتاب الدولي بالقاهرة ؟! اذ قالوا ان القصيدة المنشورة تسيء الي الله الذي يحبونه جدا ويتقونه.. !؟
لا لا لا .. فما هي حقيقة الأمر ؟

في راينا .. أن المحكمة ليست هي الجهة الحقيقية التي اصدرت القرار بالغاء ترخيص المجلة ، .. ولا طيور الظلام الارهابيين الذين قدموا البلاغ ضد المجلة يقدرون علي الغاء ترخيص المجلة ولو استعانوا بكل درجات القضاء .. ! وانما وراء هذا وذاك- انشاء المجلة والغاء ترخيصها ايضا - . جهة اخري من العالم السفلي . تدير وتتحكم في أمور واحوال كل ما هو فوق الارض . في مصر .. وتتسبب في كل ما حل بها من خراب وفساد وافساد طوال 57 عاما مضي ..

المجلة تصدر من قرابة عشرين عاما .. صدرت عام 1991 .

جهاز الأمن هو الذي الغي ترخيص مجلة ابداع . كان واقفا وراء خشبة مسرح منصة المحكمة ، والقضاء - الذي طال نضاله لأجل الاستقلال - ؟؟؟!
الحكاية :
هناك مجلات ثقافية من الواضح أنها مفصلة تفصيلا حسب مقاسات شخصيات ثقافية معينة . . تصدر من اليوم الأول باسمائهم كرؤساء تحرير . وتبقي باسمائهم ويبقون فوق كراسي ادارات تحريرها مدي الحياة . دون تداول لسلطة رئاسة التحرير . مثلهم مثل الرئيس العسكري الديكتاتور . لكي لا يتحدثوا عن اصلاح سياسي ولا ديموقراطية او تدوال للسلطة .. بعدما صار وضعهم مثل وضع الديكتاتور الحاكم . .. ( رؤساء تحرير مدي الحياة . دون تداول لسلطة الرئاسة التحريرية ) ..

فمنذ عام 1991 . تاريخ صدور مجلة ابداع - قرابة عشرين عاما - . ورئيس التحرير . الأستاذ " أحمد عبد المعطي حجازي " لا يتغير . .

وكذلك مجلة اخبار الادب . التي تصدرها احدي مؤسسات الدولة . الصحفية – اخبار اليوم - منذ حوالي عشرين سنة . ورئيس تحريرها منذ بدء صدورها للآن - الأديب : جمال الغيطاني - هو رئيس تحريرها الذي لا يتغير ..

وكذلك الحال بالنسبة لجريدة " القاهرة " التي يرأ س تحريرها الكاتب والصحفي اليساري " صلاح عيسي " . منذ صدورها – ما يزيد عن عشرة أعوام - ! دونما تغيير ودونما تدوال لسلطة رئيس التحرير . طبعا أسوة برئيس الجمهورية العسكرية ..! كي لا يتكلموا عن تداول للسلطة .. ولا الديموقراطية ولا الاصلاح سياسي ..

وأيضا كانت احدي ارقي المجلات الفكرية " القاهرة " والتي سبقت ميلاد جريدة " القاهرة " الحالية . منذ بدء صدورها . صدرت باسم الناقد والمفكر الراحل دكتور " غالي شكري " . وبقي رئيسا لتحريرها منذ اليوم الأول لصدورها حتي وفاته . وبعد وفاته تم اغلاقها . ! رغم وجود هيئة تحرير لها كانت مجموعة تلك الهيئة قادرة علي المواصلة بنفس المستوي . وقادوها بالفعل في وقت مرض " غالي شكري " وغيابه عن المجلة . الا أنها لم تكن . - وكما بدا – لتصدر لاجل منفعة ثقافية عامة من قبل مؤسسة عامة . كلا وانما كانت واحدة من اصدارات أمنية ثقافية . لاشخاص معينين سواء كمكافأة أو كرشوة أمنية في مقابل المحاباة للحكم العسكري أو الكف عن مناهضة النظام . / انها طريقة للاستقطاب والاسترضاء والاحتواء الأمني لصفوة رجال الادب والفكر والثقافة الآخذين علي عاتقهم امانة نشر ثقافة عصرية تنهض بابناء وطنهم . والملتزمين بقضايا وطنهم والمطالبين بالاصلاح والديموقراطية لأجل التنمية والتقدم . ( وقد اغلقت من قبل ايضا اثنتين من ارقي المجلات مجلة الطليعة ، مجلة الكاتب - وهما من المجلات الفكرية التي كان يتراس تحريرها كبار المثقفين الملتزمين ) .

وهؤلاء المثقفون الكبار الملتزمون . الذين تصدر باسمائهم خصيصا مجلات وصحف ثقافية أمنية او أمنية ثقافية . يبذلون قصاري جهودهم سعيا للموازنة بين واجباتهم وقناعاتهم الثقافية والوطنية كمثقفين ملتزمين بقضايا وطنهم وحاجيات شعبهم . وبين نزوات ورغبات سلطوية عسكرية حاكمة . افسادية ، غير وطنية !..
فان خرج أحدهم عن الخط الأحمر . وضاق جهاز الأمن ذرعا من كثرة خروجه عن طاعتهم . كما حدث من الأستاذ الكبير " أحمد عبد المعطي حجازي " عطلوا له مجلته عدة مرات ، وفي النهاية يلغون ترخيصها – بحكم قضائي امني ، أو يخنقونها بهدؤ لتموت في صمت ، لانها لم تصدر من الاساس بنية المنفعة الثقافية العامة . كمجلة تنفق عليها هيئة عامة من هيئات العامة المملوكة للشعب .. كلا وانما صدرت من البداية بصفة عزبة – ضيعة – رشوة .. لشراء الضمير الوطني والذمة الثقافية الوطنية للمثقفين الكبار ..! مثلها في ذلك مثل العزب – الضيعات - الرشاوي .. التي يمنحونها لكبار ضباط الجيش ليضمنوا ولاءهم للحاكم العسكري وللنظام البوليسي الحاكم فلا يثورون أو ينقلبون يوما عليه غضبا لوطنهم ولا انقاذا لشعبهم الجائع البائس ، الغارق في فساد النظام الحاكم والمكتوي بطغيانه ...
ولكن عزب - ضيعات - . ..الرشاوي التي تمنح لكبار ضباط الجيش . ليست بالطبع مجلات ثقافية أمنية- يترأسوون تحريرها مدي الحياة - بل هي رشاوي متنوعة ( منصب محافظ ، سكرتير عام محافظة يعيث فيها فسادا ويستمتع باشعال الفتن والحرائق الطائفية والتمتع برؤية السنة نيرانها وهي مشتعلة ) . أو 20 فدانا أرضا زراعية مستصلحة جاهزة بكافة احتياجاتها من المياه ومن الكهرباء ، وخلافه . علي نفقة الدولة . تمنح خصيصا لكبار ضباط الجيش الذين لا يخوضون اية حروب منذ عام 1973 وعملوا معاهدة سلام مع الدولة الوحيدة التي يمكن محاربتها . لهم وحدهم تلك العزب – جمع عزبة – ضيعة 20 فدانا ارض زراعية - دونا عن كافة مواطني الدولة الشرفاء العاملين .
ولكن ضمير المثقف غالبا لا يجيز له العمل بتلك الرشوة الامنية - رئاسة تحرير مجلة ثقافية - بعكس غيره . . فيتم سحب الرشوة منه -العزبة الثقافية – اي ترخيص المجلة الممنوحة له - ! .
تلك هي كل الحكاية ..
**=**

#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات